صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


عروس الإعدادية.. ضحية «العرفي»

علاء عبدالعظيم

الثلاثاء، 23 يناير 2018 - 07:57 م

ودعت الأم ابنتها الصغيرة في كفنها الأبيض، بقدمين هزيلتين، وبخطوات وئيدة كسلحفاة تنساب الدموع فوق وجنتيها في صمت، شاحبة الوجه، غائرة العينين، بعد أن أصبحت حياتها خاوية لا بهجة فيها ولا فرح.

وقفت الأم أمام قبر ابنتها تتجرع مرارة الفراق لأعز أحبائها، وفلذة كبدها التي راحت ضحية الزواج العرفي وهي في سن الـ14 عامًا، تراود مخيلتها ابتسامتها، ومرحها، وانطلقت من بين ثنايا فمها صرخة مدوية مزقت قلوب الحاضرين، وسقطت فوق الأرض تصاعد على إثرها غبار الأتربة الذي غطى وجهها.

مر العمر أمامها في لحظات، عندما عادت إلى المنزل ولم تجد ابنتها التي اختفت فجأة، أخذت تجوب الشوارع بحثًا عنها ولدى الأقارب، حتى وقعت المفاجأة على رأسها كالصاعقة حيث أخبرها طليقها بأنها تعيش في منزل الزوجية مع زوجها سائق التوك توك، وهو أحد أقاربه، والذي كان يقوم بتوصيلها، وإعادتها من المدرسة، علت وجهها علامات الدهشة تخفي وراءها حزنًا دفينًا وتساؤلات لم تجد لها حلًا؟

هرولت الأم مسرعة في محاولة لمنع هذه الزيجة، لكن باءت كل محاولاتها بالفشل، توسلت إلى الابنة أن تعود معها إلى المنزل قبل أن يدخل بها زوجها العرفي، والذي سارع بتوثيق عقد الزواج بالشهر العقاري.

وبدموع منهمرة، وصوت متحشرج نهرت الابنة التي لا تعرف ماذا تفعل، ولم ينضج عقلها كي تتحمل قرار مصيري في حياتها، هددتها بعدم حضورها يوم زفافها، وانصرفت تجر أذيال الخزي والانكسار.

وبعد شهر من زواج الابنة، انتفضت الأم على صوت رنين هاتفها، حيث أخبرها شقيق طليقها بوفاة ابنتها العروس الصغيرة، وبطريقة لا شعورية أخذت تضرب صدرها، وخديها، وتلعثمت الكلمات بين شفتيها، وتملكتها رعشة شديدة، ولم تقو على السير بعد أن تسمرت قدماها، استجمعت الأم قواها، وهرولت مسرعة حافية القدمين تسابق الرياح، وفي مشهد تقشعر له الأبدان احتضنت ابنتها التي ترقد جثة هامدة تطلب منها أن تسامحها لعدم حضورها ليلة زفافها، لكنها جاءت لتزفها إلى الآخرة.

تضاربت الأقاويل حول وفاة الابنة بعدما اكتشفت وجود آثار تعذيب، وجرح برأسها، وكتفيها، وآثار عض بأماكن متفرقة بجسدها، وأن زميلاتها اللائي قمن بزيارتها أخبروها بأن ابنتها كانت تريد الطلاق من زوجها العرفي لتعديه عليها بالضرب أكثر من مرة، وقام بطردهن من منزله، وبورود التقرير الطبي المبدئي تبين إصابة العروس الصغيرة بنزيف في المخ، وتعرضها للضرب المبرح.

ذكرت الأم المكلومة أن زوج ابنتها اعترف بمحضر الشرطة بقسم الخانكة باعتدائه عليها بالضرب لرفضها إعطاءه حقوقه الشرعية، ثم عدل عن أقواله وأنكر بعد ذلك وقال إنه وجدها تحادث أحد الأشخاص من خلال هاتف محمول في محاولة للإفلات من جريمته، ثم اتهمها بأنها انتحرت وألقت بنفسها من الطابق العلوي.

ومازال التحقيق جاريًا، وتنتظر الأم تقرير الطب الشرعي الذي تعتبره طوق النجاة لكشف لغز وفاة ابنتها التي راحت ضحية الزواج العرفي.
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة