مستشفى الدمرداش وفي الإطار صورة الدكتور أيمن صالح
مستشفى الدمرداش وفي الإطار صورة الدكتور أيمن صالح


«الدمرداش».. أوجاع الغلابة في انتظار «الفرج»

نشوة حميدة

الأربعاء، 24 يناير 2018 - 08:06 م

•    وحدة الغسيل الكلوي «كاملة العدد».. وإجراء من مدير المستشفى في واقعة جراكن «الفشل الكلوي»
•    التذكرة بـ 5 جنيهات.. و600 مريض ينتظرون الدور في «عيادات الباطنة»
•    المستشفى يخدم مئات الآلاف من المرضى يوميًّا.. ونقص الإمكانيات مشكلة تبحث عن علاج


مأساة حقيقية يعيشها المرضي في مستشفي الدمرداش التخصصي، بدءً من رحلة قطع التذكرة مرورًا بطوابير انتظار الدور، وانتهاء بمشوار صرف الأدوية من الصيدليات الخارجية، والاحتجاز في غرف خاصة للحالات الحرجة.
داخل أروقة العيادات الخارجية بمستشفى جامعة عين شمس أو كما يعرفها المواطنون بـ«مستشفى الدمرداش»، تستطيع وأنت جالس هناك أن تعرف معنى المعاناة والألم في وجوه الناس البسيطة، كل ما حكى عن الفقر والألم في الكتب والسينما وعلى شاشات التليفزيون تستطيع أن تشاهده بين المرضى البسطاء بهذا المستشفى، وبالرغم من هذا فإن فكاهة المواطن المصري تعلو على صوت الألم داخله.
وترصد «بوابة أخبار اليوم» أبرز 9 مشاهد تكشف أزمات المرضى من محدودي الدخل داخل المستشفى، بعد جولة حية أجريناها.

«المتسولون»

يتصدر المتسولون المشهد أمام المستشفى، فبمجرد أن تطأ قدماك أبواب المستشفى، تستقبلك «عجوز» مريضة تربط ساقها، وتطلب من المرضى «حسنة قليلة تمنع بلاوي كتيرة»، يتعاطف مع الجميع، ويتركونها متوجهين إلى الاستقبال والعيادات لقطع تذاكر الدخول.

«الاستقبال وتذكرة الفحص»
يصطف المئات من المرضى منذ الصباح الباكر في الاستقبال، وأمام «شبابيك» العيادات الخارجية، لقطع تذكرة الدخول إلى القسم المختص، ومن ثم انتظار الطبيب بعد أخذ رقم الدور.

الحاج عوض، أحد المرضى القابع أمام العيادة، أخذ يراقب المشهد في صمت منتظرًا دوره في قطع التذكرة، وقال من أمام شباك التذاكر: سعر التذكرة 5 جنيه، بعد طول انتظار وزحمة، أنا هنا من 7 الصبح، عاوز أكشف على نظري، مؤكدًا أنه ينتظر دوره منذ أكثر من ساعة ولا يتحمل عبء الانتظار.

وأضاف: «باكشف كتير هنا، والعيادة بتعطيني شريط برشام بس، وبشتري باقي العلاج من بره، المستشفى مش بتدينا كل العلاج، وإحنا مش قادرين على أسعار بره».

«ترولي الطوب»

ورصدت عدسة «بوابة أخبار اليوم»، نقل مخلفات البناء والطوب على «ترولي» بالقرب من المبنى الجديد للمسنين -تحت الإنشاء- الذي من المقرر افتتاحه خلال الفترة المقبلة.
«عيادات الباطنة»

فيما امتلئ قسم الباطنة بأكثر من 589 مريض-بحسب إعلان الإذاعة الداخلية- لجأ بعضهم إلى النوم على المقاعد في انتظار الدور.

وتقول الحاجة فاطمة، 50 عامًا: «عندي وجع في بطني امبارح، جيت اكشف، والدكتور قالي اعملي أشعة لأنه شاكك في إصابتي بالكبد، الأشعة بره هتوصل لألف جنيه وأنا على باب الله، مش هقدر عليها.. هعمل طلب لمدير المستشفى يعالجني مجاني، أنا على باب الله».
«أكياس الدم»

وفي بنك الدم، وقفت موظفة الاستقبال للرد على الاستفسارات والشكاوى، وقالت إنهم يعانون عجزا في توافر أكياس الدم لكل الفصائل، موضحة أن كيس الدم المدعم يصل سعره إلى 450 جنيهًا، لافتة إلى أن المرضى في حاجة مستمرة للدم إلا أن العجز يدفعهم إلى الطلب من مستشفى العباسية -بحسب قولها-.

وأوضحت أن مهامها تتلخص في الرد على الاستفسارات، وتحويل الطلبات إلى الطبيب المختص، ومن ثم تحقيق رغبة المحتاجين للدم بقد الإمكان.
«الغسيل الكلوي»
أمام باب صغير بوحدة الغسيل الكلوي، يجلس عشرات المسنين على كراسي متحركة في انتظار الدور، وتقبع «عجوز» قعيدة تتبادل أطراف الحديث مع زملائها من المرضى، ليأتي فجأة عامل الوحدة ينقل «صاحب الدور» لماكينة الغسيل، كما تتواجد جراكن محلول الغسيل أمام الباب، الأمر الذي يغضب المرضى.
يقول عم أحمد، أحد المصطفين بالقسم، إنه يصطحب زوجته «ميادة» للمستشفى 3 مرات أسبوعيًا، لإجراء جلسات الغسيل الكلوي، موضحًا أن الجلسة الواحدة تستغرق أكثر من 4 ساعات للمريض الواحد.

وذكر أن زوجته مريضة بالفشل في «كلية واحدة»، وتتعالج بالدمرداش منذ 4 شهور، ودائما ما يقدم لها الأطباء الدعم المعنوي، موضحا أن التكاليف هنا «على قد الأيد».

«الغسيل على نفقة الدولة»

وعند السؤال عن إجراءات الغسيل على نفقة الدولة، قال مصدر بالوحدة، إن الوحدة كاملة العدد، ولن تقبل حالات جديدة بسبب طابور الانتظار اليومي، مشيرة إلى أنهم يبدأون العمل من التاسعة صباحًا وحتى الثامنة مساء.

وأوضح أنهم يريدون توزيع الحالات إلى مستشفيات أخرى، لأن الدمرداش بها وحدتين فقط للغسيل، إحداهما مغلقة، والأخرى تستقبل أكثر من 60 حالة في الشيفت الواحد، ونحو 180 مريض يوميا ، مقسمين على 3 شيفتات.

وذكر أنه سيتم افتتاح الوحدة الثالثة للغسيل خلال الأسابيع القليلة المقبلة لتغطية الاحتياجات، ولوضع حد لطابور الانتظار اليومي.

«صيدلية التبرعات»

وعن مبادرة «صيدلية التبرعات» التي طبقت في المستشفي خلال الفترة الماضية، يقول مصدر - رفض ذكر اسمه- إن تلك المبادرة ألغيت منذ 6 شهور وتم إعدام الأدوية، وكانت تتولى شئونها الطبيبة «هناء» وتجمع الأدوية من المؤسسات التطوعية لصالح المرضي، إلا أنها رحلت بعد قرار إلغاء هذا القسم لعدة تحفظات.

وأضاف أن المستشفى تعتمد اعتمادا كليًا على ما توفره الصيدليات الداخلية من أدوية، وتحاول بقدر الإمكان توفير كل أنواع الأدوية والأمصال للمرضى لتغطية الاحتياجات.

«طبيب الخير»

ومن جانب آخر، أعلن عدد من طلاب كلية طب عين شمس، عن تفعيل مبادرة تحت عنوان «طبيب الخير» لرعاية محدودي الدخل من المرضي دون مقابل، وكذلك المساعدة في توفير الأدوية اللازمة لهم، وتغطية كل الاحتياجات ليس في الدمرداش فقط، ولكن في كل مستشفيات الجمهورية.

وعن المبادرة، تقول آية مصطفى، الطالبة بالفرقة الثانية بكلية الطب بجامعة عين شمس، إنها فوجئت بمجموعة طلبة يطرحون مبادرة على «فيس بوك» لمساعدة «المرضى الغلابة» من خلال تشكيل طاقم طبي لرصد أوجاع المرضي في مستشفيات جامعة عين شمس، ومن ثم تقديم يد العون لهم وفقًا لاحتياجاتهم.

وأضافت لـ«بوابة أخبار اليوم»، أنهم دشنوا «جروب» خاص بهم، وبدأوا بالفعل في تجميع الحالات الأولي بالرعاية من خلال رصد ميداني في المستشفى، وفحصهم طبيًا بصحبة زملائهم بالامتياز، وبالفعل نجحوا في مساعدة 80 مريضًا، وتقديم أدوية مدعمة لهم.

ولفتت إلى أن تلك المبادرة تساهم في تخفيف العبء على المستشفيات من ناحية، ودعم المرضي من ناحية آخري، والمساهمة في خدمة الوطن من جهة آخري، متابعة: «هدفنا خدمة أهل مصر».

«تعليق مدير المستشفى»
يعلق الدكتور أيمن صالح، مدير عام مستشفيات جامعة عين شمس، على واقعة التروللي، ونوم المرضى على المقاعد، قائلًا إنه يتم توظيف «تروللي قديم»، لصالح المستشفى، في نقل احتياجات المباني تحت الإنشاء.

وبالنسبة للواقعة الثانية، فرد «صالح» في تصريحات لـ«بوابة أخبار اليوم»، قائلًا إنهم ليسوا أوصياء على سلوك المرضى، وغير مسئولين عما يحدث خارج المستشفى، لافتًا إلى أن البعض يستخدم شوارع المستشفى للمرور إلى الجهة المقابلة، وطالبنا مرارًا المحافظة والحي بإنهاء تلك الظاهرة دون جدوى.

وبخصوص إلغاء صيدلية التبرعات، فأشار «صالح» إلى أنه بالفعل تم إلغائها، وإعدام كافة أدويتها بعد اكتشاف انتهاء صلاحية أغلب تلك الأدوية، ولم نستغني عن جانب التبرعات، بل تم تشكيل لجنة لاستقبال الأدوية المتبرع بها، ومن ثم فحصها والتأكد من صلاحيتها، وبعد ذلك

وبشأن «جراكن الغسيل الكلوي»، فأوضح مدير مستشفيات جامعة عين شمس، أنه سيتم محاسبة المقصرين، لافتًا إلى أن المستشفي تنشأ خلال الفترة الحالية مركز متميز للغسيل الكلوي، لذلك يتم ترحيل كل المرضي على وحدتين فقط، مضيفًا: «انتظروا طفرة في الغسيل الكلوي قريبًا جدًا، واستقبال مئات المرضى».

ونفى صحة حديث مسئولة بنك الدم بشأن أسعار الأكياس، مؤكدًا أن الدمرداش لديها فائض في أكياس الدم، وتوفره بالمجان للمرضي، لافتًا إلى أن حالات البيع قليلة جدًا، ويخرج للحالات المحتاجة فقط بسعر يقل عن 150 جنيه.

وطالب «صالح» في نهاية تصريحاته، بتكثيف الأمن في الدمرداش، وإغلاق البوابات المطلة على السوق العشوائي بمحيط المستشفي، لتحقيق خدمة متميزة للمرض.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة