جيش وشرطة الفراعنة
جيش وشرطة الفراعنة


كيف كافأ «الملوك» العسس بعد إنهاء الفوضى ومكافحة التحرش

«عيد الشرطة» طقس فرعوني قديم.. 5 مهام لـ«أمن الدولة» في «منف»

شيرين الكردي

السبت، 27 يناير 2018 - 04:42 م

 

تحتفل مصر فى الخامس والعشرون من يناير كل عام بعيد الشرطة، إحياء لذكرى استشهاد ضباط وجنود الشرطة فى مدنية الإسماعلية، أثناء مواجهة القوات البريطانية لمنع دخولها مديرية الأمن فى خمسينات القرن الماضي.

وبالعودة إلى الوراء والبحث في كتب التاريخ، تبين أن «عيد الشرطة» كان طقسًا فرعونيًا قديمًا، فلم يفوت المصريون القدماء أى مناسبة للاحتفاء بالعسس أو حاميو الأمة.

جيش وشرطة الفراعنة
وفي هذا السياق، كشف مجدى شاكر، كبير الأثريين، أن المصرى القديم كان سباقا فى كافة المجالات حضاريا ودينيا، وكان الأسبق فى تكوين الجيش والشرطة لحماية حدوده الخارجية وكون الشرطة لحماية جبهته الداخلية ونظمها.
وقال «شاكر» فى تصريحات لـ«بوابة أخبار اليوم»: إن جهاز شرطة قدماء المصريين في «منف» حمل على عاتقه مهام تحقيق الأمن والأمان، وانقسم إلى خمسة فروع، هي الشرطة المحلية، والخاصة، والنهرية، والمعــابد، والحرس الملكي.

ولاء كبار الموظفين
وكشف أن الشرطة الخاصة كان واجبها التحري حول مدى ولاء كبار الموظفين بالحكومة التي يرأسها الملك والتأكد من ولائهـــم للعرش وإخلاصهم لنظام الدولة، كما تختص بأمن الدولة من الداخل وتقدم تقاريرها إلى الملك أو للوزير على الأقل، كما يقدر وجود هذا الجـهاز منذ عهد الدولة الوسطى ولم يعرف عنه انه «سيئ السمعة».
وأوضح «شاكر» أن النيل كان وسيظل عصب المواصلات بالنسبة للدولة، سواء بالنسبة لتنقلات الأفراد أو شحن التجارة، وأصبح من الضروري تأمـين هذا الطريق الهام بالنسبة للمواصلات؛ مما جعل من الضروري لتحقيق مثل هذا الغرض وجود جهاز شرطة نهرية ودوريات تفتيشية تجـوب النهر.

شرطة منف.. وسفينة الوزير
وأضاف أن الوزير كان على رأس جهاز الشرطة وله سفينة تحت تصرفه تنقله حيث يشاء ويخضع له كذلك حرس الملك الخاص ومن واجباته المحافظة على المؤسسات العامة وتسجيل الاتهام فى حق كل المجرمين المحفوظ فى السجن الرئيسى، وتلقى تقارير موظفى الإدارة والإشراف على حشد الجنود والسير فى ركاب الفرعون عندما ينحدر فى النهر شمالا أو يصعد جنوبا، وكذلك من واجبه إرسال الجنود والكتبة المحليين لوضع الترتيبات للفرعون وإشاعة الأمن والقضاء على المجرمين كانت أولى واجباته كما جاء فى مقبرة رخميرع وزير الملك العبقرى تحوتمس الثالث.

رؤساء الشرطة
وأشار إلى أن رئيس الشرطة كان يختار من بين الضباط وحملة رتبة «حامل العلم» مثل روى رئيس الشرطة على أيام تحوتمس الثالث وأمنحوتب الثانى ونب أمون من عهد الفرعون تحوتمس الرابع وكانت طيبة بما تضمه من معابد ومقابر والكنوز والأسرار والحركة المستمرة فى البناء والزخرفة ذات أهمية خاصة ولها رئيس شرطة خاص يلقب ب«أمير الغرب والرئيس الأعلى لفرق بوليس مدينة الأموات» وكان فى قفط رئيس شرطة خاص بها لأنها محطة مهمة فى الطريق لاستخراج الذهب من وادى الحمامات ولا ننسى أن ماحو رئيس شرطة مدينة أختاتون قد استطاع أن يحبط المؤامرة التى دبرت لاغتيال الفرعون وكان هو المسئول عن المحافظة عن الأمن والنظام فى تل العمارنة وهناك رؤساء شرطة الصحراء يقومون بتعقب الفارين إلى الواحات وحماية عمال قطع الأحجار وتحت امرة رئيس الشرطة رجال شرطة مكونون من قواد فروع وضباط آخرين يلقبون بـ«حامل علم الشرطة». 

التسليح.. وكتائب المرتزقة
واستطرد: وكان قوام قوات الأمن في الدولة الحديثة فرق خاصة من المصريين تحت السلاح دائما ولم يكن من بينها الجنود المرتزقة، وربما تكونت الكتيبة في الشرطة من رئيس الشرطة ومائة وخمسين شرطيا وكل فصيلة من خمسين رجلا.
أما بالنسبة إلى تغذية رجال الشرطة، فذكر «شاكر» أنها تتم عن طريق ضرائب غذائية تجمع لدى رئيس الشرطة مباشرة يقوم بجمعها نائب رئيس نائبه، كما جاء على جدران مقبرة نب آمون التي سجلت جدرانها أسلحة رجال الشرطة الممثلة فى عصى رماية وحراب والعصي المعقوفة كما فى مقبرة حويا بتل العمارنة ورموز الشرطة كما فى مقبرة نب أمون بلطة حزم أعشاب ودرعا مستطيلا.

إشادة الحكيم
وعبر الباحث الآثري عن مكانة رجال الشرطة بين أفراد الشعب قول الحكيم آنى: «اتخذ من شرطى شارعك صديقا ولا تجعله يثور عليك واعطه من طرائف بيتك».

وأوضح أن الأجهزة تضمن آيضًا، الشرطة المحلية التى تقوم بحفظ الأمن والنظام فى المدن والصحراء أما الحراسة ودخل المدن فهذا «ترى» رئيس الشرطة قائلا: إن الحى الجنوبى والشمالى يسود فيهما النظام» وربما كان هذا إعطاء تمام عن الحالة بلغة اليوم. 
واستطرد أيضًا: نرى نظام الحراسة فى تل العمارنة فى مقبرة ماحو رئيس شرطة أخناتون، أو نجد محل الحراسة محصنا وله باب واحد والدخول إليه محروسا بسياج فى هيمنة أعمدة يصل بينها بعض الحبال وربما كانت هناك بيوت صغيرة حول المدينة على كل منها حارس كما نشاهد مخزن أسلحة يحرسه بعض الجنود المسلحين.
وتابع: هناك الشرطة النهرية على النيل عصب المواصلات ولذلك وجب تأمينه فقد حمل سعنخ من عهد منتوحتب الرابع لقب قائد الأسطول النهرى ورخميرع يقول لقد تعقبت المجرمين على الماء واليابسة ولما انتشرت القرصنة فى حوض المتوسط عين امنحوتب الثالث حرسا حربيا للسواحل المصرية يطوفون شواطئ الدلتا لمنع القراصنة من الدنو من مصر ولا يسمح بالدخول فى مصبات الأنهار إلا السفن التجارية القانونية، فيقول امنحوتب ابن جابو «وقد أحيط الإقليمان برقابة استطلاعية لمنع البدو وفعلت ذلك عند رءوس الأنهار».

حراس المعابد
وكان للمعابد شرطتها الخاصة وحراستها منذ عهد الدولة القديمة، وكان الملوك يهتمون بقوات المعابد فهذا ستى الأول فى مرسومه الخاص بمعبد العرابة يذكر: «وقد عين له كهنة وضباط» وفعل رمسيس الثالث ذلك وزاد كما جاء فى بردية هاريس: «ونصبت عبيدا حرسا للميناء ونصبت حراس أبواب من العبيد وأمددتهم برجال يحرسونه ويراقبونه».
والحرس الملكى وإن كان موجودا بشكل أو بآخر قبل عصر الدولة الحديثة إلا أنه فى الدولة الحديثة أصبح كامل العدد، له شعاره الخاص يتبع الملك أينما غدا أو راح، وفى النصف الثانى من الدولة الحديثة نجد العنصر الأجنبى يدخل فى تكوين الحرس الملكى. 

تل العمارنة.. والحرس الملكي
ففى تل العمارنة فى مقبرة باغى نرى الحرس الملكى يضم سوريين وليبيين، وفى عهد مرنباح من الأسرة 19 نجد بن عوزى يلقب برئيس شرطة القصر الملكى.
ورجال الحرس الملكى يختارهم الملك من أهل ثقته كما حدث مع محو الذى حارب مع تحوتمس الثالث ورقى من جندى بسيط حتى لقب فارس وعينه ابنه أمنحوتب الثانى، « ويجب أن تعد نفسك مسئولا عن حرسى الخاص من الآن».
تحتوى برديات أبوت وأمهرست على تفاصيل دقيقة عن المجرمين ،أسمائهم، ألقابهم ووظائفهم، واتهاماتهم، ولكل قضية أوراق تحفظ فى سجلات خاصة وتحفظ هذه السجلات بنظام. فمثلا هناك قائمة أسماء لصوص صناديق النفائس وقائمة بأسماء لصوص الجبانة فقط كما جاء فى بردية أبوت المجهولة. واستخدمت الشرطة الكلاب البوليسية فى الحراسة، ومطاردة الهاربين والقبض عليهم واقتفاء الأثر ولدينا منظر بمقبرة عنخ نفر من عصر الانتقال الأول يمثل صفا من عساكر الرماة وقد أخذ كل منهم بزمام كلبه وكانت هناك وظيفة «مدير حراس الكلاب»، كما جاء فى بردية بولاق من الأسرة 13، ومنظر من مقبرة نب أم عنخ من الأسرة الخامسة فى سقارة للص يسرق خضراوات من سله ويطلق رجل الشرطة عليه قرد بابونى لتعقبه والأمساك به
وسائل التحقيق الجنائى 
وتابع «شاكر»: من وسائل التحقيق حلف اليمين فى البداية، فكان على الشاهد المتهم ضمانا لذكر الحقيقة أن يحلف اليمين بحياة أحد المعبودات أو الملك، كذلك الاستعانة بأهل الخبرة فى الكشف عن نوعية المادة المسروقة أو المزيفة ومواجهة المتهمين بعضهم ببعض والتحقق من صحة ما ورد باعتراف المتهم وتفتيش أماكن وقوع الجريمة لإثبات الحالة والتعذيب للاعتراف.

جباية الضرائب
وذكر آيضا: هذا وكان على رجال الشرطة الإشراف على جباية الضرائب المفروضة على البضائع الخارجية ويبدو أن قوات الشرطة كانت تتمركز عند فوهات الترع لضمان جباية الضرائب، وجمع المجندين وفرزهم من جميع أنحاء البلاد فى الأقاليم المختلفة ومرافقة بعثات التعدين وقطع الأحجار.


وأوضح أن إبان حكم «رعمسيس الثالث» أن الملك كان يفاخر بأنه أراح واسعد الرعية من الفقراء والمساكين كما ذكر في بردية"هاريس"، وقد أتاح للفقراء التمتع بالحدائق الغناء وظلال الأشجار والهواء، لأن ليس لهم حدائق خاصة في منازلهم. وقد أمر الشرطة بالانتشار في المدن والقرى ليحموا النساء من الأشرار الذين يتسكعون في الطرقات ويضايقون النساء. فلم يستطع أحد من المتحرشين أن يسب أو يعاكس امرأة في الطرقات، وبالتالي قضى «رعمسيس الثالث» على حالة الفوضى وسوء النظام التي كانت موجودة قبل مجيئه إلى الحكم، مما يعنى وجود شرطة لمقاومة التحرش وكل ماسبق يؤكد أننا كنا أول الأمم فى كل شئ.

 

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة