الكاتب ياسر رزق
الكاتب ياسر رزق


ياســـر رزق يكتب: 150 دقيقة.. تبدد الغيوم على مجرى النيل

ياسر رزق

الإثنين، 29 يناير 2018 - 09:53 م

 

وقائع قمة المصارحة الثلاثية.. وقمة الإجماع الأفريقي على مصر
من قاعة الاجتماعات بالطابق الأول فى فندق شيراتون أديس أبابا، خرج الرئيس عبدالفتاح السيسى والرئيس السودانى عمر البشير ورئيس الوزراء الأثيوبى هايلى ميريام ديسالين متشابكى الأيدى أمام عدسات كاميرات المصورين، بعد ساعتين ونصف الساعة جمعت الزعماء الثلاثة، فى مباحثات مغلقة دامت ساعة و45 دقيقة، ثم جلسة موسعة حضرها أعضاء الوفود الثلاثة واستغرقت ساعة إلا ربعاً.
السعادة على وجوه الزعماء الثلاثة، بدت طبيعية، لم ترسمها اعتبارات دبلوماسية، وإنما كانت انعكاساً لنتائج المباحثات.
أشد المتفائلين خارج القاعة من مسئولين ورجال إعلام، لم يكن يتصور أن تسفر القمة عن حدوث اختراق ملموس يبدد الأجواء غير المواتية التى ظللت دول حوض النيل الشرقى الثلاث، بعد الجمود الذى اعترى الدراسات الفنية. كل ما كان يأمله الجميع أن يؤدى التقاء القادة إلى تهيئة مناخ ودى يسهم فى تحريك الجمود.
■ ■ ■
أمام القاعة.. استشعر الرئيس السيسى شغف رجال الإعلام، بالحصول على أى معلومة عما جرى فى لقاء الـ150 دقيقة.
وعلى غير عادته فى أعقاب الاجتماعات الرسمية.. تحدث الرئيس لرجال الإعلام من الدول الثلاث ووكالات الأنباء العالمية، قائلاً: «كونوا مطمئنين تماماً»، وكررها ثلاث مرات.
ثم أضاف الرئيس: لا ضرر لأى أحد. مصلحة مصر هى مصلحة لإثيوبيا والسودان، ومصلحة إثيوبيا هى مصلحة لمصر والسودان، ومصلحة السودان هى مصلحة لمصر وإثيوبيا. هناك قادة يتحلون بالمسئولية اجتمعوا وتكلموا بصوت واحد، ونحن الثلاثة نتكلم كدولة واحدة.
وسئل الرئيس: هل انتهت الأزمة؟
فرد قائلاً: لا توجد أزمة. كونوا مطمئنين.
وعقب الرئيس البشير: مفيش أزمة.
■ ■ ■
من وسط الزحام.. غادر الزعماء الثلاثة المكان، وسط تهنئة الحضور.
وسألت اللواء عباس كامل مدير مكتب الرئيس والقائم بأعمال رئيس المخابرات العامة: هل حققت المباحثات قدر النجاح الذى نراه؟
قال: كانت أكثر من إيجابية، بل رائعة، وكانت أجواؤها ودية للغاية.
أمام المصعد كان يقف وزير الخارجية سامح شكرى ووزير الرى د.محمد عبالعاطى، استعداداً للمغادرة، فقد كان موكب الرئيس يستعد للتوجه إلى المطار.
قال وزير الخارجية: ناقشنا القضايا العالقة فى مسألة «سد النهضة» واتفقنا على الإنتهاء من حسم المسائل الخلافية التى تعوق الدراسات الفنية فى غضون شهر من الآن.
أعادت عبارة الرئيس السيسى لشعوب مصر والسودان وإثيوبيا: «كونوا مطمئنين تماماً» للأذهان، ما قاله خلال مؤتمر «حكاية وطن» للمصريين عن سد النهضة: «اطمئنوا».
هذا الرجل يعنى ما يقول.
■ ■ ■
عشية القمة الثلاثية.. التقى البشير وديسالين فى مباحثات وصفت بالإيجابية، وأكدا فى بيان مشترك عقب المباحثات بأن البلدين يقطنهما شعب واحد له مصلحة واحدة.
ليل السبت الماضى، وفى اليوم الأول لزيارته للعاصمة الإثيوبية، عقدت قمة مصرية سودانية بين الرئيسين، وظهر من تصريحات السفير بسام راضى المتحدث باسم رئاسة الجمهورية أن غيوم الشتاء التى اعترت علاقات البلدين قد تبددت. قال السفير راضى إن اللقاء اتسم بالمصارحة والمكاشفة وسادته الأخوة، وأكد الرئيسان على خصوصية العلاقة بين البلدين الشقيقين والروابط التاريخية التى تجمعهما.
وسألت الوزير سامح شكرى عن أهم نتائج القمة الثنائية، فقال أنه تمت مناقشة جميع الموضوعات على مسار العلاقة الثنائية وشواغل البلدين بكل صراحة، وتم الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة تضم عدداً من وزراء البلدين للتعامل مع القضايا الثنائية وتجاوز أى عقبة قد تواجهها. وأضاف شكرى أن عودة السفير السودانى إلى القاهرة ستتم قريباً.
من الواضح أن القمتين المصرية السودانية، والسودانية الإثيوبية، ومن قبلهما قمة القاهرة بين السيسى وديسالين يوم 18 يناير الحالى، قد مهدت الطريق وهيأت الأجواء، لإنجاح القمة الثلاثية التى انعقدت أمس فى مقر إقامة الرئيس السيسى بفندق شيراتون أديس أبابا.
ومن واقع المشهد، وتصريحات الرئيس السيسى تحديداً، يبدو أن قضية «سد النهضة» عادت إلى مسارها المأمول، حيث لا ضرر ولا ضرار.
وقبل مغادرته أديس أبابا.. قال الرئيس السيسى للصحفيين المصريين أن هناك لجنة على أعلى مستوى وآلية شفافة لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه فى القمة.. وأضاف مجدداً: اطمئنوا.
فى غضون الأسابيع القليلة المقبلة، سيجتمع وزراء الخارجية والرى بالدول الثلاث فى اللجنة رفيعة المستوى التى شكلها القادة الثلاثة للانتهاء خلال شهر من حسم المسائل العالقة فى الإطار الفنى التى تعترض الدراسات الفنية.
توجيهات محددة صدرت من الزعماء، قوامها التأكيد على المصلحة المشتركة وعدم الإضرار بأى دولة.
وكلف الرئيس السيسى اللجنة رفيعة المستوى وكل الفرق التفاوضية بالالتزام بتوجيهات القادة، والتغلب على أى عقبات فى إطار الفهم الدقيق للمصلحة المشتركة.
وتم الاتفاق على تبادل الدراسات الوطنية التى وضعتها كل دولة بشأن «سد النهضة» لتكون إطاراً للفهم المتبادل وتحقيق مصالح الدول الثلاث، وأخذ مصلحة كل دولة فى الاعتبار.
■ ■ ■
النجاح غير المتوقع للقمة الثلاثية، سبقه بأربع وعشرين ساعة، نجاح دبلوماسى فى حكم المفاجأة، هو إجماع القادة الأفارقة على اختيار مصر رئيساً للاتحاد الإفريقى فى الدورة المقبلة الحادية والثلاثين التى تبدأ فى يناير المقبل ولمدة عام.
الخبر سار.
منذ أربع سنوات كانت مصر وهى العضو المؤسس لمنظمة الوحدة الإفريقية، خارج الاتحاد الإفريقى.
كانت عضويتها مجمدة.
بهدوء.. استعادت مصر عضويتها بالاتحاد الإفريقى، فى قمة مالابو بغينيا الاستوائية وشارك الرئيس السيسى فى أعمال هذه القمة بعد 17 يوماً من توليه الرئاسة.
على مدى السنوات التالية، كانت مصر حاضرة فى كل المحافل الإفريقية، وتعددت زيارات الرئيس السيسى إلى دول القارة، واستقبلت القاهرة رؤساء إفريقيا على مدى أكثر من ثلاث سنوات مضت.
وتولت مصر رئاسة لجنة رؤساء الدول والحكومات الإفريقية المعنية بقضية المناخ، وكانت صوت أفريقيا فى قمة باريس الدولية للتغيرات المناخية.
كما انتخبت ثلاث مرات رئيساً للجنة الأمن والسلم الإفريقى، آخرها فى هذه الدورة وترأس الرئيس السيسى مساء السبت الماضى اجتماع اللجنة بحضور 7 من القادة الأفارقة.
■ ■ ■
فكرة ترشح مصر لرئاسة الاتحاد الإفريقى كانت على مكتب الرئيس منذ نحو 6 شهور، وزكاها الرئيس السيسى برغم ما تضيف إليه شخصياً من أعباء فى المشاركة فى المحافل القارية وكذلك المحافل الدولية باسم أفريقيا ابتداء من يناير المقبل.
ومنذ نحو شهر، أجرت الخارجية المصرية فى تكتم، اتصالات مكثفة مع دول الشمال الإفريقى التى تضم ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا بجانب «الجمهورية الصحراوية» التى تتولى عمادة دول شمال أفريقيا فى الاتحاد الإفريقى.
وقوبل المطلب المصرى بالترشح لرئاسة الاتحاد بموافقة دول الشمال التى يحل عليها الدور فى تولى رئاسة الاتحاد الإفريقى خلال الدورة المقبلة.
وبينما كانت الجلسة المغلقة الأولى لقمة أديس أبابا الإفريقية منعقدة ظهر أمس بمشاركة الرئيس السيسى لمناقشة إصلاح هياكل الاتحاد الإفريقى إدارياً ومالياً، تسربت الأنباء عن اجماع القادة الأفارقة على اختيار مصر لرئاسة الدورة المقبلة الحادية والثلاثين، وانضمامها فى هذه الدورة إلى الترويكا الإفريقية التى تضم الرئيس السابق «تشاد» والرئيس الحالى «رواندا» والرئيس القادم «مصر».
نجاح مصر فى الحصول على رئاسة الدورة المقبلة للاتحاد الإفريقى، واكب حصولها فى ديسمبر الماضى على رئاسة الدورة الحالية لمجموعة الـ77+ الصين.
■ ■ ■
العام المقبل يشهد نشاطاً مصرياً واسعاً بعد تنصيبها رئيساً للاتحاد الإفريقى فى قمة أديس أبابا القادمة خلال يناير المقبل.
فى ربيع 2019.. تستضيف مصر القمة الثانية لدول التجمعات الإفريقية الثلاث، بعد قمة شرم الشيخ الأولى التى انعقدت عام 2016.
وتسعى مصر إلى استضافة القمة الإفريقية فى منتصف 2019، التى جرت العادة على عقدها فى صيف كل عام بإحدى العواصم الإفريقية، بخلاف قمة أديس أبابا السنوية.
ومن المقرر أيضاً أن تشارك مصر فى قمة العشرين بوصفها رئيساً للاتحاد الإفريقى والتى ستنعقد باليابان العام المقبل.
■ ■ ■
المتأمل لنجاحات السياسة الخارجية والدبلوماسية المصرية خلال أقل من 4 سنوات مضت، يدرك قدر الجهد الذى بذل للخروج بمصر من حالة العزلة والتشرنق إلى مرحلة الانطلاق والتمدد.
 

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة