المؤلفة نتسانا دارشان - ليتنر مع مئير داجان مدير الموساد السابق
المؤلفة نتسانا دارشان - ليتنر مع مئير داجان مدير الموساد السابق


كتاب جديد يكشف أسرار عمليات وحدة «رمح الصيد»..

هكذا سرق الموساد أموال حزب الله وعرفات وحماس

هالة العيسوي

السبت، 03 فبراير 2018 - 10:53 م

الكثير من اللغط أحاط باختفاء أموال السلطة الفلسطينية وحركة فتح التى كانت فى عهدة الزعيم الفلسطينى الراحل ياسر عرفات. حامت الشبهات حول بعض المحيطين به ممن أودعهم أدق أسراره، تناثرت الكثير من الشائعات مع ذلك ورغم مرور ما يناهز الأربعة عشر عاما لم تظهر الحقيقة حتى الآن. تزامن اللغط مع مثيله الذى دار حول حقيقة وفاة عرفات وما إذا كانت طبيعية أم جاءت نتيجة مؤامرة دبرها الموساد باغتياله على يد عملائه الذين زرعتهم المخابرات الإسرائيلية بالقرب منه. وسط هذه الضوضاء تاه الحديث عن أموال السلطة الضائعة.

ملامح من الحقيقة التائهة حول أموال عرفات المختفية وتفاصيل أخرى عن كيفية استيلاء الموساد على أموال منظمات المقاومة الفلسطينية واللبنانية، وخفايا عمليات التحايل وسحب الأموال وتفريغ ارصدة تلك المنظمات من البنوك الأجنبية وأسرار اغتيال بعض الشخصيات الحمساوية واللبنانية تكشفها محامية يهودية عميلة للموساد فى كتابها الذى صدر فى شهر نوڤمبر الماضى بالولايات المتحدة الأمريكية تحت عنوان: «رمح الصيد-.. داخل الحرب السرية ضد أباطرة أموال الإرهاب» وضعه نتسانا دارشان - ليتنر مديرة شركة المحاماة «شورات هادين»، بالمشاركة مع صمويل كاتس. 

لم تكن «رمح الصيد» مجرد عملية قامت بها أجهزة الموساد والشين ييت الإسرائيلية لتعقب أموال منظمات المقاومة العربية للاحتلال الإسرائيلى، او كما تسميها دولة الاحتلال «المنظمات الإرهابية» إنما كانت عملية تهدف فى الأساس إلى تدمير شبكات أموال تلك المنظمات. قائد هذه العملية وصاحب فكرتها كان مئير داجان الرئيس السابق للموساد والذى عين رئيسا له فى 2002 وتوفى فى مارس2016. داجان طرح فكرة تصعيد الملاحقة المالية لمنظمات المقاومة إلى مهمة أساسية تعتنى بها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أثناء عضويته بمجلس الأمن القومى الإسرائيلى وتذكر المؤلفة فى حوار اجراه معها موقع واى نت الإلكترونى ان داجان حين اقترح عملية الرمح لم يلق أحد من «الموساد» أو «الشين بيت» أو المخابرات العسكرية بالاً للموضوع، فلم يع أحد منهم أين تكمن نقطة البداية. لكن بحكم علاقاته الوطيدة برئيس الوزراء السابق اريئيل شارون استطاع داجان تحويل الفكرة إلى مهمة تكلف بها الأجهزة الاستخباراتية حين أصبح مديرا للموساد. وكان أن أسس وحدة الرمح او The Harpoon.. وهكذا أصبح ياسر عرفات رئيس حركة فتح وبقية منظمات المقاومة الأخرى مثل حزب الله فى مرمى نيرانه.

فى سبيل تنفيذ الخطة استخدم الموساد عملاءه السريين ومكاتب المحاماة الكبرى فى إسرائيل والخارج.. «شورات هادين» التى تديرها مؤلفة الكتاب واحدة من العديد من مكاتب المحاماة والمنظمات غير الحكومية التى خاطبها عملاء وحدة الرمح من اجل التوصل إلى تمويلات زعماء المقاومة حين لم تكن عمليات الاغتيال الاستهدافية قد شرعنت بعد، وكان الاحتلال يراها غير مجدية وربما ذات طبيعة عنيفة جدا. وقد توسعت الخدمات التى تقدمها مثل تلك الشركات للموساد ولإسرائيل فلم تقف عند حد الملاحقة أو الوصول للمعلومات السرية عن المستهدفين، بل تجاوزت ذلك إلى المساهمة القانونية فى الملاحقات القضائية أمام المنظمات الدولية لهؤلاء المستهدفين الذين تتهمهم تل أبيب بقتل مدنييها من أمثال اسماعيل هنية رئيس وزراء حماس سابقا. بعد أحداث سبتمبر 2011 بدأت الأجهزة الأمنية الأمريكية ووزارتا الخزانة والعدل هناك فى مشاركة الاحتلال الإسرائيلى فى عمليات تعقب اموال خلايا «ارهابية» معينة. ويذكر الكتاب أن نجاح عمليات الموساد نادرا ما كان يمر دون متاعب خاصة فيما يتعلق بتجنيد العملاء القادرين على الوصول إلى المعلومات المصرفية فائقة السرية المطلوبة وكان مرهونا بالقدرة على اقناعهم وربما بالضغط عليهم.


اختفاء الشركاء

عن حقيقة أموال عرفات التائهة يميط الكتاب اللثام عن المخفى منها، إذ كان اريئيل شارون معروفا بكراهيته الشديدة للزعيم الراحل أبو عمار وكانت لدى اسرائيل معلومات تفيد بأن عرفات يحصل على أموال تبرعات الدول المانحة ويضخها لتمويل عمليات المقاومة الفلسطينية. وفى واحدة من بواكير عمليات وحدة رمح الصيد جاءت عملية قطع تدفق هذه التمويلات عنه. وكانت بداية الخيط رجل عرفات وحامل مفاتيح خزينته محمد رشيد، الذى تلقى دعوة من احدى دول امريكا الجنوبية (لم يفصح الكتاب عن اسمها) حيث تم تأسيس شركة بالتعاون مع تلك الدولة. كانت للشركة مكاتب ضخمة وسكرتيرات يافعات حسناوات. أعجب رشيد بالوضع وقرر الاستثمار فى الشركة. كان محلقا لدى عودته من رحلته واقنع ابو عمار بالاستثمار فيها. تكررت زياراته وتضخمت الوعود التى حصل عليها بعمولات سخية ومعها تضخمت توقعاته. أولى عرفات ورشيد ثقتهما فى شركائهما الجدد وتفتحت شهيتهما.

ذات يوم اتصل رشيد بالشركة لكن السكرتيرات الحسناوات اللاتى يعرفهن لم يجبن. تبخرت المكاتب الفخمة ومعها أموال عرفات التى قدرت فى ذلك الوقت بأكثر من 100 مليون دولار.

ويكشف الكتاب عن أساليب الملاحقة لأموال حزب الله فيقول ان عمليات مخابراتية تمت فى النظام المصرفى اللبنانى مثل قيام مراقب حسابات بنك LCB «اللبنانى - الكندى» والذى يرمز لاسمه بمنير ز بالتزوير والتلاعب فى الارصدة ولم تكن عمليات الموساد بلا ثمن فبعد انكشاف أمر منير ز. تم اعتقاله واعدامه على يد حزب الله فى 2009.

فى واقعة أخرى، تسلل عملاء وحدة الرمح لأحد الأشخاص كان معروفا فى العالم بلقب اللبنانى المجنون، اسمه صلاح عز الدين وهو رجل اعمال لبنانى ثرى مقرب من حزب الله يمتلك دار طباعة الكتب المدرسية المقررة على مدارس منظمة حزب الله. حملت دار النشر اسم هادى نصر الله تكريما لابن السيد حسن نصر الله زعيم الحزب الذى استشهد فى معركة مع قوة اسرائيلية. لم يكن صلاح ابدا الشخص الذى يمكن ان يثير اشتباه حزب الله. فى 2007 سافر عز الدين إلى امارات الخليج بحثا عن استثمارات وتمويلات ضخمة إعادة إعمار جنوب لبنان بعد الحرب الإسرائيلية الثانية. وكان اصدقاؤه من كوادر الحزب يبحثون له عن مكان مناسب لينمو فيه. ليس معروفا حتى ذلك اليوم من الشخص ضابط الاتصال الذى استدرج عز الدين وأقنعه بفكرة الاستثمارات الواعدة، لكن الواضح ان ذلك الشخص الغامض خلف لديه انطباعا جيدا. استثمر عز الدين ملايين الدولارات الخاصة وفورا بدأ يجنى المزيد. بدأ استثماره فى شركة واستطاع جذب العديد من المستثمرين الآخرين لمشاركته فقد سال لعابهم للمال. الآلاف من مؤيدى حزب الله فى جنوب لبنان، قادة الحزب، وصولا إلى سكرتير عام الحزب شخصيا السيد حسن نصر الله الذى استثمر مئات الملايين من الدولارات من أجل مبادرة الإعمار.
ذات صباح ضاع كل هذا. فقد ارتد شيك يخص أحد كوادر الحزب. ظن عز الدين ان ثمة خطأ ما، لكنه حين راجع البنك ابلغوه ان الحساب فارغ. كل المصارف الأخرى أبلغته نفس الإجابة وان أرصدته جميعا قد تم سحبها. اتصل بالشركة فى دبى ولم يتلق رداً أخيرا اكتشف ان شركاءه فى الخليج اختفوا بحوالى مليار دولار معظمها من اموال حزب الله.

لم تسفر التحقيقات المكثفة التى اجرتها منظمة حزب الله عن اية معلومات مفيدة، المجنون لم يتمكن من ابلاغهم ان الأموال اختفت.

اغتيالات استهدافية

يحكى الكتاب ان المخابرات الإسرائيلية علمت ان نخبة قوات حركة حماس تتذمر وتشكو لزوجاتهم وعائلاتهم من عدم صرف رواتبهم منذ عدة أسابيع وبدأ التذمر يتحول إلى احتجاج قد يفضى إلى التمرد. على الفور طلبت القيادات معونات عاجلة وسرعة تحويل الدولارات. فى 23 اغسطس 2014 اقتفت المخابرات الإسرائيلية أثر شاب عشرينى يسافر عبر سيناء من أحد الأنفاق ومعه 13 مليون دولار نقدا محملة فى 4 حقائب سفر جلدية ضخمة. أخيرا وصل إلى النفق محصنا ونزل من فتحة فى المنزل الآمن.

وقبيل الفجر أرسل المبعوث رسالة قصيرة من هاتفه المحمول لرؤسائه المنتظرين على الجانب الآخر فى غزة تحمل شفرة يفهم منها أن الناقل قد شارف على الوصول، فور إرسال الرسالة تم تحطيم الهاتف. بعد ساعة وعندما اوشك الشاب على عبور النفق اعتلت وجهه ابتسامة النجاح فقد وصل المبلغ وانتهت مهمته. فى سيارة مرسيدس سوداء كانت تنتظر الحمولة كان يجلس محمد الغول رئيس المدفوعات فى حماس. وهو الذى قام بعقد الصلة - حسب زعم الكتاب بين - حماس والحرس الثورى الإيرانى وقطر ومختلف دول الخليج الأخرى وكل مصادر التمويل عامة. قطع الاحتفال هجوم اسرائيلى جوى بصاروخ منطلق من مروحية طراز إيه اتش AH-64D وبضغطة زر انطلق صاروخ مضاد للدبابات نحو سيارة الغول المصنوعة فى الصين. وتناثرت اجزاء السيارة مكونة كرة نارية ضخمة وسحابة سوداء كثيفة ومعها ورقات مالية من فئة 100 دولار حولت سماء الشوارع إلى اللون الأخضر. ويزعم الكتاب ان حماس طلب هدنة فور الحادث فبدون المال لن يستطيعوا مواصلة المقاومة وانتهت الحرب الإسرائيلية على غزة بعد 48 ساعة!
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة