طرق ملتوية لتأسيس شركات التول بهدف التربح
طرق ملتوية لتأسيس شركات التول بهدف التربح


بيزنس «التول».. باب خلفي لاحتكار الأدوية والمتاجرة بالمرضى

حاتم حسني

الثلاثاء، 06 فبراير 2018 - 05:34 م

•    خبيرة تطوير الصناعات الدوائية: 14 ألف صنف دواء مسجل والموجود في السوق لا يتعدى 7 آلاف فقط
•    نائب رئيس غرفة صناعة الدواء: الجادون في الإنتاج لا يتجاوزن 300 مكتب من أصل 1300
•    د.علي عوف: وزارة الصحة تظلم صغار المستثمرين وتشجع الاحتكار
•    رئيس شعبة الأدوية: 154 مصنعا لإنتاج الدواء في مصر منهم 30 يسيطرون على 90 من السوق

الدواء.. هو الملف الذي يستحوذ على جزء كبير من اهتمام الشعب المصري وحكومته.. حيث يعد أحد السلع الإستراتيجية التي لا تقل أهمية عن الغذاء والمواد البترولية.. لأن الأوجاع والآلام هما الترجمة الواقعية لعدم توافر الدواء. 

كلمة «تول» قد لا تشغل اهتمام غالبية الشعب المصري، ولكنها عنصرا رئيسيا في ملعب صناعة الدواء، وكثيرا ما كانت متهما رئيسيا في العديد من موجات نقص الدواء التي مرت بها مصر.

شركات «التول» هى مكاتب حاصلة على الموافقات اللازمة من وزارة الصحة والسكان ممثلة في إدارة الصيدلة، لدخول ما يسمى بـ«البوكس» أو الصندوق الذي يضم 10 مثائل للأدوية الأصلية يسمح بصناعتها محليا، ولكن مكاتب «التول» لا تمتلك المصانع، فتتعاقد مع مصانع أدوية لإنتاج أدويتها، وهو ما يعرف بـ«التصنيع لدى الغير». 
 
ولدخول عالم «التول» بموضوعية، كان لابد من الوصول لكل الأطراف الشريكة في ملف صناعة الدواء، لتحديد مسئوليات كلا منهم وفهم واستيعاب دور «شركات التول» في السوق المصري، ومعرفة ما إذا كانت مضرة أو مفيدة لصناعة الدواء في مصر.

«غرفة صناعة الدواء»

نائب رئيس غرفة صناعة الدواء د.أسامة رستم، قال إن بعض أصحاب شركات التول يسلكون طرقا ملتوية لتأسيس شركاتهم والبدء سريعا في تسجيل الأدوية الجديدة بـ«البوكسات» بهدف الحصول على سعر مرتفع، حيث تعطي قواعد التسجيل في هذه البوكسات الأسعار الأفضل للأسبق في إتمام إجراءات التسجيل.

وأضاف د.أسامة رستم، أن بعض أصحاب شركات «التول» عبارة عن سماسرة يحجزون ملفات في بوكسات الأدوية، ثم يعرضونها للبيع سعيا للمكسب السريع، لافتا إلى أن عدد هذه المكاتب يصل إلى 1300 مكتب، يصنعون منتجاتهم في 154 مصنع أدوية يعملون في مصر، مشيرا إلى أن عدد الجادين في الإنتاج لا يتجاوز الـ300 مكتب من أصل 1300 .

وأشار رئيس غرفة صناعة الدواء، إلى وجود ما بين 55 إلى 60 مصنع مازالوا تحت الإنشاء أو جاهزين للإنتاج ولا يجدون مكانا في صناديق الأدوية «البوكسات» لتسجيل مستحضرات ينتجونها، في حين أن ما يقرب من 1000 شركة تول تحتكر ملفات الأدوية لتحقيق مكاسب من خلال السمسرة.

«خطر الاحتكار»

ومن جانبها طالبت خبيرة تطوير الصناعات الدوائية د.هالة عدلي حسين، بتصفية شركات «التول» التي تحتكر ملفات الأدوية ولا تصنعها، دون وجود أسباب منطقية لعدم الإنتاج.

وقالت إن الأدوية المسجلة في إدارة الصيدلة تقدر بحوالي 14 ألف صنف، ولكن الأصناف الموجودة في السوق فعليا لا تصل إلى 7 آلاف صنف، مشيرة إلى أن بعض شركات «التول» الحاصلة على ملفات في صناديق الأدوية لا يمكنها الإنتاج لوجود تشوهات سعرية تمنع تطبيق القرار الوزاري 499، مطالبا بإصلاح هذه التشوهات لفتح الباب أمام تطبيق التسعير الإلكتروني تحقيقا للشفافية والعدالة.

«الدمج والشراكة»

واقترحت د.هالة عدلي حسين، أن يتم جمع مكاتب «التول» الجادة، مع المصانع التي تحت الإنشاء والتي تبحث عن ملفات أدوية جديدة لتصنيعها، في إطار شراكة تفيد الطرفين ترعاها الحكومة المصرية لتحقيق أهداف عديدة، أهمها توفير الدواء للمرضى، ومساعدة المصانع المتعثرة للبدء في الإنتاج.

«الغرف التجارية»

وعلى جانب أخر هاجم رئيس شعبة الأدوية في الاتحاد العام للغرف التجارية د.علي عوف، وزارة الصحة والسكان، قائلا إن الوزارة تظلم صغار المستثمرين لصالح الكبار، وتتظاهر بالحرص على مصلحة المريض بينما يكشف أدائها تشجيعا واضحا للاحتكار، مستشهدا على ما قال بما حدث في أزمة البنسلين التي تعرضت لها مصر في النصف الثاني من عام 2017، عندما توقفت شركة كانت تغطي 80% من استهلاك السوق.

وقال عوف، إن شركات التول المرخصة من وزارة الصحة تزيد عن 1200 شركة، ينتجون الأدوية الآدمية والبيطرية والمكملات الغذائية، بالإضافة إلى ما لا يقل عن 300 شركة غير مرخصة تعمل في إنتاج بعض المستحضرات مثل شاي التخسيس وما شابه ذلك، بتصريح من المعهد القومي للتغذية.

وأشار إلى أن شركة جلياد الأمريكية التي أصبحت من أكبر شركات العالم بعد إنتاج عقار سوفالدي لعلاج فيروس سي كانت شركة تول وبدأت في إنشاء مصنع بعد النجاح الذي حققته بـ"السوفالدي"، مضيفا أن شركات التول موجودة في ألمانيا وفي معظم دول العالم التي تميزت في صناعة الدواء.

وأكد أن وزارة الصحة ظلمت شركات التول التي تصنف ضمن المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تسعى القيادة السياسية في مصر لمساعدتها لأن معظم القائمين عليها من الشباب، بإصدار القرار 9 لسنة 2015 الذي أوقف ترخيص شركات التول لصالح كبار المصنعين المسيطرين على السوق.

وكشف رئيس شعبة الأدوية في الاتحاد العام للغرف التجارية، أن عدد مصانع الأدوية في مصر 154 مصنعا، منهم 30 مصنع يسيطرون على 90 من حجم سوق الدواء المصري، فيما تغطي الشركات القابضة حوالي 5% من السوق، ويتبقى 5% تتقاسمهم باقي الشركات، موضحا أن هناك حوالي 20 مصنعا يغطون تكاليف إنتاجهم، وحوالي 90 مصنعا خاسرا.

ولفت إلى أن معظم شركات التول تمتلكها من الباطن شركات كبرى؛ ليتاح لها الاستفادة بملفات الأدوية المسموح بها لكل شركة لإنتاج أصناف متعددة، لترفع من أرباحها، مؤكدا أن إعادة فتح باب الترخيص لشركت التول سيقضي على مشكلة النواقص، وسيصب في صالح سوق الدواء المصري.

«نقابة الصيادلة»

ومن جانبه قال رئيس لجنة الحق في الدواء بنقابة الصيادلة د.صبري الطويلة، إن شركات التصنيع لدى الغير لم تقم بدورها الحقيقي في خدمة سوق الدواء والاقتصاد المصري، ولجأ بعضهم إلى الاتجار في ملفات الأدوية وتسقيعها.

وأضاف الطويلة، أن السيناريو الذي حدث في أزمة نقص البنسلين، يمكن أن يتكرر في أدوية أخرى، حيث كشفت الأزمة أن شركة واحدة كانت مسئولة عن إمداد السوق بأربعة ملايين عبوة مستوردة من البنسلين المستورد طويل المفعول، فيما تنتج أربع شركات 2 مليون عبوة محليا، وباقي الشركات المقيدة في صندوق البنسلين والتي لا تقل عن 6 شركات لا ينتجون.

وطالب وزارة الصحة بسحب الملفات من الشركات غير المنتجة والتي تشغل أمان في صناديق الأدوية «البوكسات» على حساب شركات أخرى تبحث عن أدوية ولا تجد ما تنتجه.

وأكد رئيس لجنة الحق في الدواء بنقابة الصيادلة، أن بعض شركات صناعة الأدوية الكبرى، تسجل ملفات باسم شركات «تول» دون إنتاج فعلي على الأرض بهدف احتكار السوق. 

وقال إن عدد شركات التول يزيد عن 1200 شركة والكثير منهم لا يملكون القدرة المالية على التصنيع، لذا فإن الحل يكمن في اندماج هذه الشركات مع بعضها البعض وتكوين كيانات قوية قادرة على التصنيع والإنتاج، إلى جانب إعادة النظر من قبل وزارة الصحة في الملفات التي يتم تسجيلها لنفس التركيبات وبنسب مختلفة حتى يتم تسجيل أدوية مكررة، علاوة على فتح البوكسات على مصرعيها لتسجيل الأدوية وعدم تحديدها في 12 اسم تجاري لإتاحة الفرصة أمام المصانع والشركات الجديدة في دخول السوق والاستثمار والمشاركة في سد العجز في الأصناف الدوائية الناقصة، ومحاسبة المقصرين.        

«سحب التراخيص»

وعلقت رئيس الإدارة المركزية للصيدلة د.رشا زيادة، أن القانون يتيح سحب الترخيص من الشركات المرخصة بإنتاج صنف دوائي ولا يتم إنتاجه لمدة 18 شهرا.

«الحق في الدواء»

ومن جانبه علق مدير مركز الحق في الدواء محمود فؤاد، بأن شركات التول موجودة في كل دول العالم، وتعتبر ضمن المشروعات الصغيرة، لكنها في مصر انحرفت عن طريقها والهدف من إنشائها، بسبب عدم وجود نظم حاكمة، حتى أصبحت شركات على الورق تلاحقهم مصلحة الضرائب دون فائدة.

وأضاف محمود فؤاد، أن غرفة صناعة الدواء رفضت تسجيلهم، باعتبار أنهم لا يمثلون شركات صناعية، فانضموا إلى اتحاد الغرف التجارية، بعدما وصل عددهم لنحو ١٥٠٠ شركة أغلبهم ليس لهم وجود في الواقع، وهو ما يعد تضخم وهمي في مجال صناعة الدواء، مما دفع وزارة الصحة إلى وقف تسجيل شركات التول.

ولفت إلى أن معظم هذه الشركات تتصارع على شراء ملفات تسجيل الأدوية الجديدة مقابل تسديد مبلغ ٢٥ ألف جنيه في الإدارة المركزية للصيدلة بوزارة الصحة، ثم تبدأ في عرضه للبيع بمبالغ خيالية، مثلما حدث في بداية تصنيع مثائل السوفالدي محليا حيث بلغ سعر بيع ملف تصنيع مثيل السوفالدي إلى ٧ ملايين جنيه في ذلك الوقت، بسبب امتلاء البوكس وعدم وجود فرصة للتسجيل. 

«مفوضي الدولة»

وكانت هيئة مفوضي مجلس الدولة قد أوصت مؤخرا بفتح قيد شركات التصنيع لدى الغير "لتول" وهو ما يبطل قرار وزير الصحة 9 لسنة 2015.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة