د. سعد السيد خلال حواره مع الأخبار
 د. سعد السيد خلال حواره مع الأخبار


حوار| عالم مصري: «الضبعة» مشروع تأخر كثيراً.. والبدء فيه يعالج أخطاء الماضي

حازم بدر

الأربعاء، 07 فبراير 2018 - 01:04 ص

البحث العلمى أهم من القمح ولن نتقدم بدون زيادة ميزانيته
30 قرشاً ميزانية الباحث فى اليوم.. لكنها ليست مبرراً للكسل
 البحرية الأمريكية تكشف عن المخدرات بدم جنودها بفكرة من أبحاثى
سذاجة اللوائح تجعل الشركات العالمية تقطف ثمار أبحاثنا

 

 «سيفوتك الكثير إن لم تلتق هذا الرجل».. «لو أردت أن تحاور شخصية ثرية علما فلن تجد أفضل منه» إنه د. سعد السيد.. سمعت هذه العبارات فى مناسبات مختلفة.. ومن تلاميذ هذا العالم الجليل، فقلت لنفسى فى البداية ربما هذا ما يسمونه بـ «حماس المحبين»، ولم أعر هذه النصائح وقتها اهتماما، إلى أن وجدت مصادفة على أحد مكاتب الأساتذة بكلية العلوم جامعة عين شمس، كتابا أصدرته الجامعة عن أبرز أعماله، فلمت نفسى كثيرا على أنى لم أحسن وقتها تقدير أهمية الشخصية.


نظرة بسيطة على صفحات الكتاب كفيلة بأن تثير شهية الصحفى للجلوس مع د.سعد السيد، الذى لا توجد جائزة محلية إلا وحصل عليها، إضافة إلى أكثر من 17 جائزة دولية، كان أبرزها جائزة من الصين تصنف علميا على أنها التالية من حيث المكانة بعد جائزة نوبل.. ومع ثراء الكتاب إلا أنه لم يكشف الكثير عن جوانب الشخصية التى فاجأتنى خلال الحوار بتأكيد معلومة سمعتها قبل نحو عامين تقول إن أحد أبحاثه استفاد منها الجيش الأمريكى، وكانت المفاجأة الأكبر أنه يحتفظ مع كل ذلك بشخصية لم يتسلل لها داء الغرور، فمنحه ذلك حالة من الرضا بدت واضحة على ملامح وجهه، وكذلك على سلوكه، الأمر الذى جعله يبدى ارتياحا كبيرا لمستوى وشكل أثاث مكتبه، بالرغم من أنه متواضع جدا ولا يعكس التقدير الذى يستحقه هذا العالم.. وإلى نص الحوار.


 وأنا أعد للحوار معك، لم أجد سوى مادة واحدة فقط نشرت فى أحد المواقع الإلكترونية، هل هذا تقصير منا كصحفيين، أم أنك كنت مقصرا فى تسويق إنجازاتك؟
- وكأن السؤال ضغط على جرح نفسى لم يندمل، فظهرت مسحة من الحزن على وجهه قبل أن يجيب باستفاضة قائلا: عادة العلماء لا يفضلون الدعاية ويميلون إلى العمل فى صمت، ومن ناحية أخرى، فإن الإعلام يركز أكثر على ما يهم العامة مثل أخبار الفن والرياضة، لأن لها شيوعا أكثر، بينما لا يولى نفس التركيز لأخبار البحث العلمى، لأن عدداً محدوداً جداً من الجمهور هو من يهتم بها، ويرجع ذلك لعدم وجود تقدير لقيمة العلم، بالرغم من أنه دفع كثيراً من الدول إلى الأمام، فنهضة ماليزيا على سبيل المثال قامت عليه، فقد كان اقتصادها قائما على المطاط وزيت النخيل، ولكن مهاتير محمد الذى تقلد الحكم تقريبا فى نفس توقيت رئيس مصر الأسبق حسنى مبارك استطاع بالعلم أن ينقلها نقلة مختلفة.

 

السفر لأمريكا
 قد يقول البعض أن مستوى البحث العلمى بمصر ضعيفا، فلم يحفز الحكومة على تغيير نظرتها له؟


- أثار هذا السؤال غيرته، فاختفت مسحة الحزن من وجهه لتفسح المجال لملامح جادة، قبل أن يقول: العيب ليس فينا.. توجد كفاءات عالية جدا، وهناك 100 ألف باحث حاصلون على الدكتوراه، بعضهم حصل عليها من أمريكا، والبعض الآخر من دول أخرى مثل بريطانيا واليابان وألمانيا، ولكن المشكلة هو أنه لا يوجد مشروع قومى يجمع كل هؤلاء، فالكل يعمل فى جزر منعزلة، ووفق الأولويات التى يحددها لنفسه، وهذا العمل الفردى لا يصنع نهضة.


 ألم يدفعك هذا الوضع إلى التفكير فى الهجرة، فما علمته من طلابك أن الإقامة بأمريكا عرضت عليك أكثر من مرة؟
- نجح هذا السؤال فى استعادة الابتسامة الهادئة التى استقبلنى بها د.سعد، ليومئ بعلامة الموافقة على كلامى قبل أن يقول: ما أخبرك به طلابى صحيح، فقد عرض علىّ الاستمرار فى الجامعات الأمريكية 3 مرات وفى كل مرة كنت أكتفى بالفترة التى أقضيها هناك لإنجاز بعض الأبحاث.. صحيح أن العمل هناك يضع الباحث تحت الأضواء، بدليل أن كثيراً ممن اتخذوا هذا القرار حققوا إنجازات كبيرة مثل د.أحمد زويل الحائز على نوبل، ولكنى كنت أقاوم نفسيا هذه العروض بأن أقول لنفسى إذا قررت أنا وغيرى الاستمرار هناك، فمن سيقوم بمهمة تخريج خريجين جدد لتشغيل المصانع والعمل بالجامعات المصرية ومراكز الأبحاث.


قد تكون فكرت وقتها فى هذه القيم الوطنية والرائعة، ولكن ألم تشعر يوما بالندم؟
- يصمت لوهلة قبل أن يقول: كل إنسان لا يأخذ إلا ما كتبه الله له، وأنا والحمد لله راض تماما عما فعلته، فيكفى أن تعرف أنى أشرفت على 180 رسالة ماجيستير ودكتوراه، كان آخرها من أسبوع، فإذا كنت أنا وغيرى قررنا الاستمرار فى أمريكا، فمن كان سيشرف على هؤلاء الطلاب.


حلم نوبل
 أقدر تماما هذه المشاعر، ولكن ألم تراودك يوما غيرة العلماء المحمودة، وتقول لنفسك إنك لو قررت الاستمرار، ربما كنت يوما أحد الحائزين على نوبل؟


- خرجت الكلمات من فمه سريعة وقال وقد ارتفعت نبرة صوته قليلا: هل تصدقنى إذا قلت لك إن هذا الحلم لم يراودنى، لأن العالم من المفترض أن يعمل ويهتم بعمله فقط، ثم تأتيه الجائزة، فالعالم الذى يضع الجائزة نصب عينيه وهو يعمل لن يحصل عليها، فالحمد لله أنا وفقت للحصول على كل الجوائز المحلية بما فيها أرفع جائزة وهى جائزة النيل «مبارك سابقا»، وحصلت على17 جائزة أخرى من أمريكا وبريطانيا وإيطاليا واليونان وغيرها من الدول، وجاءتنى هذه الجوائز جميعا دون أن أضعها نصب عينى.


ولكن غزارة انتاجك البحثى من المؤكد أنها كانت ستقودك لنوبل لو قررت الإقامة بأمريكا؟


- يلتقط د.سعد كتابا أصدرته الجامعة عن إنجازاته، ليقول وقد ظهرت على وجهه علامات الفخر: طبعا لا يوجد شيء عصى على إرادة الله إذا كان الإنسان يؤدى عمله بإخلاص، ونوبل رغم قيمتها ليست الجائزة الوحيدة المهمة، فقد حصلت على الجائزة التى تليها فى الأهمية من الصين، وهى جائزة أكاديمية العلوم لدول العالم الثالث.


ويقلب صفحات الكتاب، ليشير فيه إلى إحدى الصور، مضيفا: هذه صورتى وأنا أتسلم الجائزة من رئيس جمهورية الصين ورئيس وزراء الصين ورئيس الأكاديمية، وكنت أول عربى وإفريقى يحصل عليها عام 1987.


 ومتى يمكن أن يحصل عالم ينتج أبحاثه فى إحدى الجامعات المصرية على جائزة نوبل؟
- تظهر مسحة حزن على وجهه قبل أن يقول: للأسف من المستحيل حدوث ذلك فى العلوم والطب.

 

ولماذا وصفت الأمر بالمستحيل؟
- يكتسى وجهه بعلامات الدهشة والتعجب، لبديهية الإجابة، قبل أن يقول: قلت مستحيل، لأن عندهم إمكانيات تساعد الباحث، فهذه الجائزة الرفيعة تحتاج لإنجاز أبحاث تستخدم فيها أجهزة بعشرات الملايين من الدولارات، بينما تبلغ ميزانية البحث العلمى فى كلية مثل كليتنا 40 ألف جنيه فى العام، وهو مبلغ إذا وزعته على الباحثين البالغ عددهم 700 عضو هيئة تدريس يصبح نصيب الواحد 30 قرشا فى اليوم.


المستشعرات الكيميائية
 وهل لهذا السبب اخترت مجال المستشعرات الكيميائية، فأحد طلابك قال لى إنك قررت التخصص فى هذا المجال، لأنه الأنسب لإمكانياتنا الضعيفة؟


- يتكئ بظهره على كرسى مكتبه، ليقول وقد ظهرت السعادة واضحة على وجهه: من الجيد أنك طرحت هذا السؤال، لأنه من الخطأ أن يركن الباحث لضعف الإمكانيات كمبرر للكسل وضعف الإنتاج والفعالية، ولكن هذا لا يعنى أنى أقدم المبرر للدولة لكى تغض الطرف عن قضية التمويل، وقبله قضية أن يكون هناك مشروع قومى يجمع الباحثين، فإذا كانت الظروف خدمتنى ووجدت مجالا يعتمد بدرجة كبيرة على الفكر قبل الإمكانيات، فهناك مجالات أخرى لن تستطيع أن تحقق فيها نجاحا بدون الإمكانيات.


وكيف وجدت مجال المستشعرات الكيميائية مناسبا لإمكانياتنا الضعيفة؟
- يغمض د.سعد عينيه لوهلة، وكأنه يريد تذكر موقف قديم، ثم يقول: القصة تعود للسبعينيات عندما كنت فى أمريكا أعمل على أحد الأبحاث، وكان البحث يتطلب تقدير نسبة الفلوريد، فعرفت أن هناك مستشعرا يؤدى هذه الوظيفة وتبيعه إحدى الشركات بمبغ 300 دولار، وهو مبلغ مرتفع جدا وقتها، فلفت نظرى حينها أن الخامات المصنع منها المستشعر بسيطة جدا، ولا تتعدى كونها أنبوبا ينتهى بما يشبه الغشاء، فأخذت أقرأ فى كيفية تصنيعه، واكتشفت أنك تستطيع وقتها بمبلغ 40 دولارا شراء عدة أغشية صغيرة يصل طولها 10 سم، ثم تقطيع الغشاء الواحد إلى 15 شريحة يمكن استخدامها فى تصنيع المستشعر، وحينها أدركت أن هذا المجال هو الأنسب لإمكانياتنا.


لو حاولنا تبسيط هذا المجال لمن يريد فهمه، فماذا تقول؟
- يصمت لفترة تطول بعض الشيء، لاختيار المفردات السهلة التى يمكن استخدامها لتبسيط هذا العلم، ثم يقول معرفاً إياه: هناك أنزيمات تكون مصاحبة لبعض الأمراض، وما نفعله هو أننا نستخدم مركباً كيميائياً للتعرف على هذه الأنزيمات، وقد تمكنا حتى الآن من تصنيع أكثر من 200 مستشعر بعضها مثلا يكشف عن السرطانات فى الكبد والثدى والبروستاتا.


الكشف عن المخدرات
 كنت أنتظر منك أن تذكر  المستشعر الخاص بالكشف عن تناول الشخص للمخدرات؟
- يرد على سؤالى بسؤال: ولماذا تريدنى أن أتحدث عن هذا المستشعر تحديدا.


 أحد طلابك أخبرنى أن هذا المستشعر يستخدمه الأسطول السادس فى البحرية الأمريكية للكشف عن المخدرات فى دماء جنوده ؟
- تظهر علامات الفخر فى عينيه، قبل أن يقول بكل ثقة: نعم استفاد الأسطول السادس الأمريكى من الأبحاث الخاصة بمستشعرات الكشف عن كل أنواع المخدرات والتى نشرت فى مجلات بحثية بأمريكا وبريطانيا، واستخدم التفاعلات الكيميائية الجديدة التى رصدتها فى تلك الأبحاث لإنتاج مستشعر يقيس المخدرات فى دماء جنوده فى أقل من دقيقة ودون الحاجة لتجميع عينات وإرسالها للمعامل.


وماذا استفدت أنت من قيامهم بذلك؟
- تختفى علامات الفخر من عينيه، لتظهر مسحة من الحزن قبل قوله: ولا حاجة، نشرت أبحاثى فى الدوريات العلمية، وصارت متاحة لمن يريد أن يستفيد منها، وكل ما حصلت عليه هو التقدير المعنوى والمتمثل فى أن المستشعر الذى تم إنتاجه وسجل كبراءة اختراع فى أمريكا تحمل فكرته إسمى.


 أمر غريب جدا، الأبحاث يتم إنجازها فى معامل كلية العلوم جامعة عين شمس وتستهلك لتحقيق ذلك كيماويات يتم توفيرها من الميزانية الضعيفة، وبدلا من تحويل هذه الأبحاث لمنتجات لزيادة ميزانية البحث العلمى، يقوم الغير بذلك نيابة عنا؟
- ضغط هذا السؤال على جرح قديم لدى د.سعد، الذى يخرج عن هدوئه ليقول وقد ارتفعت نبرة صوته بشدة: للأسف الشركات العالمية تقطف ثمار أبحاثنا، فنحن نجتهد ونتوصل لتفاعلات كيميائية جديدة، وهم يأخذون هذا الجهد المنشور بحثيا ليحولوه إلى منتج يربحون به ملايين الدولارات.


 إذن نشر هذه الأبحاث « نوع من السذاجة»، واسمح لى أن استخدم هذه العبارة لأنها الأكثر تعبيرا عن الموقف؟
- ترتفع نبرة صوته قائلا: ليست سذاجتنا ولكنها سذاجة اللوائح، فالترقى لا يكون بالوصول لمنتج أو براءة اختراع، ولكن يكون بالنشر العلمى، فبلد مثل ماليزيا لا يتم ترقية الباحث بها إلا إذا قدم منتجاً وهذه الرؤية نفتقدها.


ولماذا لم تفكر فى ظل غياب هذه الرؤية أن تستفيد ماديا من أبحاثك، بأن تحجبها عن النشر إلى حين التواصل مع الشركات لتحويل ما توصلت له لمنتجات؟
- يصمت لوهلة قبل أن يقول: قد يكون هذا السؤال ملائما لحالتى، فأنا حصلت على الأستاذية فى سن 35 عاما، والفترة من سن 35 عاما حتى الآن كان لدى العشرات من الأبحاث، ولكن الأصل كما قلت لك سابقا أن الأبحاث وسيلة للترقى، فالباحث ينشر ما توصل له رغما عنه من أجل الترقى.


دعنا نقصر السؤال على حالتك.. لماذا لم تفعل ذلك؟
- يصمت لفترة طالت بعض الشيء، قبل أن يقول: أصدقائى من الباحثين الأمريكيين يفعلون ذلك، فالبحث عندهم يتحول لمنتج، ويقوم الباحث بتأسيس شركة صغيرة لإنتاجه أو يدخل فى شراكة مع إحدى الشركات لإنتاجه، ولكن عندنا لا يسمح لنا القانون بذلك.


 أظن أن قانون البحث العلمى الجديد الذى تتم مناقشته فى مجلس النواب يعالج هذه المشكلة؟
- ليست لدى تفاصيل، ولكن أتمنى أن يكون ذلك صحيحا.


التجربة الماليزية
وهل يمكن اعتبار القانون خطوة نحو استنساخ التجربة الماليزية إذا كان يعالج هذه المشكلة؟
- تظهر ابتسامة ساخرة على وجهه قبل أن يقول: مازلنا بعيدين جدا، نحن نحتاج 10 سنوات لاستنساخ تلك التجربة، شريطة توفير التمويل وقبله وجود الإرادة السياسية المؤمنة بقيمة البحث العلمى.


ألا تشعر بأن هذه الإرادة صارت موجودة؟
- يصمت لوهلة قبل أن يقول: سأقول إنها موجودة عندما يصير البحث العلمى أهم فى الأولويات من القمح.


ولماذا اخترت القمح لهذه المقارنة؟
- يطلق ضحكة مرتفعة بعض الشيء توحى بأن خلفها قصة، حكى تفاصيلها قائلا: أثناء تولى الوزير عمرو عزت سلامة مسئولية وزارة التعليم العالى دعا الباحثين وكنت منهم لإعداد خطة نهوض يتم استلهامها من التجربة الماليزية والكورية، وحددنا 40 مشروعاً يمكن العمل عليها لاستنساخ هذه التجربة وقدرنا حينها تكلفة هذه المشروعات بـ50 مليار جنيه، وعندما عرض الأمر على القيادة السياسية كان ردها: لو أن هذا المبلغ معنا، سنوجهه لشراء القمح.


وما العيب فى ذلك يا دكتور، فالقمح مهم جدا؟
- بملامح جادة وكلمات واثقة يقول: لا شك فى ذلك، ولكن لن نحقق نهضة إلا عندما يكون البحث العلمى أهم من القمح، لأن البحث العلمى يمكنه حل مشكلة استيراد القمح بتوفير أصناف جديدة ترفع إنتاجيته محليا، وهذا ليس صعبا، ولو وضعته فى قائمة الأولويات يمكن تحقيقه، وهذا يعيدنا مرة أخرى لقضية الإرادة السياسية التى لو توافرت، لأمكن تجاوز الكثير من الأزمات، مثلما توافرت مؤخرا فى مشروع المفاعل النووى بالضبعة، والذى تأخرنا فيه كثيرا.


أخطاء الماضى
ولماذا ترى أننا تأخرنا فى هذا المشروع؟
- تعود مسحة الحزن لتظهر من جديد على وجهه وهو يقول: أثناء حكم مبارك تم إعداد دراسات لإنشاء مفاعل الضبعة، وتم الإعلان عن مناقصة عالمية لتنفيذ المشروع، وبينما كانت الأمور تتجه لترسيتها على الأرجنتين للبدء فى العمل، تلقى العاملون على المشروع اتصالا من رئاسة الجمهورية بإغلاق هذا الملف بدون أى سبب يذكر حينها، وعندما نأتى لتنفيذ المشروع اليوم ستكون التكلفة مضاعفة، بالإضافة إلى أن الاستفادة منه فى إنتاج الكهرباء وتحلية المياه لن تتحقق قبل 10 سنوات على الأقل، وبالتالى إذا كنا قد بدأنا حينها، كنا سنوفر فى التكلفة ونقطف ثمار المشروع الآن.


 إذن أنت ترى أن البدء بالمشروع الآن علاج لأخطاء الماضى؟
-يومئ بالموافقة قبل أن يقول: طبعا، فهذا المشروع صار ضرورة، فمحطات الكهرباء صارت تكلفتها مرتفعة جدا، ولا نعلم مدى تأثر السد العالى كمصدر للكهرباء بحدوث أى نقص فى نصيب مصر من المياه بفعل سد النهضة.


 وماذا تفسر عدم حماس النظام السابق لهذا المشروع؟
- ترتفع نبرة صوته قليلا وهو يقول : هذا النظام لم يكن يفكر إلا فى السطو على مقدرات هذا الشعب، والإيحاء بأنه يعمل لصالحه، لذلك عندما سقط ظهرت الحقيقة وهى أن البلد به مشكلات فى كل القطاعات، وما يحدث الآن محاولة لعلاج أخطاء الماضى.


جائزة مبارك
 لاحظ أن أرفع جائزة علمية حصلت عليها محليا تحمل اسم رأس هذا النظام، فهل يصيبك ذلك بالضيق؟
- تظهر علامات التعجب والدهشة على وجهه قبل أن يقول: ولماذا أشعر بالضيق، هذه جائزة علمية، وليست تعبيرا عن إيمانى بهذه الشخصية أو أفكارها، فلو حصلت حتى على جائزة علمية تحمل اسم هتلر فلن أتضايق، لأنها جائزة علمية، ولا يعنى ذلك أننى من مؤيدى النازية.
سعدت كثيرا بالحوار معك، وإن كنت حزينا على أن شخصية بقيمة ما أنجزته تجلس فى هذا المكتب المتواضع..


 ولماذا تصفه بالمتواضع؟
 الأثاث ليس على ما يرام ولا يتناسب مع قيمتك؟
يطلق ضحكة عالية قبل أن يقول: 
- هذا الأثاث الذى تراه غير مناسب تم توفيره من منحة دنماركية لمشروع تأسيس معمل جهاز شئون البيئة بالكلية، وهو أرقى بكثير من الموجود فى غرف غيرى من الأساتذة، ثم عن أى أثاث تتحدث، لو تذكر قلت لك سابقا إن ميزانية الباحث فى اليوم 35 قرشاً.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة