أرشيفية
أرشيفية


حكاية.. « بطة »

نشوة حميدة- علاء عبدالعظيم

الجمعة، 09 فبراير 2018 - 07:10 م


سارت الأم العجوز بخطوات مثقلة تجرها جرا، وتقتلعها بين الخطوة والخطوة،  وبظهر منحني، تتكأ علي يد ابنتها، مرتدية عباءتها السوداء، وبعينين مستديرتين، جاحظتين، تعلو وجهها التجاعيد، وأنف طويل يبدو كمنقار طائر جارح، تبحث عن مكان تريد الاستراحة والجلوس قليلا حيث لم تقو قدماها علي السير.

 

هم أحد الأشخاص بمساعدتها أيضا، واتخذت أحد أركان محكمة الأسرة بزنانيري مفترشة الأرض، تدعو له بطيلة العمر، بوجه متوردا وكأنها عادت من سباق.

 

استندت برأسها علي الجدار، ورأسها مثقلة بالتساؤلات، يمر العمر أمامها في لحظات، وما إن اقتربنا منها، وكشفنا عن هويتنا، جحظت عيناها، وتساقطت الدموع علي خديها في صمت يخفي وراءه حزن، وأسى وذل كذل اليتيم.

 

بينما وقفت الابنة ترمقنا بنظرات تعلوها دهشة، معتقدة بإننا طوق النجاة بالنسبة لها، وبعد همسات مع الأم التي هزت رأسها بالموافقة علي الحديث معنا قالت:لقد تقدم زوج ابنتي للزواج منها وهي لم تكن قد بلغت سن الرشد بعدما توفيت زوجته وتركت له ثلاثة أبناء، رفضنا طلبه في البداية لكنه كان معسول الكلام ونجح في نسج خيوطه حول ابنتي المراهقة التي أصرت علي الزواج منه رغم نصحنا لها وتوجيهها، فما كان من أبيها إلا أن وافق علي زواجها منه بعدما هددتنا بانها سوف تنتحر، وتوجهنا إلي أحد المحامين وتزوجا عرفيا، وبعد بلوغها السن القانوني عقد قرانه عليها شرعيا.

 

كانت ابنتي أما لابناءه الثلاثة احتوتهم بالحب والحنان إلى أ ن اشتد عودهم، لكن زوجها رد إليها الجميل بالإهانة والسب، حيث تبدلت أحواله واعتاد السهر لتدخين الحشيش وتعاطي المخدرات بكل أنواعها، حاولنا مرارا أن نصلح من شأنه لكن دون جدوى، غير أنه استغل ابناؤه الثلاثة بعدما أجبرهم علي ترك الدراسة والاشتغال سائقين توكتوك، ليس ذلك فقط بل يستولي علي نقودهم وشقاهم وينففها علي المخدرات غير مبالي باحتياجات ابنتي وحقوقها.

 

انهمرت الأم في البكاء، وبصوت متحشرج تقول: لم تنل ابنتي منه غير الاعتداء عليها بالضرب والسب اذا طلبت منه نقودا لشراء احتياجات المنزل، أو إثناءه عن تعاطيه المخدرات حيث قام بطردها من الشقة وعادت إلينا ترتدي جلابية، ولم تتمكن من ارتداء أية ثياب، واستطردت قائله: لقد مر علينا أكثر من ٤ أشهر ذهابا وجيئة ، وبحسب وصفها في "مرار طافح" لحضور جلسات بالمحكمة، للحصول علي حكم بالخلع منه بعدما رفض تطليقها.

 

وبنظرات منكسرة وصوت مبحوح تنهي حديثها قائلة "بس أنا خيرتها إذا أرادت العودة إليه، أو الخلع لكنها فضلت الخلع منه".. ودائما مايدفع الآباء والأمهات ضريبة عدم إطاعة الأبناء لهم.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة