رئيس الوزراء الأثيوبي المُستقيل هايلي ماريام ديسالين
رئيس الوزراء الأثيوبي المُستقيل هايلي ماريام ديسالين


استقالة «ديسالين»| ترقب دولي..واحتفالات أثيوبية

آية سمير

الخميس، 15 فبراير 2018 - 07:24 م

أزمة سياسية لم يتوقع أحد أن تنتهي بقرار رئيس الوزراء الأثيوبي هايلي ماريام ديسالين، بتقديم استقالته، كـ«خطوه على طريق الإصلاح من أجل مستقبل أكثر استقرارا وسلام» على حد قوله، الخميس 15 فبراير.


تولى ديسالين منصب وزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء، إلى أن أدى اليمين الدستورية كرئيس للوزراء في سبتمبر 2012، وجاء كخلفية للزعيم الأفريقي القوي في ذلك الوقت، ميليس زيناوي.


وضع ديسالين بعد عامين من بقاءه في الحكم، وتحديدًا عام 2015 خطه من أجل التنمية الحضارية في العاصمة أديس أبابا، الأمر الذى دفع الحكومة بعد ذلك إلى فرض الكثير من الضغوط والقيود السياسية وتقليل الحريات وحتى تجاوزها في بعض الأحيان في حق المواطنين، من أجل تطبيق خطتها وفقًا للجارديان البريطانية.


أساب دفعت ديسالين للاستقالة


بمرور الوقت لم تكن الأزمة في طريقها للحل، بل على العكس تمامًا كانت تزداد سوءًا.


احتجاجات المعارضة كانت تشتعل كل يوم أكثر، فقام المدنين بإشعال الحرائق وقطع الطرق داخل البلاد، الأمر الذي دفع الحكومة لإعلان حالة الطوارئ في أكتوبر2016، وشن حملة اعتقالات واسعة تضمنت رموز من المعارضة السياسية ذات الشعبية الكبيرة.


موجة من المعارضة والاحتجاجات وصفتها صحيفة واشنطت بوست بأنها «الأسوأ» منذ 25 عامًا، مشيرة على أن النتيجة النهائية للاحتجاجات والغضب الشعبي باستقالة ديسالين تعتبر «سابقة» لم تشهدها دولة أثيوبيا من قبل.


وفي ظل اشتعال الأزمة ووصولها على مرحلة من الصعب التنبؤ بنهايتها، عبّر السفير الأمريكي في أديس أبابا، مايكل راينور عن قلقة من خلال حسابه الخاص بموقع فيسبوك.


وكتب راينور قائلاً، إن الناس يجب أن يشعروا بأنهم أحرار حتى يتمكنوا من التعبير عن أنفسهم في حرية وسلام، وأضاف: «إن القوة مهما كان سببها في وجه المتظاهرين والمدنيين يجب أن تكون دائمًا آخر الحلول. فعلى الجميع الالتزام بالحوار وحق التعبير السلمي.»

 

بقاء ديسالين..مقابل انهيار الاقتصاد


وربما بعد فترة من اشتعال الأزمة شعر ديسالين أن بقاءه أصبح يهدد اقتصاد بلاده «الواعد»، وفقًا للصحيفة الأمريكية.


وأشارت واشنطن بوست إلى أن أثيوبيا التي تعتبر من أكثر البلاد الواعدة اقتصاديًا واجهت في ذلك الوقت أخطارًا اقتصادية واجتماعية، مشيرة إلى أن الموجه التي شنتها الحكومة على مدى الفترات السابقة وأدت إلى مقتل المئات وحبس أعداد هائلة من المتظاهرين والمعارضين كان يجب عليها أن تنتهي بأي طريقة وإلا انهار الاقتصاد.


لكن ما جعل قرار ديسالين مفاجئًا هو أن الحكومة كانت بالفعل في طريقها لإنهاء الأزمة.


فمنذ ما يقرب من شهر أعلنت الحكومة الإفراج عن المئات من المتظاهرين والمحتجين الذين كان تم اعتقالهم على مدار الشهور الماضية، وبالتالي فإن خطوة رئيس الوزراء بالاستقالة لم تكن متوقعة خاصة بعد أن تم استبدا موجة الغضب بموجة أخرى من الاحتفالات عقب الإفراج عن عدد كبير من المعتقلين والرموز المعارضة.


وفي الخطاب الذي أعلن فيه رئيس الوزراء الأثيوبي استقالته، قال إنه يعتقد أن هذه الاستقالة هي الحل المناسب للأزمة الحالية والتي ستؤدي لإصلاحات تدفع البلاد نحو ديمقراطية وسلام دائمين.


وأضاف ديسالين أنه لم يعتزل السياسية، لكن القرار الضروري يأتي كخطوة جديدة في طريق الإصلاح.


ووفقًا لواشنطن بوست فإن حكومة ديسالين كان لها تاريخ طويل ضد الصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان والمعارضين في البلاد.


وفي تحليل للمشهد السياسي قال الخبير، محمد أديمو لمركز African arguments إن ما حدث اليوم لا يجب أن يكون مفاجأة لا شخص، «فالنضال لا يمكن ألا يحقق نتائجه مهما طال الوقت».


وأشار الخبير السياسي إلى أن ما حدث ليس مجرد تغير مُفاجأ في وجهات النظر الأثيوبية أو الحاكمين للبلاد، لكنه نتيجة عمل طويل ودءوب من قِبل النشطاء والمتظاهرين في أثيوبيا. وأكد أديمو أن الكثير من الأثيوبيين ماتوا من أجل هذا اليوم، ويمكن وصف ما حدث بأنه «مجرد بداية التغيير في أثيوبيا، وليس نهايتها».


ومن المتوقع أن يظل ديسالين في الحكم حتى يتم اختيار خليفة له وهو الأمر الذي أكده في تصريحات صحفية، قال فيها إنه باقٍ لحين قبول البرلمان استقالته واختيار بديلا عنه.


وكان رئيس الوزراء الإثيوبي قد أعلن - في وقت سابق الخميس 15 فبراير- أنه ترك منصبيه كرئيس للوزراء وكرئيس للحزب الحاكم،  وقال إنه قرر الاستقالة من كلا الوظيفتين كجزء من الجهود الرامية إلى إيجاد حل دائم للأزمة الحالية في البلاد.


وأشار ديسالين - في خطابه - إلى أن الأشخاص قد رحلوا وأصيبوا وقتلوا خلال الاحتجاجات، كما أن هناك الكثير  من الاستثمارات والممتلكات التي تضررت بسبب الاضطرابات الأخيرة. ويعتقد ديسالين أن استقالته مهمة لتنفيذ الإصلاحات التي تؤدي إلى سلام وديمقراطية دائمين.


جدير بالذكر أن رئيس الوزراء الأثيوبي كان قد زار مصر خلال شهر يناير الماضي لمدة يومين، استقبله خلالها الرئيس عبدالفتاح السيسي، حيث تم عقد مؤتمر صحفي أكد فيه ديسالين على العلاقات بين البلدين وأنه واثق في أن مصر وأثيوبيا سيكونا قادرين على التوصل لاتفاق فيما يخص «سد النهضة»، مؤكدًا على أن القاهرة وأديس أبابا سيتمكنان من التغلب على أي صعوبات أو خلافات.


وتابع قائلاً « إننا ساعون لتحقيق السلام والقضاء على الفقر، وهو ما لا يمكن أن يحدث بالإضرار بالآخرين، ولكن عن طريق تحقيق المكاسب للبلدين، إضافة إلى القضايا الفنية الأخرى وهو ما سيساعد على تحقيق الرخاء والنمو لشعبينا»


وفي ختام القمة الثلاثية التي جمعت بين مصر وأثيوبيا والسودان،  29 يناير الماضي على هامش القمة الأفريقي قال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن مصر والسودان وإثيوبيا دولة واحدة وليسوا ثلاث دول.


وأضاف السيسي في ختام القمة الثلاثية مع الرئيس السوداني عمر البشير ورئيس وزراء إثيوبيا هايلي مريام ديسالين، «أن هناك قادة مسئولين اجتمعوا واتفقوا.. مفيش أي ضرر على أي طرف». ووجه السيسي حديثه للشعب المصري والإثيوبي والسوداني قائلا: «كونوا مطمئنين تماما ، لا يوجد أزمة، وكلنا واحد، ولا ضرر على أي طرف».

 

 

وعلى الرغم من أن استقالة رئيس الوزراء الأثيوبي، الخميس 15 فبراير، لبّت مطالب الشعب الذي بدأ تظاهراته ضده منذ حوالي ثلاثة أعوام، إلا إنه يترك العالم في ترقب أمام عدد كبير من الملفات الأخرى التي لم لحسم بعد.


 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة