حملات مكثفة للحد من الزيادة السكانية
حملات مكثفة للحد من الزيادة السكانية


«ماراثون» مواجهة الانفجار السكاني.. يبدأ بـ «100 ألف» مولود

أميرة شعبان

الأربعاء، 28 فبراير 2018 - 10:36 م

- الصحة: حملات التوعية وانخفاض معدلات الزواج والحالة الاقتصادية وراء التراجع

سنوات طويلة عانت خلالها مصر من زيادة معدل النمو السكاني، حتى وصلنا إلى المرتبة الثالثة عشرة عالميًا في تعداد السكان بواقع 104 ملايين نسمة، وبزيادة بلغت 22 مليون نسمة في السنوات العشر الأخيرة وحدها، لتلتهم تلك الزيادة في طريقها الكثير من محاولات الإصلاح والتنمية على كافة الأصعدة خاصة الاقتصادية، في الوقت الذي لاتزال فيه الحرب قائمة حول إمكانية إطلاق وتطبيق قانون «تنظيم الأسرة»، كمحاولة لمواجهة الزيادة الملحوظة، إلا أنه وخلال الأيام القليلة الماضية أضاءت وزارة الصحة بارقة أمل جديدة لتعلن عن تراجع أعداد المواليد بواقع 100 ألف مولود، ليبلغ عدد المواليد 2.5 مليون مولود جديد خلال عام 2017، مقارنة بـ 2.6 مليون عام 2016، كما تراجعت معدلات الزيادة الطبيعية إلى 27 ألفا بدلاً من 28، مما يضع الدولة أمام فرصة من الضرورة استغلالها جيداً.. وخلال السطور القادمة تحاول «الأخبار» مناقشة تداعيات تلك الخطوة وكيفية استثمارها خلال الفترة القادمة.

 

في البداية يؤكد د. طارق توفيق، نائب وزير الصحة، أن الانخفاض في عدد المواليد خلال العام الأخير له ثلاثة تفسيرات، الأول وجود حملات تنظيم أسرة وقوافل طبية بشكل ملحوظ بمختلف محافظات الجمهورية، خاصة ذات الكثافة العددية أو الإنجاب الكلي المرتفع، أما التفسير الثاني فهو الحالة الاقتصادية للبلاد بشكل عام، مما جعل الأسر تعي هذا الأمر بنفسها وتلجأ لآليات التنظيم في محاولة للتأقلم مع الأوضاع الاقتصادية بشكل فعّال، بينما يعود التفسير الثالث إلى انخفاض حالات الزواج خلال الأعوام القليلة الماضية، فيوضح أن عام 2017 كان الأقل في نسب الزواج مقارنة بالعامين السابقين له.

«خطوات جادة»

يضيف نائب وزير الصحة أن الفترة القادمة تتطلب من الجميع التكاتف من أجل السعي وراء تقليل معدل النمو السكاني، وأنه في سبيل ذلك تم وضع خطوات جادة لمواجهة قضية تزايد السكان، ويأتي على رأسها تكثيف حملات التوعية مستغلة كافة القنوات من السوشيال ميديا أو التليفزيون والراديو، أو الصحافة أو حتى النزول مباشرة للأسرة عن طريق طرق الأبواب لتوعيتهم.


ويوضح «توفيق» أن الخطوة الثانية تتمثل في إيصال وسائل تنظيم الأسرة لكافة الأسر بمختلف المحافظات، خاصة بالمناطق الفقيرة والمحرومة والأكثر في معدل الزيادة السكانية، ويشير إلى أن الخطوة الثالثة تكمن في العمل بجد على خصائص السكان أنفسهم، سواء من ناحية محو الأمية أو محاربة البطالة وغيرها، ويؤكد أن الالتزام بتلك الخطوات يعنى وجود توقعات كبيرة بانخفاض معدل المواليد بشكل ملحوظ فتستهدف الاستراتيجية السكانية الوصول إلى ١١٢ مليون نسمة بدلاً من ١٢٨ بحلول عام ٢٠٣٠، لتوفر على الدولة نحو ٢٠٠ مليار جنيه.

«دور الإعلام»

يؤكد د. محمود علم الدين، عضو الهيئة الوطنية للصحافة، أنه على الإعلام في الوقت الحالي مناقشة قضايا الزيادة السكنية وتنظيم الأسرة بشكل مباشر لكن باستخدام الحجة الواضحة بما يتفق مع ظروف الحياة والواقع، فتعتمد رسائله على توظيف المنطق مع البعد عن أساليب الترهيب كالتركيز على فكرة حرمان الطفل الثالث للأسرة من الخدمات والتعليم الرسمي.


ويشير «علم الدين» إلى أنه يجب مناقشة القضية بطريقة لا تصطدم بالثوابت المجتمعية والمعتقدات التي توجد داخل كل بيت مصري، إلا أنه يجب التنويه على ضرورة التخلص من بعضها مثل مبدأ أن إنجاب «الولد» هو الأساس والغاية من الزواج، ويضيف أن حملات التوعية عليها أن تظهر بقوة من وقت لآخر من أجل تذكير الأسر بأهمية التنظيم خاصة أن ذلك يؤثر على ميزانية الدولة.

 

«تكاتف الجهات»

أما د. إيهاب الدسوقي رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات، فيؤكد أن انخفاض معدل المواليد يؤدي بطبيعة الحال - على المدى الطويل - لانخفاض معدل الزيادة السكانية، وهو أمر في صالح عملية النمو الاقتصادي، نظرًا إلى أن الزيادة السكانية تلتهم جزءًا كبيرا من اقتصاديات الدولة، ويضيف أن انخفاض معدل الوفيات أيضاً يعد مؤشرًا جيدًا عن تحسن الخدمات الصحية، على الرغم من أننا في أمس الحاجة إلى انخفاض المزيد من معدل المواليد والوفيات على أرض الواقع.

 

ويوضح «الدسوقي» أنه يجب أن يكون هناك تكاتف بين جهات الدولة المختلفة للعمل على الوصول للانخفاض المرجو، فمن جهة لابد من إنتاج المزيد من وسائل منع الحمل وإيصالها لكافة الأسر بكل النجوع والمحافظات، مع إطلاق سلسلة من حملات التوعية من وقت لآخر، ويضيف قائلاً «قديمًا كانت الدولة تطلق إعلانات في التليفزيون وكان لها تأثير كبير على المواطنين فيجب إعادة إنتاجها مرة أخرى وبشكل مكثف».

 

من جانبه يشير د. رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، إلى أن انخفاض المواليد وتراجع معدل الزيادة السكانية، لن يؤثر بشكل جدي على الحالة الاقتصادية بشكل مباشر إلا في حالة وجود سياسات وإجراءات مستدامة ومتواصلة على مدار عدة سنوات متتالية، أما حالات الانخفاض التي تحدث نتيجة ظروف معينة خلال السنة، فبالرغم من إيجابياتها إلا أنها لا تؤثر بشكل كبير على الحالة الاقتصادية.

ويضيف «عبده» أن الشعب المصري يتميز بمرونته في تطبيق السياسات والخطط الواضحة إذا ما اقتنع بها، لذا فإن الدولة عليها دور كبير فى رسم خطط متكاملة تعتمد على مخاطبة عقل الشعب.

 

«تفكير مختلف»

وعلى الجانب الآخر يرى «د.رشاد» أنه ليس علينا دائمًا النظر إلى الزيادة السكانية على إنها عبء كبير، بل من الممكن أن نغير تفكيرنا لننظر إليها على أنها «ثروة بشرية»، وهنا ستبرز قوة الدولة عندما تتمكن من استغلال تلك الثروة، فتحول المواطنين من مستهلكين إلى منتجين، ويضيف «عبده» أن مصر من الدول الذكية نظرًا إلى نسبة الشباب المرتفعة بها، وهو ما نحتاج إلى ترجمته لبرامج وسياسات فعّالة نقضي من خلالها على البطالة.


 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة