صورة مجمعة لرؤساء الولايات المتحدة الأمريكية و قطر وإيران
صورة مجمعة لرؤساء الولايات المتحدة الأمريكية و قطر وإيران


«الدوحة لا تعرف العهود».. باعت إيران من أجل أمريكا

آية سمير

الخميس، 01 مارس 2018 - 10:20 م

العديد من التساؤلات حول ولاء الدوحة لأي من الدول التي تجمعها بها علاقات اقتصادية ودبلوماسية وثيقة، ليس من السهل منعه أو إغفاله، خاصة مع السلوك القطري المتجاهل لمساعي التصالح والعودة للمبادىء العربية، وذلك ليس مع دول الرباعي العربي فقط، بل حتى مع الحليف الإيراني الذي شددت الدوحة أكثر من مرة على أن العلاقات معها تشهد تقاربا ملحوظا ومضاعفا في الفترة الأخيرة.

 

ففي بيان رسمي نشره البيت الأبيض على موقعه لتوضيح تفاصيل المكالمة الهاتفية التي جمعت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والأمير القطري، الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، تم التأكيد على أن الزعيمين اتفقا على "التصدي للأنشطة الإيرانية المزعزعة للاستقرار وهزيمة الإرهابيين والمتطرفين".


وجاء في نص البيان المنشور على الموقع الرسمي للبيت الأبيض، بتاريخ 28 فبراير، إن "الرئيس دونالد ترامب تحدث مع الأمير تميم بن حمد آل ثاني، حيث ناقشا التطورات والفرص الإقليمية لزيادة تعزيز الشراكة بين البلدين في عدد من القضايا الأمنية والاقتصادية، وشكر الرئيس الأمير على قيادته في إبراز السبل التي تمكن جميع دول مجلس التعاون الخليجي من التصدي بشكل أفضل للأنشطة الإيرانية المزعزعة للاستقرار وهزيمة الإرهابيين والمتطرفين، واتفق القادة على أهمية التعاون الإقليمي ومجلس التعاون الخليجي الموحد للتخفيف من حدة التهديدات الإقليمية وضمان الازدهار الاقتصادي للمنطقة."


المصالح أولا..

يبرز ذلك تناقض السلوك القطري مع التعامل مع حلفاءها أو حتى خيانتهم أحيانًا، إن كان ذلك يعزز مصالحها وعلاقاتها الدبلوماسية مع دول أو قوى أخرى، ويمكن القول بأن المصالح دائًما تفوز وفقًا للحسابات القطرية.


العلاقات الإيرانية- القطرية شهدت الكثير من التقارب دبلوماسيًا واقتصاديًا في الفترة الأخيرة، خاصة بعد قطع العلاقات الدبلوماسية بين الدوحة ودول الرباعي العربي "مصر، البحرين، الامارات والسعودية" في 5 يونيو 2017 عقب اتهامها بدعم وتمويل الارهاب والجماعات المسلحة في المنطقة، بالاضافة لإغلاق الموانئ والمجالات الجوية و المياه الاقليمية أمام الملاحة من وإلى قطر.

 

وفي تقرير نشرته صحيفة الشرق القطرية في أغسطس 2017 بعنوان "العلاقات القطرية الإيرانية تخدم التعاون والإستقرار" تم التأكيد على أن إيران مهدت مجالاتها الجوية والبحرية لقطر لتسيير رحلات الطيران ونقل البضائع والاتصال مع العالم الخارجي، كما ارتفعت معدلات التبادل التجاري بين قطر وإيران إلى 5 مليارات دولار. 

 

ووصف التقرير العلاقات الايرانية القطرية بأنها "متوازنة" ولم تصل أبدًا إلى حد "الخصومة" بين البلدين، بل إنها تشهد تعاونًا وتقارب ملحوظ ومتصاعد.

 

وأشار التقرير إلى أن مستقبل العلاقات بين البلدين سيكون "واعدًا وقويًا" وذلك لدعم طهران لحليفتها القطرية في الفترة الأخيرة ووقوفها بجانبها وفتح مجالها الجوي أمام الطائرات من وإلى قطر، بالإضافة للإعلان عن تخصيص موانئ لتصدير ما تحتاجه الدوحة من مواد غذائية وغيرها. 

 

وأكد التقرير على أن هذا "سيبقى هذا الموقف الإيراني المساند لقطر والحاضر دائًما في حسابات الدوحة، وهو ما يساهم في تعزيز العلاقات لاعتبارات سياسية وجغرافية عديدة."


العلاقات التجارية بين قطر وإيران

 

يشير تقرير نشرته صحيفة "فاينانشيال تريبيون" الإيراني، الناطق باللغة الانجليزية إلى أن صادرات طهران غير النفطية إلى الدوحة، ارتفعت في السبعة أشهر الأخيرة من عام 2017 بنسبة 117.5%، حيث بلغت قيمة السلع حوالي 139 مليون دولار، وذلك وفقًا لتقارير إدارة الجمارك الإيرانية.

 

وأكد التقرير أن السلع الغذائية والزراعية جاءت على رأس الصادرات الأيرانية لقطر، كما سجلت قيمة "القار" الذي تم تصديرة فقط حوالي 28 مليون دولار، محققًا بذلك أعلى زيادة في قيمة سلعة واحدة من إجمالي السلع التي تستوردها الدوحة من حليفتها.


يأتي بعد ذلك العديد من السلع الغذائية الأخرى مثل الطماطم التي تم استيرادها بحوالي 6.61 مليون دولار، بالإضافة للحليب الذي حقق 4.1 مليون دولار، و الخيار (3.9 مليون دولار) و البطيخ الذي استوردته الدوحة من إيران بتكلفة 3.8 مليون دولار خلال سبعة أشهر فقط، وتحديدًا عقب قطع العلاقات الدبلوماسية مع دول الرباعي العربي.


من جهتها قامت الدوحة بتصدير منتجات غير نفطية لطهران خلال شهر واحد فقط بتكلفه بلغت حوالي 50 مليون دولار، وهي زيادة قدرها الموقع الإيراني بحوالي خمسة أضعاف.


وألقى الموقع الضوء على تصريحات وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في سبتمبر الماضي خلال زيارته للعاصمة الفرنسية باريس، الذي أكد فية أن الإقتصاد القطري يتقرب كثيرًا يومًا بعد الآخر من الاقتصاد الايراني، ويشهد تعاونًا مثمرًا.


كما اشار التقرير أن العلاقات الاقتصادية لا تقتصر فقط على الصادرات المتبادلة بين كلا البلدين، بل إن قائمة التعاون تشمل التعاملات البنكية والتجارة والنقل.


وخلال لقاء جمع بين وزير الصناعة والتجارة الإيراني، «محمد شريعتمداري» ونظيره القطري «أحمد بن جاسم آل ثاني» في نوفمبر 2017، اقترح الثاني رفع حجم التبادل التجاري البيني من أقل من مليار دولار إلى 5 مليارات دولار، أي بنسبة 5 أضعاف. جاء ذلك وفق التصريحات التي أعلنها الوزير الإيراني من خلال وكالة أنباء "فارس".


وخلال اللقاء، أكد بن جاسم لنظيرة على أن «إيران تلعب دورًا مهما في وصول السلع من الدول الأخرى ومنها تركيا وجمهورية أذربيجان إلى قطر برا». وبحسب الوكالة فإنه تم نتيجة هذا الاجتماع الاتفاق «على زيادة حجم التبادل التجاري بين إيران وقطر وإزالة جميع العقبات التي تعترض سبيل تنمية العلاقات».


وأوضح الوزير القطري في تصريحاته، أن حجم التبادل التجاري بين البلدين شهد نموا لافتا، وازداد حجم صادرات المنتجات الغذائية والمواد الإنشائية من إيران.

 

والحقيقة أن العلاقات القطرية الايرانية ليست وليدة اللحظة، إلا إن البلدين كانت تجمعهما علاقات وطيده برزت من خلال العديد من المناسبات والتصريحات الهامة الصادرة من قِبل مسئولين في كلا البلدين.


ويمكن ارجاع تحسن العلاقات بين البلدين منذ عام 1999 حينما قام الرئيس الإيراني محمد خاتمي بزيارة هامة للدوحة تم توقيع عدد من الاتفاقيات الهامة فيها بين البلدين بالإضافة لتأكيدة على دعم إيران للدوحة لاستضافة مؤتمر القمة الإسلامية حينها. كما نسق الرئيسين خلال تلك الزيارة دعم حركة حماس الفلسطينية، الأمر الذي ظهرت نتائجة واضحة في الفترة التي أعقبت ذلك.


وشهد عامي 2000 و 2006 زيارات رسمية لأمير قطر للعاصمة طهران حدث خلالهما العديد من أوجه التقارب، وفي عام 2007 قامت قطر بتوجيه دعوة رسمية للرئيس الإيراني في ذلك الوقت محمود أحمدي نجاد، لحضور مؤتمر قمة الخليج الثامنة والعشرين في الدوحة كضيف شرف، وهو الأمر الذي أثار دهشة الجميع في ذلك الوقت.


ومنذ ذلك الحين فإن العلاقات الايرانية القطرية في تحسن وتقارب مستمر، الأمر الذي يدفع بالكثير من التساؤلات حول ولاء الدوحة لأي من الدول التي تجمعها معها علاقات دبلوماسية أو اقتصادية جيده، خاصة مع التصريحات الرسمية الأخيرة التي نشرها موقع البيت الأبيض والتي أكدت أن الشيخ القطري يتحالف مع نظيره الأمريكي لوقف النفوذ الايراني "المزعزع" لإستقرار المنطقة والداعم للإرهاب بحسب البيان.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة