الغلابة يفترشون الأرض أمام معهد الأورام
الغلابة يفترشون الأرض أمام معهد الأورام


على رصيف معهد الأورام.. الغلابة في انتظار «الموت» أو «جرعة كيماوي»

نشوة حميدة

الأحد، 04 مارس 2018 - 05:52 م

 

•     250 ألف مريض يترددون على المعهد سنويا.. ومرافقو المرضى يفترشون الأرض في انتظار «الدور»
•     «خديجة».. 3 سنوات «كعب داير» من الإسماعيلية للقاهرة بسبب «سرطان الغدة»
•     «ولاء».. فتاة تتحدى سرطان الثدي.. و«الحاجة سعاد».. تصارع المرض الخبيث منذ 20 عاما 
•     أسرة «أم جرجس»..من الصعيد للقاهرة «رايح جاي» من أجل «جرعة كيماوي»

أجساد منهكة جمعهم المرض الخبيث في طابور الموت.. بسطاء يكسي الألم ملامحهم لكنهم قرروا خوض معركة العلاج متسلحين بالإيمان والأمل والدعاء.. متشبثين بأخر فرصة حياة.

في المعهد القومي للأورام، تتجسد مآسي آلاف المرضى الذين جاءوا من كل حدب وصوب بمصر، لاستكمال رحلة العلاج أملا في الشفاء، ولكن القلوب تواري الأكفان وراء الأمل.

«شباك التذاكر»

رحلة العلاج في المعهد القومي للأورام تبدأ من شباك التذاكر، فهناك يصطف مئات الغلابة في طوابير لقطع تذكرة الفحص بـ10 جنيهات، ومن ثم الحصول على جلسة كيماوي.

«على الرصيف»

على سلالم المعهد، وأرض قاعة الاستقبال، والمبنى القديم المخصص للفحص، ينتظرون دور الدخول إلى غرفة العمليات.

اقتربت «بوابة أخبار اليوم» من المرضى لترصد مآسيهم وأوجاعهم، بعد معايشتهم لمدة يوم كامل في أشهر معهد لعلاج الأورام بمصر والذي يحتضن أكثر من 250 ألف مريض سنويا، بينهم 25 ألف حالة جديدة، وأكثر من 900 مريض يوميًا -بحسب تصريحات سابقة لمدير المعهد- ونرصد في السطور التالية حكايات ترويها قلوبهم.

«كعب داير» 

القلق والانتظار.. هما السمة الغالبة على وجوه جميع المرضى الذين اقتربنا منهم، وبدا ذلك على وجه «خديجة» أو «أم محمد»، التي تقطع عشرات الأميال في رحلة تتكرر 3 مرات أسبوعيًا، من قريتها في أقصى الإسماعيلية حتى معهد الأورام بقلب القاهرة.

ظهرت «خديجة»- صاحبة الـ46 عاما- وهى تحمل «كيسا بلاستيكيًا» مكدسا بالأشعة والروشتات وأوراق العلاج على نفقه الدولة، وبالسؤال عن حالتها، قالت إنها اكتشفت مرضها بسرطان الغدة الدرقية قبل 3 سنوات.

وأضافت لـ«بوابة أخبار اليوم»: «اتعذبت كتير في مستشفيات الإسماعيلية، لحد ما روحت لدكتور في البلد حولني لمستشفى السلام، وهناك حولوني لهنا، وفضلت كعب داير بقالي 3 سنين».

وذكرت أنها تأكدت من مرضها بالسرطان بعد إجراء 4 فحوصات طبية، مضيفة: «بعد 10 مرات كشف، و4 أشعة، كانت الصدمة، لما الدكاترة قالولي انتى مريضة سرطان»، مضيفة: «عملت عمليتين لاستئصال الغدة، بس المرض انتقل للقصبة الهوائية».

سألناها أيضًا عن رحلة العلاج في المعهد، فقالت «خديجة»: «بقالي 3 سنوات بتعالج في المعهد، وعملت 3 عمليات، إلا أن المرض الخبيث عاد يطل بوجهه القبيح مجددًا».

وأضافت: «في الأول، قالولي عندك سرطان الغدد، وشالوا واحدة كانت مصابة، وسابوا واحدة، بس المرض رجعلي تاني، ودلوقتي سحبوا مني عينة للتأكد من رحيل المرض بلا رجعة».

وتابعت ببسمة خفيفة: «جمالي راح، وشكلي اتغير بعد العمليات، ربنا ياخد بإيدينا جميعًا»، مختتمة حديثها معنا بكلمات الحمد والثناء لله.

«سرطان الثدي»

أما «ولاء».. فهي فتاة في عمر الزهور، جاءت من الشرقية برفقة والدها الذي خيم الحزن على ملامحه، حاملة آلام طفلة تواجه المرض الخبيث مع أبيها.

وبسؤالها عن موضع الألم، قالت صاحبة الـ14 ربيعًا بصوت مرتجف: «قالولي عندك ورم في الغدة الليفية في صدري».

وكشفت عن بدايات رحلتها مع المرض، قائلة: «في الأول حسيت بوغزة ووجع في صدري من غير سبب، كنت بصحى بالليل أصرخ من شدة الألم، اتكسفت أقول لماما وبابا، بس لما الوجع اشتد عليا سمعوني وأنا بصرخ، وروحت لدكتور في البلد، قال لبابا أنا شاكك فيها».

ومن لحظة الشك إلى حديث الطبيب، تأكد للأسرة إصابة «ولاء» بسرطان الثدي، وعن ذلك يقول والدها: «ولاء بنتي الوحيدة علي ولدين، بموت في كل لحظة بتقول فيها أه أو الحقني يا بابا، مكنتش متخيل مرضها بسرطان الثدي.. ادعولي ربنا يشفيهالي».

«20 عاما» 

ومن الطفلة ولاء إلى الحاجة «سعاد» التي اصطحبتها جارتها «أم سعد» مع ابنها «محمد»، من بيتها بإمبابة إلى معهد الأورام، من أجل الحصول على «جرعة كيماوي» تسكن الوجع، بعد فاجعة انتفاخ جسدها الذي التهمته أمراض القلب والسكر، وأخيرًا سرطان الثدي.

وقالت «أم سعد» :«جارتي مريضة بسرطان الثدي، بنيجي من إمبابة، والدكاترة هنا قالولنا مرض خبيث بس احنا خبينا عليها».

فيما كشف نجلها «محمد» تفاصيل الحالة الصحية لوالدته، قائلًا: «أمي بتعاني من 20 سنة مع السرطان، عرضناها على الدكاترة قالولنا اعملوا أشعة الطب النووي، بعد كده الدكتور المعالج، قالي والدتك حالتها متأخرة والجرعة مش هتفيد، وأيامها معدودة، الدكاترة شكوا انتقال المرض لجسدها بالكامل».

واستطرد: «3 سنوات من العلاج في المعهد بعد رحلة العلاج بالخارج»، وانتهت الرحلة بنصيحة الطبيب المعالج لنجل «الحاجة سعاد»، بعد أن قال له: «والدتك حالتها متأخرة، ربنا يريحها».

أسرة «أم جرجس».. رحلة أسبوعية من الصعيد «الجواني» من أجل «جرعة كيماوي»

وعلى بعد أمتار من المبني الجديد للمعهد، افترشت أسرة الحاجة «أم جرجس» القادمة من الصعيد «الجواني»، الأرض، وجلست العجوز المريضة على ملاءة رفقة زوجها، ونجلها، وزوجة نجلها، وأخيرًا حفيدتها بعد أن قرروا مساندتها قبل لحظات من دخول غرفة العمليات.

وتصدرت حقائب الأسرة الصعيدية المشهد، فإحداها بها بطانية وأخرى بها ملابس للمريضة، وثالثة تحتوى على مأكولات وعصائر، تسد بها رمقها قبل لحظات من استئصال الرحم.

وفتحت أم جرجس، قلبها لـ«بوابة أخبار اليوم»، قائلة: «بنيجي كل أسبوع، الدكتور قالي كلى جبنة واشربي عصير، كنت باخد كيماوي، بس عندي عملية في الرحم دلوقتي، ادعيلي يا بنتي».

وحرصت «العجوز» التي تواصل رحلة العلاج المؤلمة من أجل فرصة حياة، على وداعنا قبل دخولها العمليات، قائلة: «مع السلامة.. ادعولي».

ما سبق ليست إلا مشاهد رصدت جانبًا من أوجاع مرضي، في محاولة من «بوابة أخبار اليوم» لوضع ملفاتهم أمام المسئولين عن ملف العلاج، والتخفيف عنهم وحشة المرض الخبيث.

 


 

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة