ياسر رزق
ياسر رزق


ورقة وقلم

ياسر رزق يكتب: روابط الثقة.. من ٢٦ يوليو إلى ٢٦ مارس

ياسر رزق

السبت، 17 مارس 2018 - 08:31 م

 

بعد أسابيع من نزول التفويض الحاشد يوم ٢٦ يوليو ٢٠١٣، سألت الفريق أول عبدالفتاح السيسى: هل كنت تتوقع هذا الخروج الكبير الذى فاق فى عدده ٣٠ مليون مصرى، بعد ٤٨ ساعة فقط من دعوتك للجماهير إلى النزول لتفويضك فى مواجهة العنف والإرهاب المحتمل؟
قال بهدوء: بكل أمانة.. كنت أريد أكثر من ذلك.
أدهشتنى إجابة السيسى يومئذ فسألته: تقول ذلك برغم خروج عشرات الملايين بهذا الحشد غير المسبوق.. ألم تفكر فى احتمال عدم نزول الجماهير؟
أجاب بابتسامة: لم يساورنى الشك لحظة واحدة. كنت متأكدا من نزول الجماهير. لأنى أشعر أن بينى وبينها «عشم وخواطر».
يومها كسب الفريق أول السيسى أحد رهاناته المبكرة على شعب مصر.
واليوم.. يبدو أن الرئيس السيسى سيربح رهانه الجديد على الشعب، فى انتخابات الرئاسة، والمؤشرات من حجم الإقبال الهائل فى تصويت المصريين بالخارج، فاجأت الجميع، إلا رجلا واحدا، هو عبدالفتاح السيسى.
لماذا؟.. إنها رابطة القلوب بينه وبين الناس.
< < <
منذ أيام.. سمعته يقول: لو نزل كل الناخبين، وقال ثلثهم: لا، أشرف عندى وأكرم من أن ينزل نصف الناخبين حتى لو قال كلهم: نعم.
كان ذلك أثناء زيارته لمركز المعلومات وإدارة الأزمات بوزارة الداخلية يوم الأربعاء الماضى.
هكذا ينظر الرئيس عبدالفتاح السيسى لانتخابات الرئاسة.. إنها نسبة إقبال على الصناديق، لا مجرد نسبة تصويت لمرشح.
هكذا يؤمن الرئيس، بأن المهم فى الانتخابات أن تعبر بعدد الناخبين عن مكانة البلد، لا أن تعبر بعدد الأصوات عن منزلة مرشح.
صورة مصر أمام العالم هى الأساس فى دعوة السيسى للناخبين للنزول إلى اللجان، أيا كانت اختياراتهم، بغض النظر عن حجم الأصوات التى سيحصل عليها.
فى ٢٦ يوليو ٢٠١٣، كان السيسى يريد من نزول الجماهير، ليس مجرد التفويض فى مواجهة العنف والإرهاب، وانما تجديد وتأكيد الإرادة الشعبية فى التغيير أمام العالم، بعد ارتفاع أصوات تشكك فى هذه الإرادة.
وفى ٢٦ مارس ٢٠١٨، يريد السيسى من نزول الناخبين، ليس مجرد التصويت فى الانتخابات، وإنما تعزيز صورة مصر الجديدة أمام العالم، صورة شعب أراد الحياة.
العالم يرانا بلدا ناهضا. شعلة عمل ونشاط وإنجاز. شعبا يبنى ويعمر فى كل بقعة من أراضيه. لكن البعض فى هذا العالم لا تروقه الصورة، ويحاول تشويهها بادعاءات ومزاعم، بغرض الإقلال من التجربة المصرية والإساءة إلى الشعب والقيادة.
إذن الذى يكمل ملامح الصورة ويعززها، هو النزول الكثيف إلى اللجان من اليوم الأول، والإقبال الكبير على الصناديق أيا كان اتجاه التصويت.
< < <
مفاجأة الجمعة الحاشدة من جانب المصريين بالخارج، أثلجت صدور المصريين على أرض مصر، وأطلقت فى نفوسهم شحنات نشاط وترقب لحلول موعد التصويت بالداخل أيام ٢٦ و٢٧ و٢٨ مارس.
على شاشات التليفزيون ومواقع التواصل الاجتماعى وصفحات الجرائد، شاهدنا فيديوهات وصورا تظهر حجم الإقبال الهائل غير المسبوق على تصويت الناخبين بالخارج منذ اليوم الأول. رأينا من استقلوا الطائرات فى استراليا آلاف الكيلو مترات من البلدات التى يقيمون بها إلى مقر القنصلية المصرية ليدلوا بأصواتهم، شاهدنا طوابير تمتد عدة كيلو مترات أمام مقار السفارات والقنصليات المصرية فى السعودية والكويت والإمارات، وحتى فى قطر شاهدنا المصريين يغنون «قالوا أيه علينا دولا» وهم يقفون فى انتظار حلول دورهم للتصويت.
ولعلها من المرات القليلة التى أسعدت فيها بنعيق أسراب الغراب وعواء قطعان الذئاب الإخوانية على الفضائيات ومواقع التواصل، وهم لا يجدون ما يقولون أمام مشاهد إقبال المصريين المقيمين بالخارج على لجان الانتخابات وهم يحملون أعلام مصر وصور الرئيس ولافتات التأييد وينشدون الأغانى الوطنية التى تحرق الجلود الإخوانية السميكة. لم يستطيعوا أن يقولوا إن مئات الآلاف بل الملايين من المغتربين، خرجوا من منازلهم قسرا، وذهبوا إلى اللجان تحت التهديد، أو أن يقولوا إنهم مجموعات من المخبرين جىء بهم لتلتقط لهم الصور الخادعة!
ما استطاعوا قوله هو كيل السباب لمصر والمصريين، وكان العرب لهم قبل المصريين بالمرصاد فى شبكات التواصل الاجتماعى، فهم يحقدون على الشعب الذى أسقطهم من السلطة وأزال عنهم السلطان بعد ما أفسدوا فى البلاد، وهم يجحدون الوطن لأنهم لا يعرفون معنى الوطن ولا يؤمنون بوطنية.. قلوبهم مريضة، وأياديهم ملطخة بدماء المصريين.
< < <
مؤشرات التصويت بالخارج فى أول يومين، تنبئ ببشائر طيبة فى حجم إقبال الناخبين بالداخل الأسبوع المقبل.
لكن لا ينبغى الركون إلى هذا الاعتقاد، فقد يرى البعض أن المصريين بالخارج نابوا عن ناخبى الداخل، أمام العالم، وكفوهم مؤونة النزول!
لابد أن يكتمل مشهد هذا الأسبوع، بمشاهد الأسبوع المقبل، ليس فقط من أجل صورتنا أمام العالم، وإنما صورتنا أمام أنفسنا.
لا يمكن بعد ثورتين أن نبدو سلبيين، نفرط فى حقنا فى اختيار من نريد لرئاسة الجمهورية، ونقصر فى واجبنا تجاه وطننا.
المقاطعة ليست سياسة، فالسياسة تعبير إيجابى عن موقف، إنما المقاطعة انتهاك للسياسة وعدوان على الديمقراطية.
قد يلجأ إليها أتباع جماعة الإخوان والأسباب معروفة، لكن لا سبب لها ولا مبرر عند الكتلة الوطنية لجموع الشعب بتنوع أتجاهاته السياسية، التى التأمت فى تحالف 30 يونيو.
ربما يفكر البعض فى عدم الذهاب إلى اللجان، ضيقاً من وضع ما، أو عتباً على موقف ما.
وربما يفكر البعض فى العزوف عن التصويت اطمئناناً إلى انحسار أخطار واستقرار أحوال.
وربما يفكر البعض فى البقاء بالمنازل، ركوناً إلى أن مرشحهم الذى لا يريدون سواه، فائز حتما بالانتخابات.
لكن..
أليس من يضيق أو يعتب، يعرف فى قرارة نفسه أننا نسير على الطريق الصحيح، ويعلم قطعاً أن القيادة وطنية ومخلصة ومنجزة أيضاً؟
لعله يرى فيما يعتقد وجاهة، لكن أليس من الممكن ألا تكون الصورة عنده مكتملة والمعلومات كاملة؟
أليس من اطمأن إلى ابتعاد الخطر واستقرار الأحوال، يذكر كيف كانت المخاطر والأوضاع قبل 4 سنوات مضت؟
هل لابد أن نحتشد فقط من أجل مجابهة أخطار، ونحجم إذا لاح الأمل وحل الهدوء وحان البناء؟
ثم السؤال: هل زال الخطر حقاً؟!
أيضاً.. أليس من يعتقد أن مرشحه الذى يحبه ويحترمه ويقدر عطاءه فائز حتماً، هو أجدر الناس بالذهاب إلى اللجان ليصوت له تعبيراً عن تلك المشاعر، وليحس أنه طرف فى فوزه؟
أليس من مصلحة هذا الناخب أن يفوز مرشحه فى الانتخابات بحضور كبير من الناخبين، يحفزه إلى مزيد العمل والانجاز، ويعزز ثقله الدولى وقراره الوطنى المستقل؟
< < <
قلت فى هذا المكان منذ أسابيع، وأقول إن الواجب الانتخابى ليس فرض عين، وإنما فرض كفاية على كل الناخبين.
أمام الناخب ثلاثة اختيارات لا رابع لها. إما عبد الفتاح السيسى أو منافسه موسى مصطفى موسى أو لا أحد منهما. إذا كان هذا موقفك، فاذهب الى صنديق الانتخاب، وضع الورقة بيضاء.
أيا كان رأيك. أنزل إلى اللجنة وأعط صوتك لأحدالمرشحين أو أبطله.
عن نفسى. سأذهب من اليوم الأول. وسوف أختار الرجل الذى آمنت بوطنيته الجياشة، وبإخلاصه المطلق لبلاده، وبصدق كلامه ووعوده، وأعجبت برؤيته لبلاده ولمستقبل شعبها، منذ رأيته لأول مرة.
سوف أختار الرجل الراقى المحترم، الذى يفيض إنسانية وسمواً فى الأخلاق فى كل مواقفه وتصرفاته، قبل أن أختار الرئيس صاحب الإنجازات، والقائد بطل الشعب.
سوف أختار الإنسان النقى، الذى احتضنته الطفلة حبيبة ابنة الشهيد البطل أحمد محمود شعبان، وألقت برأسها على كتفه فى براءة وطمأنينة وسكينة، وليس هناك من هو أوصل منها بالله عز وجل.
< < <
لست مع الذين يروجون لمقولة أن تصويت الخارج غير تصويت الداخل، تثبيطا للهمم وزرعاً للإحباط.
ولست مع الذين يراهنون على أن هدوء المنافسة وغياب الصخب الانتخابى سيدفع قطاعات جماهيرية الى التكاسل عن النزول.
يقينى أن الإقبال سيفوق كل توقع، وأن حشود الناخبين أمام اللجان من اليوم الأول، ستجدد المفاجآت السارة، وستقدم رسالة مصرية جديدة إلى العالم.
نزول الجماهير سيكون كثيفاً، عرفاناً بإنجاز ماض قريب، وأملاً  فى مستقبل أعرض وأرحب، وتمسكاً بقيادة كنا  نحلم بها، وجاءت بها الأقدار إلينا بعد طول انتظار.
أرى فيما يرى اليقظان، حشود الجماهير تقف أمام اللجان، تعتز بمسيرة 4 سنوات مضت، أرست فيها قواعد بناء تأخر 40 عاماً، وتستعد لمشوار 4 سنوات مقبلة لإعلاء  بناء يدفع بمصر 40 عاماً قادمة.
لا يساورنى أى شك فى أن الناخب المصرى لن يبخل بصوته، وهو يرى المقاتل المصرى يجود بدمائه.
لن يحجم الذين لهم حق التصويت عن أداء واجبهم الوطنى تجاه بلدهم، وهم يرون الذين ليس لهم حق التصويت يقدمون أرواحهم فى سبيل بلدهم.
 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة