أزمة الكلاب الضالة تتفاقم
أزمة الكلاب الضالة تتفاقم


القتل والرفق وبينهما «الخصي» كيف تواجه الدولة 18 مليون كلب ضال؟

أسامة حمدي

الخميس، 22 مارس 2018 - 04:31 م

 

•    البيانات الرسمية: 18 مليون كلب ضال بواقع كلب لكل 7 أشخاص

•    فى 2017 قرابة 400 ألف حالة عقر و65 حالة وفاة

•    الحكومة تستورد أمصال بـ80 مليون جنيه سنويا والتطعيم الواحد بـ50 دولار

•    «القمامة وإعدام الخنازير ومنع استخدام الخرطوش والتوسع بالبناء فى الصحراء».. سبب الأزمة

•    «الطب البييطرى»: فشل حلول «الاصطياد والخرطوش والإخصاء وسم الاستراكنين»

•    «الطب البييطرى» : المشكلة مستمرة بسبب القمامة

•    «الرفق بالحيوان»: بيانات الحكومة غير صحيحة وتمارس الإبادة والأساليب غير الرحيمة

•    «الرفق بالحيوان»: «استراتيجية 2030» تستحدم التوعية والتطعيم والحكومة لا تريد التطبيق

•    «الرفق بالحيوان»: الإبادة تخدم البيزنس الأسود لاستيراد الكلاب الأجنبية

لا يكاد يخلوا شارع في مصر، إلا وتنتشر الكلاب الضالة بها، وتكثر حالات «العض» وشكاوى المواطنين منها، وفي الوقت الذي يبحث فيه الطب البيطري عن حل لهذه الظاهرة معتمداً على أساليب لا تخرج في غالبيتها عن القتل، تهاجم جمعيات «الرفق بالحيوان» تلك السياسات، في محاولة منها لـ«الرفق».
 

وزارة الزراعة بما لديها من إمكانات ليست كافية لمواجهة الظاهرة فوفقاً للدكتورة حامد عبد الدايم المتحدث باسم وزارة الزراعة في تصريحات اليوم يقول: «ظاهرة انتشار الكلاب الضالة في شوارع محافظات مصر أصبحت خطيرة جدًا وتتزايد بشكل سريع، موضحًا أن الوزارة ليست قادرة وحدها على مواجهة هذه المشكلة دون تعاون من الوزارات والجهات المعنية».

وأوضح «عبد الدايم»، أن مشكلة أكوام القمامة في الشوارع تعد غذاءً وفيرًا للكلاب الضالة، لافتًا إلى التكاثر السريع لهذه الحيوانات بمعدل مرتين سنويًا.

وتابع أن وزارة الزراعة طالبت جمعيات حقوق الحيوان بالتعاون معها في حل مشكلة الكلاب الضالة بدلًا من القضاء عليهم بالخرطوش والسم، مضيفًا أن الجمعيات طالبت بتعقيم ذكور الكلاب ولكن تكاليف التعقيم وتجهيز غرف عمليات عالية جدًا ولا تؤدي لحل المشكلة.

من تصريحات المتحدث الرسمي لوزارة الزراعة تنطلق «بوابة أخبار اليوم» للتحقيق في ظاهرة الكلاب الضالة وكيف يمكن للدولة أن تواجهها بدلاً من الصراع الدائر دائماً بين «القتل والرفق».

البيانات الرسمية.. عدد الكلاب الضالة

وفقاً تقرير حديث للجمعية العامة الرفق بالحيوان في مصر قدر عدد الكلاب الضالة بالشوارع بنحو 15 مليونًا، لكن لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان أعلنت منذ أيام قليلة - وفق بيانات حكومية وردت لها - أن عدد الكلاب الضالة تجاوز الـ 18 مليون كلب؛ بواقع كلب لكل ٧ مواطنين، ويبلغ معدل الإنفاق الحكومي على أمصال وعلاجات الكلاب حوالي ٨٠ مليون جنيه سنويا.

وأعلنت الهيئة العامة للخدمات البيطرية في تقرير لها صدر مؤخرا أن إجمالي عدد حالات العقر الآدمية من الكلاب والحيوانات الضالة العام الماضي 2017 بلغت 398 ألف حالة، أن إجمالي عدد الحالات التي انتهت بالوفاة بلغت 65 حالة.

وأشار التقرير إلى ارتفاع عدد حالات العقر بسبب الكلاب الضالة خلال الأربعة أعوام الماضية من 2014 حتى 2017 وصلت إلى مليون و392 ألف حالة، بإجمالي 231 حالة وفاة.

 وأكد التقرير على زيادة عدد حالات العقر كل عام حيث بلغ إجمالي حالات العقر في 2014 300 ألف حالة، ارتفعت إلى 324 ألفا في 2015، زادت إلى 370 ألفا عام 2016، حتى بلغت 398 ألف حالة العام الماضي.

ولفت التقرير إلى الارتفاع المتواصل في عدد حالات الوفيات بسبب الإصابات بالعقر، حيث بلغ عدد حالات الوفاة 52 حالة عام 2014، ارتفعت إلى 55 حالة وفاة عام 2015، ثم واصلت الارتفاع في 2016 لتبلغ 59  حالة، بينما بلغت العام الماضي 65 حالة وفاة بسبب عقر الكلاب.

الكلاب الضالة وتجربة قتل الخنازير

وكانت الكلاب الضالة قد زادت أعدادها بشكل كبير في مصر مع بدء ظهور مرض أنفلونزا الخنازير منذ بضع سنوات، والذي قامت الدولة على إثره بإعدام جماعي للخنازير التي تنقل المرض، فتضاعفت لدينا مشكلة القمامة كانت تلتهم معظمها الخنازير.

بدأت تتراكم أكوام القمامة بالشوارع والمناطق العمرانية فأصبحت ملجأ للكلاب الضالة تتغذى عليها، كما أن التوسع في البناء والعمران للمدن الجديدة بالصحراء ساهم في جذب الكلاب الضالة من الصحراء التي كانت سكنا وملجأ أساسي لها؛ فنزلت إلى المدن العمرانية الجديدة حيث تجد الطعام المتوافر، وبالإضافة إلى توقف استخدام الدولة للخرطوش في قتل الكلاب بعد ثورة 25 يناير.

«الطب البيطري»: الحلول فشلت والأزمة مستمرة

وقال الدكتور شعبان درويش، مدير عام الطب البيطري بالجيزة سابقًا «مشكلة انتشار الكلاب في مصر سببها انتشار القمامة والمخلفات بشكل كثيف فى الشوارع وتتغذى وتعيش عليها الكلاب الضالة، وأنثى الكلب تلد من 10- 12 أو 12- 14 من المرات خلال دورة حياتها، وهى تلد مرتين خلال العام الواحد، فمعنى ذلك أن هناك عدد هائل من الكلاب الضالة بالشوارع خاصة وأنها غير مقيدة الحركة داخل البيوت، وكل منطقة أو شارع لا يقل العدد بها عن 100- 200 كلب، وهذا يعنى أننا لدينا مشكلة كبيرة تتفاقم، وكلما تأكل هذه الكلاب الطعام النيئ غير المطهى يزداد لديها السعار؛ وهو عبارة عن ميكروب يوجد في لعاب الكلب، نتيجة عدم تحصينه وإعطاءه التطعيمات اللازمة مثلما يحدث مع الكلاب التي تربى بالبيوت ويتم تطعيمها عند عمر 6 سنوات ويعاد تطعيمها سنويا».

وتابع «وعند عض الكلب المصاب بالسعار لشخص ينتقل الميكروب لجسم الإنسان ويسرى مع الأعصاب وليس الدم، وتزداد خطورته عند قرب المنطقة المصاب بها الإنسان من المخ مثل الذراعين أو الجزء العلوى من الجسم فيكون قريب من المخ أما لو العقر فى الجزء السفلى من الجسم تكون الخطورة أقل لبعدها عن المخ، وينتج عن السعار شلل فى جميع الأعصاب بالجسم وحالة من الصرع، وشلل بالأحبال الصوتية«.

واستطرد «الدولة اتجهت للتخلص من الكلاب الضالة عن طريق اصطياد الكلاب بالحبال فتتحرك سيارة لجمع الكلاب وبها صيادين ويلقى بالحبل على الكلب ويصطاده، وبعد ذلك ينقله لمنطقة نائية أو معامل، ومع كثرة عدد الكلاب فشلت هذه الطريقة، ثم اتجهت الدولة لقتل الكلاب بالخرطوش، فيقف صياد الكلاب على أول الخرابة التي بها 10 كلاب مثلا ويطلق عليهم الخرطوش، وفشلت هذه الطريقة لأن بها مخاطرة على حياة الناس فمن الممكن إصابة المواطنين بالخرطوش».

وأضاف «ثم لجأت الدولة الى استخدام مادة الاستراكنين السامة والمستوردة من الخارج، ويتم وضع نصف جرام في الفراخ الميتة أو اللحوم وخلال 3 دقائق يموت الكلب، لكنها فشلت بسبب اعتراض جمعيات الرفق بالحيوان على هذه الطريقة باعتبارها غير رحيمة وغير إنسانية».

وأوضح «الأسلوب العلمي للتعامل مع الكلاب الضالة بالخارج هو قيام لجنة من الأطباء البيطريين بتعقيم الكلاب والقطط عن طريق استئصال الجهاز التناسلي للكلب أى عملية إخصاء له والقطط استئصال الرحم للأنثى، وبذلك تقل عملية التكاثر والإنجاب لهذه الحيوانات، وتم تجريبها فى بعض الأماكن في مصر، لكنها لا تصلح للتطبيق عمليا نظرا لزيادة أعداد الكلاب بشكل كبير، وتحتاج أجهزة طبية وتعقيم وعربات متخصصة وطواقم طبية من المتخصصين في الجراحة، لكن هذه الطريقة تصلح في الدول ذات المساحة المحدودة التي يسهل حصر الكلاب بها».

وذكر «جمعيات الرفق بالحيوان اقترحت في السابق أن يتم جمع الكلاب الضالة في مكان نائي بالصحراء ويتم بناء سور لها ومنع خروجها وإطعام هذه الكلاب، لكن المقترح فشل لأن عملية جمع هذه الكلاب صعبة وتحتاج تكلفة عالية، والحلول الخاصة بإخصاء الكلب تحل مشكلة التكاثر فقط لكن الكلب يظل موجود بالشارع، ومصر ليس لديها الإمكانيات المادية ولا العددية من حيث عدد الأطباء لإجراء هذه الجراحات».

وأكد أن الكلاب الضالة ستظل مشكلتها قائمة وموجودة بالشوارع طالما تستمر مشكلة انتشار القمامة فى مصر، وإذا تم حل مشكلة القمامة ستختفي معها مشكلة الكلاب الضالة وتجمعاتها.

«الرفق بالحيوان»: البيانات خاطئة ولدينا حلول

وقالت دينا ذو الفقار، الناشطة في مجال حقوق الحيوان «بيانات الحكومة حول أعداد الكلاب الضالة في مصر غير صحيحة، والدليل على ذلك أن عدد الكلاب الأجنبية المتداولة فى محلات الزينة والمزارع وفوق سطوح المنازل وبير سلم كل عمارة في مصر حوالي 6 مليون كلب أجنبي خارج رقابة وتقنين الهيئة العامة للخدمات البيطرية، وأنا أتساءل هل لدى الهيئة حصر بعدد الماشية فى مصر، بالطبع لا يوجد لديها حصر، وكذلك لا يوجد لدى الهيئة حصر بعدد الدواجن في مصر، وبالتالي لا يوجد لديها حصر بعدد الكلاب الضالة في مصر».

وتابعت «ما يحدث فى مصر هو إبادة لكل ما هو مصري لصالح الكلاب ذات السلالة الأجنبية بدون أى رقيب وتشجيع للاقتصاد الأسود الخاص بالاستيراد، والمنظومة كارثيه في التعامل مع الكلاب الضالة، حيث يحدث إبادة للكلاب وبيانات غير سليمة محرضة من الهيئة العامة للخدمات البيطرية وتصدرها للبرلمان والإعلام، والدليل على ذلك أنهم أصدروا العام الماضي بيانا رسميا بظهور السعار فى مصر، وثبت خطأ البيان بأن السعار ظهر في محافظة الوادي الجديد في 4 بقرات، ولم يظهر في الكلاب، وكلها بقر إما مستورد أو مهرب عبر الحدود السودانية وليس مصري، والسودان ثابت فيها رسميا سعار البقر».

واستطردت «بيانات وزارة الصحة عن حالات العقر بسبب الكلاب غير صحيحة فى مصر لأن هناك فورمة ثابتة فى المستشفيات هى اسم الشخص ورقمه القومى وبجواره عضة كلب ولا يثبت نوع الكلب وسبب الإصابة؛ هل كلب مملوك لشخص أم كلب ضال أم كلب مشرس أم كلب حراسة أم كلاب يستخدمها أشخاص فى الخناقات والمعارك فيما بينهم مثلما يحدث من الشباب الذين يربون كلاب مشرسة، فلا توجد بيانات واضحة».

وأضافت «دور وزارة الصحة وقائي فإذا كانت تعلن عن أرقام حالات العقر بسبب الكلاب فلماذا لا تعلن عن منشورات توعية ووقاية لتفادى العقر والتعامل السليم للأطفال من الكلاب، وأثبت بمحضر رسمي في مستشفى القاهرة الجديدة خلال زيارتي لها لمعرفة عدد الأطفال الذين حدث لهم عقر بسبب الكلاب، ودخلت وحدة السعار وطلبت الممرضة البطاقة وبدأت تدوين بياناتي كمصابة بعقر كلب دون طلب منى بذلك وتحاول إعطائي التطعيمات التي تكلف الدولة 50 دولار، وتحرر محضر بالواقعة وهذا دليل على أن البيانات غير سليمة».

ولفتت «البيانات الخاصة بعدد حالات الوفاة بسبب عقر الكلاب أيضا غير صحيحة، لأن كلنا يعلم الكثافة العددية للمرضى فى المستشفيات الحكومية وقلة عدد الأطباء، فكيف تم التشخيص؟ ووزارة الصحة ليس لديها معامل تحليل سعار، وأنا أشكك فى هذه الأرقام».

وأكدت «الحل لمشكلة الكلاب الضالة هي منشور منظمة الصحة العالمية المعنية بالإنسان ومنظمة الصحة الحيوانية المعنية بالحيوان، ومنظمة الزراعة والغذاء، وهى إستراتيجية 2030 لإفريقيا وآسيا للقضاء على السعار نهائيا، وهى التوعية والتطعيم ضد السعار، وهى غير مكلفة على الإطلاق بل أن بنوك الصحة العالمية تعطى التطعيمات بـ 60% و80% دعم، أى ما يعادل جنيه للتطعيم الواحد».

وأوضحت «التوعية تشمل التعامل السليم الرحيم مع الكلاب الضالة لمنع أى مشكلات، والتوعية مجانا وباللغة العربية وموجودة على مواقع المؤسسات السابق ذكرها وهى أسلوب علمي مستدام، ووزارة الصحة والطب البيطري يرفضوا نشرها، ويرفضوا أيضا نشر التطعيمات الاقتصادية، ويكلفوا الدولة مبالغ باهظة فى شراء سم الاستراكنين والتي تبلغ العبوة منه 20 ألف جنيه، وهو كارثى وممنوع استخدامه لأضراره البيئية وعلى صحة الأفراد المتعاملين مع القمامة مثل جامعي القمامة أو الأطفال الذين قد تسقط الكرة التى يلعبون بها في القمامة أو جلوسنا فى الحدائق التي بها بقايا السم، وتتكبد الدولة 80 مليون دولار في التطعيمات المستوردة من الخارج، وكل ذلك يمكن تفاديه بالتوعية».

وذكرت «الحلول الخاصة باستئصال الجهاز التناسلي للكلاب نستخدمها عند وجود أعداد بالفعل ولكن لا يوجد لدينا أعداد للكلاب الضالة المسعورة أصلا وغير موجود فى التوصيات العلمية، ومتوسط عمر الكلب الضال في مصر عام ونصف، ولا يوجد له معدلات تكاثر، بخلاف الكلب الذي يتربى فى المنزل يعيش 18 عام ويلد مرتين في العام 4 أو 5، أما الكلب الضال يموت سريعا بسبب حوادث السيارات والقسوة والعنف ونقص الطعام وعدم العناية، والصغار مهم بعد الإنجاب لا يعيشوا».

وأكدت «الكلب دائما في حاله لكن اللى بيحصل بسبب التحريض ضد الكلاب الأطفال قد يقذفونه بالحجارة أو يبادروا بالعنف ضد الكلاب، والأسر تخوف أولادها بأن الكلب مسعور وهيعقرك، والتوعية تتضمن عدم المبادرة بالعنف و عدم الاقتراب منه فى حالة تناوله للطعام، أو أنثى الكلب التى لديها صغار لا يقترب منها أو ولادها وعدم الجرى أمام الكلب وإذا جرى وراءك أقف مكانك ولن يضرك، وإذا تم تطبيق ذلك حالات العقر ستنخفض 80% أو 90%».

وتساءلت «لماذا الدولة تترك الشباب الفاسد سيستخدم الكلاب الأجنبية من سلالات الهود فيلور ويهاجمون بعضهم ويروعون الأهالي؟ وشركات الأمن تستخدم الكلاب الشرسة ومن الممكن أن تعقر الأطفال أيضا، لكن التوعية تحل تلك المشكلات جميعها، والبيانات غير سليمة لأن العاملين بالمجازر قد يصابوا بحالات عقر عن ذبح البقر والجاموس والجمال ويأخذوا تطعيم السعار أيضا وفى النهاية تحسب كأنها عقر كلب، لأن السعار يصيب أي حيوان دمه دافئ، وكذلك طلبة الكليات البيطرية يأخذون التطعيم احتياطي».

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة