أحمد خالد توفيق
أحمد خالد توفيق


آخر كلمات الراحل أحمد خالد توفيق

نادية البنا

الإثنين، 02 أبريل 2018 - 10:24 م

«أشعر بأن داخلي شيطان يريد الخروج بأيّ شكل، الكتابة طريقتي في إخراجه».. هذه الكلمات آخر ما قاله أحمد خالد توفيق، قبل أن يغيبه الموت عن عالمنا بساعات قليلة، وذلك في حواره مع الكاتب عمر طاهر في برنامجه «وصفولي الصبر - عن الكتابة وأهلها».

 

لم يكن عمر طاهر يعلم أن سؤال حلقته سيكون السؤال الأخير الذي سيوجه إلى صديقه أحمد خالد توفيق، حيث كان السؤال «ما هو مفتاح شهرة وجماهيرية الكاتب فى مصر؟ وما هو الفرق بين الشهرة والنجاح؟ وما هو الطريق إليهما؟».

 

وكان أول سؤال يوجهه عمر طاهر للراحل الكاتب الكبير الدكتور أحمد خالد توفيق، عن طمع الكاتب للشهرة بعد تحقيقه لبعض الجماهيرية، فما هو السر في ذلك؟

 

فكان جواب الراحل أحمد خالد توفيق، «أن هذه الرغبة متأصلة منذ الطفولة، رغبتك في أن تكون محبوباً منذ أن كنت في الصف الأول الابتدائي، أنت تكتب لنفسك لإرضائها، تكتب وأنت في ذهنك قارئ واحد، لكن بعدها تريد أن يقرأ لك الآخرون، لكن الكاتب الناجح هو من يكتب لنفسه أولاً، وليس من يكتب من أجل الجماهيرية، وإلا سيدخل في دائرة الابتذال والافتعال».

 

لم يكن د.أحمد خالد توفيق، يتوقع هذه الجماهيرية، على العكس، كان يكتب للعلاج النفسي، للتسلية، ولتضييع الوقت، وللتخلص من هواجسه الخاصة، حتى أنه لم يكتشف هذه الجماهيرية إلا بعد كتابه العاشر، أو بعد ست سنوات من الكتابة.

 

بعض الأشخاص يكتبون فقط من أجل الشعبية، وليس من أجل الكتابة في حد ذاتها، لكن هل الشعبية مرهقة؟

 

يقول د.أحمد خالد توفيق، «أنه نال أقصى شهرة يمكن أن ينالها كاتب لأنه كان يتوجه بكتاباته إلى الشباب الذين كبروا معه، لكن بعد فترة تصبح هذه الشهرة عبئا، أنت تحت العدسات، مقيد في التصرفات، محاصر طيلة الوقت».

 

أنت تكتب لنفسك، لكنك في ذات الوقت تراودك الهواجس، هل ستظل محتفظاً بهذه الشعبية في كتابك التالي؟ أم ستفشل فشلاً ذريعاً؟

 

يوجد لدي خوف مستمر، فالكاتب المحبوب صنم يصنعه القارئ المحب، قد يكسره في أيّ لحظة، هو يقلق دائماً من أيّ نجاح جماهيري، لأنه قد يخسره في أيّ لحظة.

 

وليس كل ناجح مشهور ولا كل مشهور ناجح، كيف يمكن التفريق بين الإثنين؟

الحقيقة أنه لا يمكن التفريق بينهما، فـ«البيست سيلر» ليس مقياساً للجودة، وسائل التواصل الاجتماعي سهلت الشهرة جداً، يمكن لأي شخص أن ينشر كتابته اليوم، ويمكن لـ«البيست سيللر» أن يساوي بين العمل السيئ والعمل الجيد، لكن علينا أن نقبل ذلك.

 

وفي نفس الوقت هناك كتّاب جمعوا ما بين الاثنين، علاء الأسواني مثلاً حقق النجاح والشهرة معاً، فالزمن يفرض قواعد جديدة علينا تقبلها، أهمها أن الشهرة لا تعني الجودة.

 

ما الأمور التي يجب تجنبها عند البحث عن الشعبية؟

كل كاتب لديه حاسة تنبهه للأمور التي عليه أن يتجنبها أو يسعى إليها، والتي يمكن أن تستفز الرأي العام، بل أن أيّ جدل تتم إثارته يخدم جماهيرية الكاتب سواء سلباً أو إيجاباً، لكن على الكاتب أن يكتب ما يرضيه.

 

وهناك كتاب مشهورين جداً لكننا لا نعرف شيئاً عن أعمالهم، فصناعة الكاتب شبيهة بصناعة الزعيم، يتم تعميده بمجرد صدور 50 نسخة من عمله، وعمل حفلة توقيع له، ثم كتابة التقييمات على الـ«جود ريدز»، والعلاقات يمكن أن تصنع كاتبا مشهورا، وفن الرواية بشكل عام مراوغ، يمكن أن نقرأ رواية ناجحة جداً لكنها لا تعجبنا، لا يوجد للرواية قواعد واضحة.

 

ورجاء عليش يملك روايتين رائعتين، لكن لا أحد سمع عنهما، أشرف خمايسي لم يأخذ حقه، محمد القهار كذلك، هناك قائمة طويلة تضم أسماء لكتّاب لم يأخذوا حقهم من الشهرة رغم روعة كتاباتهم.

 

كيف أصبح كاتباً ناجحاً؟

 

الحقيقة أن هذا سهل جداً برأي د.أحمد، لكن ما ليس سهلاً هو أن تكون جيداً، ما ليس سهلاً هو هل سيعيش كتابك بعدك أم لا.

 

أيّ شيء يسعد الكاتب؟ المبيعات، الجوائز أم الجماهيرية؟ أم التعبير عن النفس بالكتابة؟

 في رأي د. أحمد التعبير عن النفس هو أهم شيء لدى الكاتب، وهذا ما يفعله دائماً، فأمتع اللحظات هي ردود أفعال القراء، عندما تتحول كتاباته إلى أشياء مؤثرة في حياتهم، وما يرعبه هو أن تذهب هذه الجماهيرية يوماً ما.

 

الشهرة، هذه الحسناء المغوية، كيف يمكن التفادي الوقوع في آسرها؟

على الكاتب تذكر أن السقوط سهل، يجب وضع ذلك في ذهنه دائماً، هو يعترف بأنه يملك دراويش ويملك كارهين، يخاف من كلمة العراب لأنها تمنحه مكانة يعتقد أنه لا يستحقها، يذكر مثلاً عندما التقط له أحمد مراد صورة في بار في إنجلترا، وأثارت غضب الجميع لمجرد تواجد زجاجات كحول في الخلفية. يومها تعجب كيف يمكن إقامة صنم بهذه السهولة، لكنه صار يفهم ذلك الآن.

 

وعن لحظات إعادة الحسابات، يتذكر د. أحمد انبهاره بتجربة عمارة يعقوبيان لعلاء الأسواني، التي أعادت الشباب للقراءة، هذه الرواية أحدثت نقلة ضخمة، بكل تأكيد، بعدها صار الشباب يحملون الكتب ويتفاخرون بقراءاتهم.

 

لماذا تكتب؟

 هذا السؤال الكلاسيكي كانت إجابته أنه يقرأ كثيراً، فيجب أن تخرج هذه الطاقة بالكتابة، الكتابة علاج نفسي، وكل كاتب له تكوين مختلف عن الناس العاديين، كما أنه مهتم بالكثير من الفنون، يقول: "أشعر بأن داخلي شيطان يريد الخروج بأيّ شكل، الكتابة طريقتي في إخراجه".

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة