لعبة الحوت الأزرق
لعبة الحوت الأزرق


خبراء النفس والاجتماع: ضحايا «الحوت الأزرق» مرضى نفسيون.. والأسرة «حائط الصد»

مؤمن عطالله

السبت، 07 أبريل 2018 - 03:15 م

تطارد ألعاب الموت الأطفال والمراهقين بين الحين والآخر، أبرزها حاليا لعبة الحوت الأزرق، التي أثارت خوف الأمهات والآباء بعد ما أثير عن انتحار شاب بسبب هذه اللعبة.

 

ألعاب الموت.. والمراهقين

خطوة واحـدة هي التي تفرق في هذه اللعبة بين الحياة والانتحار، مراحلها التي يتخطاها المراهق واحدة بعد الأخرى تعطيها التحدي ليصل إلى مرحلة النهاية وهى تحدى الانتحار.

خبراء علم النفس والاجتماع أرجعوا هذه الظاهرة، إلى التفكك الأسرى والاضطراب النفسي لدى بعض المراهقين، في ظل غياب دور الأسرة والمؤسسات التربوية في المجتمع المصري، مؤكدين أن الفراغ الثقافي والأدبي الذي يعاني منه المجتمع وغياب التربية السليمة للنشء وراء إدمان هذه اللعبة.

 

حب المغامرة.. والإدمان

يـقـول د.هـاشـم بحري أستاذ الطــب النفسي بجامـعـة الأزهر، إن لعبة الحـوت الأزرق، تستهدف مرحلة المـراهـقـة بشكل أسـاسـي، والتي يكون لدى الشاب فيها الشغف وحب الاستطلاع والمجازفة بشكل كبير جدا، تساهم في إدمان المراهق لسلوك المخاطرة في كل شيء حتى بـذاتـه والانـتـحـار، وقـد يكون لديه سـلـوك إدماني، وتستنفد طاقة المراهق وجميع جهوده العقلية.

 

مراقبة العائلة

وشدد على ضرورة مراقبة العائلة لابنها في هـذه المرحلة، وأن يكون لـلـدولـة دور فـى منع وصـــول هذه الألعاب لهم ، ويوضح أن الألعاب الخطيرة ترفع نسبة الأدرينالين فى المخ وهى مادة المخاطرة التى يفرزها الجسم ومن الالعاب التى تحفز ذلك مصارعة الثيران وغيرها ، لافتا الى أن تلك الالـعـاب تستهدف بصفة خـاصـة مــن يـعـانـون مــن الاكـتـئـاب بظن منهم انــه يعمل على تفريغ طاقتهم المكبوتة.

ويـشـدد أستاذ الـطـب النفسي عـلـى أن تماسك الأسرة يمنع ذلك مع زيادة التقارب بين الآباء والأمهات والأطفال لان ذلـك مـن شأنه المتابعة وملاحظة اى تغيير فى السلوك وعليه فتتم مـعـالجـتـه أولا بــــأول دون إعطاء المـسـاحـة لأى مـــؤثـــرات تــزيــد من حدة التغييرات السلوكية العدائية، مؤكدا أن المراهقين والمضطربين نفسيا هم الفئة الأكثر استهدافا مــن قـبـل الألعاب الالـيـكـتـرونـيـة ، مشيرا إلى أنها عبارة عن تحديات وأوامــر يوجهها القائم على اللعبة وفى النهاية تطلب تنفيذ عمل خارق يصل إلى حـد ارتـكـاب الجـرائـم ،مشددا على أهمية المراقبة والمتابعة من جانب الأسرة والتوعية بأهمية انـتـقـاء المحـتـوى حيث إن المجتمع له دور فى تنمية الدوافع العدائية لـبـعـض الأفراد في ظــل التفكك الأسرى وغياب المتابعة للأطفال.

 

مراحل خطرة

ويؤكد أن اللعبة تبدو سهلة في البداية ولكن اللاعب ينتقل مع كل تقدم إلى مراحل أكثر خطورة تنتهي بالانتحار، هكذا يمكن تعريف هذه اللعبة ، مشيرا إلى أنها مكونة من مجموعة أوامر تجعل الذي يمارسها يعتاد على طاعة أوامرها تدريجيا، وتولد لديه حالة نفسية بالانكسار حـتـى يـصـل إلــــى تـنـفـيـذ المـرحـلـة الأخيرة وهى قتل النفس ، موضحا أن الأســـبـــاب الـرئـيـسـيـة لانـتـحـار مستخدمي الـلـعـبـة هى إدمـــان المراهقين للإنترنت، بشكل يحدث تغيرات كيميائية في المـخ تتسبب في اكتئاب وقلق، بخلاف المشكلات الحياتية والضغط النفسى الـذى يـجـعـل الـــشـــاب غــيــر قـــــادر على السيطرة على نفسه ، موضحا أن هناك ٧ أعـراض لإدمـان الإنترنت تتمثل في عـزل النفس ، العصبية عند منع الإنترنت، رفض الخروج ، اكتئاب وقلق، قضاء ساعات طويلة لدرجة قلة النوم، إهمال الدراسة وقطع العلاقة بالأصدقاء.

 

سهولة التأثير

ويـضـيـف أن الجــهــاز العصبي للمراهقين لـم يكتمل نمــوه حتى في سـن ٢٠ عـامـا ، لـذلـك يسهل التأثير عليه والتحكم فيه بشكل كبير بخلاف الكبار، موضحا أنه عندما يستغرق الطفل فترة طويلة في مشاهدة العنف يتحول الأمـر إلـى مسلك منحرف ويجعله يؤدي نفس الدور دون النظر إلى العواقب، وأن لعبة الحـــوت الأزرق تثير الحماس لدى المراهق الذي تسيطر عليه اللعبة وتأخذ منه كل الوقت، وتـتـسـبـب في عـزلـتـه عــن الأســـرة وحياته الشخصية، وإهمال دروسه

وواجباته، فهذه اللعبة تمثل نوعا من الإدمان، وليس من السهل أن يتخلى الطفل أو المراهق عنها أو يتوقف عن اتباع خطواتها، فالمراهق لديه تمسك شـديـد ومبالغة كبيرة بما يريده وبرغباته التى لا يتنازل عن تحقيقها بسهولة.

 

أفكار وأضرار

يطالب استشاري الطب النفسي الأسرة بالحديث مـع أبنائها حول أخطار وأضـــرار هـذه اللعبة وأنها تسبب الأذى، مـوضـحـا أنـــه حـال قـيـام المــراهــق بـالمـشـاركـة في هذه اللعبة وملاحظة تـأثـره بها وعـدم القدرة على الإقــلاع عنها لابـد من إمداده بـالـعـلاج النفسي وإلحـاقـه بمركز للطب النفسي ويتم منعه من المـوبـايـلات والكمبيوتر والإنترنت، مشير إلى انه سوف يعانى في البداية مـن العصبية وقـلـة الـنـوم والضيق والصداع باستمرار، لكن سيتم تجاوز ذلك في النهاية، لأن المراهق يعيش مع اللعبة بكل جوانحه، وتثيره الغيرة من تحقيق الآخرين مراحل متقدمة عنه، وينصح بأن تلعب الأسرة دورا تـربـويـا وتــلاحــظ جـيـدا تصرفات الطفل، وأن تقوم المدرسة باستكمال هذا الـدور التربوي لحماية أطفالنا من خطر الانتحار.

 

حالات الوفاة

ويتفق د.جمال فرويز استشاري الطب النفسي مـع الرأي السابق، ويضيف قـائـلا إن حـــالات الـوفـاة بـسـبـب لـعـبـة الحــــوت الأزرق في مصر تعتبر قليلة نوعا ما بالمقارنة بالدول الأخرى فى المنطقة خاصة الجــزائــر والمــغــرب ولـبـنـان ، هـذه اللعبة تعتبر من الألعاب الإلكترونية الخطيرة على الأطفال والمراهقين ، لهذا يجب أن يأخذ الأهـل الأمر على محمل الجد ويحموا أبناءهم مـن هـذه الألـعـاب ، مـؤكـدا أنـه من الممكن أن تتسبب لعبة إلكترونية فى تعريض حياة الأطفال للخطر، وحـتـى إلــى دفعهم إلــى الانـتـحـار، لأن الطفل يندمج في اللعبة بشكل كامل مع مرور الوقت خلال اللعب ، موضحا أنه عند المراهقين يكون الأمـر أكثر صعوبة لأنهم بالفطرة يميلون إلــى روح التنافسية فيما بينهم، وكـل مراهق يريد أن يثبت أنه أحق بالنجاح والفوز في أى شيء حتى لو كانت لعبة إلكترونية، مما يجعله ينصاع إلى أوامـر مثل هذه الألعاب ، وللتصدي لهذا الأمر يجب على الأهل متابعة سلوكيات أبنائهم، ومراقبتهم بشكل سليم وإدماجهم فى الحياة الاجتماعية، وعدم تركهم منعزلين في غرفهم طوال الوقت.

تهديد بالقتل

جانبها، قـالـت د. سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس إن المسئولين عن هذه اللعبة يستطيعون كشف كل تفاصيل حياة القائمين بالتسجيل ومعرفة ميولهم وهل هم كاذبون أم صادقون لأنهم درسـوا علم نفس والاجتماع بشكل جـيـد ممـــا يـسـهـل عـلـيـهـم معرفة الشخص القائم بالتسجيل والسيطرة عليه بسهولة ، بالإضافة إلى أنهم يحصلون على معلومات سرية من الضحية حتى يقوموا بابتزازه به في حــال تغيير رأيـــه والانـسـحـاب مـن اللعبة، وتـهـديـده بقتل أسرته، مشيرة إلـى أن المراهقين الذين يقومون بالتسجيل في هذه الألعاب، يكونون في أغلب الأحيان أشخاصا انطوائيين، أو لديهم ضغوط نفسية نـتـيـجـة وجــــود مـشـاكـل أســـريـــة ، فبالتالي يترك العالم الواقعي ويتجه إلـى العالم الافـتـراضـي، ولحماية الأطــفــال والمـراهـقـين مـن الألـعـاب الإلكترونية الخطيرة، من الضروري مـراقـبـة الأطــفــال والــبــرامـج التى يدخلون عليها، وبالنسبة للمراهقين يجب متابعتهم بشكل غير مباشر فيما يستخدمون مـن بـرامـج على موبايلاتهم، وتوجيههم وإرشادهم.

 

فراغ ثقافي

وحــــذرت أســتــاذ عـلـم الاجـتـمـاع بجامعة عين شمس من لعبة الحوت الأزرق عـلـى كــل مستخدميها، موضحة أنـه عندما تفقد الأسـرة الدور الحقيقي للأب والأم، يصبح الأبناء في جانب آخر، مما جعلهم يتعرضون لثقافة أخـرى عكس ما تـربـوا عليها ، والأولاد فـي بعض الأحيان يتعرضون لتنشئة اجتماعية غير سوية بسبب الإنترنت والعوامل الخارجية.

وأوضحت أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن الثقافة المصرية تعاني من أنيميا حـــادة مــن حـيـث الــفــراغ الثقافي وانعدام دور المؤسسات التربوية في توعية النشء وبنائه، لافتة إلى أن هذا يؤثر على الشباب لأنه لا يجد ما يسد فراغه فيتجه إلى الألعاب الاليكترونية.

 

سر الانتحار

ويفسر د. يحيى الرخاوي، أستاذ الطب النفسي بالقصر العيني اتجاه الشباب إلى الانـتـحـار قـائـلا : إن الانتحار لا يعتبر مرضا في ذاته، الانتحار هو المـوت اختيارا، سواء كـان هـذا الاختيار بسبب أو بغير سبب، سواء تم ذلك بإفناء الجسد أم بالتسليم الساكن والـــدوران في المحل.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة