استمرار أعمال هدم مثلث ماسبيرو
استمرار أعمال هدم مثلث ماسبيرو


فيديو وصور| بعد هدم «مثلث ماسبيرو».. 400 تظلم في انتظار «رحمة» الحكومة

محمود عبدالعزيز- نشوة حميدة

الأربعاء، 11 أبريل 2018 - 11:48 م

•    الحاجة «زهر الورد» باكية: «مليش مأوي.. ونفسي في أوضة وصالة»
•    «حسن» يستغيث بالرئيس: التعويضات «غير كافية»
•    محامي المتضررين يطالب بتدخل رئيس الحكومة لإنقاذهم من التشرد
•    محافظة القاهرة ترد: الحالات السابقة لم يشملها الحصر.. وهناك من رفضت الانتقال والتعويض


سيدة عجوز بوجه شاحب تضع يدها على خدها في نظرة طويلة لمصيرها المجهول.. وطفل غارق في اللعب بين الركام غير مدرك لمشاهد الدمار.. وشاب يصرخ في وجه القائمين على الهدم، رافضًا الرحيل.. هذا ما تبقي من مشهد الإخلاء الكامل لمثلث ماسبيرو، تلك المنطقة التي تقع في وسط القاهرة، وتمتد بين شارع الجلاء، وشارع 26 يوليو، وكوبري 15 مايو، وكورنيش النيل، وتشهد أعمال إزالة موسعة لتحويلها إلى أبراج شاهقة تنافس أبراج دبي.

 

«مأساة حقيقية»

في الوقت الذي تجاوزت فيه عمليات الهدم والإخلاء بمثلث ماسبيرو نسبة الـ70%، لازال  العشرات من الأهالي يعيشون هناك، رافضين الرحيل، متمسكين بمنازلهم وعششهم الخشبية التي تفتقر أبسط مقومات الحياة، وملوحين بعقود تثبت ملكيتهم لها.

«بوابة أخبار اليوم» انتقلت إلى هناك، للوقوف على طبيعة الموقف، ورصد مأساة الأهالي الذين استقبلونا بلهفة وترحاب، مرددين جملة «الصحافة فين.. أغيثونا».

 

«مقهى ماسبيرو.. وأحلام البقاء»

في البداية، جلس العشرات من شباب المنطقة على المقهى الوحيد الذي لم تطله أعمال الهدم بعد، وبدءوا في مناقشة سبل حل أزمتهم، وسيطرت أحلام البقاء في المنطقة على الحديث، فيما أكد البعض أن حي بولاق يتعنت في صرف التعويضات لهم أو تسكينهم في شقة بمنطقة الأسمرات، بينما حصل بعض الجيران على تلك الحقوق، مهددين بعدم الرحيل دون الحصول على أي من تلك المستحقات، فيما انشغل عمال الخردة في جمع ما تبقي من مستلزمات البيوت المهدمة، من بوتاجازات، وأجهزة كهربية تركها أهالها.

 

 

«سيدات المثلث.. مأساة تتجسد على وجوههن»

وعلى الجانب الموازي للمقهى، جلست عدد من سيدات المنطقة على مقاعد خشبية، عابثات ومكتسيات الأسود، وأخذن يراقبن أعمال الهدم التي تنفذها الكراكات في صمت، راضيات بما آلت إليه الأمور من مغادرة المثلث إلى أزقة الشوارع وأسفل الكباري.

 

«الحاجة زهر»

«نروح فين يا ناس.. ملناش مأوي غير هنا».. بتلك الكلمات بدأت الحاجة زهر الورد أحمد على محروس، المقيمة في المثلث منذ 60 عاما، في سرد أزمتها، قائلة: «عايشة هنا من ٦٠ سنة مع جوزي العاجز في أوضة، أنا مريضة بالضغط والسكر والقلب».

وأضافت أن حي بولاق طالبها بإخلاء «الأوضة»-بحسب قولها- مستطردة: «قالولي اخرجي، طب أروح فين يا ناس، معييش فلوس اشتري أوضة بره، أعيش بقية عمري فين، احنا غلابة ملناش حد غير ربنا».

وتابعت: «روحت المحافظة والحي والعشوائيات، قالولي ملكيش حق، البيت هيتشال»، واستغاثت بالرئيس عبدالفتاح السيسي، قائلة: «انجدنا يا ريس، إحنا ناس فقرا على باب الله، وملناش مأوي غير هنا».

 

«التعويض.. وعقد الملكية»

والتقط منها أطراف الحديث، جارها حسن راتب عبدالعال، أحد المتضررين من عمليات الهدم، قائلًا إنه سفر أولاده الصعيد، بعد هدم جزء من بيته، مؤكدًا أنه لن يتنازل عن البقاء، إلا بالتعويض المناسب الذي يصل إلى 100 ألف جنيه.

وأضاف باكيًا: «عايش هنا من ٢٠ عاما، وأمتلك عقدًا يثبت ملكيته للمنزل»، موضحًا أنه توجه إلى الحي ونائب محافظ القاهرة لتقديم تظلم، إلا أنهم رفضوه، وطالبوه بسرعة إخلاء المكان.

وعن وعود الحكومة بالتعويض أو نقل السكان إلى الأسمرات، قال «كلام الحكومة اتطبق على ناس وناس، احنا مخدناش تعويض، ومنتظرين مصير مجهول».

 

 

 «400 تظلم.. وتدخل رئيس الوزراء مطلوب»


فيما قال عمرو هدية، محامي المتضررين، إن المشكلة تتلخص في أن ٨٠٪ من سكان المنطقة ليس لديهم أوراقا تثبت حيازتهم لتلك البيوت، وتطلب محافظة القاهرة بتلك الأوراق التي وصفها بـ«التعجيزية»، مثل «كشف عوائد» لإثبات الملكية، موضحًا أنه من الصعب وجودها، وإثبات الملكية.

وذكر أنهم قدموا 400 تظلم من حملات الإزالة في حي بولاق، 100 من أصحابها حصلوا على شقق، وباقي 300 تظلم في صندوق تطوير العشوائيات، متابعًا :« الباقي مازال ينتظر المجهول».

وعن الإجراء المنتظر اتخاذه، أوضح «هدية» أنهم سيحررون محاضر إثبات حالة، وإنذارات إلى رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، ورئيس حي بولاق، ومن ثم رفع دعوى في مجلس الدولة للمطالبة بتعويض كل فرد، لأن ما يحدث مخالف للدستور- وفقًا له-.

وطالب محامي الأهالي في نهاية حديثه لـ«بوابة أخبار اليوم»، رئيس الوزراء بالتدخل لنصرة المتضررين- وفقًا له-، ووضع آلية لحل الأزمة.

 

«رد المحافظة»


من جانبه أكد المهندس محمد أيمن عبدالتواب، نائب محافظ القاهرة، أن تلك الحالات لم يشملها الحصر الذي أجرته المحافظات في عام 2015، مؤكدا أن حالات البقاء اختارت مصيرها ورفضت الإخلاء أو التعويض أو حتى الانتقال لوحدات سكنية في الأسمرات .

وأضاف «عبد التواب» في تصريحات خاصة لـ«بوابة أخبار اليوم» قائلا: «مش أي حد من الموجودين هناك له حق ملكية الأرض، ورغم ذلك حرصنا على ترضية الكل وخاصة أصحاب الحق»، لافتا إلى أن الباقون في المثلث تم تحرير عقود بقاء لهم منذ سنوات لضمان حقهم، ويمكنهم السكن في أي مكان آخر حتى إعادة بناء المنطقة .

وكشف أن هناك 975 أسرة حصلت على تعويض مادي بواقع 100 ألف جنيه عن كل حجرة، كما تم تسكين 452 أسرة في حي الأسمرات «تمليك بقيمة 200 ألف جنيه لكل شقة تتحملها الدولة»، لافتا إلى أن تحريات المباحث ووصل الكهرباء وشهادة الجيران ضمانة إثبات ملكية الفرد للوحدة السكنية هناك في حالة عدم حيازته لأوراق رسمية .

وبالنسبة للمحلات التجارية، ذكر نائب محافظ القاهرة أنه تم تعويض أصحاب 705 محال تجاري و95 ورشة و213 مخزنا، متابعا: الدولة تكبدت كل ذلك لضمان حياة كريمة للأهالي .

وعن الحالات التي لم يتم تعويضها ماديا أبو بشقق في الأسمرات، قال نائب محافظ القاهرة: «نصطدم بحالات لم يتم حصرها في 2015، وفي ناس ملهاش حق وعاوزة تركب الموجة، والحكومة تعوض المستحقين فقط»

وأوضح أنه بعض الأهالي طالبوا بتعديل الرغبة من تعويض لتمليك والعكس، وتم الاستجابة لهم.


 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة