الخميس، 12 أبريل 2018 - 07:48 م

• انهيار أحد الأسقف «بداية» أزمة المستشفى الآيل للسقوط
• 600 ألف مواطن و50 قرية و154 عزبة يستغيثون  
• المرضى بين سندان البحث عن العلاج ومقصلة المراكز الخاصة  
• حكاية «ابتسام» تفجر بركان الغضب ونواب المركز «غياب»
• أقسام «الإنقاذ من الموت» تعمل رغم قرار الإزالة
• الحاج سيد: «زوجة ابنى ماتت في رحلة بحث عن علاج»

• كلام مجاملات «صحة القليوبية»: «اللي عايز يتعالج نروح له البيته»
 
 600 ألف إنسان يعيشون في 204 قرى وعزب لا يخشون المرض فقط بل إنهم يصابون بالرعب عندما يدركون أنهم دون غطاء طبي يدواي جراحهم ويسكن آلامهم، عندما يقع في أذهانهم مشهد وقوعهم فريسة لأطباء حولوا مراكزهم الطبية لـ«دكاكين» يقتاتون منها على أوجاع وآهات من حرمهم القدر الصحة، عندما يرون كل يوم ضحية جديدة تسقط بينهم ومعاناة تروي مأساتها الألسنة، عندما يشمون رائحة الموت التي تعكر عليهم صفو حياتهم.. أصحاؤهم مرضى بالتفكير في مصيرهم إذا أصابتهم النوائب.. أزمة كبرى أشعلت فتيلا من الغضب الذي سار بين الكبير والصغير، كما تنتشر النيران في الهشيم.. كلمات لا يمكن أن تفي  سوى جانب ضئيل لما يعانيه أهالي مركز طوخ بمحافظة القليوبية بعد إغلاق المستشفى المركزي الوحيد الذي يخدم 4 محافظات تكون الغربية خامسهم. 
سقف «الاستقبال».. بداية الأزمة

أزمة المستشفى المركزي بدأت قبل 5 أشهر من الآن، عقب انهيار سقف مبنى الاستقبال على رؤوس المرضى، ما اضطر إدارة المستشفى إلى إغلاقه كليًا، وتحويل المرضى إلى المركز الطبي بطوخ، أو مستشفى قرية العمار.

 «بوابة أخبار اليوم» ترصد الأزمة
وانتقلت «بوابة أخبار اليوم» إلى المستشفى لرصد طبيعة الأوضاع على أرض الواقع، والوقوف على القصة الكاملة لأزمة المستشفى.
في البداية، استقبلنا المرضى المتكدسين على أرصفة المستشفى منتظرين قرارًا يحل أزمتهم التي تعتبر أبسط وسائل الرعاية، وتعددت الشكاوي ما بين غياب الرعاية الصحية، ونار الأسعار في المستشفى الخاص بطوخ بعد إغلاق مستشفى الحكومة أبوابها، وكذلك قرار إعادة تشغيلها.
 
600 ألف مواطن في مهب الأمراض

قالت نادية الشيمي، من أهالي طوخ، إن شباب المركز دشنوا هاشتاجًا بعنوان #طوخ_بلا_ مستشفى، في محاولة منهم للفت أنظار المسئولين إلى أزمة إغلاق المستشفى، الذي يخدم ٦٠٠ ألف نسمة، و٥٠٠ قرية، و١٥٤ عزبة ومدينة، والمطالبة بسرعة إيجاد حل عاجل لها، لافتقار المركز الطبي البديل أبسط وسائل الرعاية.
 
«ابتسام».. مأساة تشعل نيران الغضب

وذكرت أن الحملة التي شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي بعد إطلاق الهاشتاج، اشتعلت بعد وفاة شابة تدعى ابتسام شعبان التهامي (24 سنة) في مستشفى خاص بطوخ، مضيفًا: «ابتسام دخلت للولادة في مستشفى خاص، وخرجت مصابة بفشل كلوي وضعف في عضلة القلب، ثم توفيت بعد ذلك، وذلك بسبب إغلاق المستشفى الحكومي».

وأضافت لـ«بوابة أخبار اليوم»: بعد قرار إغلاق المستشفى، تم نقل كل أجهزتها للمركز الطبي الذي لا يعرفه المواطنين، ويفتقر أبسط مقومات الرعاية الصحية، وكذلك مستشفى العمار البعيدة عن المركز، مستطردة: «المرضى بيموتوا في الطريق إلى مستشفى العمار».

وأوضحت أن أهالي المركز حرروا مذكرة في النيابة الإدارية برقم ٣٢٦ لسنة ٢٠١٧ ، يتضررون فيها من إغلاق المستشفي، وكل المخالفات السابقة.

وألقت «الشيمي» اللوم على نواب البرلمان عن دائرة طوخ وقها، قائلة: «مبيعملوش حاجة» واستغاثت بالرئيس عبد الفتاح السيسي، قائلة: «اغيثنا يا ريس، الناس بتموت».
 
صرخة لـ«الناس اللى فوق»

فيما أطلقت الحاجة محاسن، صرخة مدوية، قائلة: «يرضى مين الحال دا»، مؤكدة أن سقف المستشفى سقط منذ 5 شهور، ولم يأتوا بالإدارة الهندسية للمعاينة، بل أغلقوا المستشفى، وأرسلوا كل الأجهزة الطبية والمعدات لمستشفى العمار والمركز الطبي، مستطردة: «توجهت إلى مستشفى العمار، وفشلت في الوصول إلى هناك نظرا لبعد المسافة».

وأضافت: «إيه ذنب الناس الفقيرة»، متسائلة: «طب نتعالج فين يا ناس».
 
«باب الرحمة» يغلق بعد الواحدة ظهرًا

والتقط منها أطراف الحديث سعيد محمد، من قرية الصفا بالمركز، والذي أُصيب أثناء عمله، وتوجه إلى المستشفى لإسعافه فوجدها أبوابها «موصدة»، ووجه البعض إلى العلاج في المستشفى الخاص القريب من الحكومي.

وقال «محمد» لـ«بوابة أخبار اليوم: «أنا أصيبت بجرح قطعي في رجلي، وجيت أتعالج هنا، قالولي روح المركز الطبي، روحت لاقيته قافل، بيقفلوه بعد الساعة ١، أتعالج فين».
وأضاف أنه وجد الاستقبال مغلق، وليس هناك أي اهتمام بالمواطن، متابعًا: «من 6 الصبح وأنا دايخ، ومش مش معايا فلوس أروح مستشفى خاص كله بالفلوس، طب أروح فين»، متسائلًا: «ليه بيعملوا في الغلابة كده !».
 
إسعاف «ربع نقل»

ورصدت كاميرا «بوابة أخبار اليوم» سيارة ربع نقل حاولت نقل مريضة تتألم من شدة المرض إلى داخل المستشفى، إلا أن الأمن طالبها بالمغادرة نظرًا لإغلاق المستشفى.
 
النواب.. «غياب» عن الأزمة

فيما تساءل محمود عن دور أعضاء مجلس النواب في الأزمة، قائلًا: «عندنا ٤ نواب، ٢ لا نعرفهم، و٢ موجودين على الهامش، ومنهم نائب أخرج وصل منذ ٤ أشهر بقيمة ٦٠ مليون جنيه لإعادة بناء المستشفى دون تنفيذ على أرض الواقع، والنائب الأخر صاحب مستشفى خاص، وكل ما يحدث من غلق مستشفى طوخ لصالحه» حسب قوله.
 
وتابع الحاج سيد :«زوجة أخويا تعبت وجبناها المستشفى، قالولنا ودوها مستشفى بنها، وماتت في الطريق، ومحدش بيبص للغلبان».

 مجاملة من «صحة القليوبية»: «الكل هيتعالج»

فيما رد حمدي الطباخ، وكيل وزارة الصحة بالقليوبية، قائلًا إن المستشفى صدر له قرار إزالة عام 2016، والحالة الإنشائية لها «سيئة جدًا»، موضحًا أن عمر المباني يرجع إلى عام 1962.

وقال في تصريحات خاصة لـ«بوابة أخبار اليوم»، أن وزارة الصحة لم تقصر في ملف المستشفى، إذ أرسلت لجنة استشارية للمعاينة، وأكدت تقاريرها عدم صلاحية المستشفى للعمل، ووضعت خطة للإحلال والتجديد، بعد عمل دراسات استشارية.

وعن شكاوى الغلق، قال: «المستشفى لم يغلق، والبديل المركز الطبي المزود بكل الخدمات، والمكون من 4 مباني، فيقدم كل أنواع العلاجات للمرضى من علاج طبيعي وعام جراحة ورمد وجلدية، بالإضافة إلى مركز طب العمار المزود بالعناية المركزية ومركز الغسيل الكلوي»، نافيًا حديث المريض بشان غلق المركز الطبي بعد الواحدة ظهرًا.

وأضاف «الطباخ»: «عندنا حاجات كتير كويسة، وخلال الثلاثة أشهر الماضية، نقلنا 12 وحدة غسيل كلوي للعمار، وغرفة عمليات بالعمار، وكذلك الحضانات وشبكة الغازات للمركز الطبي وتجري فيها عمليات الولادة».

وتابع: «مفيش خدمة نقصت ولا قلت، واللي عايز يتعالج ومش قادر يجيي، هنروح نعالجه في بيته».

وكشف أيضًا أن المستشفى المركزي الآيل للسقوط لازال يعمل، وخاصة أقسام الحميات والعيادات الخارجية التي تعمل بكامل طاقتها على مدار الساعة، رغم أنه من المفترض إخلائها، مضيفًا: «عشان مفيش بدائل».

ووصف حملة #طوخ_ بلا_مستشفى بـ«الحملة الغريبة»، مضيفًا: «نحن نسعى لتقديم خدمة آمنة للمرضى، ولو طوبة وقعت على مريض هتحصل كارثة، والكل هيتحاسب».

وعن الحل، قال  وكيل وزارة الصحة، أنه تم إدراج خطة بناء المستشفى ضمن موازنة 2018-2019، متابعًا: «وأقول للناس اصبروا شوية، فنحن نريد لكم خدمة أمنة متميزة، وسيتم البدء في بناء المستشفي الجديد في أقرب وقت».