وزيرة الدولة البرتغالية للشؤون الخارجية د.تيريزا ريبيرو
وزيرة الدولة البرتغالية للشؤون الخارجية د.تيريزا ريبيرو


وزيرة الشئون الخارجية البرتغالية: علاقتنا بمصر قوية.. والاتحاد الأوروبي يحتاج إعادة نظر |حوار

إبراهيم مصطفى

الأحد، 15 أبريل 2018 - 12:56 ص

علي هامش الزيارة الناجحة التي قام بها الرئيس البرتغالي مارسيلو ريبيلو دي سوزا لمصر، اختصت وزيرة الشئون الخارجية البرتغالية د. تيريزا ريبيرو الأخبار بحوار خاص، كشفت خلاله عن دعم بلادها لمصر داخل الاتحاد الأوروبي ودعت إلي إعادة النظر بشأن دعم الدول المستقبلة للمهاجرين من جانب الاتحاد الأوروبي، مؤكدة أن زيارة الرئيس دي سوزا رسالة قوية علي عمق علاقات البلدين، كما دعت - وهي حاصلة علي دكتوراة في الفلسفة- إلي تعزيز الحوار بين الأديان.. وإلي نص الحوار:

 

• الرئيس دي سوزا أول رئيس أوروبي يزور مصر بعد الانتخابات الرئاسية.. ما دلالة ذلك؟

- البرتغال أرادت توصيل رسالة قوية من خلال الزيارة بالتزامها بعلاقتها الوثيقة مع مصر، وإدراكها لأهمية مصر في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة ومساهمتها في الأمن العالمي، وكذلك أهمية علاقاتنا الثنائية، وأعتقد أن جميعنا برتغاليين ومصريين فخورون بتلك الزيارة وما وصلت إليه علاقاتنا الثنائية من مستوي متميز.

التعاون المصري

• ما مراحل التطور في العلاقات المصرية البرتغالية خلال الأعوام الأخيرة؟

- زيارة الرئيس السيسي إلي لشبونة في أكتوبر 2016 كانت علامة فارقة في علاقات البلدين ومنذ ذلك الوقت عملنا كثيرا لكي يكون لدينا أساس متين للشراكة والتعاون المصري البرتغالي علي مختلف المحاور ليس فقط المحور الاقتصادي، وإنما أيضا الثقافة والسياحة والتعليم وغيره لأن كل ذلك يضع روابط بين الشعبين والبلدين لا يمكن التخلي عنها بسهولة، وبالطبع نحتاج لتعزيز الروابط الاقتصادية لتحسين حياة شعبينا، والتقارب السياسي من المؤكد أنه مهم للغاية لتسهيل التعاون في كل المجالات لتحقيق نتائج ملموسة.

• كيف يمكن البناء علي زيارة الرئيس دي سوزا للقاهرة في علاقات البلدين؟

- فور انتهاء الزيارة علينا تحليل نتائجها والعمل بكثافة من الجانبين المصري والبرتغالي، وقد كان واضحا خلال منتدي الأعمال المصري البرتغالي أن كل الأجواء مهيـأة للتعاون والاستثمار، كما أن خلال الزيارة وقعنا عددا من مذكرات التفاهم سيتم العمل علي تنفيذها، ومجالات التعاون العديدة التي تم اكتشافها خلال المباحثات ستفتح مجالات كبيرة للعمل خلال المرحلة المقبلة لتطوير علاقاتنا، وكما قال الرئيس دي سوزا لا يمكننا تحمل تكلفة التأخر مجددا في تحقيق التنمية والتعاون المشترك.

• ما الدور الذي تلعبه البرتغال كصديق مقرب لمصر في توضيح وجهة النظر المصرية داخل الاتحاد الأوروبي في ظل الانتقادات الكثيرة التي توجه للقاهرة خاصة في ملف حقوق الإنسان؟

- نقوم بتوضيح وجهة النظر المصرية بكل قوة داخل الاتحاد الأوروبي لأننا ندرك تماما التحديات التي تواجه مصر، ونعرف الصعوبات والعقبات الكثيرة بمصر لتلبية احتياجات الزيادة السكانية المستمرة لأن الشعب يحتاج خدمات صحية ووظائف وخدمات، وتحقيق ذلك عملية صعبة تحتاج الكثير من الجهد، كما أن البرتغال مدرك تماما للتهديدات الحقيقية التي تتعرض لها مصر.. ونحن لا نريد إعطاء دروس أو تعليم الاخرين، بل علي العكس نحتاج إلي الحوار البناء للتغلب علي المواقف الصعبة التي يمر بها العالم.

علاقات اقتصادية

• كنتِ مسئولة عن ملف البحر المتوسط في وزارة الخارجية من قبل.. هل ترين أن علي دول المتوسط لعب دور أكبر للتعاون في الحفاظ علي أمن البحر المتوسط؟

- بالطبع يجب علي دول المتوسط عدم الانتظار لجهود الاخرين، وإنما نحتاج بذل مجهود أكبر للتعاون ليس فقط في الجانب الأمني والعسكري وإنما أيضا لإيجاد علاقات اقتصادية متينة في المنطقة ومع الدول الافريقية جنوب الصحراء، لأنه حين تتشابك المصالح وعلاقات التعاون الاقتصادي يكون من الصعب جدا قيام الحروب أو وقوع نزاعات.. وذلك المبدأ هو سر نجاح الاتحاد الأوروبي لأن الدول الأوروبية حين تشابكت اقتصاديا أصبح من شبه المستحيل فصلها، وهذا ما علي العالم فعله.

• هل تخشي البرتغال علي أمن المتوسط في ظل تهديدات تركيا لقبرص والحديث عن حرب علي سوريا؟

- البحر المتوسط دائما ما ارتبط تاريخيا بكل أحداث العالم الجيدة والسيئة فهو قلب العالم الحقيقي، والوضع الأمني محل اهتمام كبير بالطبع في المتوسط، الأمن العالمي يواجه مشكلات كبيرة وتهديدات تنبع من منطقة المتوسط، ولذلك علينا النظر إلي تلك التهديدات وايجاد مساحات أكبر للحوار والدبلوماسية.

قيمة الحوار

• بصفتك حاصلة علي دكتوراة في الفلسفة من جامعة لشبونة.. بعد زيارتكم إلي الجامع الأزهر والحديث عن الحوار بين الإسلام والغرب.. هل تعتقدين أن العالم سيظل يعيش في تلك الحالة من الصراع التي نشهدها حاليا؟

- الحوار مهم جدا للعالم، لا يمكن أن تقتصر علي الشكل التقليدي للدبلوماسية حاليا، وإنما يجب أن تركز علي قيمة الحوار بين الأطراف المختلفة، الحوار بين الأديان، ونحن نحتاج ذلك الآن أكثر من أي وقت مضي، إذا كنا نريد سلاما وتنمية علي الصعيد العالمي فلا غني عن الحوار وفهم الاخر، ونحتاج للتعليم لكي يفهم بعضنا بعضا لكي نكون مدركين لاختلافاتنا ونقبلها، لأن عدم فهم الاخر يعني الخوف منه والعجز عن التعامل معه فهذه الطبيعة البشرية، وبمجرد أن نعرف عن الاخر نبدأ في اكتشاف أنه يشبهنا، واننا جميعا بيننا الكثير من الأشياء المشتركة.

• الرئيس دي سوزا قال في الجامع الأزهر إن الإسلام جزء من تاريخ أوروبا.. ما الدور الذي يمكن أن يلعبه البرتغال في تعزيز الحوار بين الإسلام وأوروبا في ظل تصاعد النبرات الشعبوية بأوروبا وأزمة اللاجئين التي نشهدها حاليا؟

- الإسلام بالطبع جزء من تاريخ أوروبا وخاصة البرتغال الذي يمثل الإسلام جانب مهم من ذاكرته وتاريخه.. بالطبع كما ذكرت الشعبوية تنتشر في أوروبا وهذا أمر مزعج يقوض القيم الأوروبية، ولكنه واقع للأسف، وهو مزيج مسمم بين نتائج ما تتعرض له أوروبا من ضغط خارجي، ومحاولات خلق تلك الأجواء الشعبوية لاستغلالها في أغراض سياسية، وهو مناخ مسمم للغاية، ولكننا في البرتغال دائما دولة وساطة وتعمل علي مساعدة الجميع، ومثال لذلك البرنامج الذي أطلقه الرئيس الأسبق جورج سامبايو -الذي شغل منصب المفوض السامي للأمم المتحدة لتحالف الحضارات- لاستقبال الطلاب السوريين في الجامعات البرتغالية، لأننا أدركنا أنه حينما تمر دولة بأزمة أو كارثة يجب أن نمد أيدينا لشبابها وإلا سيضيع جيل كامل وهي جريمة لا يمكن القبول بها، وقد قابلت عددا من الطلاب السوريين الذين أنهوا دراستهم الجامعية في الجامعات البرتغالية يريدون العودة إلي سوريا للمساهمة في إعادة بناء وطنهم، وهذه المبادرة رغم حجمها المحدود إلا انها مثال علي كيفية تقريب الحضارات وخلق مساحة للحوار والتعاون والدعم للاخر.

نحتاج مهاجرين

• وما موقف البرتغال من استقبال المهاجرين؟

- نحن منفتحون لاستقبال المهاجرين، ونحن ندرك أن متوسط عمر شعبنا يزداد وبالتالي نحتاج إلي مهاجرين شباب لنجدد دماء الشعب البرتغالي.

• هل تعتقدين أن أوروبا بحاجة إلي نظام أفضل للتعامل مع المهاجرين واللاجئين في ظل معارضة بعض الدول داخل الاتحاد الأوروبي لاستقبال اللاجئين؟

- أوروبا تحتاج المهاجرين، وأعلم معارضة بعض الدول وهو ما لا نوافق عليه تماما، لأن سياسات رفض المهاجرين غير عادلة وترتبط بما ذكرته عن الشعبوية وهذا النهج لا يساعد علي التقدم والتنمية، ونحن في البرتغال نتبني خطاب فتح الأبواب وفقا لإمكانيات كل دولة أوروبية بالطبع، وتشجيع الهجرة المنتظمة والاعتماد علي مقاربة مبنية علي حقوق الانسان في التعامل مع المهاجرين، ولذلك طرحنا مرشحا لرئاسة المنظمة الدولية للهجرة، ومصر كانت الداعم الأول لترشيحنا وهو شيء مهم جدا بأن تكون مصر داعما أساسيا لترشحنا.

طبيعة البشر

• تركيا حصلت علي ثمن من الاتحاد الأوروبي مقابل دعم واستقبال اللاجئين السوريين، دول أخري كمصر والأردن لم تحصل علي دعم يماثل مجهوداتها.. هل ترين أن علي الاتحاد الأوروبي إعادة تقييم مساعداته لدول استقبال اللاجئين؟

- علي الاتحاد الأوروبي أن يعيد النظر في الوضع بصفة عامة لأننا ندرك أن الضغط علي الخدمات والإمكانيات لدي الدولة المستضيفة للاجئين يكون كبيرا، وكما أخبرنا الرئيس السيسي أن مصر تستقبل نحو 5 ملايين لاجيء، ورغم ذلك لا تطلب مصر أي مكافأة أو مال علي تلك المجهودات فهذه سياسة مصر في التعامل مع الأزمة، ونحن ندرك أن مصر نقطة انطلاق مناسبة للمهاجرين نحو أوروبا.. وأنا اعتقد أن علي الجميع أن يكونوا منفتحين بشأن انتقال الأفراد بين الدول لأن هذه طبيعة البشرية وحدثت كثيرا علي مدار العصور السابقة، وبالتالي في أوقات الصعوبات التي يمر بها العالم يجب علي الجميع الجلوس وبحث كيف يمكن التعاون سويا.

• هل تخشين علي مستقبل الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا ودعوات انفصال كتالونيا عن إسبانيا؟

- أنا متفائلة لأن نظاما كبيرا ومهما مثل الاتحاد الأوروبي لا يمكن التخلي عنه، أوروبا ظلت لفترات طويلة تنزف بسبب النزاعات والاتحاد الأوروبي نموذج لانتهاء تلك الحقبة، وأنا متأكدة ان الشباب الأوروبي سيحافظ علي بنية الاتحاد الأوروبي ومكتسباته مثل حق التنقل والعمل في أية دولة والتعليم في الجامعات التي يرغبون بها.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة