الكاتب الصحفي كرم جبر
الكاتب الصحفي كرم جبر


كرم جبر يكتب.. من أطلق الكيماوي؟

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 22 أبريل 2018 - 09:39 م

السبت - أول أمس - فقط، زار مفتشو الكيماوي التابعون للأمم المتحدة، مدينة دوما بالقرب من دمشق، لأخذ عينات من موقع يشتبه أنه تم استخدام مواد سامة فيه.. يعني أمريكا تتهم وتتخذ القرارات نيابة عن المجتمع الدولي، وتضرب سوريا دون أدلة أو أسانيد.. رغم أن أحداً لم يتأكد حتي الآن، ما هي الجهة التي تستخدم الكيماوي.


اجتياح الدول وإعلان الحرب عليها يحتاج إلي أدلة دامغة وأسانيد قوية، لا تقبل الشك أو التأويل، حتي لا تتكرر تجارب مأساوية، أدت إلي انهيار دول وتشريد شعوب، ثم ثبت بعد ذلك عدم صحة المعلومات، التي علي أساسها تم اتخاذ قرار الحرب.


الغرب لا يشعر أبداً بتأنيب الضمير، إلا في حالة واحدة هي تحويل الضمير إلي تمثيلية، تستخدم في تنفيذ سياسات خارج إطار الشرعية الدولية.. ويبيع السلاح لكل الأطراف، ويدرب جميع المقاتلين، ويلعب بالجماعات الإرهابية كدمي قاتلة، تستبيح الدول والشعوب، وعندما تخرج عن طاعته، يسلط عليها أسلحته، لقتل جماعات وإحياء أخري، وكأنها لعبة الكراسي الموسيقية الكهربائية، التي تصعق من يجلس عليها.


عندما خرجت داعش من حظيرة الطاعة، كان ضرورياً إنهاء دورها علي مسرح الفوضي، وإيقاظ جماعة أخري تقضي عليها، فأعاد الغرب إحياء الجماعات الشيعية المتطرفة التي قضي عليها بالأمس، لتلعب دور المخلص والمنقذ من الفوضي، في مستنقعات غامضة، لا تعرف فيها من القاتل ومن الضحية.


كان من المفترض أن تصمت المدافع وتهدأ الصواريخ، حتي يستقر ضمير الإنسانية، علي من يستخدم الكيماوي في الحرب ضد الإنسانية، ولكن دقت طبول الصواريخ، وتصاعدت بيانات الإدانة، لتعمي العيون وتصم الآذان عن الحقيقة التي يبحث عنها الجميع: من أطلق الكيماوي؟


وزير الدفاع الأمريكي الأسبق » ليون بانيتا »‬، توقع منذ عدة سنوات، أن تستمر الحروب في الشرق الأوسط ثلاثين عاماً، حتي يهدأ الشغب القادم من الشرق، ويهدد حضارة الغرب، لإعادة إنتاج نفس الدمار في أوربا، في حروب استمرت ثلاثين عاماً »‬1618 / 1648»‬، وبعدها صمتت المدافع وجفت الدماء، وهرول المهزومون جميعاً إلي موائد التفاوض، بعد أن صاروا أشباحاً، يقبلون حلولاً كانوا يرفضونها.


كثير من التصريحات التي تصدر من الغرب، تؤكد أن الشغب القادم من الشرق لن يتوقف، إلا إذا ساد الفناء الذاتي، فيقتلون أنفسهم بأنفسهم ويستنزفون قواهم بأيديهم، ثم يأتي المنقذ بالرحمة والسلام، رغم أنه الفاعل الحقيقي، وفسر »‬ريتشارد هاس» رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس الأمريكي، تلك النظرية بقوله: »‬الشرق الأوسط لديه الكثير من الحطب القادر علي الاشتعال باستمرار».. وبالطبع كان مخططاً أن تكون مصر في وسط حزام الاشتعال، باعتبارها القلب النابض في المنطقة، ولن تتوقف الأعضاء عن العمل إلا إذا مست الطعنات القلب.. ولكن كانت عناية الله هي المنقذ.


الغرب لم يشعر بالفزع من وحشية وهمجية القتل الداعشي، التي تفوق بكثير صور الأطفال الذين يصارعون الموت بالكيماوي، وكلاهما عمل همجي، كان من الصعب تصديقه إلا في روايات الرعب، لكنه تحقق في مستنقعات الموت في العراق والشام واليمن وليبيا، وغيرها من المناطق المستهدفة بأعواد الثقاب، وبدلاً من أن تخطو المدنية الحديثة نحو إعلاء شأن حقوق الإنسان، حصرت نفسها بالاستمتاع بانتهاك حق الإنسان في الحياة.


أمريكا حظرت نشر صور قتلاها في حربها ضد العراق، ومنعت كل وسائل الإعلام من بث لقطات النعوش لقتلاها في الحرب، حفاظاً علي الروح المعنوية للشعب الأمريكي، ولعدم تأليب الرأي العام علي الحكومات »‬لماذا ترسلون أولادنا للقتل في ميادين الرعب؟»، ولكن بالنسبة للشرق كل شيء مباح، وانتشرت فيديوهات القتل والذبح وأنات من تقطع أجسادهم بالسيوف والسكاكين، وكأننا شعوب كتب عليها العذاب.


ننتظر يوماً تخرج فيها تقارير عادلة عن أبشع الجرائم ضد الإنسانية، لتطمئن الضمائر وتسود العدالة، ويلقي المجرم - أياً كان - العقاب الرادع الذي يستحقه.


 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة