عماد الأرنب
عماد الأرنب


«الفلافل والحمص»..وسيلة لاجئ سوري في مساعدة أبناء بلده

ناريمان فوزي

الثلاثاء، 01 مايو 2018 - 01:22 ص

وطني يا مأوى الطفولة..علمتني الخلق الأصيل..قسما بمن فطر السماء..ألا أفرط  في الجميل «أمير الشعراء أحمد شوقي».

لا يوجد أغلى من رائحة الأوطان، ولا يوجد أدفى من الشعور بالأمان على أرضها، حين تتفاقم الخلافات السياسية وتندلع الحروب لتقضي على الأخضر واليابس، تسقط الشعوب وحدها ضحية في المنتصف، فتجبر الأسر على ترك ذكرياتهم والفرار بعيدا أملا في النجاة.

تعاني سوريا منذ سنوات من صراع سياسي، لا يهم من أطرافه ولا يهم الأسباب أو الدوافع لكن مأساة الشعب تبقى المشهد الأبرز لهذا الصراع الكريه، نزح من نزح ومات من مات وتشرد من تشرد حتى أصبح أعزة القوم أذلاء.

كثرت القصص الإنسانية عن اللاجئين، فتارة نتحدث عن بطلة رياضية لم تمنعها ظروفها القاسية من بزوغ نجمها في السباحة، وتارة أخرى نستمع لقصص عن أبطال في كرة القدم، رجال وسيدات أعمال استطاعوا تحقيق التميز في مشروعات عديدة رغم ما يعانوه من أزمات مادية ونفسية، فالبعد عن الوطن غير هين.

«هناك روائح تجعلك سعيدًا، روائح تثيرك ذكرياتك وأخرى تعيدك إلى الطفولة على الفور».

عماد الأرنب..هو بطل القصة، وذلك حسب صحيفة الجارديان البريطانية، فذلك «الشيف» السوري كان أحد أشهر الطهاة في دمشق، وكانت مطاعمه المعروفة تقوم بتقديم وجبات شهية وتصنع جو من الألفة والدفء دون عائق.

لكن الرياح آتت بما لا تشتهي السفن، فاندلعت الحرب ولم يعد الكنب يجني شيء سوى الخسارة، وازدادت الأمور سوءا حين تم قصف مطعمين له في يوليو عام 2015، لتضطره الظروف إلى الهرب من دمشق ليلا ليقوم برحلة طويلة محفوفة بالمخاطر.

اختار الأرنب أن تكون انجلترا هي الوطن البديل، رغبة منه في البحث عن حياة أكثر أمانا له ولعائلته، بدأ رحلته بقيادة سيارته إلى لبنان ومنها توجه لتركيا ثم استقل زورقا نحو اليونان في رحلة قاسية ومخيفة حيث استقل الزورق 54 شخصا وهو لا يتسع في الأساس سوى لـ9 فقط، سار بهم إلى مقدونيا ثم صربيا ومنها للمجر ثم فرنسا والتي عاش في مدينة كاليه بها حيث كان ينام هو و13 سوريا آخرين في إحدى الكنائس لمدة 64 يوما.


«رائحة الكمون والنعناع تذكرني دائمًا بالطبخ في البيوت الضخمة في دمشق والتي كانت مغطاة بالياسمين وأشجار الفاكهة وضوء الشمس».

عندما وصل الأرنب إلى بريطانيا عمل بائع للسيارات، لكن وبمساعدة العديد من المؤسسات الخيرية، استطاع العودة لمهنته الأساسية مرة أخرى.

افتتح سلسلة من المطاعم في قلب لندن وشهدت إقبالا واسعا، وقد قام بمد تواجد مطعمه الجديد، حتى نهاية شهر يونيو على الأقل بسبب الطلب والإقبال الشعبي.

لا يرى الأرنب الطبخ مهنة فقط، بل يرى له هدف سامي، حيث أراد مساعدة الآخرين ولم ينس أهله في سوريا فقرر تخصيص أرباح المطعم للتبرع لمستشفى ساهم في إنقاذ عشرات الآلاف من الأرواح في مدينة حلب.

كانت تلك المستشفي التي أطلق عليها –مستشفي الأمل- هي أول مستشفى تم تمويلها بصورة جماعية في 2016، والوحيدة الموجودة في حلب وتخدم قرابة الربع مليون شخص، حيث تم افتتاح حضانات لحديثي الولادة إضافة إلى تقديم الرعاية الكاملة للنساء الحوامل ورعايتهم بعد الولادة، وإجراء العمليات الجراحية اللازمة لإنقاذ المصابين.

من جهة أخرى، صرحت جوسي نوجتون، الرئيس التنفيذي لمنظمة مساعدة اللاجئين، أنهم أرادوا خلق شيء إيجابي وسط الفوضى التي عمت العالم بشرقه وغربه.

وقالت «لقد كانت حملات القصف الأخيرة في سوريا فظيعة، وعرفنا أنه كان علينا القيام بشيء للمساعدة، فهذا المكان يستطيع فيه الجمهور البريطاني رؤية اللاجئين الذين يساهمون في ثقافة بريطانيا، وفي الوقت نفسه يمنح الناس طريقة عملية بسيطة لمساعدة أولئك الذين هم في أمس الحاجة للمساعدة».

أما الأرنب فهو يرى أن أعظم ما يتلقاه هو إثناء الزبائن على طيب مأكولاته وصنعته الماهرة في تحضير الفلافل والحمص والتي ورثها عن أمه، مثلما ورث عنها حب الناس والشعور بآلامهم.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة