منصة المحكمة
منصة المحكمة


ننشر حيثيات رفض دعوى « حديد عز » لمطالبة الحكومة بـ 23 مليون جنيه

فاطمة مبروك

الأربعاء، 02 مايو 2018 - 01:15 م

 قضت المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة موضوع، برفض الطعن المقام من شركة العز الدخيلة للصلب بالإسكندرية ضد الحكومة المصرية بمطالبتها بمبلغ 23 مليون جنيه وفوائدهم.

 

أكدت فيه على أن الشركة قامت بتطوير وتعديل الأجزاء الكهربائية للأوناش دون موافقة الحكومة المصرية وبتكاليف باهظة مما أخل بموازنة هيئة ميناء الإسكندرية، ووضعت مبدأ عاماً مقتضاه أنه إذا فرطت الجهات الإدارية في مقتضيات المصلحة العامة المملوكة للشعب وأهدرتها فالعدالة توجب بطلان عقد الترخيص برمته.

 

صدر الحكم برئاسة المستشار يحيى خضري نوبى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين أحمد منصور وناصر رضا عبد القادر ونجم الدين عبد العظيم والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نواب رئيس مجلس الدولة  .

قالت المحكمة، بمناسبة حاجة الهيئة العامة لميناء الإسكندرية إلى تشغيل وصيانة المعدات الموجودة برصيف الخامات التعدينية بميناء الدخيلة وساحات التشوين ورغبة منها في الانتفاع بها في مجال تداول الخامات التعدينية وشغل الساحات المخصصة لتشوين الخامات المذكورة أبرمت مع الشركة الطاعنة عقداً رخصت لها بمقتضاه بهذه الأنشطة وفقاً لأحكام وضوابط نص عليها على أن تكون مدة الترخيص خمس سنوات قابلة للتجديد لمدد أخرى مماثلة باتفاق الطرفين، وإن المبلغ محل المطالبة موضوع الطعن الراهن ومقداره  67ر22918295 (اثنان وعشرون مليونا وتسعمائة وثمانية عشر ألفا ومائتان وخمسة وتسعون جنيها وسبعة وستون قرشا) هو حصيلة مجموع شقين من المبالغ المالية أولهما: مبلغاً مقداره 12320934,28 جنيه قيمة ما أنفقته الشركة لتطوير الأوناش التي تدعى " الجانتري" ، وثانيهما : مبلغاً مقداره 10597361,39 جنيه وهو وقيمة قطع الغيار الرأسمالية التي تم توريدها وتركيبها بمعرفة الشركة، و الأمر يقتضي تفحص حقوق والتزامات الطرفين من خلال استجلاء ما اتفقا عليه وصولاً الاستظهار مدى أحقية الشركة في هذه المطالبة.

 

وأشارت المحكمة، إلى أن الشركة حينما شرعت في القيام بأعمال التطوير لم تتحصل على موافقة كتابية من الهيئة العامة لميناء الإسكندرية، وهذا التطوير الذي تم على الأوناش من شأنه أن يعلى من كفاءتها ويزيد من درجات الأمان بها وقد أنصب على الأجزاء الكهربائية للأوناش المذكورة وبالتالي فأن حال هذه الأوناش بعد التطوير قد أختلف عن حالها قبله أي أن هذا التطوير نتج عنه تغيير في الأوناش على نحو أولى أو أفضل ومن ثم فأن التغيير الذي نال من الأوناش ينطوي بلا جدال عن تعديل لها وفقاً للمفهوم السالف بيانه فتغيير الأجزاء الكهربائية للأوناش على النحو الذي تم يستقيم – بلا ريب - تعديلاً لها في حكم المادة (9) من الترخيص ، ومن ثم فأنه بصرف النظر عن كون هذا التعديل كان ضرورياً أو إنه ساهم في رفع مستواها التشغيلي فقد أجرته الشركة مجرداً من أي موافقة كتابية من الهيئة تتحمله هي.

 

وأضافت المحكمة، أن صنف العقد محل الطعن يجسد في حقيقة الأمر والواقع خطط الدولة نحو ترسيخ دعوة القطاع الخاص للمشاركة في تشييد دعائم الخطط التنموية كبادرة لتعزيز دوره في هذا المجال ليكون لبنة في جدار التنمية الصناعية والتجارية استطعاماً الأمل ليكون أحد أدواتها نحو التقدم والنماء، والعقد بهذه الكيفية يسير على درب تتضافر فيه مصالح الطرفين على نحو يتولد عنه فائدة منصفة لهما على السواء ومنفعة تغمرهما إذ يثمر التعاقد عن أثراء عادل للشركة المرخص لها بالانتفاع وفي الوقت ذاته يستقيم موطئاً للجهة الإدارية لتحقيق مآربها في التنمية وباباً لها نحو الحداثة من خلال الاستعانة بمعونة الشركة في إدارة أملاكها ومن ثم الاستفادة من خبرات القطاع الخاص في هذا المضمار في مناخ تمارس فيه أساليب وطرائق الإدارة الخاصة المتحررة من ربقة القيود الحكومية والإجراءات الإدارية "الروتينية" فتسير ممارسة النشاط موضوع التعاقد على نحو متوازن يحفظ مصالح الجهة الإدارية ويسمو بها إلى آفاق التنمية، بيد إنه ولكون الترخيص بالانتفاع بأملاك الدولة على هذا النحو قد شيدت دعائمه وأُقيمت أركانه في الأصل لخدمة الصالح العام وليس للتهوين منه فأنه يجد حده الطبيعي في ألا تفضي نصوصه وضوابطه إلى وقوعه في غياهب سوء غرض المتعاقد ومن يواليه بأن تتخذ أحكامه من دون المصلحة العامة نداً فتفرط بنوده في مصلحة المرفق العام لحساب مصلحة المرخص له فيكون عقد الترخيص عبئاً على المرفق مرهقاً له يعوق أدائه ويحبط مخططاته فينقلب الترخيص على عقبيه مبدداً للآمال المعقودة عليه على نحو يخرجه عن غاياته المقررة له. ومن ثم كان لزاماً على نصوصه أن تعكس الحرص على هذه المسألة وتعقب مواطنها وإعمال مقتضاها بلا إفراط أو تفريط .

 

وذكرت المحكمة، أن الجهات الإدارية حال التعرض لنصوص الترخيص بالانتفاع بالمال العام بالصياغة والأعداد يتوجب عليها التفحص والدراسة وأن تضع نصب عينيها إجراء موازنة دقيقة للضمانات المتعين توافرها في هذا الأمر حتى لا تنفلت نصوصه فتحيد عن مقتضيات المصلحة العامة وتنجرف بعيداً عنها بل ينبغي توخي مبتغاها وتحقيق مرادها، وهذا الأمر يجد مغزاه في الفلسفة القائمة عليها المصلحة العامة في الترخيص ذلك إن عقود الترخيص بالتزام بمرفق عام تنصب في أغلب الأحيان على مرافق حيوية للدولة تمثل أحد دعائم أصولها التجارية الأساسية وعماد ثرواتها الرأسمالية، وإذا كانت الجهات الإدارية مقدراً لها أن تكون في موقف الحارس على المصلحة العامة الساهر على تحقيق مستلزماتها فتدير مرافقها الحيوية بالتلازم مع هذا الدور المقرر لها دستورياً إلا إنها في حقيقة الأمر والواقع ليست مالكة للمصلحة العامة إنما الشعب وحده هو المالك الحقيقي لها بمعنى إن الجهات الإدارية تقف حيال هذا الأمر برمته في موقف الأمين على المصلحة العامة فتعصمها من عبث العابثين وتنأى بها من تفريط المفرطين بالذود دفاعاً عنها كأمانة مستودعه لديها تحفظ بها مقدرات الشعب وثرواته ومرافقه الحيوية.

 

 واستطردت المحكمة، أنه إذا كان عقد الترخيص بالانتفاع بالمال العام يرتبط بلا جدال بمقدرات الشعب ارتباطاً عميقاً لكونه ينصب في الأصل على هذه المقدرات ويستحوذ عليها مستأثراً بها لفترة محددة وفقاً لبنود وأحكام هذا العقد فمن ثم فأن فرطت الجهات الإدارية في مقتضيات هذه الأمانة التي هي وجه أصيل للمصلحة العامة المملوكة للشعب وأخلت بموجباتها من خلال ارتضائها بنصوص في عقد الترخيص ضلت السبيل وشحطت شحوطاً استحالت به إهدارا جسيماً لمصلحة المرفق وسلباً لمقوماته وغمطاً بيناً لحقوق الأفراد ومقدراته فخرجت عن أطار الحق مستبيحة ذلك لمصلحة المرخص له الخاصة فتصدع بها بنيان المصلحة العامة تصدعاً جماً، فلا مشاحة والحالة هذه من شخذ همة العدالة صوب مصير حتمي لا مفر منه حاصلة بطلان عقد الترخيص برمته حتى ولو برزت شروطاً تعاقدية أخرى جاء الترخيص محمولاً على أكتافها تزكي هذا الخلل، ولا يكون للمرخص له إزاء ذلك من سبيل سوى قرع أبواب التعويض إن كان لذلك موجباً.

 

وذكرت المحكمة، إن الثابت من مذكرة رئيس الإدارة المركزية للشئون المالية والتجارية بالهيئة تعرضت لمسألة قطع الغيار الرأسمالية التي تطالب الشركة الهيئة بقيمتها وخلصت إلى أن قطع الغيار التي تطالب الشركة بقيمتها على هذا النحو ليست من قبيل الإحلال الرأسمالي للعمرات الرأسمالية اللازمة والمنصوص عليها في المادة (7) من العقد موضوع التداعي إنما هي إحلال رأسمالي لزيادة الطاقة الإنتاجية للمعدة (للونش) بأعلى ما هو عليه وإن ما قامت به الشركة على هذا الوجه كان تعديل لطاقة وقدرة المعدة بتكاليف باهظة دون موافقة من الهيئة وهو الأمر الذي يخل بموازنة الهيئة وحساباتها دون مبرر أو عائد يعود عليها ومن ثم خلصت المذكرة إلى إن هذه العملية أدت إلى ركود قطع الغيار الموجودة أصلاً بمخازن الهيئة ولا يمكن التصرف فيها، ومن ثم فإن قطع الغيار الرأسمالية المذكورة محل المطالبة لا تدخل في عموم العمرات التي تلتزم بها الهيئة لكونها لا تتوافق مع مفهوم العمرات الذي أقرت به الشركة فهي لا تؤدي إلى إرجاع المعدة إلى حالتها الأصلية أو شبه الأصلية إنما يترتب عليها تطويرها على نحو يؤدي إلى زيادة طاقتها الإنتاجية على نحو غير مألوف يربو عن طاقتها وقت كانت فيه جديدة كما إنها لا تستقيم كذلك من قبيل الإحلال الرأسمالي الذي تلتزم به أيضاً الهيئة بحسبان إن العلة من تركيبها لم يكن بسبب انتهاء العمر الافتراضي للأجزاء القديمة بل كان مرده الرغبة في زيادة الطاقة الإنتاجية للأوناش وبالتالي فإن المبلغ الذي تطالب به الشركة ومقداره  67ر22918295 (اثنان وعشرون مليونا وتسعمائة وثمانية عشر ألفا ومائتان وخمسة وتسعون جنيها وسبعة وستون قرشا) قيمة ما أنفقته لتطوير الأوناش التي تدعى " الجانتري" وقيمة قطع الغيار الرأسمالية، تلتزم به هذه الأخيرة وحدها دون مشاركة أو تحميل للحكومة المصرية ودون حاجة لبحث طلب الفوائد القانونية لعدم الجدوى.  

 

أقامت شركة العز الدخيلة للصلب الدعوى ، حيث أنها عندما استشعرت وجوب تحسين أداء الونشين العملاقين ( جانترى كرين ) مما يدخل في نطاق العمرات العمومية والإحلال الرأسمالي لهما قامت بمخاطبة الهيئة العامة لميناء الإسكندرية وقد أصدر رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لميناء الإسكندرية قراره لدراسة تحسين أداء  الأوناش كما أصدر قراره بتشكيل لجنة لحصر أعمال الإحلال والتجديد التي تمت بمعرفة الشركة بتقدير القيمة الإجمالية لها , وأنه ليس تعديلاً بل يدخل في نطاق العمرات العمومية والإحلال الرأسمالي لهما والذي تتحمل الحكومة المصروفات الناشئة عنه . بينما ذكرت الحكومة المصرية أن ما قامت به الشركة عبارة عن تعديلات تستوجب موافقة كتابية من هيئة الميناء وهو مالم يحدث وتتحمله الشركة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة