ياسمين رئيس في أحد مشاهد فيلم البحث عن أم كلثوم
ياسمين رئيس في أحد مشاهد فيلم البحث عن أم كلثوم


صور| «أم كلثوم» التي لا نعرفها

منال بركات

الأحد، 06 مايو 2018 - 06:51 م

 

حفزنتي كلمات الفنانة الشابة ياسمين رئيس، لكتابة هذه السطور، بعد أن أكدت في حديثي معها عبر الهاتف أن المعاني التي سردتها عن فيلم "البحث عن أم كلثوم" هي المعاني التي كانت تعنيها مخرجة العمل الإيرانية الأصل شرين نيشات.

 

صورة المظاهرات


وأوضحت رئيس، أن الكتابات التي سطرت عن الفيلم معظمها بعيدة عن المغزى المراد لقصة البحث عن أم كلثوم، والمقصود هنا ليست أم كلثوم، كوكب الشرق، إنما السيدة والمرأة البسيطة التي استطاعت أن تشق طريقها في بداية القرن الماضي، وسط كل عباقرة هذا الزمان وتعتلي القمة وتحظى بتقدير واحترام كل المحيطين بها من رؤساء وملوك في زمن كانت المرأة ترتدي "الحبرة واليشمك"، ولم يقطع العلم، والتقدم، والتحرر كل الخطوات التي يتشدق بها المتشدقون، بل خرجت المرأة عام 1914 تطالب بالمساواة بالحقوق السياسية في مشهد أعدت المخرجة له جيدا.


والحقيقة التي لاشك فيها أن هذا الفيلم مركب في صناعته، ويحتاج إلى أكثر من مشاهده، للخروج بالمعنى الذي ترمز إليه المخرجة، صحيح أن عنوان الفيلم يشير إلى كوكب الشرق وإيقونة الغناء في الوطن العربي أم كلثوم، ولكنه في واقع الأمر لا يتعرض إلى حياة أم كلثوم، من قريب أو بعيد، بل إلى حياة المرأة بصفة عامة، سواء في المنطقة العربية أو لدى الفرنجة وما تتعرض له من ضغوط في حياتها سواء المهنية أو الإنسانية.


صورة ثلاث نساء 

 

ثلاثة مشاهد بالفيلم هي المفتاح الرئيسي لقراءة مفردات هذا العمل المركب، مشهد البداية الذي يجمع بين أم كلثوم في زمن الطفولة ثم الصورة التي نعرفها عليها والبطلة التي تلعب دور المخرجة، وهو مشهد صامت طويل تجاوز الـ3 دقائق "وهو زمن كثير علي الشاشة لم يقطعه سوي حركة البطلة لتنطلق الأحداث من هذه البداية.

المشهد الثاني والذي يجمع صورا لنساء كلهن على هيئة أم كلثوم، في رمزية واضحة أنه في بداية القرن الماضي والذي اعتمر فيه الرجال "الطربوش" كان هناك حرية فكر وتقديس لدور حواء، ثم مرحلة نزع غطاء الرأس للرجل، ثم مرحلة "الجلاليب البيضاء" والتطرف الديني التي سيطر على المنطقة بعد الثورة الإيرانية.

 

ولأن صانعة الفيلم متأثرة بمهنتها الأساسية كمصورة جاءت المشاهد على هيئة حلم تراه البطلة من خلال عيون ابنها كشاهد على العصر وصاحب الحلم القادم في مستقبل أفضل، ولأنها لا تلتزم بالسرد التقليدي عكست المراحل الزمنية للارتداد الذي شهدته المنطقة، والتطرف الديني في بداية المشهد وصولا إلى زمن التحرر في الماضي عاكسة الصورة لتبرز التردي الذي بلغه حال حواء، في مقارنة بصورة صامتة بليغة المعنى أفضل من شريط صوت يردد كلمات قد لا تجد صدى لدى البعض، فجاء المشهد عميقا دقيقا.


  
والمشهد الثالث وهو مشهد «الفينالة» النهاية الذي يجمع أم كلثوم والبطلة في حوار يكشف الإشارات التي تود المخرجة أن ترسلها للمتلقي؛ وفيه تسأل أم كلثوم، المخرجة: لماذا بهدلتني في أهم سهرة في حياتي، فتجيب المخرجة: اعتقد أنني تعبت من عظمتك، وتستنكر أم كلثوم بقولها : وأحبطت الناس اللي دفعت فلوس عشان تسمعني، المخرجة: لا يمكنك أن ترضى الجميع، تنهي أم كلثوم الديالوج بقولها: دي عجرفة.

 

ويدور هذا الحوار ونحن نسمع شريط صوت أمواج البحر المرتطمة في كل لحظه تأكيدا على أن الصراع عن المرأة وحقوقها مازالت محل نزاع فى هذا العالم بأثره.


فعلا يصاب المشاهد بصدمة أثناء العرض، لتصوره انه سيشاهد عملا عن كوكب الشرق أم كلثوم الريفية البسيطة التي غزت العالم بصوتها شرقا وغربا وملأت الدنيا بنجاحها الذي سانده الجميع في القرن الماضي.

 

وتأتي صعوبة الفيلم من السرد والخلط  بين الأحداث الحقيقية لشخصيات تاريخية معاصرة وبين ما تود صانعة العمل أن ترسله للمتلقي، وهو ما يفرد مساحة واضحة لرؤية عبقرية العمل وتفرده بعد أن استخدمت ثلاث قصص للسرد الأولى قصة أم كلثوم والثانية قصة الفيلم، وواقع المرأة، والقصة الأخيرة للمخرجة ذاتها شيرين نيِشات، المقيمة في الولايات المتحدة الأمريكية.

 

وجسدت الفنانة المصرية ياسمين رئيس، شخصية أم كلثوم باقتدار وتفهم لكل أبعاد هذه الأسطورة، وتقمصت وعاشت أغانيها بفهم وإحساس عميق على صوت المطربة مروة ناجي، وهذا الثنائي أضاف مصداقية بشأن ما وراء شخصية أم كلثوم، كما أحدثت بلبلة في الوقت نفسه للمتلقي العادي، فالفيلم في المقام الأول ليس سيرة ذاتية لكوكب الشرق أم كلثوم، إنما مزج رائع لسيرة شيرين نيشات، نفسها وأحوال المرأة بصفة عامة.
 

 

 

 

 

 

 

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة