علاء الأسواني
علاء الأسواني


علاء «الأسناني».. وخلطة استربتيز الأديب العالمي في «كأنها رواية» 

بوابة أخبار اليوم

الإثنين، 07 مايو 2018 - 09:29 م

كنت حاضراً لإحدى الندوات الأدبية التي واظبت عليها كثيراً، وقفت مع أديب -لا تستطيع إلا أن تصفه بالقدير- أسأله رأيه في إحدى روايات الكاتب علاء الأسواني ففوجئت به يضحك قائلاً :"قصدك علاء الأسناني!!"، كان الأديب الآخر يريد أن يقول لي أن صاحب عمارة يعقوبيان هو طبيب أسنان ضل طريقه للأدب، تمهل قليلاً ثم تابع "كلها علاقات وشلة بتخدم على بعضها".
خلطة «الأديب العالمي» عرف الأسواني كيف تتكون وتتشكل بسهولة، فهو الأديب المعارض لكل الأنظمة يشتم ويسب الجيش والشرطة والمصريين كلهم إذا أراد، الذي يقدس حقوق الإنسان إلى حد الاستخدام الشخصي، لا ينطق ببنت شفه تجاه اسرائيل بل يفخر بترجمة كتبه إلى العبرية، ويقحم الجنس المبتذل الذي يصل إلى حد «البورنو الرديء» واستخدام العبارات البذيئة في كل موضع ومكان وكلما زادت شهرته زاد من جرعة البورنو داخل صفحات رواياته، بالإضافة إلى الشذوذ الجنسي في روايته الأشهر عمارة يعقوبيان. كل هذا لتكتمل الخلطة التالية :" أيها الغرب، يا من تمنحون نوبل، أنا أديب معارض أقدس حقوق الإنسان، ولا أعادي اسرائيل، وأكتب عن الجنس والشذوذ".
ولأن الغرب أيضاً يجدون في أمثال الأسواني أو الأسناني، كما وصفه الأديب الآخر، ضالتهم المنشودة فإنهم ينعمون عليه بالمنح والجوائز والترجمات، ولأنهم يغدقون عليه كثيراً، سبب له هذا حالة من الانتفاخ الذاتي  لا يعكس إلا حالة الخواء الفكري الذي يعانيه، فكلما حدثته في الأدب يكلمك في السياسة، ولو كلمته في السياسة يتحدث عن الجنس، دائرة مفرغة لا تنتهي من العبث.
وليست حالة الانتفاخ الداخلي بلا دليل فإن طالعت الغلاف الأخير لشبه روايته الأخيرة «جمهورية كأن» ستجد مكتوباً عليها أن هذا الرواية الرديئة سيكون لها نفس وقع رواية «1948» لجورج أوريل، الذي أدرك الآن أنه يتقلب في قبره كثيراً، ولكن قد نقول أن هذا هو ما كتبته الدار الناشرة للرواية على ظهرها، ولكن أن يشبه «الأسناني» نفسه بألبير كامو فهذا هو جنون العظمة في حد ذاته، عندما كتب مقالاً يصف فيه توقيفه في مطار القاهرة بعنوان:" ماذا حدث لألبير كامو في مطار القاهرة؟"، مستغلاً تفصيلة أنه كان يحمل كتاباً للكاتب الفرنسي الشهير أثناء رحلته إلى القاهرة، لكن المقاربة واضحة والانتفاخ الداخلي يحتاج إلى دواء للنفس قبل المعدة.
ولكن هل نجرم استخدام الجنس في الفنون والآداب؟، بالتأكيد لا، فروايات نجيب محفوظ وقصص يوسف إدريس لا تخلو منه، لكن هناك إطار من الأدب والصنعة الأدبية تضم كل هذا فلا تشعر بالإشمئزاز ولا النفور وانت تقرأ، مثلما سيحدث لك وأنت تقرأ كلمات الأسواني البذيئة وأوصافه التي لن تشعرك إلا بالغثيان.
ولكن إذا أردت الدخول إلى رواية «جمهورية كأن» فكن حذراً، فهي كالدخول إلى عنبر الخطرين في مستشفى الأمراض النفسية، فما سرده الأسواني لا علاقة له بالأدب، من قريب أو من بعيد، فالإخوان هم الأبرياء الأنقياء الأطهار، وهم بدورهم لم ينتظروه فقد تلقفوا روايته بالمديح والاستحسان بل أن مواقعهم قالت إن روايته ذات العقد النفسية المركبة هي محاولة لتأريخ الثورة وأيامها، هذه الرواية التي يحاول من خلالها تبرئة الإخوان وإرهابهم من كل الجرائم، بداية من فتح السجون إلى حرق الكنائس، كل هذا ليس خيانة للوطن فحسب، ولكنه كأديب يجب أن يشعر أولا بالخيانة والخسة تجاه عالم الأدب.
ولكن في النهاية يجب أن نلتمس العذر لعلاء الأسواني، فأكل العيش أهم من الأدب، والأضواء التي انصرفت عنه بعد روايته «نادي السيارات» كان لابد أن يجذبها مرة أخرى، حتى وإن كان بـ«استربتيز» أدبي مثل «جمهورية كأن»، فالنجاح الذي حققته روايته عمارة يعقوبيان في أوج نظام حسني مبارك كان مبهراً، ولا يستطيع أحد أن يتخلى عنه، مثل الراقصة العجوز التي لا تريد أن تعتزل وتنزل من على خشبة المسرح، فلم يجد إلا الجماعة الإرهابية ليعود معها إلى ليخلق حالة أرادها من الجدل، لكنها كانت كاشفة عن القيح النفسي والتشوه والإفلاس الأدبي الذي يعاني منه علاء «الأسناني».

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة