وسائل مواصلات الأحياء الشعبية.. «الموت على 4 عجلات» - تصوير - طارق إبراهيم
وسائل مواصلات الأحياء الشعبية.. «الموت على 4 عجلات» - تصوير - طارق إبراهيم


وسائل مواصلات الأحياء الشعبية.. «الموت على 4 عجلات»

عبد الجليل محمد- لمياء متولي- دعاء سامي

الثلاثاء، 08 مايو 2018 - 10:28 م

سيارات متهالكة، وسائل نقل غير آدمية، مركبات تنقل الموت للمواطنين بدلا من أن تنقلهم، آلاف السيارات التي تنتشر في المحافظات والأحياء الشعبية بعيدًا عن أعين الرقابة على الطريق، تنشر الفزع والخطر في كل مكان، تجري بسرعة جنونية، تفتقر إلى أبسط «معاني الأدمية»، الأمان مفقود.. والخطر موجود.


«علب سردين بشرية» تتحرك على ٤ عجلات، يتراص الركاب كأنهم شحنة يسارع السائق لتسليمها إلى المجهول، حتى صارت الكثير من الطرق  ملطخة بدماء الأبرياء بسبب تلك العربات التي لا يدري أحد كيف تستمر في جريمتها دون حساب، وكيف يتركها رجال المرور تعمل دون بتلك الصورة المزرية.


الغريب أن هذا المشهد صار مألوفا، ليس فقط في الأحياء الشعبية والفقيرة، بل غزا مختلف المحافظات، حتي صارت علب الموت المتحركة علي ٤ عجلات جزءا من الحياة اليومية لملايين المصريين بتلك المحافظات.. «الأخبار» تستعرض في هذا الملف جانبا من المعاناة التي تشهدها المحافظات والاحياء الشعبية، نتيجة غياب منظومة حقيقية للنقل توفر وسائل المواصلات الأدمية الواقع الذي يعيشه المواطنون مع وسائل المواصلات مأساوي ويؤكد غياب منظومة النقل «الأدمي» في الأحياء والمناطق الشعبية وفي المحافظات أيضًا، في انتظار تحرك شامل لتغيير ذلك الواقع الصعب.


بداية جولتنا كانت من «بهتيم» هناك كان الوضع صعبًا، المواطنون مضطرون لاستخدام عربات متهالكة باب الصعود الخاص بأحد الأتوبيسات التي وقفت في ميدان «بهتيم» لنقل الركاب اختفى، وسلالمه الثلاثة اختفى منها اثنان، آثار الصدمات والاحتكاكات التي خاضها الاتوبيس أخفت لونه الأصلي  وبدت مخلفات الحوادث التي مر بها ذلك الكائن الغريب الذي يشبه الاتوبيس كندوب واضحة تحكي مسيرته الخطرة لسنوات طويلة، وفي ظل هذه الحالة لا تسأل عن كشافات الإضاءة أو وسائل الأمان، فهذا السؤال قد يكون ضربا من العبث!!.


الكراسي رغم قلتها داخل الاتوبيس لا توجد بها مساند وبعضها يصلح للجلوس والبعض الآخر ضاع نصفه ليجد الركاب أنفسهم بلا ظهر يحميهم من مغامرات السائق الذي يقود ذلك الكائن الخرافي برعونة معرضا حياة مئات المواطنين للخطر الداهم دون مراعاة لأي قانون أو اعتبار إنساني وهذا هو حال كافة «أوتوبيسات الرحلات» التي تستخدم في النقل الداخلي دون الخضوع لأي ترخيص أو رقابة.


وفي «بهتيم» من الداخل يتغير شكل وسيلة المواصلات غير الأدمية المتمثلة في أوتوبيس «الخرافي» إلى تروسيكل يمثل كارثة بكل المقاييس تسير على 3 عجلات ولا يحمل لوحات معدنية ويحدد سائقه الأجرة حسب طول المسافة، أبناء بهيتم يعانون أشد المعاناة مع هذه المواصلات غير الأدمية، وليس أمامهم أي خيار أخر سوى هذه المواصلات لقضاء مصالحهم والذهاب إلى أعمالهم وفي منطقة أسفل الطريق الدائري ببهتيم كون عدد من السائقين موقفا عشوائيا للعشرات من الميكروباصات والتروسيكل لاستقطاب الزبائن الذين غالبا ما يقرأون الفاتحة على أرواحهم قبل الصعود لأي عربة من العربات التي اصطفت في الموقف.


المواطنون: نعيش عذابا يوميا .. والمضطر «يركب الصعب»

المواطنون هم الضحية دائما، لكنهم أيضا الحلقة الأضعف أمام غياب منظومة آدمية وآمنة للمواصلات الداخلية، قصص ومأسٍ كثيرة يرويها المواطنون الذين التقيناهم خلال جولتنا، فيقول كمال عباس موظف: أعاني يوميا أنا وزوجتي من رحلة العذاب التي نعيشها ذهابا وإيابا للعمل، فتبدأ المأساة من الصباح الباكر عندما نجد المواصلات مكتظة بالركاب لنأخذ بعدها قرار استخدام أي وسيلة مهما كانت، وذلك للأسف يجعلنا نستخدم وسائل «غير أدمية»‬ ويقوم السائقون بتحميل أعداد كبيرة لدرجة تصل إلى اختناق الركاب.


أما إسماعيل طه، محاسب فيقول: «أعمل بشركة في منطقة وسط البلد واستقل يوميًا عدة مواصلات حتى أصل لمقر عملي، وخلال هذه الرحلة استخدم العديد من الوسائل التي يجب أن ينظر إليها مسئولي هيئة النقل العام للحفاظ علي آدمية الراكب، ويشير إلي أن هناك سيارات يمكن وصفها بأنها» ‬مخلفات حرب، فهي لا تتجاوز قطعة حديد أكلها الصدأ تسير على 4 عجلات تعرض حياتنا وحياة أطفالنا للخطر.


ويؤكد هادي إبراهيم، أن منظومة النقل تحتاج لإعادة هيكلة والنظر إلى وسائل المواصلات إلى نستخدمها يوميًا فما بين توك توك غير مرخص وأتوبيسات منتهية الصلاحية وميني باص متهالك نحاول البحث عن أي وسيلة للحاق بأعمالنا، فالجميع يحاول الهروب من جشع السائقين والبحث عن وسائل أرخص مهما كان هيكلها.


ويشير هيثم عاطف - محام - إلى أنه من سكان منطقة النزهة ويعمل بمنطقة المهندسين، ويعاني بشكل يومي في رحلة معاناة من المنزل للعمل والعكس وأشار أن ارتفاع أسعار المحروقات ألقى بظلاله وأدى إلى زيادة أجرة المواصلات اليومية حيث أنه كان يتكلف يوميًا ما يقرب من ٨ جنيهات للوصول لعمله ولكن بعد ارتفاع الأسعار وصلت مصروفاته إلى ما يزيد عن 17 جنيها يوميًا، وهو ما جعله يعاني كثيرًا في الوصول لعمله وتدبير أحوال المعيشة لأن الأعباء في زيادة مستمرة وطالب هيئة النقل العام أن تعمل على تطوير منظومة النقل المتهالكة لتناسب أدمية المواطنين.


«الكابوت».. مصدر رعب في دمياط

رحلات عذاب يومية يعاني منها آلاف المواطنين رجالا وسيدات وشباب وفتيات في دمياط أثناء الذهاب والعودة من القرى والمدن نتيجة لتهالك العديد من وسائل النقل وأنها غير آدمية ومنها السيارات الكابوت والنقل والروماني القديم خاصة بمراكز كفر سعد وفارسكور والزرقا.


ففي مركز فارسكور تعد السيارة الكابوت المواصلة الرئيسية لعديد من القري والمدن حيث تعمل على خط فارسكور الروضة مرورا بقرى الغوابين والسلملية والعطوي وأبو جريدة وخط الرحامنة مرورا بقري عزبة الجندي والعزازمة.


ويقول «شوقي» أحد أهالي قرية الغوابين المواصلات للقرية غير آدمية لأن السيارات «الكابوت»‬ عفي عليها الزمن بالإضافة إلى صعوبة ركوب السيدات وكبار السن وتكدسها في ظل ارتفاع درجة الحرارة وتعلق العديد من الشباب خارجها، كما أن هناك خدش حياء أثناء ركوب السيدات ونتمني تغيير تلك السيارات بأخرى ميكروباص من أجل حماية الركاب.


ولم يختلف الحال كثيرا بمركز كفر سعد، حيث تعد السيارة الكابوت المواصلة الرئيسية لخطوط سير العديد من القرى إلى المدينة والعكس.


وتحدث «أسامة محمد»، أن منطقة النصف بكفر سعد والتي تضم قري (السعدية القبلية والبحرية والإبراهيمية القبلية والبحرية) تلك المنطقة أكثر تضررًا من المواصلات غير الآدمية لأن المواصلة الوحيدة المتواجدة هي السيارات الكابوت ويتم تحميلها بطريقة مفزعة ويقف عدد من الركاب خارج السيارة كما أن هذه السيارات يقودها صبية صغار والكثير منهم لا يحمل تراخيص.


ويقول عبده قطب، إننا في قرية الإبراهيمية البحرية نعاني من المواصلات حيث أن السيارات الموجودة علي الخط ربع نقل (كابوت) وفي أوقات الزحام أثناء الذهاب والعودة من المدارس يلجأ أبناؤنا للتعلق خارج السيارة ليوفر المكان داخلها للسيدات وكبار السن وسط خطورة عليهم.

 

لمتابعة باقي ملف التحقيق طالع عدد «أخبار اليوم» غدًا الأربعاء  9 مايو  في صفحات 6 و7. 

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة