باراك أوباما ودونالد ترامب
باراك أوباما ودونالد ترامب


«أوباما» و«ترامب» .. وجهان مغايران في السياسة الأمريكية

أحمد نزيه

الأربعاء، 09 مايو 2018 - 08:11 م

أحدث الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ضجيجًا في العالم أمس الثلاثاء 8 مايو، حينما أعلن انسحاب بلاده من الاتفاق النووي المبرم مع إيران، ليخلف قرار الرئيس الأمريكي أصداءً واسعةً في جميع أنحاء العالم ما بين مؤيدٍ للقرار ومعارضٍ له.

هذا الضجيج أحدثه ترامب من قبل، منذ ما يربو على عامٍ ونصفٍ حينما اُنتخب رئيسًا للولايات المتحدة، على عكس التوقعات التي كانت تشير إلى نجاح منافسته الديمقراطية، هيلاري كلينتون، لتبدأ منذ تلك اللحظة المخاوف تجاه السياسات التي سينتهجها هذا الرجل في إدارة دفة القرار بالبيت الأبيض، بعد تبنيه خطابًا شعبويًا أثناء حملته الانتخابية لم يخلُ من سياسة الإقصاء نوعًا ما.

ترامب حاول منذ قدومه للحكم مطلع عام 2017 أن ينتهج سياساتٍ أقل حدةً من نبرته التي استخدمها أثناء حملة ترشحه لرئاسة الولايات المتحدة، لكن سرعان ما كشف عن وجهه الحقيقي، بعدة قرارات شكلت محور جدلٍ كبيرٍ خلال نحو ستة عشر شهرًا من حكمه الولايات المتحدة.

قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي لاقى استهجانًا من سلفه باراك أوباما، حيث اعتبره الأخير يعرض الاتفاق النووي للخطر من دون أن تكون إيران قد انتهكته، حسبما قال، واصفًا قرار ترامب بالمضلل والخطأ الجسيم.

ترامب يهدم ما بناه أوباما

أوباما امتاز خلال فترة حكمه للولايات المتحدة، والتي امتدت ثماني سنوات بالدبلوماسية، فهو الذي كان يتبنى شعار القوة الناعمة، وحاول طيلة فترة حكمه أن يزيل الآثار السلبية لحكم سلفه جورج دبليو بوش، الذي أقحم الولايات المتحدة في حروبٍ، أبرزها الحرب على العراق، جعلت من أمريكا دولة سيئة السمعة لدى شعوب الشرق الأوسط.

تعامل أوباما مع الملفات الشائكة على الساحة الدولية، كان دائمًا ما يمر عبر القنوات الدبلوماسية، ومن بين تلك الملف النووي الإيراني، الذي توصلت الإدارة الأمريكية في عهد أوباما إلى اتفاقٍ مع إيران أبرمته واشنطن رفقةً خمسٍ من القوى العظمى في العالم مع طهران في أبريل عام 2015 في مدينة لوزان السويسرية.

ترامب اعترض على هذا الاتفاق، معتبرًا إياه يخدم المصالح الإيرانية، ولا يقوض ما يراه أطماعًا إيرانية في الهيمنة على الشرق الأوسط، فرأى أن إيران تنتهك ما أسماه الاتفاق النووي.

(للمزيد من المعلومات حول أسباب رفض ترامب الاتفاق النووي طالع التقرير التالي: الاتفاق النووي..من مهد البداية في «لوزان»..إلى بداية النهاية في «واشنطن»)

والآن وجه الرئيس الأمريكي ضربةً موجهةً للاتفاق قد تؤدي إلى انهياره، بإعلانه الانسحاب من الاتفاق النووي، وسط تنديد جميع الأطراف الأخرى التي وقعت الاتفاق إلى جانب الولايات المتحدة، سواء إيران الطرف الآخر، أو حلفاء واشنطن في بريطانيا وفرنسا وألمانيا، أو روسيا أو الصين.

مكافحة تغير المناخ

وليست هذه المرة الأولى التي يتخذ فيها ترامب قرارًا يعصف باتفاقٍ أُبرم في عهد سلفه أوباما، ففي شهر يوليو من العام الماضي، انسحب الرئيس الأمريكي الحالي من اتفاق مكافحة تغير المناخ، وذلك في الفاتح من شهر يونيو العام الماضي.

واتفاق باريس لمكافحة تغير المناخ، تم الاتفاق عليه في الثاني عشر من ديسمبر عام 2015، في العاصمة الفرنسية أثناء حقبة أوباما الرئاسية، وجاء هذا الاتفاق عقب المفاوضات التي عقدت أثناء مؤتمر الأمم المتحدة 21 للتغير المناخي في باريس.

قرار ترامب تسبب في غضب قادة أوروبا من الرئيس الأمريكي، وعلى رأسهم المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، التي دعت خلالها نظرائها في الاتحاد الأوروبي إلى أخذ زمام المبادرة، وعدم الاعتماد على حلفاء الاتحاد الأوروبي، في إشارةٍ منها إلى الولايات المتحدة.

قضية القدس

وإلى الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمةً لإسرائيل، فقد سار أوباما على نهج أسلافه من الرؤساء الأمريكي، فدأب على تأجيل إنفاذ قرار الكونجرس الأمريكي عام 1995، والخاص بنقل السفارة الأمريكية لدى إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، كل ستة أشهر، طبقًا لبنود هذا القرار.

وطيلة سنوات حكم أوباما الثمانية، كان هذا هو النهج السائد من الرئيس الأمريكي السابق، بيد أن ترامب حمل وجهًا مغايرًا في تلك القضية.

في بداية حكمه، رغب ترامب في إحياء مباحثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين من جديد، ورعى ما سماه "صفقة القرن" لإحلال السلام في الشرق الأوسط، وقد أرجأ أمر نقل السفارة لمدة ستة أشهر في يونيو عام 2017، ليسير بذلك على نهج من سبقوه في حكم البيت الأبيض.

لكن الأمر تغير في السادس من ديسمبر الماضي، حينما أعلن الرئيس الأمريكي اعترافه بالقدس عاصمةً لإسرائيل، وتوجيهه وزير خارجيته آنذاك، ريكس تيلرسون، بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.

قرار ترامب أشعل العالم العربي والإسلامي غضبًا تجاهه، لكن الرئيس الأمريكي لم يكترث بذلك، وهو الآن بصدد نقل السفارة فعليًا إلى القدس في منتصف مايو الجاري مع حلول الذكرى السبعين لقيام دولة إسرائيل، الذي يمثل ذكرى النكبة بالنسبة للفلسطينيين والعرب.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة