«الجلاَّمة» البدوية.. موسم جز صوف الأغنام بالصحراء الغربية
«الجلاَّمة» البدوية.. موسم جز صوف الأغنام بالصحراء الغربية


«الجلاَّمة» البدوية.. موسم جز صوف الأغنام بالصحراء الغربية

مدحت نصار

الأربعاء، 09 مايو 2018 - 08:55 م

 لكل مجتمع من المجتمعات عاداته وتقاليده التي تتوارثها الأجيال وتميزه عن غيره من باقي المحافظات، حيث نجد أهل البادية بصحراء مصر الغربية يحتفلون هذه الأيام بموسم جز صوف الأغنام الذي يعرف فى اللهجة البدوية بـ «الجلاَّمة».

 

يبدأ الموسم من منتصف شهر أبريل وحتى نهاية شهر مايو من كل عام، حيث تبدأ هذه العملية مع بداية فصل الربيع وانتهاء فصل الشتاء وقبل حلول حرارة الصيف، حيث يستخدم الجلَّام في ذلك مقصات بدوية، لتخليص الأغنام من الصوف خاصة في فصل الصيف؛ لتجنب الإصابة بالكثير من الأمراض الناجمة عن الحشرات والفطريات والأشواك التي تلتصق بالفراء وتنتشر مع ارتفاع الحرارة.

 

تعتبر الجلاَّمة جزء لا يتجزأ من التراث البدوي الأصيل، ومن أبرز الموروثات والأكثر شهرة بالقرى والنجوع وتنتشر بين أبناء قبائل أولاد علي بمحافظة مطروح، الذين يقطنون الساحل الشمالي من صحراء مصر الغربية، وهي عادة قديمة تمتد لآلاف السنين وتعود جذورها للعصور الفرعونية بمصر القديمة، ومازالت قائمة حتى الآن.

 

وتمتلك قرى المحافظة أيدٍ عاملة تتميز بالمهارة في جز الصوف، لخبرتهم الطويلة في هذا المجال والذين توارثوا عاداتها وتقاليدها أبًا عن جدًا، ويبدأ العامل بالجز من بطن الشاة ثم الصدر مرورًا بالرقبة والأطراف الأمامية باتجاه الأكتاف والظهر، وبعد الإنتهاء تطوى جزة الشاة بطريقة مناسبة، ويتم تجميعها في أحد أركان الخيمة المعدة للجز «بيت عرب» ثم وضعها فى أجولة.

 

ويزن الجوال الواحد ما يقرب من 45 كيلو جرام ويبلغ ثمنه حوالي 90 جنيها، وتخزن في مكان جاف بعيدًا عن الشمس والرطوبة، وتزن الخزة الواحدة ما يقرب من 2 إلى 3.5 كيلو جرام، ويقول الحاج شعيب كريم، أحد مربي الأغنام بمنطقة القصر غرب مدينة مرسى مطروح، أن الأصواف التي يتم جزها من أغنام «البرقى» تعد من أفضل وأجود الأنواع الموجودة في الصحراء الغربية ويزداد الطلب عليها في الأسواق الخارجية لجودة لحومها.

 

وتدخل أصوافها في كثير من الصناعات مثل «البطاطين والأكلمة والحوايا والمشغولات البدوية» التي تعد من التراث القديم للأجداد، وتلك الثروة مهدرة وتقدر بملايين الجنيهات ولم يتم الاستفادة منها لعدم وجود مصانع تهتم بهذه السلعة، مضيفًا أن للجلامة طقوس تراثية خاصة تتوارثها الأجيال من الآباء والأجداد، ومازال يحرص عليها في الصحراء رغم المتغيرات والتطورات التي طالت الكثير من الموروثات.

 

يتم ذبح الخراف في الصباح الباكر لإطعام المشاركين في عملية الجز، وهم الأشخاص المتخصصون في هذه العملية، والمعاونون لهم من الرعاة وأصحاب الغنم والجيران والأقارب الذين يساعدونهم، وتقدم وجبة الإفطار في بداية العمل ثم يتوقف المشاركون لتناول وجبة «الضحوية» وهو الطعام الذي يقدم للجلاَّمة بين وجبتي الإفطار والغذاء، وتقدم خلالها «وجبة المفروكة» التي تتكون من الخبز المجردج، الذي يضاف إليه الزبد والتمر والبيض المسلوق ويقدم اللبن مع المفروكة.

 

كما تقدم «القلايا» وهي معدة من كبد وكلاوي الأغنام وتقدم بعد ذبح الشاة وقد تذبح أكثر من شاة حسب عدد الضيوف، ووجبة الغداء عبارة عن الأرز المرجع وهو أرز باللبن الخض والسمن مع لحم الضأن، والشاي يقدم بشكل متكرر وتكون «عدة الشاي» التي تعرف بالعدالة قريبة من بيت العرب، الغلمان الصغار الذين يشهدون عملية الجز، يقومون بتقديم الشاي الزردة المعد في أكواب صغيرة على العاملين، وتنشد «القذاذير».

 

«القذاذير»؛ هي أغانٍ بدوية يتم ترديدها طوال اليوم، ومنها «يَرْعاهم الله يا ضان أَسْيادِك وفَزّاعتِك الكِل» و«الضان والْجلَم والبَيْت نهارة ملاقاهِن طرَب» و«الضّان كلّ يَوْم تْزِيْد عَ الرّاعى غَلا مَو لَوّلِى» و«النور ولا ظلام القبور»، والشخص الذي يأتي مُتأخِّرًا عن الجلامة يقول عند وصوله بصوت مرتفع «النُّور يا جَلاّمة النُّور» فيردُّون عليه: «النُّور ولا ظلام القبُور».

 

يقول الحاج رمضان عبدالستار أحد المهتمين بشئون الثروة الحيوانية والزراعة بالمحافظة، إن عملية جز الصوف تسبقها تجهيزات خاصة، أهمها إقامة خيمة كبيرة تتم فيها عملية جز الصوف، وهي التي تسبق يوم الجلامة يجتمع القائمين على هذه العادة في بيت صاحب الأغنام، ويتناولون وجبة العشاء، وبعضهم ممن يحترفون هذه العادة ويحصلون على المقابل وأغلبهم من الجيران والأقارب وأهل المناطق القريبة وهم يساعدون في هذا العمل دون مقابل ويطلق على هذا «الرغاته»، والتي تعرف في سيناء والأردن بالفزعة.

 

«الرغاته»؛ هي عملية تحدث في عملية الحصاد وحفر الآبار وغيرها من الأعمال التي تتطلّب العمل الجماعي، مؤكدًا أن مربي الأغنام بمطروح يأملون في النهوض بالثروة الحيوانية بعد تناقص أعدادها من مليون و200 ألف رأس إلى 400 ألف رأس.

من اهم الموروثات البدوية فى صحراء مصر الغربية

من اهم الموروثات البدوية فى صحراء مصر الغربية

من اهم الموروثات البدوية فى صحراء مصر الغربية

من اهم الموروثات البدوية فى صحراء مصر الغربية

من اهم الموروثات البدوية فى صحراء مصر الغربية

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة