أحمد أبو الغيط
أحمد أبو الغيط


أبو الغيط: الحكومات العربية مطالبة بتمكين الشباب لصناعة المستقبل

نادر غازي

الإثنين، 14 مايو 2018 - 01:56 م

أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة العربية أنه لا يُمكن أن يتقدم مجتمع من المجتمعات أو تنهض أمة من الأمم من دون حدٍ أدنى من العلاقة الصحية بين الأجيال المختلفة.
وأضاف أن هذه العلاقة وحدها هي التي تضمن أن يُزاوج المتجمع بين ما لدى الشباب من روح جديدة وأفكار إبداعية من ناحية، وما يحمله الجيل الأكبر من خبرة متراكمة من جانب آخر، وقال إن هذه المزاوجة هي ما تنتج  التوازن الضروري لارتقاء المجتمعات بصورة مطردة،  وفي الاتجاه السليم.
جاء ذلك خلال كلمته أمام اجتماع الدورة ٤١ لمجلس وزراء الشباب العرب الذى عقد اليوم فى مقر الجامعة برئاسة خالد عبد العزيز وزير الشباب والرياضة.
وقال أبو الغيط إننا أمام ظاهرة عالمية طاغية تتمثل في اتساع الفجوة وتعاظم الهوة بين الأجيال المختلفة داخل البلد الواحد، وهي ظاهرة تشترك فيها المجتمعات المتقدمة والنامية بدرجات متفاوتة، وقد أدى التسارع المُذهل في وسائل الاتصال عبر الوسائط الرقمية المختلفة إلى بزوغ ما يُمكن تسميته باللغة العالمية المُشتركة بين جيل الشباب، خاصة ذلك الجيل الذي يُعرف بجيل الألفية، ويضم من تفتح وعيهم وتشكل وجدانهم مع بداية الألفية الثالثة.
وأضاف أن هذه اللغة المشتركة قد جعلت الشباب في أحيان كثيرة أقرب إلى بعضهم البعض – في الآمال والطموحات- عبر بلدان العالم، منهم إلى الجيل الأكبر من أبناء البلد الواحد، ورأينا الانقسامات تظهر في الثقافة كما في الاقتصاد والسياسة، إذ يشعر أبناء الجيل الجديد أنهم ظلموا بالمقارنة بجيل الآباء والأجداد الذي توفرت له فرص عمل أفضل، وشبكات ضمان اجتماعي أكثر استقراراً، في حين يُعاني أبناء جيل الألفية من البطالة وانعدام الاستقرار الوظيفي وانخفاض الأجور.
وقال إن الكثير من المجتمعات المتقدمة يشكو من ارتفاع معدلات الإعالة في ظل اتجاه هياكلها السكانية إلى الشيخوخة وضعف مستويات الإنجاب، وهو ما يخلق أعباء أكبر على الشباب ويضعهم في ما يشبه المواجهة مع الجيل الأكبر من المسنين الذي يعيشون على الضمان الاجتماعي والمعاشات، ولا شك أن هذه الأوضاع الاقتصادية سوف تفرز نوعاً من التناقض بين الأجيال، ربما ينعكس في صورة توترات اجتماعية وسياسية، ومن حسن الطالع أن المنطقة العربية لا تُعاني من هذه المشكلة، ذلك أن هياكلها السكانية وأوضاعها الديموغرافية تعكس اتساع قاعدة الشباب بصورة واضحة.
وأوضح أن ثلثي سكان العالم العربي تقل أعمارهم عن ثلاثين عاماً، وهو ما يجعل مجتمعاتنا الأكثر شباباً على مستوى العالم، ولا شك في أن هذا الهرم السكانى النابض بالشباب والحيوية يولد فرصاً بلا حدود، ويطرح أمام بلادنا إمكانيات كبيرة يتعين استغلالها وتوظيفها خلال السنوات الحالية، وقبل أن تُغلق هذه "النافذة الديموغرافية" النادرة، وقال إن هناك أكثر من 100 مليون شاب عربي تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاماً، وهو سن التعليم والعمل والانتاجوالإسهام في المجتمع، مشيرا الى ان هؤلاء هم رهاننا الحقيقي، وفرصتنا الكبرى للحاق بالمستقبل. 
وأكد ابو الغيط ان موجة الاضطراب العاتية التي ضربت الكثير من بلادنا العربية منذ 2011 تعبر، في جانب منها على الأقل، عن حالة من الاغتراب غير المسبوق بين جيل الشباب، وتعكس وضعاً هو أقرب إلى الحرب بين الأجيال، وقال إن الشباب الذي كان وقوداً للحركات الاحتجاجية، ثم الصراعات المروعة والدامية التي مزقت بعض الدول العربية، يغمره شعور بالغضب الشديد والرفض الكامل لكل ما يمثله الجيل الأكبر من قيم وأفكار ورؤى، إذ يشعر أبناء الجيل الجديد بأنهم محرومون من الفرص، ومجبرون على مواجهة أوضاع اقتصادية صعبة، ربما لم تواجهها الأجيال السابقة، وفي المقابل يشعر الجيل الأكبر بأن الشباب منعزلون عن مجتمعهم، رافضون لكثير من قيمه، عازفون عن الاسهام الحقيقي فيه، إذ يتطلعون إلى مكاسب ذاتية وسريعة من دون تعب كاف أو تضحيات حقيقية لصالح المجتمع.

وقال إن الحاجة تشتد في بلادنا العربية إلى مد جسور التفاهم والمصالحة بين الأجيال المختلفة، وذلك عبر حوار حقيقي بين ممثلي هذه الأجيال، شريطة أن يقوم هذا الحوار على أسس سليمة ومبادئ صحيحة من إدراك كل جيل لهواجس الأجيال الأخرى وشواغلها، وقيمها ومفاهيمها، فمن دون ذلك الإدراك يصير الحوار نوعاً من التلقين من الجيل الأكبر إلى الجيل الأصغر، أو يصير حالة من الاتهام المستمر من الجيل الأصغر للأكبر، وهو ما لن يجدي نفعاً في تقريب الرؤى والوصول إلى اللغة المشتركة المنشودة.
وأضاف: "وأقول بصراحة إن تقاعسنا وتباطؤنا في تحقيق مثل هذا الحوار بين الأجيال سوف يُنتج مزيداً من الاغتراب والتباعد بينها، وسوف يكون من شأنه توسيع الفجوة الجيلية بكل ما لهذا الأمر من تبعات خطيرة على الاستقرار السياسي والاجتماعي".
وأضاف أن الحكومات العربية ليست مطالبة فقط بتوفير الفرصة للشباب، تعليماً وتدريباً واعداداً لسوق العمل، وإنما هي مطالبة كذلك بأن تُمكن الشباب من أن يكون مُشاركاً حقيقياً في صناعة هذا المستقبل، وفاعلاً أصيلاً في وضع أولوياته والمفاضة بين خياراته، وقال إن مشاركة الشباب في صنع المستقبل حق وواجب، حق له وواجب على المجتمعات، ومن دون توفير آليات وقنوات لتفعيل هذه المشاركة فإن الشباب سينأى بنفسه عن الاهتمام بقضايا المجتمع، ويزداد ميله للانعزال والتمحور حول الذات، وغني عن البيان ما لهذه الاتجاهات، إن ترسخت وتعمقت، من آثار خطيرة وتبعات بالغة السلبية على نهضة المجتمعات وقدرتها على إطلاق الطاقات الكامنة لدى كافة أبنائها.
كما أكد ان تجاوز الفجوة بين الأجيال، في الثقافة والقيم والنظرة إلى العالم، هو واحد من أخطر التحديات التي تواجه منطقتنا العربية، وهو ما يضع مسئولية كبيرة على عاتق مجلسكم الموقر الذي ينشغل بمناقشة ودراسة كافة القضايا المتعلقة بمستقبل الشباب وكيفية دمجهم في حركة المجتمع، وتمكينهم من المشاركة الإيجابية في شئونه، وتحقيق التناغم المطلوب في العلاقة بينهم وبين الأجيال الأكبر، وما ينبغي أن تتأسس عليه هذه العلاقة من قيم الاحترام المتبادل والتفاهم وقبول الاختلاف.
 

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة