صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


«حملات التوعية».. ضلت طريقها وفقدت بريقها

عبد الجليل محمد- لمياء متولي

الأربعاء، 30 مايو 2018 - 11:05 م

- الخبراء: لا تصل للجمهور المستهدف وتحتاج لأفكار «خارج الصندوق»
- «القابضة للمياه»: نعمل طوال العام للدعوة إلى الترشيد
- أساتذة الإعلام: تحتاج لتمويل حقيقى
- علماء الاجتماع: نفتقد الحملات المؤثرة مثل «ماما نونة» 

,, هل هى نصيحة ؟ أم علاج لمشاكل تؤرق المجتمع ؟.. سؤالان من بين مئات الأسئلة التى تلاحق عشرات حملات التوعية التى تبث على شاشات مختلف الوسائل الإعلامية، والتى أصبحت بلا جدوى، بعد أن تحولت إلى «تقضية وقت»، وأصبح شعارها: « وجودنا زى عدمه « دون أن تترك أثرا يذكر لدى الجمهور.


على الرغم من أن تلك الحملات كان لها تأثير إيجابى كبير وواضح على جمهور المواطنين والمتابعين للقنوات بمختلف وسائلها منذ سنوات، وكانت شعاراتها تتردد على ألسنة الجمهور، وأصبحت بالفعل جزءا من ثقافته العامة، فحققت أهدافها، وغيرت الكثير من السلوكيات الخاطئة، ونتذكر فى هذا السياق الحملات الناجحة لتنظيم الأسرة، ومكافحة البلهارسيا، وغيره من الحملات التى لا تزال حية فى ذاكرة المواطنين.


ورغم وجود العديد من الظواهر السلبية التى تحتاج إلى حملات توعية لمواجهتها، نجد فى المقابل الحملات الحالية أصبحت بلاقيمة أو هدف محدد فتحولت إلى إهدار للوقت والجهد والمال أيضا دون أن تصل إلى جمهورها المستهدف أو تحقق أهدافها.. « الأخبار» فتحت ملف ضعف الحملات التى تعالج المشاكل المجتمعية واستطلعت أراء الخبراء الذين قدموا روشتة للخروج من الأزمة وإعادة تلك الحملات لتأثيرها كسابق عهدها,,.

 

فى البداية يؤكد د. صفوت العالم، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أن هناك مشكلات جسيمة تواجه حملات التوعية التى تعرض على مختلف شاشات القنوات الفضائية، تأتى فى مقدمتها تعدد وتنوع وسائل الإعلام المخاطبة للجماهير ولأن حجم المشاهدة لأى وسيلة منها تتحدد بناءً على المادة التى يتم تقديمها من خلال تلك القناة او الوسيلة.


ويضيف أن الجمهور بكل فئاته تشتت بين تنوع الوسائل التى تصل إليه من خلال جميع وسائل الإعلام سواء المرئية أو المسموعة أو المقروءة، وذلك هو المشكلة الثانية لأن تفقد أى حملة إعلانية تأثيرها أو مصداقيتها تجاه الجمهور.


وأشار إلى أن المشكلة الثالثة، والتى لها تأثير قوى فى صناعة أى حملة هو ضعف التمويل الخاص بعدد كبير من الوزارات المعنية بالحملات الإعلانية، وحتى وان وجد يكون ضئيلاً للغاية لا يليق بتنفيذ أى من الحملات، فى حين أن تلك الوزارات إذا شاركت فى إعلان خاص بمنتج معين تضخ فيه مبالغ باهظة ويصاحبها غياب وزارة الإعلام بعد الغائها، والتى كان لها دور كبير وواضح فى تنظيم الحملات ومراجعتها قبل عرضها على جمهور المواطنين. وكشف أن معظم الوسائل المتاحة فى تلك الفترة كلها تتبع الإعلام الخاص، الذى لايهمه مدى اهمية المادة الإعلامية أو الإعلانية التى تقدم لجمهور المواطنين بقدر ما يهمه تحقيق هامش الربح السريع والوفير من خلال جذب أكبر قدر من الإعلانات.


ووضع د. العالم، روشتة لعودة الحملات الإعلامية لتصبح صاحبة تأثير قوى كما كانت فى عهدها السابق بتوفير تمويل حقيقى لأى حملة، بالإضافة إلى قيام كل الوزارات المعنية بتوفير النفقات التى تطلبها تلك الحملات بالتعاون مع أجهزة الإعلام التى ستعرض هذه الحملات عبر وسائلها المختلفة.


تفتيت الجمهور


ويؤكد د. سعيد صادق، أستاذ علم النفس والاجتماع، أن أى حملة لتوعية المواطنين تجاه منتج معين أو تحث على الأخلاق يجب أن تكون بأعلى درجات الكفاءة والحرفية ويجب أن يتم من خلالها تحديد أى فئة يتم مخاطبتها « عمال أو فلاحين أو صنايعية «، أو ان يتم تحديد الطبقة التى تستهدفها تلك الحملة. وأوضح انه لابد قبل تصوير الحملة أن يتم ارسال مندوبين إلى المنطقة التى بها الطبقة المستهدفة فى الحملة يقومون بعمل ما يسمى «باستبيان « يطرحون من خلاله مجموعة من الأسئلة خاصة بالمادة المطروحة فى الحملة ثم أخذ «عبارات ومصطلحات» تلك الطبقة حتى نستطيع مخاطبتهم بها من خلال الحملة وبذلك نكون عرضناها بسلوكياتهم التى يفضلونها ومن ثم ستؤثر فيهم الحملة وتحقق كل أهدافها. وقارن د. صادق بين الحملات التى كانت تعرض فى الأوقات الماضية والتى يتم عرضها حاليا.

 

وأكد أن الجمهور تغير تماما وتعددت وسائل الإعلام وكثرت وتنوعت اتجاهاتها لذلك فالجمهور « تفتت « بينها ففقدت الحملات تأثيرها، إضافة إلى ضعف الإعلام القومى الخاص بالدولة، بالاضافة إلى ان الاسلوب الذى يخاطب به الجمهور قديم ولا حيلة له وسط الزخم الإعلامى الموجود على الساحة، والحل الوحيد لكى تعود الحملات إلى نجاحها يجب تكاتف كل أجهزة الإعلام الحكومى والخاص وتوفير التمويل اللازم لإخراج الحملة بالشكل المناسب.


تأثير محدود


وترى د. سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع، أنه على الرغم من تعدد وسائل الاتصال الاجتماعى، إلا انه مازالت حملات التوعية مقتصرة فى بثها على التليفزيون والإذاعة فقط، وهذا ما يجعل تأثيرها محدودا بعض الشىء فلابد من نقل هذ الحملات إلى وسائل التواصل الاجتماعى المختلفة، خاصة أن بعضها يختص بمخاطبة فئة الشباب لذلك لابد من اختيار الوسيلة الأكثر تأثيرا عليهم. وأضافت اننا حتى هذه اللحظة مازالنا نحفظ عن ظهر قلب جملا كاملة من بعض حملات التوعية التى كانت تذاع منذ عشرات السنين مثل حملة محلول معالجة الجفاف للراحلة كريمة مختار وحملات تنظيم الأسرة وغيرها من الحملات التى كانت تؤثر بشكل كبير فى ثقافة المجتمع، وكانت نتائجها ملموسة بالفعل. وأشارت إلى أنه لابد من العمل على حملات التوعية بشكل اكبر من خلال التخطيط لها بدقة وتركيز وألا تعتمد الحملة على مجرد توصيل الرسالة فقط،لانه فى كثير من الأحيان لا تحقق بعض الحملات الأهداف المرجوة منها. وشدد على ضرورة ان يتم تخصيص اوقات محددة يتم فيها إذاعة الحملة حتى يكون لها تأثيرات واضحة، خاصة أن الغرض منها غرس القيم فى نفوس أبنائنا وتوجيه المواطن إلى سلوك الطريق الصحيح سواء فى استخدام المياه، أو فى حملات الهجرة غير الشرعية أو فى حملات الزيادة السكانية وغيرها من الحملات، ويجب أن يتزامن ذلك مع إقامة ندوات تثقيفية تعمل على دعم أفكار الحملات.


وتؤكد د. سالى فاروق أستاذ الاقتصاد، أن حملات التوعية لها تأثير كبير وفعال فى توعية المجتمع من أى سلوكيات خاطئة ولزيادة الوعى لدى المواطنين، وأشارت إلى أن هناك الكثير من الحملات الارشادية التى يتم إذاعتها فى وسائل الإعلام المختلفة ولهذه الحملات مردود جيد، ولكن فى بعض الأحيان تفتقد إلى بعض المعايير المهنية الدقيقة. وأضافت أن الحملة يجب أن يتم فيها تحديد الشريحة المجتمعية التى سيتم مخاطبتها وأختيار المضمون المناسب لهذا الجمهور. وكشفت أن أغلب حملات التوعية فى الوقت الحالى تعتمد أختيار شخصية عامة تقوم بتوصيل رسالة الحملة ولهذا يجب أن يتم اختيارشخصية لها جماهيرية ولها تأثير على الشريحة المستهدفة،و هذا ما قامت به إحدى الحملات والتى قامت بأختيار شخصية اللاعب محمد صلاح لكونه نموذجا وقدوة وكان لهذا الاختيار تأثير كبير؟ وله نتائج ملموسة وهذا هو النهج الذى يجب أن يتبع فى الحملات.


تعديل الأسلوب


ويوضح د. محمد عبد الظاهر، أستاذ الصحة النفسية بجامعة طنطا، أن أغلب الحملات تكون أفكارها قائمة على النصائح وفى علم النفس هناك ما يعرف بأن الشخص لا يقبل دائما الاستماع إلى النصائح لأنه يرى أن الشخص أفضل وأعلى علما وهذه طبيعة بشرية ولهذا فإن أغلب هذه الحملات لا تحقق النتائج المطلوبة على الرغم من تعددها فى الفترة الأخيرة، ولهذا يجب تعديل هذه الطريقة المتبعة واختيار أسلوب آخر أفضل يكون له تأثير على الفئة المستهدفة من الحملة وأضاف أن اختيار شخصية بطل الحملة يكون عليها عامل كبير فى نجاحها من فشلها خاصة أن «النمذجة» هو وسيلة من وسائل العلاج فى علم النفس، ولهذا يجب تقديم نموذج يكون ناجحا له تأثير فى المجتمع.


45 مليون مشاهد


وترى بعض الجهات المسئولة عن حملات التوعية، أن أغلبها حقق النتائج المرجوة منها. وأن تأثيرها كان واضحا على المجتمع، حيث يؤكد عمرو عثمان، مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان، أن الصندوق يحرص من وقت إلى آخر على عمل حملات توعية للشباب لتعريفهم بمخاطر الإدمان من أجل زيادة الوعى، وفى الحملة الأخيرة تم اختيار اللاعب محمد صلاح ليكون نجم الحملة لكونه قدوة لمعظم الشباب وبالفعل لاقت الحملة إقبالا كبيرا ووصل الإعلان لما يقرب من 45 مليون مشاهد، وقد ارتفعت نسبة الاتصالات الواردة إلى الخط الساخن الخاص بالصندوق إلى 400% نتيجة مشاركة اللاعب محمد صلاح به، وهذا أكبر دليل على نجاح الحملة. ويؤكد اللواء حسن عبد العزيز، المتحدث الرسمى باسم الشركة القابضة للمياه، أنه على مدار العام نقوم بتقديم حملات التوعية والارشاد للمواطنين خاصة أن لها عاملا مؤثرا فى السلوك الشخصى للمواطن ونقوم بعد كل حملة من حملات التوعية بعمل استقصاء على عدة شرائح وعينات لمعرفة مردود الحملة،خاصة أننا فى الوقت الحالى فى حاجة ملحة لمعرفة المواطن بمدى أهمية كل نقطة مياه. وأضاف أنه خلال الحملة القومية لترشيد استهلاك المياه حتى شهر مارس كان إجمالى عدد المستفيدين من الحملة 684 ألف مواطن واجمالى عدد القرى المستهدفة 21 قرية.


 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة