شنط الخير تنتظر الغلابة
شنط الخير تنتظر الغلابة


الآلاف يتسابقون لخدمة المحتاجين بطرق مبتكرة..

«ماراثون الخير» ينطلق بين الشباب في رمضان

أميرة شعبان

الأحد، 03 يونيو 2018 - 09:37 م

 

مئات من الفرق الشبابية تضم جيشاً من المتطوعين، يبدؤون العمل كل عام في مثل هذه الأيام، وتحت شعار «خلى الخير عادة» تنطلق قوافل الخير من أسوان للإسكندرية.

 

وذلك لاستغلال شهر رمضان الكريم في تحقيق مبدأ «العدالة والكرامة» لآلاف الأسر المصرية البسيطة، التي تعد تلك الفرق بالنسبة لها «طوق نجاة» من غلاء الأسعار والظروف المعيشية الصعبة، وطوال السنوات الماضية طورت تلك الفرق الشبابية من عملها فلم يصبح رمضان «مجرد شنطة» للمواد التموينية، بل أطلق الجميع عنان فكره وإبداعه ليخرجوا بالعشرات من الأفكار والبرامج والمبادرات الرمضانية التى تدخل السرور على قلب كل محتاج فى جميع المحافظات.

 

في السطور القادمة نحاول تسليط الضوء على بعض النماذج التي استطاعت تحدى الظروف الاقتصادية، للقيام بدورها والمشاركة في إحداث تغيير حقيقي دون انتظار أي مقابل سوى دعوة بسيطة في شهر كريم.

 

كانت بدايتنا مع فريق «فى الخير متجمعين» والذي يضم المئات من الشباب المتطوع، الذى جمعهم حب الخير للعمل معاً على نشر أفكار جديدة تساعد الغير فى عمل الخير، وبالرغم من صغر سن المتطوعين بالفريق وانشغال أغلبهم بالامتحانات النهائية، إلا أن ذلك لم يكن معوقاً لمشاركتهم وبقوة فى سباق الخير بالشهر الكريم.

 

تقول رحمة بركات، إحدى أقدم المتطوعات بالفريق «ربما ما يميز فريقنا هو اعتمادنا الكلى على أسرنا الصغيرة في أعمال الخير، فصغر سننا وخبرتنا البسيطة في مجال العمل الخيري جعل من عائلاتنا وأصدقائنا المصدر الرئيسي لفعل الخير، وفى كل خطوة نجد منهم دعما معنويا وماديا قويا للإكمال فيما بدأناه». 

 

نكهة مختلفة


وتوضح قائلة « نبدأ رمضان دائماً بتجهيز الشنط إلا أننا نعطيها نكهة مختلفة عما يقدمه الآخرون، فلا نكتفي بالسكر والسمن والأرز، بل نراعى وجود أطفال في الأسر البسيطة التي نتكفل بها، فنضع لهم الحلوى والمربى، أو الحلاوة والجلاش وأحيانا نضع قطايف رمضان بالمكسرات الخاصة بها، وبالطبع نرى رد الفعل في عيون وأوجه كل من يرى محتويات الشنط الخاصة بنا» .

 

وعن وصولهم للأسر المحتاجة وتوفير المبالغ لهذا العمل تشير رحمة أنهم يتكفلون بمجموعة من الأسر بأحد مناطق إمبابة التي وصلوا لها عن طريقة جمعية قامت بعمل بيان حالة لهم وأثبتت مدى أحقيتهم.

 

أما عن توفير المبالغ اللازمة فتقول رحمة «الموضوع دا مكناش متخيلين أنه هيبقى سهل ويسير فبعد أول زيارة للمنطقة كل واحد فينا شال مسئولية أنه يدعى كل صحابه وعيلته أنهم يشاركونا وبالفعل بنبدأ نجمع منهم قبل رمضان بأكتر من شهر عشان ننفذ اللى بنفكر فيه، وبالفعل بنلاقى ناس كتيرة من خارج دايرة معارفنا بيجوا يتبرعوا ويطلبوا إنهم ينزلوا يشاركونا ويقضوا اليوم مع العائلات هناك».

 

ومن جانبها تشير يمنى رؤوف طالبة بالصف الثالث الثانوى إلى أن تحضيرها لامتحانات نهاية العام لم يشكل عائقاً أمام مشاركتها فى تجهيز شنط رمضان او النزول لتوزيعها وتوضح قائلة « فى البداية كان فيه رفض كبير من والدتي إني أنزل بنفسى وأشارك فى تكييس الشنط وتوزيعها لكن لما شافت بعينيها أنى نظمت وقتى جداً وزودت ساعات مذاكرتى عشان ألاقى وقت لشغل رمضان، رحبت بالفكرة جدا وبنفسها قالتلى إن موضوع شنط رمضان زادني همة ونشاطا» .

 

ومثلها أكدت نسمة سامى أنها ورفيقاتها قد خصصن وقتاً طوال الشهر للمشاركة فى أعمال الخير خاصة زيارات دور الأيتام بصحبة أسرهم، وان ذلك لن يشكل أى عائق أمام المذاكرة قائلة « الخروج والاندماج فى الأجواء الرمضانية تعطينى حافزاً كبيراً على إكمال المذاكرة، فإحساسي بإني أنجزت شيئاً يدفعنى ويجبرنى على الالتزام بالمذاكرة».

 

كلنا دليل خير


وباسم «كلنا دليل خير» بدأ أحمد على العمل الخيري منذ نحو 18 عاماً هو ومجموعة من أصدقائه الشباب، إلا أن الوضع جاء مختلفاً فى هذه الحالة، فلم يكن هدف المجموعة أن يجمعوا تبرعات أو يساهموا بشراء شنط رمضان، مثلما كانت تفعل العديد من الجهات آن ذاك، إلا أن رؤيتهم كانت مختلفة، فقرروا أن يكونوا كحلقة وصل بين المتبرعين سواء بالجهد أو المال، وبين الجمعيات الموثوقة التى تعمل فى هذا المجال، فاستهدفت المجموعة التى تحولت لمؤسسة رسمية منذ ثلاث سنوات تيسير عمل الخير على محبيه.

 

ويوضح أحمد أن الكثيرين يحبون عمل الخير خاصة فى رمضان، إلا أنهم لا يعرفون كيف وأين، ومن هنا تقوم المؤسسة عن طريق حساباتها الرسمية على السوشيال ميديا، بتوفير خطة عمل متكاملة للمواطنين، عن طريق تجميع وتنظيم فعاليات كافة الجمعيات ليختار المتابعين عمل الخير الذى يفضلون المشاركة فيه طوال الشهر.

 

تغيير ثقافة التطوع


وتحت شعار «رمضان مش بس شنطة» تطلق المؤسسة خلال شهر رمضان فعالية على «الفيس بوك» لتحميس المتابعين للمشاركة فى كافة أوجه الخير طوال الشهر، دون الاقتصار على شنط رمضان، ويؤكد أحمد على أن تغيير ثقافة التطوع والمتطوع تأتى على رأس اهتماماتهم، فرمضان لا يعنى مجرد شنطة تموين بل أن هناك العديد من أعمال الخير التى تندرج تحت العمل التطوعى برمضان ومن الممكن ان يوجه جهده أو ماله إليها.

 

وتأتى على رأس تلك الأوجه «خروجات الخير» والتى تضم زيارات لدور أيتام أو مسنين خلال أيام الشهر الكريم والإفطار معهم، وأشار محمد إلى أنه فى أحد الخروجات تم الدمج ما بين المسنين والأيتام وكانت من انجح الخروجات، والتى تم الاستعانة بها بأحد الأخصائيين النفسيين فى مجال التحفيز.

 

أما موائد الإفطار مع الأسر البسيطة، فكان الخير فيها يتمثل فى خدمة المتطوعين لهذه الأسر بتجهيز وجبة الإفطار لهم وتنسيق المائدة ثم جمعها مرة أخرى بعد انتهاء الإفطار، فى لمسة إنسانية بسيطة، بجانب الاتفاق مع الجمعيات المختلفة على مستوى المحافظات لقضاء اليوم مع ذوى الاحتياجات الخاصة وذويهم.

 

إمساكية الخير


وبطريقة جديدة وجذابة لفعل الخير، توفر المؤسسة يومياً إمساكية بمواعيد الصلوات ومعها تختار عمل خير لهذا اليوم كفك كرب مديون أو تجميع مصاحف أو تبرع بملابس وغيرها من أعمال الخير طوال الشهر بدلاً من الاكتفاء بالإطعام والشنط.

 

ويشير أحمد على إلى أن العمل لكل تلك الفعاليات يبدأ قبل رمضان، كما يتم الحرص على التكامل بين الجمعيات وبعضها للهروب من استغلال التجار فإذا وجدت إحدى الجمعيات مصدرا لسلعة معينة بسعر مخفض يتم توصيلها لبقية الجمعيات وهكذا فى كافة المنتجات.

 

ويضيف أنه تم قبل رمضان «تعليق الزينة» فى الأماكن التى تفتقر للأجواء الرمضانية مثل «دور الأيتام ووحدات الأورام ومراكز المشردين « كنوع من إضفاء البهجة عليها.

 

حصالات ومسابقات


فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة والمنافسة الشرسة بين الفرق الصغيرة وبين المؤسسات والجمعيات الشهيرة على التبرعات، ابتكرت تلك الفرق أفكارا فعّالة لحث الشباب على التبرع دون أن يكون عمل الخير عبئا عليهم، ومن تلك الفرق ظهر فريق أحلى شباب والذي استطاع خلال أربع سنوات أن يشهر مؤسسة وجمعية تحت اسمه للعمل من خلالها فى مجالات الخير، فابتكر الفريق «حصالة الخير» وهى حصالة صغيرة تحمل شعار الفريق يتم توزيعها على أعضاء الفريق وتبدأ المنافسة بينهم فيحاول كل منهم ملء أكبر عدد من الحصالات، ليتم قرب رمضان تخصيص يوم لفتح تلك الحصالات وتخصيص أموالها لشراء مستلزمات الشنط، وبهذه الطريقة يسهل الفريق على الأهالي فكرة التبرع وفى نفس الوقت يحثون الشباب الصغير على الابتكار والإحسان.

 

وحدات الإفطار


ولمزيد من المنافسة على الخير بدأ الفريق فى بث روح التنافس بين فرقه المختلفة على مستوى الجمهورية لتجميع اكبر عدد من الوحدات الخاصة بشنط رمضان وبإفطار الصائمين، وتقول سماح حسن عضوة بالفريق أنه يتم تحديد مبلغ معين يمثل «وحدة» لشنط رمضان نظراً لاختلاف سعرها من منطقة لأخرى ومن محافظة لأخرى، فالوحدة على سبيل المثال 60 جنيهاُ، فمن الممكن أن تكون الشنطة وحدتين أو أكثر حسب كل محافظة، وتعمل كافة الفرق بالمحافظات على هذا الأساس وفى نهاية الموسم نعلن عن الفائزين بأكبر عدد من الوحدات، إلا أنها تؤكد أن ذلك بشرط هو مراعاة الجودة والإحسان فى شنط رمضان، فجودة المنتج وطريقة تقديمه للأسر المستحقة أهم من كم الوحدات نفسها، موضحة أن رمضان الماضى تمكن الفريق من توزيع 10 آلاف شنطة على مستوى محافظات مصر.

 

وبنفس الطريقة يتم تفعيل إفطار الطريق والتى تشمل وحدته بلح وعصير على أقل تقدير، أما عن إفطار الصائم فتوضح سماح أن الأمر يكون بمثابة تجهيز الإفطار لأسرتى فى المنزل، فتقول « من شروط وجبة الإفطار أن تكون مثالية كوجبات الإفطار التى يتم تناولها فى المنزل، فتتجمع فتيات الفريق فى مقر الجمعية ونجهز الوجبات بأكملها ثم يتم توزيعها على الحالات المستحقة، ونراعى ان تشمل تنوعاً فى المواد الغذائية بجانب الفاكهة».

 

تحدى الظروف


على الجانب الآخر عانت العديد من الجمعيات والفرق من قلة التبرعات أو المشاركة من الأهالي، خاصة مع الظروف الاقتصادية الصعبة التى يمر بها الجميع، إلا أن ذلك لم يثنيهم عن عملهم، ومن تلك الجمعيات يوضح محمد عادل رئيس جمعية خطوة وبسمة للتنمية أن المساهمات قلت هذا العام بشكل ملحوظ، إلا أن الحالات المستحقة تزيد كل عام عن العام السابق له، لذا العمل مطلوب حتى ولو تحت ضغط نقص الإمكانيات.

 

وفى ظل التراجع الملحوظ للموائد الرمضانية على غير العادة، كان لوجبات إفطار الصائم نصيب الأسد هذا العام، ويشير عادل إلى أن وجبة الإفطار تتكلف نحو 25 جنيهاً، ومعها العصر فتبلغ 27 جنيها وتشمل نشويات ولحوما وخضارا، موضحاً انه يتم توزيع نحو 150 وجبة كل جمعة، وفى مناطق أخرى كإمبابة يتم توزيع 100 وجبة يومياً على الأسر المستحقة والتى سبق وان تم عمل بحث اجتماعى لها، كما يتم بشكل يومى توزيع إفطار على الطريق ليشمل 5 بلحات ومياه وعصير.

 

وأكد عادل أن الشعب المصري بطبيعة الحال محب للخير، وأن كل تلك الجمعيات والفرق والشباب التي تعمل في الخير طوال الشهر، ما هي إلا سبب سخره الله ليصل الرزق لمستحقيه، موضحاً أنه يتفاجأ كل عام من الأرقام التي تحققها تلك الجهات من عدد الشنط والوجبات، وكأن رمضان يتفاخر بمحبي الخير به وبعملهم الصالح.
 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة