الشيخ محمد متولي الشعراوي
الشيخ محمد متولي الشعراوي


خواطر الشعراوي.. الحركة هدفها حياة 

بوابة أخبار اليوم

الأربعاء، 06 يونيو 2018 - 12:48 ص

إن التشريع يسمح لك أن تأكل مما تملك، أو تأكل مما  لا مالك له كنبات الارض غير المملوكة لأحد إلا أنك قبل ان تأكل لابد أن تنظر فى الطعام لتعرف هل هو مما أحل الله أم لا؟

 

وتكلم الله فى رزق الأقتيات، فجعله للناس جميعا عندما قال:
 

«يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِى الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا»
«من الأية 168 سورة البقرة»
وتكلم الله سبحانه مخاطبا المؤمنين فى شأن هذاالرزق، فقال:
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ»
«من الأية 172 سورة البقرة»


وبعد ذلك شاء الله أن يديم على المؤمنين به قضية التكليف فحرم عليهم الطعام والشراب والنكاح فى أيام رمضان، وهى حلال فى غير رمضان، وأحلها الله فى ليل رمضان، وإذا كان قد أرشد أن كل حركة فى الحياة هدفها بقاء الحياة واذا كان بناء الحياة يتوقف على الطعام، وهو أمر ضرورى لكل انسان،  وإذا كانت الحياة تمتد وتتوالى باستبقاء النوع، فيبلغ الرجل وينضج ويصير أهلا للإخصاب، وتبلغ المرأة وتنضج وتصير أهلا للحمل، فإذا كانت كل المسائل السابقة لازمة للجميع، فلابد من تشريع ينظم كل ذلك.


إن التشريع يسمح لك أن تأكل مما تملك، أو تأكل مما لا مالك له، كنبات الأرض غير المملوكة لأحد، إلا أنك قبل ان تأكل لابد ان تنظر فى الطعام لتعرف هل هو مما أحل الله أم لا؟ والتشريع لا يسمح لك أن تأكل من نبات الأرض المملوك لغيرك، ويحرم عليك أن تصطاد حيوانات مملوكة لغيرك، فالتشريع يحترم الجهد الذى تحرك به مالك الأرض ليزرع النبات أو ليربى الحيوان، فلا تقل: إن ذلك النبات فى الارض وأنا آكل منه، أو أن ذلك حيوان موجود أمامى وأنا اصطدته.


إن الحق يضع التشريع لينظم الحركة فى المال المملوك للغير بعد أن نظم الحركة فى المال غير المملوك والطعام غير المملوك، فإذا سبقك إلى المال غير المملوك أو الطعام غير المملوك إنسان، أو تحرك إنسان بحركة فى الوجود فاستنبط مالا صارت هناك قضية أخرى لا تتعلق بذات المأكول، ولكن بملكية المأكول، فقد بين الله سبحانه:


أن كل عمليات اقتياتك فى الحياة عملية لا يمكن أن تستقل  بها أنت، فلابد من اختلاط حركة الآخرين معك، فأنت لا تأكل إلا مما يكون فى أيديهم، وهم لا يأكلون إلا مما يكون فى يدك.


فالفلاح مثلا يبذر البذر، ولكنه يحتاج إلى الصانع الذى يصنع له الفأس، ويصنع له المحراث، ويصنع له الساقية، والذى يصنع ذلك يحتاج الى من يعلمه، ويحضر له المواد الخام، إذن فلو سلسلت الأشياء التى توصلك إلى الطعام لوجدت حركات الكون كلها تخدم هذه المسألة، وهكذا نجد أن الأكل من المال المتداول أمر شائع بين البشر، ويريد الله أن يضبطه بنظام فقال سبحانه: «وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ».


وما دامت أموالى فلماذا لا آكلها؟ إن الأمر هنا للجميع، والأموال مضافة للجميع، فالمال ساعة يكون ملكا لى، فهو فى الوقت نفسه يكون مالا ينتفع به  الغير.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة