صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


جريمة تبرأ منها الشيطان

علاء عبدالعظيم

الأربعاء، 27 يونيو 2018 - 08:54 م

أي نفس بشرية تقوى على فعل ذلك، سوى نفس أصابتها اللعنة، حيث أقبل على جريمته التي تبرأ منها الشيطان، وزهق روحًا بل أرواحًا بريئة، يقف القلم عاجزا عن التعبير عن أية مشاعر أو أحاسيس بعد أن رسم خطته، وفي عينيه صرامة رهيبة، وقلب من صخر.


لم يرأف بحالهن، وأشربهن كأس الموت مرًا، فحق عليه أن يذوق وبال أمره مرًا وعلقمًا، فلا حق له في طلب الرحمة وليكون عبرة لكل آثم.


السطور التالية تفيض أسى، وتنزف دمًا، من هول بشاعة الجريمة التي ارتكبها الزوج الذي انتابته لوثة ليقضي على ضحكة الأمس، وينهي حياة زوجته التي لم يتذكر لها صنيعًا طيبًا، وطفلتيه اللتان في عمر الزهور، معتقدًا بذلك بأنه يشفق عليهن من تلاطم أمواج الحياة والفقر، بعد أن حاصرته الديون.


تعاظمت الدهشة على وجه الزوجة التي كانت تغط في نوم عميق، وفتحت فمها في بلاهة، تموج انفعالاتها على وجهها، وازدادت دقات قلبها في الخفقان، وقبل أن تعتدل من نومتها، انقض عليها كالذئب واحكم قبضتي يده على رقبتها، حيث جحظت عيناها، وتقطعت أنفاسها، وانعقد لسانها عن الكلام.


حاولت مقاومته إلى أن خارت قواها، تعبر البرزخ الفاصل بين الحياة والموت، ولم يتركها إلا وهي جثة هامدة، وأمسك بإيشارب ولفه حول عنقها وشد طرفيه بقوة غاشمة كي يتأكد من أنها فارقت الحياة، لتسقط الزوجة ممددة على الأرض،.


لم تتوقف وحشية الرجل عند هذا الحد، بل توجه إلى غرفة طفلتيه الصغيرتين، فاستيقظتا على صوت صرخات الأم وأنينها، تعلو وجهيهما علامات الذعر والهلع، ولم يرحم دموعهما التي انسابت كشلالات فوق خديهما، وتوسلاتهما فهمت إحداهما في محاولة للهرب، إلا أنه شل حركتها وأمسك بسلك تليفون ودون رحمة أو شفقة لفه حول عنقها الصغير وخنقها، ووقعت جثة ممددة على الأرض بينما انزوت شقيقتها بجوار الحائط تتابع بعين زائغة، ونظرات تائهة جامدة تجهش في بكاء مرير مستسلمة كعصفور تنتفض إلى أعلى وأسفل بعدما كتم أنفاسها بالمخدة.


وبقلب متحجر، وانعدام الضمير يتركهن جثث هامدة، بعدما قام ببعثرة محتويات الشقة لتبدو الجريمة على أنها قتل من أجل السرقة، وتوجه إلى المقهى لمشاهدة مباراة كرة القدم، معتقدًا الهرب من عدالة السماء، وأثناء عودته أوهم الجميع بأن شخص ما قام بقتل زوجته، وطفلتيه، وسرقة مبلغ مالي كبير.



وجاءت تحريات الشرطة، بعد تضييق الخناق عليه اعترف بجريمته البشعة، معللاً خوفه عليهن من الفقر، كي لا يتركهن يتخبطن بين جنبات الحياة، تلك كانت جريمة تقشعر لها الأبدان، حيث أجساد للموت تساق، فلا العقاب يشفي، ولا الأدمع، ويبقى في نفس المجتمع لوعة وحسرة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة