د. نور الدين عبد الرحيم استاذ الاشعة التداخلية لعلاج الأورام
د. نور الدين عبد الرحيم استاذ الاشعة التداخلية لعلاج الأورام


«بوابة أخبار اليوم» تحاور أول مصري يحصل على أستاذية الأورام بألمانيا

محمود كساب

الأحد، 01 يوليه 2018 - 06:51 م

طائر من الطيور المهاجرة المصرية، خصص حياته لخدمة البشرية في مجال علاج الأورام بالأشعة التداخلية، وكرس وقته ليرفع اسم بلاده في الخارج، ليكون أول طبيب مصري يحصل على الأستاذية في علاج الأورام بالأشعة التداخلية بألمانيا.. إنه د. نور الدين عبد الرحيم أستاذ الأشعة التداخلية لعلاج الأورام وأمراض الأوعية الدموية بجامعة فرانكفورت بألمانيا..


«بوابة أخبار اليوم» تواصلت مع د. نور الدين، للوقوف على مشواره العلمي، وأهم التحديات التي واجهته خلال مشواره، وما هي الأشعة التداخلية لعلاج الأورام، وغيرها من النقاط الهامة التي كشف عنها في الحوار التالي..


في بداية، حدثني عن مشوارك العلمي في مجال الأشعة التداخلية؟


في عام ٢٠١٣ حصلت على البورد الألماني للأشعة التداخلية والتشخيصية وأصبحت استشاريا ومحاضرا في مجال الأشعة لتشخيص وعلاج الأورام وأمراض الأوعية الدموية في مستشفى جامعة فرانكفورت، وقمت بنشر أكثر من ٨٢ بحثا دوليا في مجال علاج الأورام وأمراض الأوعية الدموية في كبرى المجلات الدولية المتخصصة؛ تم بموجبها منحى درجة الدكتوراة الفلسفية الطبية في علاج الأورام وأمراض الأوعية الدموية باستخدام الأشعة التداخلية (Habilitation)، وهي أعلى شهادة أكاديمية من الجامعات الألمانية تؤهله للحصول على درجة الأستاذية (بروفيسور).


وفي مايو ٢٠١٨ قرر مجلس جامعة يوهان وولفجانج جوته منحى درجة البروفيسور (الأستاذية) في مجال تخصصه الدقيق لعلاج الأورام وأمراض الأوعية الدموية باستخدام الأشعة التداخلية؛ و بذلك أصبحت أول طبيب مصري من جامعة القاهرة يحصل على درجة بروفيسور في مجال تخصص الأشعة التداخلية لعلاج الأورام وعلاج أمراض الأوعية الدموية في دولة ألمانيا، وقدمت أيضا أكثر من ٢٥٠ ورقة بحثية في كبرى المؤتمرات في الولايات المتحدة وأوروبا.


ونظرا لإسهامي العلمي والبحثي المستمر لرفع التصنيف الدولي لجامعته الأم جامعة القاهرة ونظرا لعدد الأبحاث الأصيلة في مجال تخصصه الدقيق الذي أضيف أيضا لجامعة القاهرة لانتمائي إليها، حصلت على جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الطبية من مصر عام ٢٠١٥؛ وكرمني الرئيس عبدالفتاح السيسي في عيد العلم عام ٢٠١٧، و نلت من سيادته نوط الامتياز من الطبقة الأولى.

 

 

اشرح لنا ما هي الأشعة التداخلية لعلاج الأورام وأمراض الأوعية الدموية؟


علم الأشعة التداخلية هو أحدث العلوم الطبية عالية التخصص والتقدم التقني، التي تعني ببساطة إجراء عمليات داخل الجسم بدون شق جراحي عن طريق الجلد من خلال فتحات صغيرة حوالي ٢ -٥ مم، ويسترشد أثناء العلاج بالأشعة السينية أو الموجات الصوتية أو الأشعة المقطعية. 


وعلى سبيل المثال: علاج أورام الرئة والكبد والكلى باستخدام التردد الحراري أو الليزر أو الميكروويف، حيث يتم كي الورم والتخلص منه نهائيا دون الحاجة للاستئصال الجراحي من خلال فتحة ٢ مم عن طريق الجلد والاسترشاد بالأشعة المقطعية والموجات الصوتية لتحديد موضع الورم بدقة وعلاجه.


مثال أخر توسيع الشرايين الطرفية المسدودة عن طريق بالونات ووضع دعامات أو إذابة الجلطات في حالات تصلب الشرايين والقدم السكري، وأيضا علاج أورام الرحم وتضخم البروستاتا من خلال القسطرة العلاجية وسد الأوعية الدموية المغذية للورم. كل ذلك يتم بواسطة التخدير الموضعي ويتم خروج المريض من المستشفى في نفس يوم إجراء العملية أو في اليوم التالي.


لماذا اخترت هذا التخصص؟


مما سبق يتضح لك أن هذا التخصص مرتبط بالتطور التكنولوجي، ويعتمد على الطرق غير التقليدية لعلاج أمراض صعبة ومستعصية بأعلى دقة وكفاءة علاجية ممكنة. لهذا كنت حريصا في بداية حياتي العملية أن أتخصص في مجال يخدم المرضى ويخفف من آلامهم، وأن أكون من المتميزين والمبدعين في هذا المجال الدقيق، الذي يزداد أهميته نظرا لتنوع الأمراض التي يمكن علاجها من خلال هذا التخصص.
 

 

نعلم أنك سافرت إلى ألمانيا في عام 2006، حدثنا عن أبرز الصعوبات التي واجهتك خلال مشوارك العلمي؟


نظرا لانتشار الإصابة بأورام الرئة السرطانية الأولية والثانوية ورغبة مني في أن أكون من الرواد في مجال علاج هذا النوع من الأورام باستخدام تقنية التردد الحراري والليزر والميكروويف، قررت السفر إلى ألمانيا للحصول على درجة الدكتوراه وإجراء التدريب المتقدم لعلاج هذا النوع من الأورام، حيث أن رسالة الدكتوراه كانت عن هذا الموضوع تحديدا، ولم يكن في حينها سوى مراكز محدودة على مستوى العالم أجمع المتخصص بذلك المجال. 


وأيضا كانت لدي رغبة ونهم علمي بالغ للتدريب على علاج العديد من الأورام مثل أورام الكبد والكلى والعظام، و لاج أمراض الأوعية الدموية والانسداد المراري وغيرها من التقنيات المتقدمة.
الصعوبة كانت تكمن في اللغة حيث أنني اضطررت لتعلم اللغة الألمانية وإجراء امتحان معادلة للطب باللغة الألمانية رغم أن دراسة الطب في مصر باللغة الانجليزية.


الصعوبة الثانية تكمن في التأقلم والاندماج مع المجتمع الألماني واكتساب الثقة بأنني طبيب مصري حاصل على تدريب راقي، وأنني على قدرة عالية من الفهم والتعلم السريع. كل هذه كانت صعوبات لكنها سرعان ما تحولت إلى إعجاب وتقدير من الألمان.


وخلال ٤ سنوات، استطعت أن انشر أبحاث خاصة بعلاج أورام الرئة السرطانية باسمي كباحث أول وسرعان ما أصبحت مرجعا في هذا المجال بعد ذلك، وقدمت العديد من المحاضرات في كبرى مؤتمرات العالم في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، ثم حصلت بعدها على درجة الدكتوراه بتقدير امتياز من جامعة فرانكفورت.

 

 

انتشرت في مصر الأورام السرطانية بشكل مخيف خلال السنوات الماضية، كيف نحمي شبابنا من هذه الأورام؟


ارتفاع نسبة الإصابة المكتشفة من الأورام يرجع لسببين الأول التقدم المذهل في علم الأشعة التشخيصية مثل الأشعة المقطعية والرنين المغناطيسي والانبعاث البوزيتروني، بالإضافة إلى دلالات الأورام والتطور في علم الباثولوجيا وأخذ العينات من الجسم، كل ذلك سمح للأطباء من تشخيص عدد هائل من الأورام. 


أما السبب الأخر فيعود لعوامل متداخلة وراثية وهرمونية وتقدم العمر والتعرض للمواد المسرطنة مثل التدخين والمواد الحافظة والكيماويات وغيرها من العوامل وهناك عوامل مسببة أخرى لا تزال غامضة بالنسبة لعلماء الطب.


كما أن أهم العوامل للوقاية من السرطان هي البعد عن التدخين وتناول الأطعمة الطازجة وتجنب الأطعمة ذات المواد الحافظة وممارسة الرياضة وانتظام عدد ساعات النوم مساء، والمتابعة الطبية لاكتشاف أي تغيرات مرضية بصورة مبكرة.


كيف تنقل خبراتك إلى مصر في الفترة المقبلة؟


إنني على تواصل مستمر مع وطني الحبيب مصر، حيث أنني أقوم بزيارات منتظمة للمشاركة في المؤتمرات الطبية التي تعقد في مصر؛ بالإضافة لزيارتي لمناظرة الحالات وعلاج المرضى، حيث أنني أقوم بشرح العمليات العلاجية وكيفية الوصول لأفضل النتائج للأطباء المصاحبين، وأنا على أتم الاستعداد لإجراء عمليات علاجية في الجامعات المصرية أو المستشفيات المصرية لنقل الخبرة والارتقاء بالخدمة العلاجية، هذا بالإضافة لإلقائي لمحاضرات في كلية الطب جامعة القاهرة لتبادل الخبرات مع الزملاء.


أعطينا روشتة صحية للمحافظة على الرئة والوقاية من سرطانها؟

أهم نصيحة هي الابتعاد عن تدخين السجائر والشيشة والمخدرات، والحد من تلوث الجو وممارسة الرياضة، هذه العوامل تحد بنسبة كبيرة من السرطان الأولي للرئة، ويبقى المتابعة والاستشارة الطبية في حالات الكحة المزمنة أو نفث الدم مع الكحة خصوصا في حالة تقدم العمر.


كنت عضو مشارك في WFY حدثني عن هذه التجربة، وهل ترى مصر تغيرت بعد ٣٠ يونيو في دعم العلماء بالخارج والاستفادة من خبراتهم؟


تلقيت الدعوة الكريمة للحضور والمشاركة في مؤتمر شباب العالم من وزارة الهجرة و شؤون المصريين في الخارج، وكنت اشعر بمزيح من الفخر والتقدير لبلدي الحبيب. 


والمؤتمر أعطى صورة مضيئة لشباب مصر الطموح لتحقيق النجاح والارتقاء ببلدنا الحبيب مصر، و هذا المؤتمر أعطى رسالة قوية أن مصر ماضية لتغيير واقعها لما هو أفضل بسواعد أبنائها المخلصين، وشباب مصر مليء بالطاقة وكل ما يحتاجه القدوة الحسنة وزرع الأمل والتحفيز المستمر، هذه هي عوامل النجاح و التفوق.


وهذا المنتدى الذي رعاه الرئيس عبدالفتاح السيسي هو مثال ونموذج لدعم الدولة وقياداتها لشباب مصر، وفرصة لزيارة شباب العالم وعلماء الخارج لمصر لتشجيع التواصل والاندماج مع شباب مصر لنقل التجارب والخبرات.

 


في رأيك، لماذا ينجح العلماء خارج أرض الوطن؟ وما هي مقترحاتك لتطوير البحث العلمي في مصر؟


البيئة المحيطة والنظام المتطور الذي يزيل العديد من العوائق التي تشتت من ذهن الباحث وتدفعه للتركيز في عمله وإتقانه، وتوافر الحافز والدعم كل ذلك يجعل الباحث يخرج أفضل ما لديه ويبدع.


لذلك يجب خلق هذا المناخ، ولدي أفكار بسيطة وعديدة استطيع من خلالها إحداث تطور جذري للتعليم العالي والبحثي في مصر. أولا خلق نظام التقييم المتبادل بمعنى أن الأستاذ الجامعي يقيم التحصيل العلمي للطلاب من خلال الامتحانات وكذلك الطلاب يقيمون الأداء التدريسي للمعلم، وبذلك تتحقق الرقابة والمسؤولية من الطرفين.


الإجراء الأخر استدعاء علماء مصر في الخارج ومعادلة درجاتهم العلمية في مصر وإعطائهم مراكز قيادية لنقل الخبرات وإحداث ثورة ونهضة في مصر في كافة المجالات، فعلماء مصر في الخارج ثروة حقيقية يجب استغلالها بالشكل الأمثل لتحقيق نهضة وثورة حقيقية في الجامعات والمراكز البحثية في مصر. 


وطبعا علماء مصر في الداخل هم الأعمدة التي تقوم عليها الجامعات المصرية وعلماء مصر في الخارج هم وسيلة لنقل النظم والأفكار وإحداث التطور المنشود.


وعلماء مصر في الخارج هم بيئة حاضنة جيدة لشباب الأطباء والباحثين الذين يرغبون في الانضمام للمراكز الدولية. ولقد قمت على سبيل المثال بالتدريب والإشراف على ما يزيد عن ٢٠ طبيبا مصريا وعربيا في جامعة فرانكفورت في ألمانيا وهذا شيء يدعو للفخر والاعتزاز.


في الختام، ما هي رسالتك للشباب؟


أطالب الشباب بالطموح والاجتهاد والمثابرة والعمل والإصرار على تحقيق الذات وتغيير الواقع فذلك أهم عوامل النجاح والتميز. 


لقد سافرت لألمانيا كي أتعلم وبعد عدة سنوات أصبحت محاضرا للطلاب والأطباء في ألمانيا بجامعة فرانكفورت، ومرجعا للعديد من الأبحاث دوليا، و أستاذا جامعيا. لقد تفوقت على العديد من زملائي الألمان واثبت لهم أن مصر مليئة بالشباب المتميز والطموح. هذه رسالتي لشباب وطني الحبيب مصر..
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة