القنبلة السكانية.. تنتظر «نـزع الفتيل»
القنبلة السكانية.. تنتظر «نـزع الفتيل»


القنبلة السكانية.. تنتظر «نـزع الفتيل»

عمرو علاء الدين- محمد قنديل- أحمد سعد

السبت، 07 يوليه 2018 - 11:16 م

- 2.5 مليون طفل جديد سنوياً ومخاطر ارتفاع معدلات الفقر والبطالة تتزايد

الزيادة السكانية قنبلة موقوتة، يتصاعد خطرها فى كل لحظة، فالانفجار السكانى يلتهم الإنجازات والمشروعات القومية، ويدخل الدولة فى ماراثون لزيادة معدلات النمو الاقتصادى ومحاولة احتواء العديد من الأزمات التى تتسبب فيها الزيادة السكانية، وتركز السكان فى منطقتى الوادى والدلتا..وتداعيات الانفجار السكانى يصعب احتواؤها بالجهود الاقتصادية فقط، بل يجب أن يساهم المواطن فى الحد من تلك الازمة من خلال تقليل أعداد المواليد وتنظيم الأسرة، حيث بلغ تعداد المواليد 2.5 مليون طفل سنويا، وهو ما يساوى تعداد دولة جديدة تولد داخل مصر كل عام، ويهدد بمخاطر ارتفاع نسب الفقر والبطالة والتضخم.


«الأخبار» تفتح ملف الزيادة السكانية وخطورته على المجتمع، والاستراتيجية الجديدة التى أطلقتها الدولة لحث المواطنين على تنظيم الإنجاب والاكتفاء بمفهوم الأسرة الصغيرة، حتى يشعر المواطن بثمار الإصلاح الاقتصادي، وإعطاء فرصة للدولة للنهوض ورفع معدلات التنمية وتحسين البنية الأساسية وإقامة المشروعات الاستثمارية حتى تخرج من النفق المظلم.


«طفلين وبس».. مبادرة جديدة لمواجهة «الانفجار»

 

«طفلين وبس» حملة جديدة تطلقها وزارة الصحة بالتعاون مع عدد من الوزارات وفقاً للاستراتيجية السكانية 2030، فى محاولة للسيطرة على الانفجار السكاني، حيث كشف اخر تقرير لجهاز التعبئة والإحصاء عام 2017، أن مصر تخطت حاجز 104 ملايين نسمة، منهم 94.8 مليون مواطن داخل الدولة، تضم 54.5 مليون من سكان الريف و40.2 من سكان الحضر، وهو ما يضع على الدولة مسئولية توفير الرعاية الشاملة لتلك الملايين رغم التحديات الاقتصادية والاجتماعية التى تواجهها.


وتعد «طفلين وبس» مبادرة تنموية تهدف إلى مساعدة السيدات للارتقاء بالمستوى المعيشى واقناعهن باستخدام وسائل تنظيم الأسرة والاكفتاء بطفلين فقط لتوفير الرعاية الصحية لهم، وتنفذ الحملة بمشاركة 5325 مركزا طبيا و14 ألف رائدة ريفية والفرق المركزية لتنظيم الاسرة والعيادات المتنقلة، كما يتم ارسال قوافل فى المناطق المحرومة، وإطلاق عدد من الإعلانات التوعوية بعد انقطاع 10 سنوات، وتضمنت الحملة إعلان لأوكا ومى كساب لتأثيرهما على الشباب خاصة فى المناطق الشعبية والريفية والتى تزداد بها نسبة المواليد.


«الأخبار» استطلعت آراء عدد من السيدات بشأن حملات تنظيم الأسرة، فتقول س.م 32 سنة إنها رغم أصولها الريفية إلا انها مقتنعة بضرورة تنظيم الأسرة والاكتفاء بطفل أو اثنين على الأكثر فالظروف الاقتصادية للأسرة لم تعد مثل الماضى، ويحتاج الأطفال لرعاية كبيرة من صحة وتعليم وغيرها من المتطلبات الرئيسية، وأشارت إلى أن لديها ولدا فى عمر عام ونصف ولا تفكر فى الإنجاب ثانياً إلا بعد وصوله لسن الأربع سنوات.


وأكدت م.أ 44 سنة أن الله رزقها 3 أطفال أكبرهم فى 3 اعدادى وأصغرهم فتاة فى 2 ابتدائى، وانها تعانى شهرياً فى تدبير مصاريفهم من مأكل وملبس ورعاية صحية وتعليم، وأشارت إلى أن بند مصاريف المدارس يلتهم ميزانية الأسرة خاصة مع وجود 3 أطفال.


وأوضحت أنها من مؤيدى الأسرة الصغيرة بهدف توفير التعليم الجيد للأطفال، بدلاً مما كان يحدث فى الأرياف من انجاب أعداد كبيرة ومعظمهم وفى بعض الأحيان كلهم لا يستكملون تعليمهم، متسائلة: الحالة الاقتصادية للدولة بشكل عام لا تتحمل تلك الأعداد فما بالك بالأسرة؟!


من جانبها تقول هـ.ع 42 سنة ان العادات الاجتماعية للأسف تفرض علينا فى بعض الأحيان إنجاب أكثر من طفلين، أملاً فى الحصول على جنس معين للطفل ذكرا أو أنثى، أو بسبب مفهوم العزوة خاصة فى مجتمعنا القروى، وأن المرأة التى تنجب أكثر من طفل تعتبر «أرضا خصبة».


وأضافت أن لديها 3 بنات وولدا «مريضا بإعاقة»، وزوجها يفرض عليها إنجاب ولد اخر حتى يكون سنده وظهره فى الحياة، وأشارت إلى أن ذلك الحلم تبدد بعد إصابتها بمرض فى القلب يعرضها للخطر فى حالة الإنجاب ليرضى زوجها فى النهائية بما رزقه الله من أطفال.

 

اقتصاديون: نحتاج 12 مليون فرصة عمل خلال 10 سنوات.. والزيادة تلتهم معدلات التنمية

 

الزيادة السكانية تلعب دوراً مهما فى التأثير على النمو الاقتصادى، والحد من ذلك التضخم يمنح الدولة فرصة للنهوض بالمشروعات الاقتصادية والاستثمارية، كما يمنح المواطن الشعور بالإنجاز وبنتائج تلك المشاريع، «الأخبار» ناقشت خبراء الاقتصاد بشأن تأثير الزيادة السكانية على الاقتصاد وكيف تؤثر حملات ترشيد الإنجاب على الدولة.


يؤكد د. عبد المنعم السيد مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، أن الزيادة السكانية أزمة حقيقية تواجه المجتمع، حيث تزداد مصر سنوياً 2.6 مليون نسمة، ومع هذه الزيادة يتطلب على الدولة زيادة معدلات التنمية، فالزيادة السكانية تؤثر سلبا على حجم معدلات التنمية داخل الاقتصاد سواء فى مصر أو أى دولة أخري، وأشار إلى تقرير صندوق النقد الدولى فى مايو الماضي، أن التعداد السكانى فى مصر سيصل إلى 130 مليون نسمة بحلول عام 2028، منهم 65 مليونا فى سن العمل، وهو ما يعنى أن الدولة مطالبة بزيادة عدد فرص العمل خلال السنوات العشر القادمة لـ12 مليون فرصة.


وأضاف أن الزيادة السكانية مع انخفاض جودة التعليم داخل مصر لا تتيح توفير فرص عمل جيدة لكل المواطنين وبالتالى تزداد معدلات البطالة، فالزيادة السكانية تلتهم التنمية الاقتصادية فكلما زادت معدلات المواليد يجب أن تزيد الدولة من معدلات التنمية من خلال الفرص الاستثمارية ومعدلات التشغيل، والمصانع والشركات وغيرها من الطرق.


وعن الحلول المقترحة أوضح د. عبد المنعم أن هناك طريقين، الأولى أن تعمل الدولة على ما يسمى «التدريب التحويلي» لأننا نمتلك أعدادا كبيرة من الخريجين من مختلف الكليات، فيتم تأهيل الخريج أو من هم فى سن العمل للوظيفة المتاحة وفقا لاحتياجات سوق العمل، والثانية أن تقوم الدولة بزيادة حجم الاستثمارات، ففى هذه الفترة يبلغ حجم الاستثمارات الأجنبية والعربية حوالى 10 مليارات دولار سنويا، وهذا الرقم رغم ضخامته، فإنه ما زال منخفضا للغاية ولا يتناسب مع إمكانيات مصر من الموارد الطبيعية والبشرية، لاسيما أن مصر تعتبر فى الوقت الراهن الدولة الأولى أفريقيا فى حجم الاستثمارات، والثانية على مستوى الشرق الأوسط بعد الإمارات، ولذلك نحن نمتلك الإمكانيات التى نستطيع استغلالها فى ظل حالة الاستقرار التى نعيشها مقارنة بدول المنطقة، ولذلك لا بد من وجود خطة واضحة .من وزارتى الاستثمار والتخطيط لزيادة حجم الاستثمارات لحوالى 50 مليارا خلال 4 سنوات قادمة لمواكبة حجم الزيادة السكانية.


ومن جانبه يرى د. عبد المطلب عبد الحميد أستاذ الاقتصاد ورئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية الأسبق أن الزيادة السكانية يمكن استغلالها فى رفع معدلات الإنتاج والتنمية مثلما حدث فى الصين التى أصبحت من أكبر الكيانات الاقتصادية فى العالم، حيث تمثل الموارد البشرية أساس عملية التنمية، ومن الضرورة الاهتمام بالتنمية البشرية والتخطيط لزيادة الموارد وحجم الاستثمارات والانتاج حتى نستطيع مواجهة المشكلة.


وأضاف أن طرق التوعية ضد كثرة الإنجاب أصبحت بلا فائدة، ومن الضرورى تطويرها لتكون أكثر إقناعا للمواطن بأن التنمية والرخاء لن يعم إلا من خلال إنجاب عدد من الأطفال تستطيع الأسرة احتواءهم وتربيتهم بشكل مناسب، وتستطيع الدولة ايضا توفير فرص العمل والتعليم والرعاية الصحية لهم، لأن الموارد المتاحة الآن تمثل مشكلة فى ظل زيادة معدلات المواليد بشكل كبير، ولذلك لا بد من التخطيط الجيد ووضع آليات تمكننا من الاستفادة من هذه الزيادة وتحويلها من نقمة إلى نعمة.
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة