صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


صرخة زوجة: قبل الإعدام «اسمعوا حكايتي»

د.محمد كمال

الأربعاء، 18 يوليه 2018 - 04:12 م

وقفت أمام هيئة المحكمة والدموع تنساب على وجنتيها.. الكل كان ينظر لها نظرات اشمئزاز وترقب.. أما هي فكانت تنتظر في حذر مصيرها المحتوم.. الخوف والقلق يسيطران عليها.. صوت بكائها كان يسمعه الجميع ولم يقطع هذا الصوت سوى نداء حاجب المحكمة معلنًا بدء الجلسة.

ساد الهدوء قاعة محاكمة "ليلى"، المتهمة بقتل زوجها، لكنها كانت تخفي وراء جريمة القتل شيء غامض وتفاصيل مثيرة، أكبر من أن يتوقعها بشر..  سنحاول سرد تفاصيلها في السطور القادمة.

داخل محكمة الجنايات بالقاهرة، وقفت ليلى والدموع تملأ عينيها تنظر حولها وكأنها تدخل قاعة المحكمة لأول مرة في حياتها.. تتجول بنظرها يمينًا ويسارًا خائفة من نظرات الناس حولها.. إذ يبدو أنها تعاني من مشكلة أكبر من مجرد جريمة قتل.

تمسك "ليلى" بملابسها جيدًا وكأنها تخشى أن تُنزع ثيابها انتزاعًا رغما عنها.. فكل من شاهدها في المحكمة حدثته نفسه بأن وراء هذه الفتاة سر غامض، لم تبُح به حتى لأقرب المقربين، ولكنها في لحظات الضعف والخوف من حبل المشنقة اضطرت للبوح بالحقيقة.

قالت "ليلى" باكية: "قبل ما تحاكموني اسمعوني"، مضيفة: "الكل ينظر إليّ على أنني قاتلة ومجرمة.. ولكن الحقيقة أنني وقعت ضحية لزوجي المنحرف.. حيث قام بتصويري في غرفة النوم أثناء لقاءاتنا الزوجية دون علمي، ثم باع هذه الفيديوهات لزملائه.. ففضحني ودمر مستقبل طفلي الوحيد.. لذلك لم أتمالك نفسي وقتلته"، ألجمت تلك الكلمات الجميع للحظات ساد الصمت فيها أرجاء المحكمة، بعدها طلب رئيس المحكمة من "ليلى"، أن تهدأ وتحكي قصتها من البداية.
صمتت قليلا وازدادت نبضات قلبها، قبل أن تخرج من فمها المتلعثم كلمات بصعوبة بالغة، وبعينين مغرورقتين بالدموع وكأنها تسترجع شريط ذكرياتها المؤلم، قالت: "فكرت في الانتحار والتخلص نهائيًا من حياتي لكنيي تذكرت عقاب الله.. خشيت أن أموت كافرة.. بدأت قصتي منذ 10 سنوات.. بعد وفاة والدي مباشرة.. ونظرًا لضيق ذات اليد، اضطررت للعمل مساءً في أحد المستشفيات الخاصة كممرضة.. حتى أتمكن من الإنفاق على دراستي".

وأضافت: "تقدم لخطبتي رجل يكبرني بحوالي 20 عامًا.. رفضت هذه الزيجة.. لكن أهلي ضغطوا عليّ بعد أن أغدقهم بالهدايا والمال.. كانت والدتي تنظر إليه على أنه الوحيد الذي يستطيع انتشالنا من الفقر.. تزوجته في أقل من شهر، بعدها انتقلت معه إلى مسكنه."

وتستطرد "ليلى"، قائلة: "قبلت بالأمر الواقع وتم الزفاف.. وفي الأيام الأولى للزواج كان زوجي مثالًا يحتذى به في الرقة والطيبة.. وبمرور الوقت بدأت أشعر بقلبي ينبض تجاهه جزاء معاملته الطيبة معي.. خصوصًا بعد أن أثمر زواجنا على طفل جميل.. كان قرة أعيننا.. ولكن الذي حدث بعد ذلك كان أمر يفوق كل تصور".

تستكمل "ليلى": "في إحدى المرات فوجئت بزوجي يطلب مني الإتيان ببعض الأفعال الشاذة والغريبة.. شعرت بالاشمئزاز من تصرفه هذا ورفضت تنفيذ رغبته.. كانت ليلة غير طبيعية.. تغيرت بعدها معاملة زوجي للنقيض تمامًا.. فوجدته يضربني ضربا مبرحا لا تزال أثاره على جسدي، وهو يردد على مسامعي عبارة: (أنا زوجك ولي الحق عليك، ويجب أن تطيعي أوامري وتسجيبي لطلباتي ورغباتي)".

صمتت "ليلى"، للحظات انسابت دموعها على وجنتيها كالأنهار وكأنها مقبلة على أمر جلل، استجمعت قواها وواصلت كلامها قائلة: "ترك زوجي المنزل غاضبًا.. ونسي مكتبة مفتوحًا.. نظرت إلى ما بداخل المكتب فوجدته يضم أعدادًا كبيرة من (السيديهات) المتشابهة في الشكل.. دفعني الفضول لاختيار أحدها وتشغيلها.. وكانت المفاجأة التي أذهلتني.. مقاطع تحوي مشاهد من جميع لقاءاتنا الزوجية في غرفة نومنا.. لم أصدق عيني وأنا أشاهد هذه اللقطات.. تفجرت دموعي من عيني كالأمواج".
وتابعت: "عندما عاد زوجي واجهته بما علمت.. فبادرني ببرود شديد قائلاً: أنا حر أعمل اللي نفسي فيه.. ثم هددني بأنه لو لم أستجب له سيقوم بفضحي وتسريب هذه المقاطع.. نسيت ما تربيت عليه داخل منزل والدي.. أدخلني زوجي في حياة لم أتمنى يومًا أن أعيشها.. فتحول لإنسان آخر يتعامل معي كما لو كنت ساقطة أقف أمامه.. هانت عليّ نفسي بعد أن تحولت إلى بائعة هوى".

وواصلت: "في إحدى المرات خرجت لشراء بعض الاحتياجات وفي الشارع فوجئت ببعض أصحاب المقاهي يتهامسون ويشيرون بأيديهم تجاهي.. لم احتمل نظراتهم لي نهرتهم بشدة.. وفي هذه اللحظة جاءني أحد الأشخاص وقال لي: (يظهر كده إنك متعرفيش حاجة)، هنا شعرت بالخوف".

عاد الصمت مجددا، قبل أن تستجمع قواها قائلة: "بعدها طلب مني أن انتظر أمام المقهى لمدة 10 دقائق ليخبرني بشيء.. كانت المفاجأة أن زوجي كان يبيع هذه الأفلام لأصدقائه.. لم أتمالك نفسي من الصدمة ووقعت مغشيًا عليّ من هول ما رأيت.. تم نقلي بعدها إلى المستشفى لأمكث هناك عدة أيام طريحة الفراش، بعدها انتقلت إلى منزل أسرتي ورويت لهم ما حدث".

وتواصل "ليلى" كلامها قائلة: "طلبت الطلاق من زوجي أكثر من مرة ولكنه رفض.. بعدها عرفت المصيبة الكبرى وهي أن زوجي كان يتكسب من ورائي وهذا هو مصدر ثرائه.. علمت أنه كان يفعل ذلك معي مقابل مبلغ مالي كبير وأنه تزوجني لهذا السبب.. لذلك بعد أن تماثلت للشفاء من الصدمة أول ما فعلته هو طعنه بسكين في قلبه فسقط قتيلًا".

انتهت حكاية "ليلى"، ولكن حتى كتابة هذه السطور، لم تصدر المحكمة حكمها النهائي.. ولا نعلم هل ستأخذ المحكمة الرأفة في حكمها على ليلى وتحصل على أقل عقوبة.. أم سيكون مصيرها هو أقصى عقوبة وفقًا لقرار المحكمة، أسئلة كثيرة ربما تجيب عنها الأيام المقبلة.


 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة