الكتائب الإلكترونية أذرع نشر الشائعات على «السوشيال ميديا»
الكتائب الإلكترونية أذرع نشر الشائعات على «السوشيال ميديا»


الكتائب الإلكترونية أذرع نشر الشائعات على «السوشيال ميديا»

ياسمين سامي

الأربعاء، 18 يوليه 2018 - 09:50 م

 

- أنشأها خيرت الشاطر منذ 28 عاماً واستغلها للوصول إلى السلطة

 

كتائب أو لجان ويطلق عليها ايضًا «ميليشيات» جميعها تتشكل على الشبكة العنكبوتية، تهاجم وتشوه أشخاصاً بعينهم وكذلك تزيف الحقائق وتعمل على نشر الاشاعات، ايضًا وظيفتها الدفاع عن بعض الكيانات الإرهابية والعناصر الاخوانية ومهاجمة الدولة وتشويه كل انجاز يتم تحقيقه على أرض الواقع، من خلال حملات منظمة تستخدم عدة وسائل الكترونية لنشر أفكارهم وهدم بعض الأفكار والمعتقدات، بل واستقطاب عدد كبير من الشباب لاقناعهم بأفكار الارهاب والتطرف.


بدأت الكتائب الإلكترونية فى الإنتشار بشكل واسع  بعد ثورة 25 يناير مباشرة من خلال جماعة الإخوان المسلمين، فقد بدأت تظهر بشكل لافت مع الاستفتاء على التعديلات الدستورية بمارس 2011، والتى أجريت خلال حكم المجلس العسكري، كذلك ظهر صراع وجدل كبيرعبر مواقع التواصل الاجتماعى بين جبهة مؤيدة للثورة وأخرى معارضة لها،  ليتفرعوا مرة أخرى إلى مناصرى الإخوان والسلفيين ومعارضين لهم ومؤيدين للتيار المدنى.


أكد اسلام الكتاتنى، أحد المنشقين عن جماعة الاخوان المسلمين، أن عمل الكتائب الالكترونية لم يتوقف عند استفتاء 19 مارس فقط، بل استمر من بعده لتحقيق هدف الجماعة للوصول إلى الحكم وكسب تأييد الشعب وتحريضهم ضد المرشح الرئاسى الاخر الفريق احمد شفيق.


وروى الكتاتنى بداية الكتائب الالكترونية على يد خيرت الشاطر، القيادى الاخوانى، حيث أنه أرجع تاريخ الكتائب الالكترونية إلى عام 1990 لامتلاكه شركة «سلسبيل» وهى شركة تعمل فى مجال الالكترونيات، وأضاف الكتاتنى ان الشاطر استغل مهارته فى الكمبيوتر من اجل اعداد خطة للوصول للحكم من حينها، وقد تم تحرير قضية كبرى عرفتها مصر عام 1992 وسميت بنفس اسم الشركة «السلسبيل» التى أسسها المهندس محمد خيرت الشاطر والسيد حسن مالك للعمل فى مجال الحاسبات ونظم المعلومات وقد داهمتها قوات الأمن واستولت على كافة الأجهزة والأقراص بها وقد نسبت إليها أجهزة الأمن إعداد خطة جماعة الإخوان المسلمين التى عرفت وقتها بخطة «التمكين» للوصول للحكم وخدمة اغراض الجماعة سيطرتها على قطاعات عديدة مهمة فى الدولة المصرية.


وأضاف الكتاتنى أن 25 يناير كانت بداية حقيقية بالفعل للكتائب الالكترونية سبقها بعض الافعال التى كانت تدل على استغلالهم الانترنت لتحقيق مصالحهم، وقد ضرب مثلا على ذلك أنه قبل يناير استغل الإخوان فكرة المواقع الالكترونية فى 2010 حيث تم تأسيس وقتها الجمعية الوطنية للتغيير والتى أسسها د. محمد البرادعى وكتب فيها 7 مطالب للتغيير ونشروها على الموقع الخاص بهم وحصلوا على 200 الف توقيع فى حين انه عندما نشر نفس المطالب موقع الاخوان حصلوا على 700 الف توقيع وهو اكثر من ثلاثة اضعاف العدد الذى صوت للوطنية للتغير وهو دليل على قدرتهم على الحشد وكذلك التعامل مع الالكترونيات.


وأشار الكتاتنى إلى أنه حتى فى بداية ثورة يناير كان وائل غنيم هو المدير للصفحات التى تؤيد التظاهر وتدعو للحشد مستغلا ايضًا مواقع التواصل الاجتماعى ابرزها «الفيس بوك»، واستغلت ايضًا الكتائب الالكترونية للاخوان الانترنت لتشويه الثورة والثوار، وذلك بعد انفصالهم عن الثورة بعد تحقيق مصالحهم ورغبتهم فى الوصول للحكم، وكانوا يدعون كل يوم جمعة لحشد مليونية ويسمونها باسم مختلف معبر عن مطالبهم هذا اليوم، وصولا لمظاهرة 29 يوليو التى نزلوا للميادين فيها مع السلفيين فى مشهد لاستعراض القوى قائلا «كانوا عايزن يوصلوا لينا رسالة ان احنا اللى هنستلم البلد».


أسلوب الحشد


«نجحوا فعلا فى السيطرة على مجلس الشعب والانتخابات الرئاسية لكن فشلوا بعد كدة لسوء ادارة الحكم والتعالى على الناس» هكذا قال اسلام الكتاتنى المنشق عن الجماعة، بأنهم بعد الوصول لحكم بدأت نبرة التعالى على غير الاخوان باعتبارهم الفئة الحاكمة وبدأوا ايضًا فى استغلال الكتائب الالكترونية او اللجان وتوظيفها من أجل تأييد أى قرار يصدر عن الرئيس سواء كان صائبا او غير ذلك حتى رغم سخط الشعب وبدأت نبرة المعارضين تعلو فوق تأييد جماعتهم لرئيسهم مما عجل بثورة 30 يونيو، خاصة مع وجود سيولة فى الأحداث ذلك الوقت.


أما عن أبرز الكيانات التى تستغل الكتائب فأكد أن صفحات الاخوان ابرزها قبل ثورة 30 يونيو، وصفحات «حزب الحرية والعدالة» وصفحة «نبض الاخوان» وصفحات «قناة الجزيرة»، اما حاليا فمعظم اللجان تدار من الخارج بتركيا وقطر، ونجحت بالفعل قوات الأمن الالكترونى المصرى فى اغلاق معظم الصفحات الاخوانية والمحرضة داخلياً، فلم يصبح امامهم الآن سوى القنوات الاعلامية التى تبث من تركيا مثل «مكملين» و»الشرق» باعلامييهم المعروفين مثل معتز مطر والذى اصبح ابرز الاعلاميين هناك الان اما الكتائب فقد قل دورها بشكل ملحوظ. 


وأوضح الكتاتنى أن الكتائب لا يقتصر دورها على نشر الأخبار المغلوطة أو الموجهة فقط لكنها ايضًا تمتلك قراصنة تعتمد اختراق صفحات مشاهير يعادونها لابتزازهم من اجل نشر ما يؤيدهم، وتعتمد ايضًا فى نسب صفحات بأسمائهم لنشر ما يرغبون فيه بالزيف والتزوير تحت شعار «الغاية تبيح الوسيلة». ويرى الكتاتنى ان اعلام تلك الكتائب لابد أن يقابلها اعلام قوى يرد ويفند ما تقوم بنشره وترويجه بهدف زعزعة استقرار الدولة وتشويه صور الحقائق بالادعاء،  وأن الاعلام لابد ان يعمل على توعية الجمهور للتصدى لمثل تلك الأخبار والاشاعات التى يتفنن البعض فى ترويجها لتحقيق اهداف بعيدة كل البعد عن مصلحة مصر


سلاح الارهاب


أوضح وليد حجاج، خبير أمن المعلومات، أن مفهوم الكتائب الالكترونية هى عبارة عن مجموعات منظمة تقوم بمهام معينة تتكون من مجموعات مختلفة منها مجموعة تختص بسوشيال ميديا، ومجموعة خاصة بالصحافة، ومجموعة تختص بنشر الاخبار، وأخرى تختص بإنشاء جروبات على السوشيال ميديا وغيرها من المجموعات، هدفها الاول والاخير نشر الاخبار المكذوبة أو المغلوطة.


واضاف  حجاج أن هناك خبراء اتصالات أكدوا أن كتائب الإخوان الالكترونية نشطت بشكل واضح وكبير بعد ثورة  25 يناير حيث سمحت الجماعة لـ»كتائبها الالكترونية» أن تتحرك فى مساحات واسعة، محاولة كسب جميع الازمات التى يمر بها الاخوان عبر التأثير على الرأى العام الداخلى والدولى.


وأوضح  أن هناك ثلاثة محاور يمكن التركيز عليها لكى يتم محاربة الكتائب الالكترونية على السوشيال ميديا، أولهم أنه يجب تدريب الصحفيين والاعلاميين على أن يتعاملوا بمنطلق دقة الخبر وليس السرعة فى نشره والاعتماد على مصادر المعلومة لكى تكون موثقة عند القاريء.


أن المحور الثانى يتمثل فى رفع التوعية لدى المواطن لكى يتم المقارنة بين الخبر السليم وغير السليم، وستتم التوعية عن طريق نوعية الادوات التى يقوموا باستخدامها، ويجب عليهم أن يقوموا بتقييم المحتوى بشكل جيد وليس بشكل عشوائى كما يتم، واخيرًا الطرق السليمة للتعامل مع التكنولوجيا وذلك مع وجود حرية لتداول المعلومات.


 وتابع حجاج قائلاً أن خيرت الشاطر يعد من أوائل قيادات الاخوان الذين عملوا على إيجاد كيان إلكترونى يتحدث بلسان الجماعة، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تعداه إلى محاولات الشاطر المستمرة لتطوير هذه الشبكة من المواقع الالكترونية لتكون نوعًا جديدًا من أسلحة الجماعة ولكنها غير واضحة المعالم، مشيرًا إلى أنها تعددت أدواتها وكثرت خيوطها ومواقعها لدى الجماعة لدرجة أنها عرفت إصطلاحًا بـ»كتائب الاخوان الالكترونية»، هى تلك المواقع التى عملت الجماعة على إنشائها ومن ثم استخدامها فى الترويج لافكارها أو مهاجمة خصومها.


لا تعكس الحقيقة


قال د. ياسر عبد العزيز الخبير الاعلامي،  أن الكتائب الإلكترونية تعتبر أحد أخطر عيوب السوشيال ميديا والتى شهدت أوج ازدهارها مع الربيع العربى الذى شهدته المنطقة العربية اعتبارًا من 2011، وأكد عبدالعزيز أن هناك ما يسمى بـ «بوتات» أو أدوات التقنية التى تقوم بالتأثير فى مجرى النقاش الدائر على وسائل التواصل الاجتماعى، وذلك من أجل تعزيز أو الإساءة  لطرف أو فكرة، موضحاً أن من أهم الامثلة اللجان التى تنشأها بعض الحكومات العربية والأجنبية وبعض اللجان التى تنشأها بعض الجامعات مثل داعش وجماعة الاخوان المسلمين.


واضاف عبدالعزيز أن لوسائل الاعلام دورا هاماً فيما يخص الكتائب الالكترونية فلابد من أن تدرك أن كل ما يظهر على السوشيال ميديا لايعكس الحقيقة بذاتها ولكنها تعكس وجهات نظر مصطنعة أو مختلفة لذلك يجب التعامل معها بحرص وحذر، ويجب على وسائل الاعلام أن تتحرى من وجود هذه اللجان، وأن تكشف للرأى العام طرق عملها وأن يقوموا بتوعية الجمهور فيم يخص الكتائب الالكترونية.


وسيلة للتضخيم


أشار استشارى الطب النفسى د. جمال فرويز  أن الكتائب الإلكترونية تقوم بنشر الأخبار الكاذبة على «السوشيال ميديا» وتضخمها بطريقة مبالغ فيها، والخطأ الأكبر أن الشعب المصرى يتلذذ بتعذيب نفسه ويصدق كل ما هو سيئ، لذلك عندما تقوم الكتائب بنشر الشائعات تجد آذان صاغية وتجد من يصدق تلك الشائعات، وتلك الكتائب تكون كارهة بدرجة عالية لمصر والمجتمع المصرى واستهدافها الاول يكون للمواطن المصرى، وأضاف أن الكتائب الالكترونية لديها طاقة سلبية تبثها عن طريق «السوشيال ميديا» وكل من لديه تلك الطاقة السلبية يستقبل المعلومات الكاذبة ويصدقها ويقوم بإعادة نشرها دون التأكد من صحتها وهكذا حتى تنتشر تلك الشائعات الخبيثة.


 وأكد فرويز أن لتلك الشائعات التى تقوم بنشرها الكتائب تأثير سلبى ومُدمر للمجتمع، فهى تسعى دائمًا لإثارة الفتن بين الشعب المصرى عن طريق تأهيب عقولهم لعمل الثورات والاعتراض على كل ما يحدث، ويكمل قائلًا أنه للتصدى لتلك الكتائب يوجد فعلين أولهما الفعل العكسى وهو التصدى لتلك الشائعات بروح ايجابية بطريقة غير مبالغ فيها لكى يصدقها المجتمع، والفعل الآخر وهو الأهم الرد السريع على الشائعات وتكذيبها، ويجب عدم تركها بدون رد لأن المجتمع يتفاعل معها وتنتشر بطريقة سريعة.


إحباط المجتمع


وفى نفس السياق أوضح الدكتور سعيد صادق، أستاذ الإعلام السياسى بالجامعة الأمريكية، أنه من المعروف أن الكتائب الإلكترونية تشن حرب إعلامية وإلكترونية وتكون لها التأثير النفسى السياسى والاعلامى، وذلك عن طريق أخبار مُتعمد نشرها لإحباط  الجانب المستهدف والمبالغة فى عرض أوضاع الدولة ونقاط ضعفها وتضخيمها، وأضاف أن فكرة الكتائب الإلكترونية بدأت من عام 1990 عن طريق خيرت الشاطر وكان يترأس مراكز بيع حاسب آلى ويعمل معه شباب وكانوا هؤلاء نواة الكتائب الإخوانية الإلكترونية، بعد ذلك ساعد على انتشارها تطور وسائل التواصل الاجتماعى ومساعدة الحكومة القطرية ومخابرتها وكذلك تركيا ومخابرتها واستخدام بعض القوى الثورية.


وأشار صادق إلى أن بعض المواقع تقوم بنشر أخبار بغرض الإحباط او المبالغة وتحطيم مسئولين، وأن الخطاب الإعلامى لهذه الكتائب يركز على الجيش والشرطة والقضاء والأوضاع الاقتصادية وحقوق الانسان، تلك هى المواضيع التى تتخصص فيها الكتائب، والمواطن المصرى يتطلع على معظم معلوماته الآن من وسائل التواصل الاجتماعى.


وأكد أن معظم تلك الكتائب تكون من خارج الدولة المصرية بالإضافة إلى أن تلك الكتائب تعلم الأخبار التى يقوموا بنشرها عن طريق أجهزة المخابرات القطرية والتركية أو عن طريق خبر تم نشره فى الجرائد المصرية ويقومون بتضخيمه، وقمة نجاح تلك الكتائب عند نشر أخبار فى وقت معين تكون فيه الدولة غير مستقرة لأى سبب فيحدث فوضى ويصدق المجتمع تلك الشائعات.


واختتم صادق حديثه قائلا إنه للتصدى لتلك الكتائب يجب بناء إعلام وطنى قوى مؤهل للرد على الشائعات أولا بأول، وقول الحقائق لتكذيب تلك الأخبار، وذلك لاستعادة مصداقية الإعلام، إلى جانب أنه يجب على الإعلام كشف المواقع الإلكترونية لتلك الكتائب لكى يتم معرفتها وتجنب معرفة الأخبار من عليها أو تصديق أى خبر يتم نشره من اتجاهها، وتوعية المجتمع بما تقوم به تلك الكتائب.
 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة