المعاهد الخاصة.. بيزنس علمي لـ«النصب».. والطلاب: باعوا لنا الوهم
المعاهد الخاصة.. بيزنس علمي لـ«النصب».. والطلاب: باعوا لنا الوهم


المعاهد الخاصة.. بيزنس علمي لـ«النصب».. والطلاب: باعوا لنا الوهم

أسامة حمدي

الأحد، 22 يوليه 2018 - 05:57 م

مصروفاتها تبدأ من 1600 جنيه وحتى 20 ألف جنيه.. والأسعار حسب التخصص

«المرسي»: نقص أعضاء هيئة التدريس وغياب التدريب العملي.. أبرز المشكلات

«كامل»: تعديل المناهج ومنع الغش بالامتحانات وتفعيل رقابة الوزارة ضرورة

الطلاب: بلطجة الأمن وارتفاع أسعار الكتب ومشروعات التخرج.. أبرز التحديات

«التعليم العالي»: نعلن أسماء المعاهد المعتمدة وضبطيات قضائية على الكيانات الوهمية

  

يثار كل عام الجدل حول انتشار المعاهد الخاصة ومحاولاتها لجذب الطلاب الجدد من الحاصلين على الشهادات الثانوية والدبلومات الفنية، ودائما ما تطلق وزارة التعليم العالي في بداية كل عام دراسي تحذيرا للطلاب وأولياء الأمور من المعاهد الخاصة غير المرخصة، معلنة قائمة بأسماء المعاهد المعتمدة لديها، إلا أنه لازالت تنتشر معاهد «بير السلم» غير المرخصة بالقاهرة والمحافظات، والتي تعد مراكز للنصب على الطلاب، فضلا عن المشكلات المرتبطة بالمعاهد الخاصة جميعها حتى المرخصة منها، إذ يشتكى كثير من طلابها بأنها باعت لهم الوهم ولم يتلقوا تعليما ذا جودة تذكر.

 

في هذا الصدد تناقش «بوابة أخبار اليوم» أبرز مشكلات المعاهد الخاصة مع خبراء التعليم، وبيزنس ارتفاع أسعارها، والإجراءات التي تتخذها وزارة التعليم العالي لمكافحة المعاهد غير المرخصة، وحلول مشكلاتها، ونعرض آراء بعض طلابها حول جودة التعليم فيها.

 

بيزنس الأسعار والأسماء البراقة

 

من خلال رصد أسعار الالتحاق بالمعاهد، وإعلاناتها على الإنترنت؛ يتضح أنها متفاوتة بقدر كبير، إذ تبدأ من 1600 جنيه كحد أدنى، لترتفع حتى تتجاوز 20 ألف جنيها خلال العام الواحد، وبين هذا وذاك تتراوح الأسعار بين 8 آلاف جنيه، و12 ألف جنيها، و5 آلاف جنيه و3 آلاف جنيه، وذلك حسب المكان المقام به المعهد والتخصص الدراسي.

 

وتحمل تلك المعاهد أسماءً براقة كالمعهد العالي للهندسة والتكنولوجيا، المعهد العالي للإدارة والحاسب الآلي والتكنولوجيا، الأكاديمية الدولية لعلوم الإعلام والهندسة، والمعهد الكندي، ومعهد التسويق والتجارة الإلكترونية.

 

المشكلة والحل   

 

في البداية يقول الدكتور محمد المرسى، الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة، إن أبرز مشكلات المعاهد الخاصة كونها تعانى من نقص في أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة كالمعيدين، وتعتمد في غالبيتها على أعضاء هيئة التدريس بالجامعات الحكومية، وهم غير منتظمي الحضور لمحاضراتهم في هذه المعاهد نظرا لانشغالهم الدائم، مما يؤثر بالسلب على انتظام العملية التعليمية.

 

وأضاف «المرسى»: «كما تعانى من ضعف في البنية التحتية للعملية التعليمية من أماكن ومعامل والأجهزة الخاصة بالتدريب العملي، وارتفاع مصروفات غالبية هذه المعاهد مقارنة بما تقدمه من مستوى تعليمي».

 

واقترح أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أن تقوم الجامعات الحكومية بما تمتلكه من ثروة بشرية وتكنولوجية ومادية بإنشاء معاهد وكليات خاصة برسوم معقولة وبكفاءة تعليمية أعلى مما سيؤدى إلى حتمية تطوير هذه المعاهد الخاصة، وإلا لن تجد لها مكانا في إطار منافسة غير متكافئة مع المعاهد والكليات التي يمكن أن تنشئها الجامعات الحكومية.

 

وأكد الدكتور عادل فهمي، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أن المعاهد الخاصة أنشئت لتلبية النقص في فرص التعليم داخل منظومة التعليم الحكومي، ومع إقبال المجتمع على التعليم كوسيلة للحصول على مكانة اجتماعية، وأملًا في تحقيق الأمن الوظيفي والمادي، ولكن رافق إنشاء هذه المعاهد نقص في التنظيم والتخطيط وتحديد التخصصات المطلوبة بدقة، فأصبحت تكرارا غير مفيد ومصدر للحصول على شهادات مقابل أموال.

 

وأضاف «فهمي» أن أهم مشكلات المعاهد الخاصة هو عنصر الربحية الظاهر في أداء هذه المعاهد، وبناءً على تعميم عنصر الربحية يقل الدفع لأعضاء هيئة تدريس أكفاء بهذه المعاهد، ونقص أدوات التدريب العملي، وكظاهرة مصرية فانعدام المتابعة جعل مشكلات هذه المعاهد تتراكم ويصعب حلها.

 

واقترح الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة، ضرورة التشدد من قبل وزارة التعليم العالي في شروط القبول بهذه المعاهد، وإلزام هذه المعاهد بمصروفات محددة لكل تخصص، وإلزام المعاهد بتعيين عناصر أكاديمية ذات كفاءة عالية بمرتبات مناسبة، وسحب التراخيص لمن يتلاعب بنتائج الطلاب أو من يثبت عدم تقديمه لخدمة تعليمية مناسبة، وتوعية الجمهور بحقوقه من هذه المعاهد، القضاء على الفساد في المنظومة كلها بالرغم من صعوبة ذلك الآن نظرا لتعقد شبكة الفساد.

 

وأوضحت الدكتورة نجوى كامل، أستاذة الإعلام بجامعة القاهرة، أن مشكلات المعاهد الخاصة تختلف حسب طبيعة المعاهد سواء معاهد الإعلام أو الهندسة أو السياحة والفنادق أو الحاسب الآلي، فهناك مشكلات عامة وهناك مشكلات تزيد في نمط معين في هذه المعاهد.

 

وتابعت أن مشكلات معاهد الإعلام هي عدم وجود أعضاء هيئة تدريس لهذه المعاهد تتناسب مع أعداد الطلاب، فلا توجد كوادر من المعيدين والمدرسين المساعدين بها، ويعتمدوا بدرجة كبيرة على الانتدابات والإعارات.

 

وأضافت «كامل»: «هناك مشكلات مرتبطة بطبيعة المناهج نفسها فهل الطالب الذي حصل على 97% يتساوى في معدل استيعابه مع الطالب الذي حصل على 50% أو 60%، فهذه المعاهد تضع نفس اللوائح والمناهج المقررة بالكليات الحكومية، وإنما فعليا الطالب لا يستطيع استيعابها، ومن المفترض أنه طالما نوعية الطالب مختلفة فيجب التركيز أكثر على الجزء الحرفي والمهني والذي يستلزم إمكانات تدريبية كبيرة واستوديوهات ومطابع ومعامل كمبيوتر ولغات وملتيميديا».

 

وذكرت الأستاذة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، أن طلبة هذه المعاهد يلجئوا للغش في الامتحانات ووسائل غير أمينة لحل المشكلة، مضيفة أن ثمة مشكلة أخرى مرتبطة بالتعليم الخاص وهى عدم فصل الإدارة عن الجانب الأكاديمي، وغياب جانب الحزم والضبط والربط حيث يغلب على طلبة المعاهد فكرة أنه «يتعلم بفلوسه».

 

ورفضت «كامل» إخضاع المعاهد الخاصة لإشراف الجامعات الحكومية لأن الملكية مختلفة وجانب الإشراف والرقابة والمتابعة مسئولية وزارة التعليم العالي، وأن الجامعات الحكومية مثقلة بمشكلاتها فلا يجب أن نحملها عبء على الأعباء الموجودة بها.

 

واقترحت تفعيل إشراف ورقابة وزارة التعليم العالي وعمل لجان دورية للمتابعة وفرض العقوبات على المعاهد المخالفة كالغلق أو الحرمان وسحب التراخيص لمدة معينة، وعمل لجان منبثقة عن لجان وزارة التعليم العالي بها أساتذة جامعات متخصصون تحقق المتابعة الدورية والرقابة والإشراف الكامل. 

 

وأوضحت الأستاذة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، أن المعاهد الخاصة أيا كانت مشكلاتها إلا أنها تقوم بدور مهم في استيعاب الطلاب ذوى المجموع المنخفض والذين لا تقبلهم الجامعات الحكومية مطلقا، ولولا هذه المعاهد الطلبة كانوا هيروحوا فين؟!

 

وقال أحمد صلاح، معيد سابقا بأحد المعاهد الخاصة، إن أغلبية المعاهد الخاصة تحمل أسماء براقة مثل المعهد العالي أو الأكاديمية المتخصصة وذلك بهدف جذب أكبر عدد من الطلاب للالتحاق بها لتحقيق الهدف الرئيس وهو جمع أكبر كم من الأموال، وهذه المعاهد عبارة عن مباني ضخمة على حساب جودة التعليم والعملية التعليمية.

 

وأضاف «صلاح» أن هذه المعاهد يلجأ إليها الطلاب ذوى المجموع المنخفض حتى لا يتنازل عن حلمه في الالتحاق بمجالات الهندسة والإعلام والصيدلة، وفى نفس الوقت لا يتحمل النفقات الباهظة للجامعات الخاصة المعتمدة حيث أنها تستكفي بأعداد معينة، وفي الوقت الذي يرفض هؤلاء الطلاب ذوي المجموع المنخفض الالتحاق بالمعاهد الحكومية مثل معهد فني تجارى مثلا.

 

وذكر أن المعهد الخاص الذي عمل به سابقا ليس من معاهد «بير السلم» بل مرخص من قبل وزارة التعليم العالي لكنه يعانى من مشكلات عدة أبرزها تدنى المستوى العلمي للطلاب، ولا يوجد توصيف دقيق للمناهج والمواد الدراسية في مختلف التخصصات، وضعف وتدنى في الكوادر البشرية التي تعمل بالمعاهد الخاصة حيث يتم تعينهم عن طريق الوساطة والمحسوبية حيث لا يوجد آلية منظمة لتعيين الأوائل والمتفوقين من خريجي هذه المعاهد كما يحدث في التعليم الحكومي.

 

وأضاف أن المعاهد الخاصة مرتفعة التكاليف حيث تصل تكاليف مشروع التخرج الواحد على الطلبة إلى 54 ألف جنيه، موضحا أن الطلاب يشعروا بالصدمة لانخداعهم بالإعلانات في فترة التنسيق من حيث كون المعهد مزود بالتقنيات والخدمات، في حين يجدوا قلة التدريب والاحتكاك بسوق العمل مما ينعكس على مستوى حضور الطلاب والسعي دائما وراء الغش في الامتحانات.

 

وأشار إلى أنه لا يوجد توصيف دقيق للاختصاصات والسلطات حيث يتم تكليف المعيد بعمل كل شيء في وقت لا يوجد أمان واستقرار وظيفي للعاملين بالمعاهد الخاصة.

 

شكوى الطلاب

 

وقال محمد علي، طالب بمعهد «ن. د. ت. م» إنه حاصل علي دبلوم والتحق بالمعهد كي يغير مؤهل الدبلوم وينتمي للتعليم العالي، ويقوم بدفع 3600 جنيه سنويا للمعهد، مضيفا أنه تورط في دخول المعهد الذي لا يؤهل لسوق العمل والإدارة فاشلة وتتعامل بمنطق مادي وهدفها جمع الأموال فقط حيث من الممكن منع طالب من دخول الامتحانات بسبب عدم دفع المصروفات الدراسية، كما أن نظام الدراسة «تافه» ولا يوجد تدريب عملي.

 

وذكر أيمن جمعة، طالب بمعهد «ع. ل. إ. ح. آ» أن أسعار الكتب الدراسية مرتفعة جدا حيث يصل سعر الكتاب إلي 170 جنيها وكتاب للمراجعة قبل الامتحان35  جنيها وعندما يرسب الطالب في مادة ما يقوم بدفع 200 جنيها كي يتمكن من إعادة امتحانها مرة أخري، مضيفا أن مصروفات مشروع التخرج 700 جنيه.

 

وقال محمد حسين، طالب بمعهد «ح. آ. ن. إ» أن التحرش ينتشر بالمعهد والطلاب يشربون المخدرات والبيرة أمام المعهد، مضيفا أنه حاصل علي شهادة ثانوي أزهري بمجموع %65 وأنه فضل دخول المعهد لسهولة الدراسة به بدلا من المواد الشرعية بكليات الأزهر.

 

وأوضح أن الأمن بالمعهد «بلطجية» حيث كثيرا ما تحدث مشكلات بينهم وبين الطلبة لكن دون إنصاف للطالب من قبل الإدارة، وأنهم يلجئون إلي عمل اتحادات طلابية كي يحصلوا علي حقوقهم.

 

ضبطيات قضائية على المخالفين

 

وقال سيد عطا، رئيس قطاع التعليم بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، والمشرف العام على مكتب التنسيق، إن الوزارة تحارب الأماكن والمعاهد التعليمية الوهمية التي تتاجر بأحلام الطلاب، مضيفًا أنه تم تحرير حوالي 155 محضرًا لغلق مثل هذه الأماكن.

 

وأضاف «عطا»، أن هناك حوالي 163 معهدًا خاصًا معتمدًا لدى الوزارة، لافتا إلى وجود كل هذه المعاهد المعتمدة على موقع الوزارة الرسمي، والتي يمكن للطلاب التأكد منها من خلاله، مضيفا «اللي مش موجود على الموقع يعتبر كيانًا وهميًا، ولابد أن يبلغ عنها».

 

وكانت قد تمكنت لجنة الضبطية القضائية التابعة للوزارة بالتعاون مع هيئة الرقابة الإدارية من مداهمة عدد من الكيانات الوهمية، واتخاذ كافة الإجراءات القانونية بحزم وشدة ضدها، حيث تم استصدار قرار بالغلق الفوري لكل من «الأكاديمية الأمريكية للعلوم والتكنولوجيا الديري انترناشيونال ـ والمركز المصري البريطاني ش إسماعيل سرى أمام معهد التعاون ـ والجامعة الدولية الإلكترونية بالمعادى ـ والأكاديمية المفتوحة للطب التكميلي خلف النادي الأهلي بمدينة نصر».

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة