صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


قصص وعبر| مأساة «ملاك الرحمة».. والمهندس النقاش

علاء عبدالعظيم

الإثنين، 23 يوليه 2018 - 07:02 م

وقفت الزوجة الممرضة والملقبة بـ «ملاك الرحمة» تتشح بملابس سوداء، تعلو وجهها مسحة حزن دفين، ترقب بعين زائغة حضور زوجها النقاش الذي يحمل بين ضلعيه قطعة من الصخر، والذي أوهمها مستغلا طيبة قلبها، وظروفها القاسية بأنه يعمل مهندسًا زراعيًا.

لم تكن تعلم إنه سيكون آخر لقاء لهما ينتهي بإراقة الدماء وسط حالة من الذعر والهلع انطلقت على إثرها الصرخات المدوية، وعويل النساء، حيث جحظت عيناها، وتقطعت أنفاسها، وتملكت جسدها القشعريرة، وهي تهرول مسرعة في محاولة للاختباء بين المتقاضيات، لكن باءت محاولاتها بالفشل، حيث انقض عليها كالوحش الكاسر، ممسكًا بيده سكينًا، وسدد لها أكثر من 12 طعنة متتالية، ولم يرحم أنينها، وسط الدماء التي انفجرت كالشلالات، وملوحًا بيده إلى كل من حاول الاقتراب منه، ونجح في الهرب.

لم تتخل عن والدها المريض، ورفضت الزواج من أجل رعايته، متحدثة كأشهى مايكون الحديث، مقنعة لها في كل قلب مكان تقدير من أهل قريتها، وعلى كل لسان كلمة إعجاب لما كانت تقوم به لمساعدتهم على الشفاء بحكم عملها كممرضة، إلى أن جمعتها الصدفة بأحد الأشخاص، الذي نجح في نسج خيوطه حولها، وامتثلت لآراء الأهل، والأقارب بالموافقة على الزواج منه، خاصة بعد أن فاتها قطار الزواج، وخوفًا من أن تحمل لقب عانس، وتقدم لها على أنه يعمل مهندسًا زراعيًا، لكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، حيث خلع نقاب الأدب، والطيبة، بعدما اكتشفت حقيقته بأنه يعمل «نقاش»، واعتاد التعدي عليها بالضرب وتقييدها بعامود السرير دون رحمة أو شفقة لرفضها اعطاءه ما قامت بادخاره من أموال، حصيلة عملها طوال فترة خدمة أبيها المريض.

ومع أول فرصة، نجحت في الهرب، والعودة إلى منزل عائلتها، تشتكي لهم جبروته، وقسوة قلبه، وتكشف عن إصابات وكدمات بأنحاء متفرقة من جسدها، واتخذت القرار برفع دعوى طلاق منه، ولم تكن تعلم بأنها اتخذت قرار النهاية، كانت تهديداته لها تقتلها ألف مرة، لكنها لم تستسلم أو تراودها نفسها ولو لبرهة بالتنازل عن قرارها إلى أن جاء اليوم الموعود، أثناء تواجدها داخل محكمة الأسرة، بعدما قام أعضاء مكتب التسوية باستدعاء الزوج لسماع أقواله، وفي محاولة للصلح بينهما إلا أنه كان قد لبس عباءة إبليس، واتخذ القرار أيضًا، وباغتها بـ 12 طعنة في أماكن متفرقة بجسدها وسط دموع ودهشة ابتلعت جموع الحاضرين، وتموج انفعالاتها على وجوههم ونجح في الهرب تاركًا زوجته وسط بركة من الدماء.

وكانت الطامة الكبرى عندما علم الأب المريض حيث لم يتحمل قلبه الصدمة، وتوفي في الحال أيضًا حزنًا على ابنته وفلذة كبده، وبتقنين الإجراءات نجح رجال المباحث في القبض على الزوج القاتل، وأحيل إلى النيابة التي قررت إحالته إلى محكمة الجنايات، ووجهت له تهمة القتل مع سبق الإصرار والترصد، وترويع المواطنين، وإثارة الذعر داخل محكمة الأسرة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة