«القفاصة».. بيوت «إمياي» تتحول إلى مصانع صغيرة.. والغلاء يهدد المهنة
«القفاصة».. بيوت «إمياي» تتحول إلى مصانع صغيرة.. والغلاء يهدد المهنة


فيديو وصور|

فيديو| «عمال القفاصة» بإمياي.. «خلية نحل» لكسب لقمة العيش

محمد وحيد- نشوة حميدة

السبت، 04 أغسطس 2018 - 02:32 م

 -300 ورشة «تاكل عيش من الجريد».. والنساء «الجندي المجهول» 

«عمال القفاصة»: «نفسنا في تأمين ومعاش»

- الأقفاص والكراسي وأطقم السفرة  أبرز المنتجات

- الشواربي.. 50 عامًا من «القفّاصة» والأجرة 15 جنيهًا يوميًا
- عبدالله: «نحن معرضون للإصابة في أي لحظة»


 
«الرزق يحب الخفية».. شعار اتخذه أهالي قرية إمياي التابعة لمركز طوخ في محافظة القليوبية في عملهم، لشهرتهم بحرفة «القفّاصة»، أي تشكيل الأقفاص والكراسي من جريد النخل، فيتخذ الكبير والصغير حتى النساء، تلك الحرفة «أسلوب حياة» لكسب لقمة العيش الحلال، فلا مكان لعاطل في تلك القرية الصغيرة التي تضم 300 ورشة قفاصة.

 


 
100 عام «قفّاصة»


وتعمل القرية بكامل طاقتها منذ 100 عام في تلك الصناعة التي كانت تدر دخلًا تعيش منه الأسر، فتربي منه أولادها، وتصرف على تعليمها، بعد أن تحولت المنازل إلى ورش أو مصانع صغيرة يتخللها جريد النخل.


وتوجهت «بوابة أخبار اليوم» للقرية لرصد منتجات الصنايعية، فاصطحبنا  أحد الصنايعية إلى ورشة داخل «كوخ» مقام على أرض زراعية، والتقينا أحمد عبدالله، صاحب ورشة، فأكد لنا أنه يعمل في تلك المهنة منذ 10 سنوات، لأنها مصدر رزق للبلد بأكملها، مضيفًا: «أنا أيضًا ورثها أبًا عن جد».

 


 
 

المواد الخام


وأوضح أنه يستقدم المواد الخام «الجريد» من محافظة الجيزة، وأيضًا من الصعيد، مؤكدًا أن الجريدة الواحدة تأتي بـ3 جنيهات، وأنه يقوم في البداية بتقشير الجريدة من الزوائد، ثم تقطيعها إلى 5 أجزاء وتشكيلها إلى دوائر ومستلزمات الأقفاص والكراسي والأسرة و«بناني الحمام» المربعة والمثلثة، وبمقاسات مختلفة، ومن ثم تأتي مرحلة التجميع.

 


 
 
طقم سفرة


وكشف أنه ينتج أحيانا «طقم سفرة»، وأن الجريد يتحمل المزيد، موضحًا أنه يعمل معه طلبة بكالوريوس وليسانس وحوالى 15 فردًا في الورشة الواحدة، وكذلك طلاب ثانوية، للصرف على تعليمهم.

 


 


سعر الجريد


وكشف أنهم يواجهون بعض المشاكل، مثل ارتفاع سعر الجريد، وقلة الاهتمام بهم، مستطردًا: «نستخدم آلة حادة لتقطيع الجريد، وأُصيب عدد كبير من الصنايعية بسببها، وبعضهم بُترت أصابعهم، وبعد ذلك تكون حياتهم المهنية قد انتهت، ولا توجد أي جهة تدافع عن حقوقنا، لذلك نطالب بتأسيس نقابة للقفّاصة، والتأمين على العمال».

 


 
 

نقابة مهنية.. ومعاش اجتماعي


وتابع: «نحن معرضون للإصابة في أي لحظة بسبب الآلة الحادة، ولا نطمع إلا في جهة ترعى حقوقنا حفاظًا على المهنة، وكذلك معاش اجتماعي».


وبالنسبة لأسعار البيع، كشف «عبدالله» قائلًا: «بنبيع القفص أو العداية بـ12 جنيه، والكرسي بـ50 جنيهًا»، متابعًا: «الصناعة مبقتش تجيب همها، ومحتاجين اهتمام من المحافظة والحكومة».

 


 
حكاية أقدم صنايعي


في نفس الورشة، التقينا الحاج الشواربي، صاحب الـ61 عاما، الذي أخذ يطرق بيديه على عيدان النخيل السميكة ليُحدث بها ثقوباً ذات فتحات محددة يجهزها لأنه بعد دقائق سيُدخل بها عيداناً صغيرة ليشكل شباكاً من الأخشاب ليصمم «قفصًا أو عداية».


«الشواربي» مُصاب بشلل أطفال، لكنه يعمل بكل طاقته منذ أكثر من 50 عامًا في القفاصة، فيومه يبدأ من العاشرة صباحًا حتى 6 مساء بأجرة 15 جنيهًا في اليوم- بحسب حديثه-.


وأوضح أن لديه 7 أطفال، ولا يستطيع الإنفاق عليهم من القفّاصة، لافتًا إلى أن «أيام زمان» كانت المهنة منتعشة جدًا إلا أنها لا تجلب همها حاليًا-بحسب قوله-، موضحًا أنه المسئول عن تصنيع 10 «عدايات» الفاكهة والخضروات في اليوم.


 
 

أزمة صحية


وذكر أنه يمر بأزمة صحية، تتمثل في إصابته بمرض القلب وشلل الأطفال، كما أن لديه طفل مصاب بحروق شوهت جسده في حادث قبل شهور، لافتًا إلى أنه تعرض للإصابة أكثر من مره في أصابعه من «سكين الأقفاص»، ويعالجه نفسه بنفسه، فلا يملك صاحب الورشة ما يتطلب علاجه من ناحية، ولا ترعاهم المحافظة من ناحية ثانية، مناشدَا علاج نجله أيضًا الذي يحتاج عملية تجميل بعد تشوه وجهه وجسده في حادث أليم.


وتابع «الشواربي» باكيًا: «بعيط كل يوم عشان ابني، وزمايله بيعايروه في المدرسة بسبب إصابته، ومش لاقي حد يسأل فيّ، بلاش تعالجوني، عالجوا ابني».


 
معاش «تكافل وكرامة»


وأوضح أنه قدم أوراقه للحصول على معاش وزارة التضامن الاجتماعي «تكافل وكرامة»، إلا أنه ينتظر التصريح والموافقة منذ شهور.


أما أيمن، أحد الصنايعية بالورشة، فهو حاصل على بكالوريوس شريعة وقانون، إلا أنه اعتاد منذ صغره على العمل في تلك الحرفة، للإنفاق على دراسته، ومساعدة والده في تحمل أعباء الحياء.


يقول «أيمن» إنه طرق أبواب عدد من المؤسسات للحصول على فرصة عمل، إلا أنه لم يفلح في اقتناصها، لافتًا إلى أنه لم يطمع سوى في وظيفة تتناسب مع مؤهله الدراسي، وتريحه من مشقة القفاصة التي لا تجلب همها-وفقًا له-.

 


 
نساء القرية.. شعلة نشاط


أما نساء القرية، فكانوا عنصرًا هامًا من قوام إمياي، فلم تترك النساء في القدم أزواجهن يعملون بشكل منفرد، بل اقتحمن الورش معهم لأن «الرزق يحب اللمة»، إلا أن مع مرور الوقت، اتجهت الفقيرات وربات الأسر إلى العمل في «تقشير الجريد» للصرف على بيوتهم، رغم ما يعانون منه من مرض ومشقة طوال يوم كامل.
 


 

«سناء» تمارس عملها بـ«يد مقطوعة»


تحت لهيب الشمس، جلست سناء عطية، منهمكة في تقشير الجريد، واقتربنا منها، فقالت: «بقالي  15 سنة شغاله في القفاصة، وايدي محروقة، لكنى أعمل بها لأنفق على أولادي وزوجي لأنه فلاح بيشتغل بالفاس، ولا يوجد معاش نصرف منه، يوميتي 30 جنيها»؟


وأضافت: «قدمت فى تكافل وكرامة، وقدمت شهادة الاعاقة، ومش طمعانة إلا في معاش من الحكومة».


والتقطت منها زميلتها «صفاء» طرف الحديث، قائلة: «بجري على جوزي المريض من الشغل في جريد النخل، أنا مريضة بالضغط والسكر وسيولة في الدم، وبشتغل عشان أصرف، وما بلاقيش أكل وعلاج، فبطلع اشتغل عشان ناكل ونتعالج».

 

وتابعت: «باخذ علاج على نفقة الدولة، وقدمت أوراق معاش تكافل وكرامة بس ماخدناش معاش، وقدمت تظلم، ومنتظره الرد».
 

 
نظرة يا محافظ


وأضافت في نهاية حديثها: «محتاجين نظرة من محافظ القليوبية، لصناعة القفاصة، والناس اللى شغاله فيها، ونحمد الله على حالنا، لكننا لم نحتاج إلا معاش يضمن لنا الحياة والعيش بين الناس».

 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة