لجأ العثمانيون إلى تهجير عشرات العائلات من المدينة المنورة عبر «البابور»
لجأ العثمانيون إلى تهجير عشرات العائلات من المدينة المنورة عبر «البابور»


حكايات| سنوات «التتريك».. أطول حصار في تاريخ المدينة المنورة

محمد رمضان

السبت، 18 أغسطس 2018 - 04:27 م

جاع أهل المدينة، بل مزق الجوع أمعاءهم، وأرهبتهم عواصف الخوف، وصار الحصار رفيقهم، ولم تُراع قدسية شوارعهم، ولا تاريخها كأول عاصمة في الإسلام.. هنا قصة معاناة في تاريخ المدينة المنورة.

 

ما إن دقت طبول الحرب العالمية الأولى، حتى تذكر العثمانيون أن هناك بقعة مقدسة إلى جنوب عاصمتهم الآستانة، تحتاج لتأمين من العدو «الأنجلو- فرنسي»، غير أن ما صدره الأتراك شيء وما ترجمه جنود آخر خلافة إسلامية أمر أخر للغاية.  

 

كوارث الحرب الكونية

 

مع اندلاع الحرب العالمية الأولى 1914، كانت المدينة المنورة وأهلها جزءًا رئيسيًا من خريطة المعارك العالمية، وفي سبيل ضمان عدم سقوطها في يد الإنجليز عمد العثمانيون إلى أسهل الطرق وأسهلها لتأمين تلك البقعة المباركة.

 

ففي سبيل التأمين، لجأ العثمانيون إلى تهجير عشرات العائلات من المدينة المنورة، عبر «البابور» العثماني، أي قطار سكة الحجاز نحو الشام، خلال حكم فخري باشا الوالي العثماني، الذي أمر بإخلاء المدينة المقدسة للتفرغ لمواجهة قوات الشريف حسين، وتحويلها إلى معسكر ومخزن للأسلحة، وهو ما عُرف فيما بعد بـ«سفر برلك».

 

 

اقرأ حكاية أخرى: «منديس» المقدسة.. أول قبلة حج إليها المصريون القدماء

 

دماء وتهجير وجوع  

 

في كتابه «حياتي.. مع الجوع والحرب والحب»، سجل عزيز ضياء- ابن المدينة المنورة- وأحد من شاهدوا معاناة عاصمة المسلمين، سجل «عزيز» رحلة التهجير من المدينة إلى دمشق ومنها إلى تركيا، تحت حصار الجنود المصطافين ومدججين بأسلحتهم.

 

«لقد جاع أهل المدينة الذين هجرهم عمر فخر الدين (فخري باشا) إلى سوريا - وهو آخر الحكّام العثمانيين للمدينة المنورة، جاعوا بل ومات الكثيرون منهم جوعًا».. كل هذا وأكثر رواه عزيز عن معاناة أهل المدينة.

 

ففي دمشق وحماة وحلب واجه أبناء المدينة المهجرون أشد أهوال الجوع والأوبئة التي حصدت أرواح المئات، في الأزقة والطرقات وأرصفة الشوارع، ولم يختلف حينها أحد على تفسير إصرار «الوالي العثماني فخري باشا» على عدم تسليم المدينة المنورة مجرد عناد وكبرياء هذا الرجل إلى أن أن بلغته أخبار قرب سقوط الخلافة.

 

 

اقرأ حكاية أخرى: كافور الإخشيدي.. حبشي «مسلوب الرجولة» حكم مصر وهزمته أبيات المتنبي

 

 

استسلام تركي للعرب

 

ومع حصار عربي استمر منذ بداية الانتفاضة على الأتراك في 2016 وحتى يوم العاشر من يناير عام 1919، حين قُضي الأمر، وبلغت الخلافة والسلطنة في إسطنبول مرحلة النزع الأخيرة.

 

وهنا انتهت سنوات من التهجير القسري ومواجهة أبناء المدينة لأشد أهوال الجوع والأوبئة التي حصدت أرواح المئات، في الأزقة والطرقات وأرصفة الشوارع، لمجرد انتفاضة عربية ضد عثمانيين أباحوا الدماء واستحلوا حرمة الأراضي المقدسة.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة