صورة موضوعية
صورة موضوعية


الإخوان السبب.. مصريون متمردون ومثقفون في فخ الإلحاد

إسراء كارم

السبت، 15 سبتمبر 2018 - 07:47 م

 

تصدر الحديث عن الإلحاد مواقع التواصل الاجتماعي، والمواقع الإخبارية بعد نشر إحدى الصحف العربية تقريرا يفيد بأن مصر الأولى عربيا في الإلحاد، والذي أشار إلى أن أول أسبابه تشويه جماعة الإخوان الإرهابية للدين الإسلامي.

 

يقول أستاذ القرآن الكريم بالأزهر الشريف الشيخ أحمد تركي، إنه لا توجد إحصائيات يمكن الاعتماد عليها في معرفة مدى انتشار الإلحاد، لكن مع ذلك يمكن أن تعرف أنه موجود من خلال الكثير من الأفكار التي يطرحها الشباب.

 

معنى الإلحاد:


وشرح «تركي» معنى الإلحاد بأنه: الميل والعدول عن الطريق القويم، فهذا يعني أن كل تَرْكٍ للدين وهَجْر لأحكامه هو نوع إلحاد، ومن ثم فالإلحاد يشمل كل أنواع الكفر والشِّرك بالله تعالى، والميل والحيدة عن أوامره وأحكامه جل وعلا، والتجرؤ على نواهيه سبحانه، لافتا إلى أن هذا المعنى هو الذي جاء في كتاب الله تعالى في قوله جل شأنه: «وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ».

 

الفرق بين الإلحاد والملحد:

 

وبين أستاذ القرآن الكريم الفرق بين الإلحاد والملحد، قائلا: «إن الأول هو مذهب فكري ينفي وجود خالق الكون، أما الثاني فهو المنكر للدين ولوجود الإله، حيث جاءت كلمة الإلحاد في القرآن بمعنى الشرك والتكذيب».


استخدامها في القرآن الكريم:

ولفت إلى أن كلمة الإلحاد وردت هي ومشتقاتها في القرآن في مواضع عديدة كما في: سورة النحل: «وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ».. «النحل:103».

 

وسورة فصلت: «إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمَّنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ».. «فصلت 40».

 

وذكر أن كلمة الإلحاد في القرآن لا تأتي بالمفهوم الحالي المعاصر المتعارف عليه، وكذلك الشخصيات المذکورة في القرآن من الذين كانوا لا يؤمنون بالرسالة النبوية كانت شخصيات غير ملحدة «بالمفهوم المعاصر» بل کانوا يؤمنون بتعدد الآلهة «مشركون».

 

وأظهر أنه رغم اعتقادهم بوجود الإله الأوحد فإنهم كانوا في نفس الوقت يؤمنون بأن التماثيل التي كانوا يعبدونها باستطاعتها الشفاعة لهم عند الإله الأعظم: «وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ ».. «العنكبوت 61».

 

«إبليس».. أول من ألحد


وذكر الشيخ تركي، أن القرآن الكريم سجل معالم الإلحاد الأولى وحكاها تفصيلا وتحذيرا فقال سبحانه: «وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ».. «البقرة: 34».

 

وقال تعالى: «وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً ».. «الكهف 50 ».

 

وقال جل وعز: «فَسَجَدَ الملائِكَةُ كُلُّهُم أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ» «ص: 75،74».

 

وأشار إلى أن إبليس الملعون هو أبو الملحدين ففي آيات البقرة وص «وكان من الكافرين»، وفي آية الكهف «ففسق عن أمر ربه» فالفسق والكفر هما أصل الإلحاد وعينه، وهذه هي بذرة الإلحاد الأولى.


واستكمل «إبليس هو أول من ألحد وجاء الوصف في القرآن الكريم بالكفر والفِسْق»، والكُفر لغة: الستر، وقال ابن فارس في مادة «كفر»: الكاف والفاء والراء أصل صحيح يدل على معنى واحد، وهو الستر والتغطية، وإذا أطلق الكفر في الدين فيعني الجحود والعصيان.

 

وقال الإمام الطبري رحمه الله: معنى الكفر في قوله: «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ» فإنه الجحود، وذلك أن الأحبار من يهود المدينة جحدوا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وستروه عن الناس وكتموا أمره، وهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، وأصل الكفر عند العرب: تغطية الشيء.

 

وقال إن الفسق هو الخروج والعدول لغة واصطلاحا، فقال الإمام الطبري رحمه الله: وقوله: «فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ» يقول: فخرج عن أمر ربه، وعَدَلَ عنه ومَالَ، وكذلك الفِسْق في الدين إنما هو الانعدال عن القصد، والميل عن الاستقامة، ويحكى عن العرب سماعا: فسقت الرُّطَبة من قشرها: إذا خرجت منه، وفسقت الفأرة: إذا خرجت من جحرها .

 

وأضاف أن الإلحاد عمليا بدأه إبليس لكنه لم يُسَمَّى إلحادا بل سمي: كُفرا، وفسوقا، وإباءً لأمر الله تعالى، واستكبارا، وضلالا، وسمي فيما بعد زندقة وإلحاداً.

 

أسباب الإلحاد:


وقال إن الملاحظة لحالة الشباب يجد نوعًا من التمرّد ضد القيم والمبادئ الدينية تتوسع يومًا بعد يوم، ومن أهم أسبابها الانفتاح المعرفي الهائل الذي خلق حالة من وهم الثقافة، حيث يتلقى كثير من الشباب معرفة أفقية سطحية ويحصّل عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي على جرعات معلوماتية مخففة ومبعثرة تخلق مع الوقت حالة من الانتفاخ المعرفي الخاوي.

 

واستكمل بأن المتابع للمد الإلحادي الحديث والقديم في بلاد العرب سيجد ارتباط ذلك بالظروف الاجتماعية المختلفة «العلمية - الدينية - الاقتصادية – السياسية»، وأن في كلتا الفترتين يوجد التالي:
-    ضعف الخطاب الديني.
-     انتشار أفكار وعقائد من خارج بنية المجتمع.
-     تباين كبير في الحالة الاقتصادية بين أفراد المجتمعات.
-     ضعف القيادات السياسية وكثرة النزاعات.
-     ظهور أنماط سلوكية مترفة.
 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة