أنور السادات وجولدا مائير
أنور السادات وجولدا مائير


في ذكرى كامب ديفيد.. كواليس أول لقاء بين «السادات وجولدا مائير»

أحمد الشريف

الإثنين، 17 سبتمبر 2018 - 04:34 م

 

«ستُدهش إسرائيل عندما تسمعني أقول الآن أمامكم إنني مستعد أن أذهب إلى بيتهم، إلى الكنيست ذاته ومناقشتهم».. جملة رنانة ألقاها الرئيس الراحل محمد أنور السادات في وجه أعضاء مجلس الشعب - آنذاك - في عام 1977، تبعها موجة من التصفيق من النواب، معتقدين أن تلك الجملة لن تتعدى سقف قبة البرلمان..

 

ولكن السادات كان يقصد كل كلمة قالها، وبالفعل ذهب إلى القدس وألقى خطابا أمام الكنيست الإسرائيلي في 20 نوفمبر 1977، وما تبع من ذلك من تداعيات كان التوقيع على اتفاقية كامب ديفيد التي توافق ذكرى التوقيع عليها اليوم 17 سبتمبر..

 

 

 

قنبلة تحت القبة
القنبلة التي ألقاها «السادات» تحت قبة برلمان عام 1977، فجرت «دهشة» في إسرائيل، ولكن التفجير الأكبر كان في المنطقة العربية، التي طالتها «دهشة» أشد وأكبر، ممزوجة بغضب عربي، كانت تداعياته غاية في السوء على مصر، حيث أنه بعد خطاب «السادات»، اتخذ خطوات البعض اعتبرها جريئة وآخرين اعتبروها «خطوة غير موفقة»، وفي خلال شهرين كان الرئيس الراحل في منتجع «كامب ديفيد» يوقع على اتفاقية السلام مع مناحيم بيجين، وذلك بعد 12 يوما من المفاوضات برعاية من الولايات المتحدة ممثلة في رئيسها جيمي كارتر..

 

 

10 سنوات من العزلة
الاتفاقية نتج عنها تغييرات عاصفة تجاه مصر، حيث تم تعليق عضوية مصر في جامعة الدول العربية لمدة 10 سنوات، من عام 1979 إلى عام 1989، كما أن الأمر تعدى ذلك إلى نقل مقر الجامعة من القاهرة إلى تونس احتجاجا على الخطوة المصرية، بخلاف أنها فجرت معارضة داخلية في وجه «السادات»، وصلت حتى إلى وزير خارجية مصر – آنذاك – محمد إبراهيم كامل، الذي أعلن استقالته اعتراضا على الاتفاقية، كما أنه سماها «مذبحة التنازلات»..

 

محمد كامل، سطر أيضا مقال في كتاب جاء تحت عنوان: «السلام الضائع في اتفاقات كامب ديفيد» المنشور في بداية الثمانينيات، جاء بين سطوره، «أن ما قبل به السادات بعيد جدا عن السلام العادل». وانتقد الوزير المستقيل، كل ما جاء في اتفاقات كامب ديفد، مستندا في ذلك إلى أنها لم تشر بشكل صريح إلى انسحاب إسرائيلي من قطاع غزة والضفة الغربية، ولعدم تضمينها حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.

 

وبحكم أن الشارع العربي – آنذاك – كان مازالت تسيطر عليه أفكار الزعيم الراحل جمال عبد الناصر المتمثلة في القومية والوحدة العربية، فكان هناك جو من الغضب المستعر وحالة من الإحباط المميت والتشتت المستشري، يسيطر على المنطقة، تزامن مع ذلك نشوء نزاع غير مُعلن على الزعامة الإقليمية والشخصية في المنطقة العربي، وذلك لسد الفراغ الذي خلفته مصر بعد تعليق عضويتها بالجامعة العربية.

 

استبدال القومية العربية
التشتت وصل إلى أوجه، بعد حرب الخليج الأولى أو الحرب العراقية الإيرانية، والتي أطلق عليها من قبل الحكومة العراقية – آنذاك - اسم قادسية صدام، وكلفت تلك الحرب كلا الطرفين خسائر بشرية بلغت نصف مليون جندي عراقي وإيراني، مع عدد مماثل من المدنيين، وما ساهم في تشتت الوطن العربي بشكل أكبر وقتها، هو انضمام سوريا وليبيا إلى صف إيران، وتزامن ذلك مع غزو إسرائيل للبنان في عام 1982، بحجة إزالة منظمة التحرير الفلسطينية من جنوب لبنان، وتمت محاصرة العاصمة اللبنانية لعدة شهور، ونشأت حينها فكرة «الاتحاد المغاربي»، التي كانت تستند إلى الانتماء لأفريقيا وليس الانتماء للقومية العربية.

 

ولكن على الجانب الأخر، حصل «السادات وبيجين» على جائزة نوبل للسلام مناصفة، في 27 أكتوبر 1978، لجهودهما في تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط.


كواليس كامب ديفيد
في حوار مع دان بتير المستشار الإعلامي لرئيسي الوزراء الإسرائيليين مناحيم بيجن وإسحاق رابين، أجرته صحيفة «معاريف»، كشف عن كواليس سبقت توقيع اتفاقية «كامب ديفيد»، جاء من ضمنها: إنه « «عندما وصل السادات للمطار، لم نصدق أعيننا.. وكنا نتأكد أننا نشاهد واقعًا.. وعند مد السجادة الحمراء، همس البعض «ما الذي يمكن أن يحدث إذا خرجت من الطائرة مجموعة من الانتحاريين المصريين وتقوم باغتيال كل النخبة الإسرائيلية؟». 

 

وتابع بتير: «لكن الشيء الأكثر درامية كان حين وقف السادات بجانب جولدا مائير رابع رئيس وزراء للحكومة الإسرائيلية؛ كان لدى الاثنين حسابًا مفتوحًا منذ حرب 1973.. عندها سألت نفسي من سيمد يده أولًا، رأيت جولدا وهي تفعل هذا الأمر كبادرة منها، وقالت للسادات: «انتظرت هذه اللحظة لسنوات عديدة»، فأجابها: «أنا أيضًا يا سيدتي».

 

واستطرد بتير: «كانت النخبة هناك، وكان من بين المرحبين بالرئيس المصري، رئيس الأركان حينئذ موطه جور، الذي كانت لديه شكوك فيما يتعلق بالزيارة، وقال له السادات مبتسمًا: «هل هذا فخ؟»، فأجاب موطه: «نعم يا سيدي».

 

السادات كان في مفاوضات كامب ديفيد «مراوغا» لكنه راوغ الوفد المصري أكثر من الإسرائيليين، وكان «ديكتاتورًا» لا يرجع إلى مستشاريه قبل اتخاذ القرار، وكان متصلب الرأي ولا يهتم بالتفاصيل.. هذا ما قاله د. بطرس غالى الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، «ضمنيًا» في شهادة مهمة عن مفاوضات السلام في منتجع كامب ديفيد.


مذكرة موت
اغتيل أنور السادات في حادث المنصة وكانت خلال عرض عسكري أقيم في 6 أكتوبر من عام 1981 احتفالا بالانتصار الذي تحقق خلال حرب أكتوبر 1973، وأرجع كثيرون هذا الاغتيال إلى توقيع «السادات» على اتفاقية «كامب ديفيد»، حيث قال الصحفي الأمريكي لورانس رايت، إن «السادات حينما وقع على هذه الاتفاقية، فهو وقع في الأساس على مذكرة موته، وليس هناك شك أن صنع السلام بين مصر وإسرائيل كانت أول التهم الموجهة إليه». 

 

الأمر الأكيد حول اتفاقية «كامب ديفيد» أنه ليس هناك إجماع على الخطوة التي اتخذها السادات، كما أنه ليس هناك إنكارا لها بالكلية، ولكنها كانت إحدى الاتفاقيات الأشهر في التاريخ، في ظل الحالة التي تركتها في العالم أجمع من ثناء وغضب ودهشة وإحباط في مختلف النفوس العربية منها والغربية..

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة