محمد الدرة
محمد الدرة


محمد الدرة .. أيقونة شعبٍ عنوانه «أطفالنا لا يهابون البأس»

أحمد نزيه

الإثنين، 01 أكتوبر 2018 - 08:31 م

«لا تطلق الرصاص»، عبارةٌ خرجت من حنجرة رجلٌ اسمه جمال الدرة، متوهمًا أنها قد تنقذ ابنه الطفل الصغير من رصاص المحتل الإسرائيلي، لكن هيهات أن تحن قلوبٌ متحجرةٌ وأيدٍ باطشةٌ لا تعرف إلا لغة القتل والدمار.


جنديٌ إسرائيليٌ لم يعير ما يقوله أبٌ فلسطينيٌ اهتمامًا، فأسدى رصاص سلاحه صوب طفلٍ صغيرٍ لم يكن يبلغ من العمر اثني عشر عامًا، بدمٍ أصابه الجمود والتبلد، أُهدرت بسببه دماءً ذكيةً أذنت لأرضٍ أن ترتوي بها، فالأرض تعرف دماء الشهداء الميامين.


ذاكرة دقيقةٍ على كاميرا مصورٍ فرنسيٍ اسمه شارل إندلان وثّقت الحادث، ظلت برهانًا على بشاعة المحتل، الذي يغض العالم الغربي الطرف عن جرائمه التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني.
 

قبل ثمانية عشر عامًا، شمس الفاتح من أكتوبر، لم يراها محمد الدرة، فالطفل الصغير قضى نحبه قبل بزوغ شهر أكتوبر عام 2000، في ظهر يوم الثلاثين من سبتمبر، وقتما بدأ الفلسطينيون انتفاضتهم من أجل الأقصى، الذي دنسه رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك آريل شارون باقتحامه بالخيولل.

أطفال الحجارة

محمد الدرة لم يكن أول طفلٍ يقضى نحبه على يد قوات المحتل الإسرائيلي، ولم يكن الأخير، فجهاد أطفال الحجارة الذي لم يهابوا الموت دفاعًا عن أراضيهم ظل هو العنوان الثابت في حكاية فلسطين الشاهدة على صمود شعبٍ في وجه الاحتلال.


وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن نحو ما يقرب من 2700 طفلٍ فلسطينيٍ ارتقوا شهداءً إلى الآن منذ استشهاد محمد الدرة، والعدد مرشحٌ للارتفاع عن ذلك، حسب مكتب الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال في فلسطين.


مسلسل لم ينتهِ، ولن تُطوى صفحاته بعد، وآخر من التحق بالشهداء من خلفهم من الأطفال، صبيٌ اسمه ناصر مصبح، اُستشهد الجمعة الماضية، وعمره من نفس عمر محمد الدرة، ليخلد بذلك سلسال النضال في عروق أقرانه من بني وطنه.


وقبل أشهرٍ قليلةٍ، أكملت صبية فلسطينية اسمها عهد التميمي مسلسل من النضال الشعبي الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي، حينما وقفت ابنة السادسة عشر ربيعًا، أمام بيتها في الضفة لا تهاب جنود الاحتلال، فصفعت اثنين منهما بيدها، التي غلّت بعد ذلك بقيود المحتل، ولكن تزينت بأساور الحرية والرفعة.


عهد التميمي قضت ثمانية أشهر في سجون الاحتلال قبل أن يتم إطلاق سراحها أواخر شهر يوليو الماضي، بعد أن جردت إسرائيل من كبريائها، بأن صفعت جنودًا يحملون أسلحتهم في وجهها.


من محمد الدرة إلى عهد التميمي، لم يؤذن بعد لأن تُرفع الأقلام وتجف الصحف عن قصص بطولاتٍ لصغارٍ تحولوا إلى كبارٍ وأبطال، هي حكاية وطنٍ يأبى الخضوع والذهاب طي النسيان، «ففتش على مهجةٍ حرةٍ أبت أن يمر عليها العدا».

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة