مريض الإيدز (صورة تعبيرية)
مريض الإيدز (صورة تعبيرية)


حكايات| متعايشون في زمن «الإيدز».. جثث متحركة تسير على الأرض

محمود كساب

الثلاثاء، 02 أكتوبر 2018 - 02:46 م

 

على عتبة أبوابهم تجتمع هموم الدنيا، حياتهم من الألف إلى الياء تحت رحمة الظروف، تحملهم الأيام على أمواجها ثم تلقي بهم على شواطئ أطباء جلادين، حتى ضاقت عليهم شوارع مدنهم بما رحبت، لتتحول غرف المصابين بالإيدز إلى زنازين للحبس الانفرادي. 

 

فقد المصابون بمرض «الإيدز» كل ذرة أمل لحياة «شبه طبيعية»، وباتوا أحياء يعيشون بشهادات وفاة، ينتظرهم الموت البطيء والنفس الخارج لا أمل لدخوله مرة أخرى، فبعد عام من حديث سابق لها مع عددٍ من المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية «الإيدز»، عادت «بوابة أخبار اليوم» لمتابعة حالاتهم.

 

صديقة روسية

 

بعد علاقة غير شرعية مع إحدى الروسيات في مدينة الغردقة، سقط المتعايش الأول (23 عامًا) ضحية للإصابة بالإيدز، بعد أن انتقل إليه منها؛ حيث تحدث عن سلسلة أزمات أخطرها على الإطلاق توقفه عن تناول الدواء.

 

اقرأ حكاية أخرى| قُبة السبع بنات.. «المرمغة في التراب بتجيب عيال»

 

أصبحت الحياة ليس لها معنى بالنسبة له بعد أن توفت أمه حسرتا عليه فتوفت من 7 أشهر، ولم يكتف بذلك؛ بل انفصل عن حب عمره بعدما علمت بإصابته بفيروس الإيدز.

 

بنبرة حزينة تحدث الشاب، قائلا: «كيف أُقبل على الحياة مرة أخرى بعد أن أغلقت جميع الأبواب في وجهي؟.. أمي ماتت بعد حزنها الشديد على مرضي فكانت ربة منزل لا تفهم شيء عن ذلك الفيروس وكانت تظنه كأي مرض يمكن الشفاء منه، ولكن عندما علمت بحقيقة الإيدز من أحد الجيران أصيبت بمرض السكر وتوفيت بعد ثلاثة أشهر فقط وكأنها تريد عقابي بغيابها عني».

 

«نظرة أخي لي وكأنها تخبرني أنني سبب وفاة أمي، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ بل إن الفتاة التي أحببتها منذ أيام الدراسة، حين صارحتها بحقيقة مرضي، قررت الانفصال عني رغم تقديمي لها جميع التحاليل التي تثبت أنني صالح للزواج دون أن أنقل الفيروس لشريكة حياتي».. كلمات اختلطت بدموع المتعايش الأول.

 

 

اقرأ حكاية أخرى| مصريون على حدود الكوكب.. أحدهم «سندباد» يعيش مع «البيروفيين»

 

 

إلى هنا انتهت محطة أول المتعايشين مع العلاج.. «بعد ذلك قررت التوقف عن تناول الدواء تمامًا رغم تحذير الطبيب لي بأنني إذا أوقفت الدواء سينشط الفيروس في دمي أكثر من الأول ولكن لا معنى للحياة بدون أمي».

 

كارثة في الصعيد

 

لم يستطع المتعايش الثاني- 36 عامًا من إخفاء حجم المعاناة التي واجهها للإندماج بالمجتمع بمجرد علم الدائرة المقربة منه أنه مصاب بفيروس «الإيدز».

 

فبعد 15 عامًا من «السلوكيات غير الأخلاقية» معه، قرر الانتحار وإنهاء حياته ليذهب لمن هو أرحم، فقصة المتعايش الثاني كانت أكثر مأساوية وسوداوية، فجميع الأبواب مغلقة في وجهه، حتى أصبح يغلق هاتفه المحمول لمدة أسبوع متواصل.

 

اقرأ حكاية أخرى| «دفن الأحياء» في سيوة.. تفاصيل 3 أيام داخل الرمال الساخنة

 

 

حين اقتربت الذكرى السنوية الأولى للقاء «بوابة أخبار اليوم» به، كان خبر وفاته سابقًا لأي شيء؛ إذ جاء صديقه الذي كان يسكن معه بخبر انتحاره منذ 4 أشهر.. «حاول الذهاب إلى أهله في الصعيد مرة أخرى، وبمجرد أن دخل البيت تعدى شقيقه الأكبر عليه وطرده من البيت».

 

عاد المتعايش الثاني مرة أخرى إلى القاهرة، وبعد أسبوعين، من الزيارة قام بقطع شرايينه ولم يستطع أحد إنقاذه وعندما أخبر صديقه أهله بوفاته لم يستجيبوا له، وأكدوا أنهم ليس لهم علاقة به.

 

فضيحة بالعمل

 

«لم أتوقع يوما بأن أحفر قبري بيدي في يوم من الأيام، وأن تكون تلك نهايتي فكل يوم انتظر أن تقبض روحي وكأن ملك الموت أصبح قريني، فأعلم بأنني السبب في وصولي إلى هذه المرحلة ولكن أمل من الله أن يغفر لي»، بهذه الكلمات بدأ المتعايش الثالث مع فيروس الإيدز حكايته.

 

يقول عمري: «28 عاما أعمل مدرب لياقة بدنية في إحدى صالات الجيم المعروفة كما أنني كنت أفعل بعض الممارسات التي يعتبرها كثيرون غير سوية، ولكن لم أتوقع أن ينتهي بي الأمر لأكون متعايشا مع فيروس الإيدز».

ويكمل: «كنت لا أعلم عن الفيروس شئ نظرا لعدم ثقافة المجتمع بهذا المرض وعدم التوعية فأصبت منذ سنة بارتفاع درجة الحرارة، وكنت أظن بأنني أصبت بحمى وبعد فترة شفيت تماما، ولكن جسدي بدأ في فقد الوزن بشكل كبير شديد فاعتبرت ذلك بسبب إهمالي في أداء تماريني الرياضية وعدم انتظامي في النظام الغذائي، ولكن كانت الصدمة حينما طلبت مني إدارة الصالة الرياضية التي أعمل بها تحاليل فيروسات وكانت المفاجأة حينما أخبروني بالاستغناء عني لإصابتي بفيروس نقص المناعة البشرية فاستقبلت الخبر كالصاعقة ورأيت جميع أعمالي كشريط سينما أمام عيني».

وينهي حديثه قائلا: «لم أعلم كيف أصبت بالفيروس ولكن أعلم انه بسبب ممارستي الغير سوية ولكن مشكلتي الآن كيف أواجه أهلي بإصابتي فتركت البيت منذ علمي بالإصابة وبدأت رحلة علاجي ولكن المؤكد بأن نهايتي اقتربت فهذا الفيروس يأكل في الجسم».

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة