عالم المصريات بسام الشماع
عالم المصريات بسام الشماع


وصف حضارتنا بـ«الفرعونية» انتقاص من قدرها والأصح «المصرية القديمة»

حوار| عالم المصريات بسام الشماع: آثارنا تباع «ديلفرى» بـ199 دولارا

حازم بدر

الخميس، 04 أكتوبر 2018 - 05:06 ص

 

أضعنا فرصة استثمار تابوت الإسكندرية.. وأفسحنا المجال للخرافات

أطالب بـ «تجريس» تجار الآثار.. وسرعة تقديمهم لمحاكمات عاجلة

مكتشف مقبرة توت عنخ آمون طفل مصرى

المعارض الخارجية تهدد سلامة آثارنا وتحرمنا من زيارة السائح لمصر


من النادر أن تجد تقريرا منشورا بإحدى الصحف له علاقة بالسياحة والآثار، إلا وتجد اسم بسام الشماع بين المصادر التى استند إليها التقرير.

أحيانا يتم تعريفه بالأثري، وأحيانا أخرى يوصف بعالم الآثار، ونادرا ما تستخدم وسائل الإعلام

الوصف الذى يحبه ويعشقه، وهو كاتب علم المصريات.

ويرى الشماع أن الوصف الأخير هو الأنسب له، فمهنته الأصلية هى الإرشاد السياحي، لكنه ومنذ عمل بهذه المهنة فى عام 1983، أخذ على عاتقه تجاوز حدود الإرشاد السياحى للمجموعات السياحية، إلى تثقيف جموع الشعب المصرى بحضارتها وثقافتها، وذلك عبر محاضرات منتظمة ينظمها بالمراكز الثقافية، أو من خلال الكتب التى يصدرها من حين لآخر.

تستطيع عند متابعة تصريحاته ومواقفه أن تكون عدة انطباعات عنه، فهو ناقد لاذع جدا، لكنه الناقد البناء الذى يسعى للتغيير إلى الأفضل، وهو أيضا متيم بالحضارة المصرية القديمة، يذوب عشقا فى آثارها ويغار عليها، كما يغار المحب على حبيبته.

لا يمل أبدا الحديث عن الحضارة المصرية القديمة، إذ يستطيع مواصلة الحديث عنها لساعات دون توقف، ومثل هذه الشخصيات يكون الحوار معها متعة، ولكن إعداده للنشر مرهق جدا.
وتأتى المتعة من كم المفاجآت التى يمكن أن تحصل عليها خلال الحوار، أما الإرهاق فيأتى من رغبة الرجل فى أن ينقل لك كل ما يعرفه فى وقت قصير جدا، فتجد نفسك أمام كم هائل من التفاصيل، التى تحتاج إلى جهد فى الربط بينها وتجهيزها للنشر.

لن أشغلكم كثيرا بالإرهاق، ولكن أعدكم بحالة من المتعة مع قراءة السطور التالية من الحوار.

 نبدأ من القضية التى أثارت غضبك مؤخرا، وهى تعامل وزارة الآثار مع حدث التابوت المكتشف بالإسكندرية، ألا ترى أن الأمر لم يكن يستحق كل هذا الغضب؟
- تشعر بالحماس واضحا على وجهه منذ بداية الحوار، وهو ما ظهر فى نبرة صوته المرتفعة وهو يجيب عن هذا السؤال قائلا: الفترة بين اكتشاف التابوت وفتحه طويلة جدا، وسمحت لكثير من الصحف الأجنبية لكتابة تقارير عن أن هناك مخاوف من فتح التابوت بسبب اللعنة التى ستصيب العالم، وأنا اتساءل لماذا لم تستعن الوزارة بالأجهزة التى يمكن ان تكشف ما داخل التابوت قبل أن يتم فتحه.

إثارة فى غير محلها
 ربما كانت الوزارة تقصد بهذه الحالة خلق حالة من الإثارة التى تجذب أنظار العالم نحو مصر؟

- تختفى مشاعر الحماس لتظهر على وجهه مسحة من الحزن تعكس غيرته على الحضارة المصرية، قبل أن يتساءل مستنكرا: وهل نصدر للعالم حضارتنا من خلال خرافات مثل لعنة الفراعنة؟.. وإذا افترضنا ان هذه كانت نيتهم، هل من اللائق أن ترتبط مدينة الإسكندرية بذلك، والتى كانت فى فترة من الفترات منارة العالم الثقافية والحضارية، وكانت مكتبتها تحتوى قرابة 700 ألف لفافة، واللفافة تساوى بالمقاييس الحالية من 7 إلى 8 مجلدات.

 لو كنت مسئولا ماذا كنت ستفعل وقتها؟
- تعود مشاعر الحماسة إلى وجهه ليقول: بداية هناك معلومات أولية كان لابد من توضيحها لغلق باب الاجتهادات غير العلمية، وهى معلومات يمكن أن تحصل عليها بمجرد النظر إلى التابوت، ومنها انه تابوت غالى الثمن، لكنه ليس تابوت الإسكندر الأكبر، وليس تابوتا ملكيا، لأنه لا يحتوى على خراطيش ملكية أو هيروغلوفيات منحوتة، ولكننا لم نعلن ذلك وتركنا المجال للكلام غير العلمي.

 وماذا بعد إعلان تلك المعلومات؟
- يواصل حماسه قائلا: بعد إعلان تلك المعلومات، نقوم فى اليوم التالى باستخدام الأجهزة للكشف عن محتويات التابوت قبل فتحه، ثم ندعو العالم بعد ذلك لمؤتمر فى الإسكندرية على وقع هذا الحدث، وسيحقق ذلك سياحة ثقافية وشاطئية بالمدينة، وستملأ الوفود الأجنبية فنادق الاسكندرية والمدن القريبة منها. ويمكن فى هذا المؤتمر أن يكون الحديث عن التابوت ساعة لا أكثر، ويتم تنظيم زيارة لموقع وجوده، وتحضر الوفود الأجنبية اجراءات فتحه، ونخصص باقى وقت المؤتمر لكثير من الموضوعات عن الحضارة المصرية القديمة، ولكننا للأسف لم نستثمر الحدث جيدا.


ثلاثة فى تابوت
 وما رأيك فيما تم إعلانه من معلومات بعد فتح التابوت؟

- تظهر السخرية واضحة على ملامح وجهه قبل أن يقول: المفارقة أننا تأخرنا كثيرا فى فتح التابوت، وعندما فتحناه تعجلنا فى تحليل ما وجدناه، فخرج علينا من يقول أن الجماجم الثلاث التى عثر عليها لثلاثة رجال، هيئتهم تبدو وكأنهم جنود شكلهم جنود، ثم خرج من قال إنهم رجلان وامرأة، وأن احدهم أصيب بثقب فى الرأس وأن هذا الثقب على ما يبدو أنه ضربة سهم، وأنا اتساءل : كيف عرفتم أنها ضربة سهم لتخرجوا علينا بهذه المعلومة.

والمثير فى الأمر أن أحدا لم يتحدث عن وجود ثلاثة فى تابوت واحد، فهذه سابقة تحدث لأول مرة، وكانت وحدها تستحق الاهتمام، لو كان هناك تخطيط جيد لتسويق الحدث ثقافيا وسياحيا.

 وما القيمة العلمية من وجهة نظرك لوجود ثلاثة فى تابوت واحد؟
- ينظر لى بكل جدية قائلا: حدث فريد لم أقرأ عنه منذ عملت بهذه المهنة فى عام 1983، وهو يثير علامة استفهام تضاف إلى علامات الاستفهام الكثيرة الموجودة فى علم المصريات، وتجعل منه علما جذابا وشيقا.

 وما علامة الاستفهام التى توقفت عندها كثيرا قبل حدث وجود ثلاثة فى تابوت واحد؟
- وكأنه كان ينتظر هذا السؤال، فالتقط من المنضدة المجاورة له كتابا، وفتح إحدى صفحاته بكل حماس ثم قال : انظر هذه هى الملكة نفرتيتى نحن نختصرها فى أنها السيدة الجميلة التى انجبت لأخناتون 6 بنات، ولم نلتفت كثيرا لهذا المشهد الذى رأيته للأسف مرسوما على أحد آثارنا فى متحف بأمريكا وتظهر فيه نفرتيتى وهى تمسك أسيرة من شعرها وتضربها بالمقمعة، وهذا المشهد خاص فقط بمن يحكم، فهل حكمت نفرتيتي؟
هذا سؤال مهم جدا يثيره هذا المشهد، ويستحق أن يكون موضوعا لمؤتمر علمي، فما المانع أن تدعو وزارة الآثار لمؤتمر فى تل العمارنة بالمنيا، ويكون عنوانه هذا السؤال، ويتم تنظيم رحلة نيلية تأخذ الوفود المشاركة من القاهرة إلى المنيا، فتخيل معى كم الفوائد الثقافية والسياحية التى يمكن أن نجنيها./ ولكننا للأسف لا نحسن استثمار ما لدينا بأفكار خارج الصندوق، مثلما فشلنا فى استثمار حدث التابوت، وبدلا من أن نصدر للعالم من خلاله علما وثقافة وحضارة، صدرنا مشاهد تحولت إلى مادة ساخرة، مثل مشهد العمال وقد وضعوا سلما فوق التابوت الأثري، وأحدهم وقد أخذ يخرج المياه من التابوت بجردل، ثم يلقى بها فى الشارع.

 إذا أردنا الخروج من قضية التابوت بدروس مستفادة، فماذا تقول؟
- طبعا درس استثمار الحدث مهم جدا، وكذلك هناك درس أهم وهو إعادة الثقة بين الشعب المصرى ووزارة الآثار، فمدينة الإسكندرية مدينة بنيت فوق مدينة، ومن الوارد جدا أن يعثر مواطن بالصدفة على تمثال أثرى أو يعثر وهو يعيد بناء منزله على تابوت أثرى قد يكون هو الحلم الذى ينتظره الأثريون وهو العثور على مقبرة الإسكندر الأكبر.. وأتمنى أن يبادر المواطن إلى التواصل مع وزارة الآثار لتسليمها ما عثر عليه، أو يبلغها بما شاهده.

 وكيف نضمن حدوث ذلك؟
- يجب بداية تنظيم محاضرات توعية للشعب المصرى للحديث عن قيمة الأثر وأنه لا يقدر بثمن، وأنا من ناحيتى أفعل ذلك، ولكن بمفردى لن استطيع أن أغطى كل أنحاء الجمهورية، ويجب أن يكون ذلك من مسئوليات وزارة الآثار. وادعو فى هذا الإطار وزارة الآثار إلى الإعلان عن تشكيل لجان شعبية لحماية الآثار، بحيث يتم اختيار عدد من المواطنين فى كل محافظة تكون مسئوليتهم الابلاغ عن أى ضرر يلحق بالآثار أو عن أى خبر وصلهم عن شخص يتاجر بالآثار.

 ولكن للأمر أبعاد اقتصادية، فالبعض قد لا يتجاوب طمعا فى المكاسب المادية؟
- دعنا نفرق بين من يحفر بغية اكتشاف آثار للاتجار فيها، ومن يعثر بالصدفة على أثر، وهذا الشخص هو الذى يمكن أن يكون محور جهدنا لإقناعه بتسليم الأثر أو الإبلاغ عنه، وفى هذا الإطار هناك جهد توعوي، ومكافأة معنوية واقتصادية يجب أن يحصل عليها.

 المكافأة المعنوية سهلة ولكن المكاسب المادية قد تكون المشكلة؟
- الحل بسيط جدا، ويمكن تحقيق المكافأة المعنوية والمادية فى مكان واحد، وهو متحف للآثار المستردة يتم انشاؤه، وتكون رسوم دخوله للمصريين مجانا وللأجانب برسوم معقولة، ويتم وضع الآثار التى يسلمها المواطنون الشرفاء مع صورة للشخص الذى سلم الأثر، وبالتالى نحقق له المكافأة المعنوية التى تجعله يفخر أمام أبنائه وأحفاده بما فعله، أما المكافأة المادية فيتم تخصيصها من عوائد هذا المتحف.

عقوبة التجريس
 وماذا عن النوع الآخر الذى يحفر متعمدا بغية اكتشاف الآثار؟

- يحمر وجهه من الغضب، قبل أن يقول وقد ارتفعت نبرة صوته: هؤلاء مجرمون يجب محاكمتهم محاكمات عاجلة تصدر فيها أحكام سريعة، وكما طالبنا بتكريم الشرفاء بوضع صورهم فى المتحف، يجب أن يضاف إلى عقوبة تجار الآثار، عقوبة أخرى وهى "التجريس" بأن يتم نشر صورهم فى كل وسائل الإعلام ليلحق بهم عار الاتجار فى حضارة بلادهم.

 كنت انتظر منك أن تتحدث فى هذا الملف عن دور الشرطة المصرية فى المواجهة؟
- تبدو علامات الرضا على وجهه قبل أن يقول بكل ثقة: الشرطة المصرية وجهت مؤخرا ضربة قوية جدا لتجار الآثار فى المنيا، ولا أملك إلا أن أرفع لهم القبعة على هذه الضربة الموفقة، ولكن الأمر المحير أنه رغم نشاط الشرطة وتغليظ العقوبات، هناك جرأة لم أعتد عليها فى عمليات التنقيب غير المشروع، وهذا يعيدنى إلى المطالبة بالمحاكمات السريعة، إضافة إلى "تجريس" المتهمين.

 وهل تتوقع أن يحدث ذلك تأثيرا ملموسا؟
- كل ما نطالب به هو اليقظة الأمنية، والشرطة بالفعل أثبتت نجاحا فى العملية الأخيرة لضبط شبكة الاتجار فى الآثار بالمنيا، ولكن من الصعب انهاء المشكلة للأبد، لأن الهوس بتجارة الآثار ظاهرة عالمية.. ففى الولايات المتحدة نجح لصوص فى سرقة لوحات أثرية تبلغ قيمتها
500 مليون دولار، ونجح اللصوص فى سرقتها وبطريقة كوميدية بعد أن ارتدوا ملابس الشرطة، ودخلوا إلى المتحف وقاموا بتوقيف الشرطيين بالداخل وسرقوا اللوحات، وأعلنت السلطات عن مكافأة 10 ملايين دولار لمن يساعد فى القبض عليهم والعثور على اللوحات، ولم يتم العثور عليها إلى الآن.

اتفاقية اليونسكو
 إذن رغم اعترافك بنجاح الشرطة، تقر بصعوبة السيطرة الكاملة، لكن فى المقابل نستطيع المطالبة بالآثار التى تصل إلى الخارج بشكل غير شرعي؟

- تظهرمشاعر الرضا على وجهه قبل أن يقول: دعنى أقول لك انه خلال العامين الماضيين فإن ادارة استرداد الآثار بقيادة د.شعبان عبد الجواد تبذل جهدا كبيرا وملموسا، ولكن دعنا نعترف أنهم مكبلون بقوانين فى الدول التى تصل لها الآثار، وأحيلك لقضية الآثار التى تم استردادها من قبرص، حيث أبلغت مصر من الانتربول بالآثار المهربة، واستمرت القضية قرابة عام كامل فى المحاكم حتى استطاعت مصر استعادة الآثار.


 فى النهاية نجحنا فى استعادتها، ولكن ماذا عن الآثار التى عجزنا عن استردادها؟
- تعود مشاعر الغضب على وجهه قبل أن يقول: لا تنسى أن تجارة الآثار كانت أمرا مشروعا حتى صدور القانون رقم 177 لسنة 1983 الذى جرم هذه التجارة، وقبل هذا التاريخ خرجت آلاف القطع الأثرية بطريقة مشروعة.

ثم ان لدينا أيضا اتفاقية اليونسكو عام 1970 التى تعتبر الآثار التى خرجت قبل هذا التاريخ من الممتلكات الثقافية للدولة التى تتواجد بها وجزء من تراثها وتاريخها.

 أفهم من ذلك أن الآثار المصرية التى تباع فى المزادات بأمريكا وبعض الدول الأوربية محمية بهذه الاتفاقية؟
- تظهر مسحة من الحزن على وجهه قبل أن يقول: للأسف ما تقوله صحيح، ودعنى أقول لك والألم يعتصرنى أن تاجر آثار مصرية أمريكى فى كاليفورنيا يدعى جابريال فاندربورت يبيع آثارنا عبر موقع إلكترونى يقدم خدمة توصيل الأثر دليفري، وبأثمان لا يمكن أن تتوقعها.

 أثمان مرتفعة طبعا؟
- ترتفع نبرة صوته وهو يقول غاضبا: قطعة أثرية من تل العمارنة عرضها فاندربورت بـ 199 دولارا، أى ثمن وجبة فى مطاعم الأكل السريع بأمريكا.

متحف الكيان الصهيوني
 وما تفسيرك لهذا الثمن البخس؟

- يصمت لوهلة، قبل أن يضيف: سأحكى لك عن زيارة قمت بها إلى متحف الكيان الصهيونى فى القدس المحتلة عام 2013، وربما تجيب تفاصيل تلك الزيارة عن هذا السؤال. فأثناء الزيارة شاهدت مجموعة نادرة ورائعة من الآثار المصرية، منها تابوت ملون يظهر وكأن الفنان المصرى القديم قد انتهى لتوه من الرسم عليه، وتمثال للقطة المصرية باتست، وتمثال لطائر ابى منجل.

وعندما سألت عن كيفية وصول هذه الآثار للمتحف كان الرد أنها جاءت من أصدقائهم الأمريكان، وهذا يفسر لى لماذا يخفى "فاندربورت" أسماء من يشترى منه الآثار.

 كيف تباع آثار بـ199 دولارا، وأثر آخر مثل "سخم كا" وصل سعره إلى 14 مليون استرليني؟
- تزداد مشاعر الغضب وضوحا على وجه الشماع، قبل أن يقول: عملية بيع هذا التمثال فى المزاد هى المنعطف التاريخى الأكثر خطورة، فأن يبيع تاجر مثل فاندربورت فهذا يمكن استساغته على مضض، أما أن يصل الحال أن يبيع متحف نورث هامبتون هذا التمثال لصالة مزادت كريستى بحجة توفير تمويل لتوسعة المتحف، فهذا غير مقبول، وكانت ردود الأفعال مخيبة للأمال، وأذكر أن وزير الآثار د.ممدوح الدماطي، أصدر حينها تصريحا مستفزا دعا فيه إلى جمع أموال من المصريين لتحصيل ثمن التمثال وشرائه، فهل سنشترى آثارنا من الخارج؟!وبالمناسبة هذا السلوك المشين من جانب هذا المتحف البريطانى هو أفضل رد على بعض المنبطحين الذين يرددون دوما أنه من الأفضل ان تظل آثارنا فى الخارج، لأنهم يهتمون بها أفضل منا.

خطر المعارض الخارجية
 وما مشكلتك مع المعارض بالخارج، فهى مصدر دخل فى ظل ظروف اقتصادية صعبة، وتحظى بدعم وتأييد الأثرى الشهير د.زاهى حواس؟


- ثقافة المعارض كان د.حواس هو من ساهم فى دعمها، وبالمناسبة أنا أرى أن د.زاهى كان يناسبه منصب وزير السياحة فهو شخصية لها كاريزما ويملك علاقات دولية يمكن أن تكون مفيدة فى جلب السياح، لكنه كأثرى لدى بعض التحفظات على ما يقوله من معلومات أثرية، وأتمنى أن يقبل دعوتى لمناظرةأثرية.

 دعنا من رأيك فيه، واذكر لى أسباب رفضك للمعارض؟
- اخشى على آثارنا أن تتعرض لمكروه يؤدى إلى تعرضها للخطر، فقبل أن يسافر معرض الملك توت عنخ آمون الموجود حاليا فى أمريكا حذرت من أن المكان الذى يوجد به المتحف الذى سيستضيف المعرض معرض لاحتمالات وقوع زلزال وفق توقعات الأمريكان أنفسهم، وبالفعل حدث زلزال، ومن حسن حظنا أن المتحف لم يتأثر، ولكن ماذا لو كان الدمار شمل المتحف، ماذا سيكون الحال وقتها.

 سأعود وأقول لك أننا فى ظروف اقتصادية صعبة ومثل هذه المعارض قد تساعد فى جذب السياحة لمصر؟
- عندما ترسل آثار توت عنخ أمون فى أمريكا، وآثار أخرى فى متحف بفرنسا، فلماذا سيأتى إليك السائح ليزور مصر، فأنت ارسلت له الآثار إلى بلده، وبدلا من ان ينفق 5 آلاف دولار فى رحلته لمصر، سينفق فقط قيمة رسوم دخول المعرض.

أفكار خارج الصندوق
 وهل تملك أفكارا تعيد هذا السائح إلى مصر دون الاعتماد على المعارض؟

- لن نخترع العجلة، ففى التسعينيات دعيت من سيدة تدير نشاطا سياحيا فى أمريكا من غرفة فى منزلها، وكانت تنظم محاضرات فى موضوعات الآثار المصرية، وبعدها توقع تعاقدات مع المجاميع السياحية التى تحضر هذه المحاضرات.. وبالمناسبة كان يتم ذلك فى أوج أحداث الإرهاب فى التسعينيات. فما الذى فعلته تلك السيدة سوى أنها تحملت تكلفة سفرى وإقامتى فى أحد الفنادق، وجنت مكاسب كبيرة، فلماذا لا تقوم مكاتبنا السياحية فى الخارج بهذا النشاط، بدلا من الاعتماد على البورصات السياحية التى تقوم بالترويج بأساليب قديمة، وأراها مهينة للحضارة المصرية، فأنا لا أقبل أن ترتدى فتاة زيا فرعونيا وتقدم فقرات استعراضية راقصة، فهذا فضلا عن أنه غير مجد، وأراه مهينا لحضارتنا.

 ولكن ربما يكون الظرف الحالى أقسى من التسعينيات، ففى التسعينيات لم تضرب طائرة مثلما حدث للطائرة الروسية؟
- من الجيد أن سألت هذا السؤال، لأن من الأشياء الغريبة جدا، أنه وفى ظل حدث مثل هذا نقوم برفع أسعار "الفيزا"، بينما المنطق يقول أنك يجب أن تلغى الفيزا، وتحاول ضبط أسعار الخدمات المقدمة للسائح، وكان يجب أيضا أن نتعامل مع هذا الحدث بأفكار خارج الصندوق.

 مثل ماذا؟
- يعنى مثلا كنت أتمنى لو يخرج عينا مسئول بفكرة انشاء نصب تذكارى لضحايا هذه الطائرة، فتخيل مدى التقدير الذى ستناله مثل هذه الفكرة، كما كان يجب أيضا أن يغادر وزيرا السياحة والآثار مكاتبهما لمدة أسبوع ويبقيان فى المطار لاستقبال السائحين واعطاء كل سائح هدية ذات طابع فرعونى تحمل اسمه، لبث الطمأنينة فى نفوسهم.

دعوة أتمنى قبولها
 دائما ما تكون أفكارك مفاجئة وغير تقليدية، ولكن البعض ومنهم وزير الآثار الأسبق زاهى حواس يراها غير علمية ولا تستند إلى حقائق ومعلومات؟

- يبتسم قائلا: انت تلمح إلى المقال الذى كتبه ووصفنى فيه بأوصاف غير لائقة، وأنا لا أقول أى كلمة إلا بدلائل وأسانيد، وادعوه مرة أخرى لمناظرة أثرية علنية، وأتمنى أن يقبل الدعوة ليقدم فيها ما لديه وأقدم ما لدي، ويحكم بيننا الجمهور.

 ولكن آراءك تدمر كثيرا من الثوابت التى تربينا عليها؟
- مثل ماذا؟

يعنى مثلا رأيك فى شامبليون وحديثك عن الطفل مكتشف مقبرة توت عنخ آمون؟
- موضوع الطفل المصرى هذا ليس اكتشافا، ولكن هوارد كارتر نفسه الذى ينسب له هذا الاكتشاف أقر بذلك، وقصة هذا الاكتشاف أن طفلا كان فى الثانية عشرة من عمره وقتها، يسمى حسين كان يعمل فى منطقة الحفر، فتعثرت قدماه أثناء إحضار المياه، وغرزت فى حفرة هى بداية درج من السلالم الأولى المؤدية إلى مقبرة الملك الفرعونى توت عنخ أمون.

حضارة نصف مليون عام
 وهل توجد خدعة تاريخية لم تتحدث عنها وتريد أن تخصنا بها؟

- يبتسم قائلا: توجد الكثير من الخدع، ولكن سأذكر لك إحداها، وهى وصف حضارتنا بالحضارة الفرعونية، وهذا خطأ كبير، لأنه من الأسرة الأولى حتى الـ18 لم يحصل على لقب فرعون سوى أخناتون من الأسرة الـ18، وبالتالى فإنك بهذا الوصف تلغى 17 أسرة من التاريخ المصري.

هذا فضلا عن أنه قبل بداية عصر الأسرات وتوحيد القطرين وجدت حضارة مصرية قديمة، وتوجد اكتشافات أثرية فى منطقة الأقصر تشير إلى أن البشر عاشوا على أرض طيبة منذ نصف مليون عام، وبالتالى فإن وصف الحضارة المصرية القديمة هو الأصح.

ولكن نظريتك هذه قد تواجه بمعارضة شديدة، إذ أن الغالبية العظمى من الآراء تربط بداية الحضارة بمعرفة الكتابة، وبالتالى يؤرخ للحضارة مع بداية عصر الأسرة الأولى؟
- من الخطأ ربطها بالكتابة، فعندما أجد أثرا من تلك الفترة يكشف عن أنهم عرفوا صناعة السلاح لاصطياد الغزلان من أجل الطعام فهذه حضارة، وهذا يعنى أن مجموعة من البشر سكنوا تلك المنطقة وكانت تجمعهم لغة مشتركة.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة