فولكهارد فيندفور
فولكهارد فيندفور


شاهد عيان على معجزة النصر..

حوار| رئيس «المراسلين الأجانب»: حرب أكتوبر تدرس في الكليات العسكرية الغربية

السبت، 06 أكتوبر 2018 - 10:38 م

- «موشى ديان» قال لي: مازلت لا أصدق كيف انهزمت إسرائيل

فولكهارد فيندفور رئيس جمعية المراسلين الأجانب في مصر، وعمل بها طوال ستة عقود، قام خلالها بتغطية الكثير من الأحداث، واطلع على مجريات الأمور السياسية في الشرف الأوسط، وظل مراسلا لمجلة «دير شبيجل» الألمانية بالقاهرة مدة 40 عاما، عاش حرب أكتوبر وعايشها، وأجرى العديد من اللقاءات مع رؤساء مصر، وحاور الرئيس السادات قبل اغتياله بيومين، لديه ولع بالتاريخ ويحرص على قراءته دائما، عمله في منطقة مليئة بالأحداث كون لديه رؤى وأفكارا ومعارف عديدة، «الأخبار» حاورته للحديث عن نظرة الإعلام الغربي لحرب أكتوبر من مختلف وجهات النظر وتبعات الحرب، وإلى نص الحوار.


> كيف كانت نظرة الغرب لمجريات الحرب؟


- كتبت مجلة «دير شبيجل» الألمانية وكنت مراسلا لها مدة 40 عاما، «أكبر أعجوبة من عجائب حرب 73 هى قدرة السادات والأجهزة العسكرية والمخابراتية إخفاء عملية عبور قناة السويس، وذكرت فيما بعد» أن حرب العبور تدرس منذ عشرات السنين في الكليات الحربية في العديد من الدول الغربية، وأنا أؤمن بهذا الرأي إلى يومنا هذا، فقد عشت هذه الحرب وعايشتها، ومن وجهة نظري أن نجاح مصر في إخفاء الاستعدادات العسكرية وخطط الهجوم بطريقة غير عادية، فاجأ إسرائيل وظهر ذلك في رد الفعل الإسرائيلي، حيث قابلت موشى ديان مرة واحدة على متن إحدى الطائرات وتحدثت معه وقال لي إنه إلى هذا اليوم لم يصدق كيف انهزمت إسرائيل، واعتبر أن ذلك هو النجاح في حد ذاته، حيث ستبقى هذه الحرب في ذاكرة الكثير.

 

وكنت في المكسيك وقت اندلاع الحرب وشاهدت تأييد الشعب المكسيكي بشكل كبير لمصر وخرجت المظاهرات في الشوارع للوقوف بجانب الشعب المصري والاحتفال بانتصارها، ومازالت شعوب أمريكا اللاتينية إلى يومنا هذا مؤيدين لقضايا الشعب الفلسطيني، كما أيدت وسائل الإعلام الغربية خاصة الأوروبية موقف السادات ومنحوه ألقابا وأوسمة،وأشاد البرلمان الأوروبي بالسادات بشكل غير عادي كونه تجرأ أن يقفز فوق ظل على أمل أن تكون نية إسرائيل صادقة، لكنها لم تثبت حسن النية حتى بعد انسحابها من الأرض المحتلة في النهاية.

 

> بحكم معايشتك للسادات وإجراء العديد من الحوارات معه، كيف كنت تراه؟

 

- لدى حتى الآن 22 ساعة تسجيلات لحوارات أجريتها مع الرئيس السادات، فقد قابلته مرارا هو والسيدة الأولى جيهان السادات حيث كنت على اتصال دائم معه، وكان رجلا يخطط إلى الأمام ويفكر بمراحل، لكنه في أخر حديث في حياته، أجريته معه قبل وفاته بأربعة أيام، حيث استقبلني في الثاني من أكتوبر 1981 وأجريت معه حوارا طويلا مثيرا، تضمن ندم السادات على أشياء كثيرة فعلها من بينها إطلاق سراح الإخوان المسلمين وقال «أنا ندمت،محدش يقدر يأدبهم إلا أنا، وسيصعب على من يخلفني التعامل معهم»، وأرى أنه كان يتمتع بروح عالية وشجاعة رئيس الجمهورية الذي يعترف بخطئه حين أعطى الفرصة والأمان للإخوان اعتقادا منه  أنهم سيساندون الدولة المصرية في خطواتها.

 

> كنت متواجدا مع السادات أثناء زيارته إسرائيل حدثنا عن أصداء تلك الزيارة وخطاب الرئيس وقتها؟

 

- أعضاء الكنيست أخذوا على غرة إلى حد ما، وطالب السادات بالسلام مع الفلسطينيين أيضا ليس مع مصر فقط، والرأي العام الإسرائيلي كان مؤيدا لهذه الزيارة، وهذا ما كتبته الصحف، ولم لم يكن هذا الرأي العام متواجدا لم يكن مناحم بيجن رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني يتمكن من مبدأ عقد السلام مع مصر مقابل الانسحاب من سيناء، وفي مفاوضات كامب ديفيد الأمريكية بين رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجن والسادات كان كل شيء معدا لإبرام الاتفاقية وتراجع بيجن في أخر لحظة، وهو ما أغضب الرئاسة الأمريكية، وتدخلت بعد أن حزم السادات حقائبه استعدادا  للعودة إلى مصر، وكاد أن ينقطع طريق السلام، مع العلم أنه كان هناك معارضة إسرائيلية شديدة لعقد السلام، ورفض موشى ديان الاتفاقية بشدة  حتى بعد توقيعها وهو كان مجرد وزير الزراعة في إسرائيل، وأسس مستوطنة يهودية كبيرة وسط سيناء قبل أسبوعين من توقيع الاتفاقية، كل ذلك كان يعرقل عملية السلام قبل أن تنتهي بالتوقيع بين الطرفين.

 

> كيف كان ينظر الغرب للرئيس السادات؟    


- الكل كان يؤيد السادات دون شك،  وكما أطلقت عليه الصحف ووسائل الإعلام العربية « بطل الحرب والسلام»،  فإن الصحف العالمية تداولت ذلك اللقب أيضا الذي يحمل الكثير من المعاني فهو كان حقا بطلا في الحرب والسلام، وأرى أن إسرائيل لو كانت تمتاز بالذكاء والحكمة لالتزمت بما وعدت به وقامت بتسليم سيناء كاملة، فهى حق مصر من البداية وهو ما أقرته المحكمة الدولية بهزيمة إسرائيل وقضت بضرورة عودة طابا إلى مصر.


كما انتقدت الصحافة العالمية إسرائيل بعد اتصال السادات بمناحم بيجن وإرسال وزير الخارجية المصري إلى القدس من أجل إنصاف الفلسطينيين وإعطائهم حقهم في حريتهم، وكان عدم التجاوب الإسرائيلي وإهمال المطالب وإعلان ضم القدس الشرقية العربية إلى دولة إسرائيل في رد عنيف، بداية توتر العلاقات مرة أخرى.

 

> كيف كانت ردود أفعال وسائل الإعلام الغربية تجاه حرب أكتوبر؟

 

- وسائل الإعلام الألمانية كانت مؤيدة للموقف المصري بشكل كبير وكانت تعتبر أن الحرب لابد منها لتحريك العملية السياسية، وانعكس ذلك أيضا في بعض الصحف الأمريكية، حيث أنه كان هناك بعض من التمهيد لمبدأ الحربين الرئيس السادات والإدارة الأمريكية، ولذلك لم تفاجئ واشنطن بالشكل الكبير واعتقد أن وسائل الإعلام الكبرى تفهمت موقف الحرب.

 

> وأي الدول كانت تقف بجانب مصر وأيها وقفت بجانب إسرائيل؟


- الصحف الأمريكية كانت الأكثر مساندة لإسرائيل فالموقف الأمريكي من حيث المبدأ ينحاز إلى إسرائيل، لكن هناك تفاوت بالنسبة لبعض الصحف التي كانت تتفهم ضرورة قيام هذه الحرب من أجل التحرير فهى لم تكن حرب أساسها الهجوم والعدوان، كما أن مصطلح «حرب التحرير» استخدمته صحف ألمانية كبرى.

 

ولكن إذا قمنا بالمقارنة بين حرب 67 و73، فإن بعض الصحف الأمريكية تحججت بلهجة غريبة من أن مصر أغلقت خليج العقبة وميناء إيلات في مناحي دولية وفى وجه إسرائيل،  لكن سرعان ما تلاشت هذه اللهجات مع بداية عملية السلام، حيث شاهدنا إسرائيل كانت شبه مضطرة للموافقة على الهدنة وذلك بتأييد من الإعلام الغربي والدولي العام، لذلك كان هناك تفهم دولى عام لضرورة حرب التحرير والسلام، كما أن العالم الثالث بأكمله وكتلة «عدم الانحياز» الهند والصين ويوغوسلافيا» وقتها، يؤيدون جميعا مصر ويساندونها من خلال وسائل إعلامهم.
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة