محمد البهنساوي
محمد البهنساوي


حروف ثائرة

محمد البهنساوي يكتب: المنسي وعشماوي.. البداية والنهاية

محمد سعد

السبت، 13 أكتوبر 2018 - 09:29 م

 

شاء القدر أن تكون بدايتهما واحدة.. بمكان مقدس واحد.. تلقيا نفس التدريبات.. تعلما نفس دروس الوطنية.. أن الدين جهاد وفداء.. والوطن شرف وعرض.. صيانته واجب مقدس.. والشعب أمانة.. حمايته مهمة وطنية دينية.

 

دربوهما على أداء واجبهما المقدس وتنفيذ مهمتهما الوطنية.. لكن نفس البدايات لا تقود أبدا إلى ذات النهايات.. فبعد عدة سنوات.. ها هو الأول بطل خالد الذكر شهيد دفن بدمائه الطاهرة.. وزميل بدايته خائن طريد.. ينتظر الجميع قطع رأسه وإراقة دمه النجس.. نظير ما ارتكبت يداه من قتل وتدمير.

 

عن البطل الشهيد الشجاع أحمد المنسي قائد الكتيبة 103 صاعقة بشمال سيناء.. والإرهابي هشام عشماوي الخائن الجبان الموقوف في ليبيا والمفصول من الخدمة العسكرية نتحدث.. فقد تزاملا في بدايتهما في وحدات الصاعقة بجيشنا المغوار.. وها هى نهايتهما.. العيب بالقطع ليس في تلك البدايات.. لكن ما قبلها.. مرحلة الطفولة والدراسة والإعداد قبل الالتحاق بالكلية الحربية.. والتي تغرس غرسا في أبنائنا.. إما أن يثمر ثمرا طيبا شهيا مذاقه إذا كان غرسا سليما مستقيما.. أو يخرج ثمرة خبيثة ما لها من قرار.. إذا كان النبت معوجا.. وعن هذه المرحلة نتحدث.

 

المقارنة بين البطل المنسي والخائن عشماوي ليست في محلها تماما.. لكنها تضع نقاطا عديدة فوق حروف الوطن.. وتلفت انتباهنا إلى ما نحاول الهروب منه..الخطاب الديني الذي فشلنا حتى الآن في تقويمه وتجديده.. وتركنا كل طفل لأسرته تعده وتفسر له ما يتلقاه من مشايخ بعضهم غير مؤهل وغير مراقب رقابة تصحح مفاهيمه هو نفسه.. وتمنعه من بث سموم فهمه الخاطئ للدين الوسطى السمح.. تلك الأسر تتعرض لنفس المتاهة.. ولمدرسين يغرسون قيما بنيت على ما نما وترعرع داخلهم من قيم دينية سليمة أو مغلوطة.. وفهم للدين من مشايخ بعضهم وصمة عار على ديننا الحنيف.. وفي الحالتين الأمر متروك لهوى عشوائي في ظل غياب مفهوم ديني صحيح قويم ممنهج.


الخطاب الديني القويم أراه أهم الفوارق بين البطل والخائن.. فباسم الدين القويم.. كانت تصرفات البطل أحمد المنسي.. في حياته العادية قبل مواقفه العسكرية البطولية.. فالمنسي الإنسان.. كان فعل الخير جزءا من تكوينه.. فمرتبه فور أن يقبضه قانعا راضيا.. يقتطع منه جزءا ليس قليلا للمحتاجين.. يرى أن هذا حق الله في راتبه.. وزوجته لم تعرف جزءا كبيرا مما فعل إلا بعد استشهاده.. وعشماوي كان يتلقى المال لا يفكر إلا كيف ينفقه في القتل والتدمير والخراب.. بل يجهد نفسه في الحصول على ما لا يستحق لينفق على عملياته القذرة.. وذاقت أسر لوعة الموت والفراق بماله الحرام.

 

المنسي علم أن دينه أمره ببر الناس جميعا.. فما أدل على بره بغير أهل دينه من الصلاة التي أقيمت على روحه الطاهرة في كنائس قريته قبل مساجدها.. أما الخائن عشماوي.. فما من دين لديه يمنعه من أن يقتل المسلمين قبل أن يدبر ويخطط لتفجير الكنائس وقتل الركع السجود بالمساجد.

 

المنسي الشجاع كان يأمر جنوده أن ينتظروه ليسبقهم في تأمين طريقهم بدروب سيناء.. وعندما يسأله جنوده يجيبهم أنه أخذ حظه من الدنيا.. ثم يعاتبهم.. هل تستكثرون علىّ الشهادة التي طالما دعوت ربى أن أنالها.. فهو يؤمن بأن الجنة تنتظره.. وفى المقابل كان يختبئ الجبان عشماوي في كهوف الصحراء.. يخطط للتدمير.. ويرسل أذنابه للتنفيذ.. يخدعهم وباسم الدين بأن الجنة تنتظرهم.. وإذا كان هذا يقينه.. فلم لا يبادر بنفسه بدلا من المغيبين من أتباعه؟.

 

أفبعد تلك المقارنة المختصرة.. لا يبرح علماؤنا مكانهم ولا ينحون جنبا سخيف خلافهم.. ويسارعون وفورا بتجديد خطاب ديننا الحنيف حتى يصبح كل طفل البطل المنسي بدلا من أن يذهب برأسه إلى الخائن عشماوي !!
 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة