الرئيس السيسي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين
الرئيس السيسي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين


مصر وروسيا.. توافق يحقق مصالح البلدين

الأحد، 14 أكتوبر 2018 - 06:25 ص

 

تشهد العلاقات المصرية ـ الروسية حالة من التفاعل، يجسدها التواصل والتنسيق المستمر بين قيادة البلدين، فى معظم القضايا، وزادت تلك العلاقات خلال الفترة الماضية بتحركات ونشاط على كافة المستويات كان على رأسها التعاون فى القضايا الساخنة مثل الإرهاب والأزمة السورية والليبية.

 

ونتيجة للدور الروسى فى منطقة الشرق الأوسط، ووجودها بقوة فى بعض القضايا الإقليمية المهمة مثل الأزمة السورية والملف النووى الإيراني، تسعى موسكو للعب دور فاعل فى المنطقة من خلال طرح رؤى مغايرة للرؤى الأمريكية لقضايا المنطقة.

 

وتتلاقى وجهات النظر المصرية - والروسية فى الكثير من الأحيان، كل هذه الاعتبارات جعلت القيادة المصرية تفتح آفاق التعاون فى كل المجالات المختلفة مع الدولة الروسية، من أجل مواجهة المشكلات المختلفة وحماية الأمن القومى المصري، والاستفادة من خبرة الجانب الروسى فى مكافحة الإرهاب، ومساندة مصر فى مشروعاتها القومية.

 

ففى خلال السنوات الأخيرة وصلت العلاقات المصرية الروسية- إلى مرحلة متطورة على الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية جعلت بعض الخبراء يطلقون عليها شراكة إستراتيجية حقيقية بين البلدين يجسدها التشاور الوثيق والمستمر بين القيادتين فى البلدين، شجع عليها توجهات سياسة روسيا الخارجية فى منطقة الشرق الأوسط ووجود العديد من اوجه التشابه، إن لم يكن التطابق، بين ثوابت سياسات القاهرة وموسكو تجاه أهم قضايا المنطقة.

 

 

فى مقدمة ذلك التعاون تأتي مواجهة التحديات الدولية ومكافحة الإرهاب، وصلابة الموقف ضد التيارات الاصولية الدينية وحظر نشاط جماعة الإخوان المسلمين، فضلا عن الموقف من الكثير من القضايا، ومنها إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، وضرورة التسوية السياسية لأهم مشكلات المنطقة بداية بالتسوية السلمية للنزاع العربى الإسرائيلى ومرورا بالأزمات الراهنة فى كل من سوريا وليبيا واليمن والعراق.

 

ويوجد اتفاق بين البلدين على جهود محاربة تنظيم داعش الارهابى والمجموعات الإرهابية الأخرى فى المنطقة وتنشيط جهود حل الأزمة السورية بالطرق السياسية.

 

وتولى موسكو أهمية خاصة إلى دور مصر المحورى فى منطقة الشرق الأوسط من منظور الاتفاق فى الرؤى تجاه عدد من أهم القضايا الإقليمية والدولية، وبما يتسق مع المعالم الرئيسية للسياسة الخارجية لروسيا الاتحادية التى أقرها الرئيس بوتين فى فبراير 2013. والتى اشارت إلى اولويات روسيا الاتحادية وسياساتها تجاه تشكيل النظام العالمى الجديد بعيدا عن هيمنة عالم القطب الواحد واعتماد الشرعية الدولية والمساواة والتكافؤ والاحترام المتبادل وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للغير اساسا للعلاقات فى الساحتين الاقليمية والدولية وهو ما سبق واعلنته القاهرة فى اكثر من مناسبة.

 

واعتمدت موسكو فى وثيقة سياستها الخارجية حول علاقاتها مع المنطقة العربية وشمال افريقيا تاكيد روسيا على تقديم مساهمة كبيرة ومهمة فى استقرار الوضع فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وانتهاج سياسة متتابعة لدعم تحقيق السلم الأهلى والوئام فى جميع بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والمنطقة ككل على أساس احترام السيادة ووحدة تراب وأراضى الدول وعدم التدخل فى شئونها الداخلية.

 

وعبر وضعها كعضو دائم فى مجلس الامن الدولى وكعضو فى «اللجنة الرباعية» للوسطاء الدوليين، ستواصل روسيا حشد وتعبئة الجهود الجماعية، على أساس معترف به دوليا، للتوصل إلى وتحقيق تسوية شاملة وطويلة الأجل للصراع العربى الإسرائيلى من جميع جوانبه، بما فى ذلك إقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش فى سلام وأمن مع إسرائيل.

 

كما ستدعم روسيا إقامة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل والعمل من خلال مشاركتها بصفة مراقب فى منظمة التعاون الإسلامى واتصالاتها مع جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجى على توسيع تعاونها وتفاعلها مع العالم الإسلامى ومواصلة تطوير علاقاتها الثنائية مع بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

 

وفى اطار هذه السياسة التى تتبعها موسكو تبلورت العديد من القضايا المشتركة فى العلاقات المصرية- الروسية، نتيجة للأوضاع المستجدة على الساحتين الإقليمية والدولية وفى مقدمتها قضية مكافحة الإرهاب حيث تتشابه رؤية مصر وروسيا فى مكافحة هذه الظاهرة عن طريق تبنى إستراتيجية عالمية موحدة والتأكيد على التعاون الدولى فى هذا المجال. وفيما يتعلق بالأزمة السورية حيث تصر روسيا على ضرورة حل الأزمة سياسيًا من خلال وضع إطار جدى للحوار بين السوريين بدون تدخل دولي، والتأكيد على مسارات جنيف لحل الأزمة السورية، وهو ما يتوافق مع ما تسعى اليه مصر أيضًا لحل الأزمة التى تنبع من ضرورة الحوار بين الأطراف السورية المختلفة مع رفض التدخل العسكرى.

 

 

كما تتوافق وجهات النظر المصرية والروسية حول الوضع فى ليبيا، وتدعم موسكو الجهود المصرية لمكافحة الإرهاب ومنع تسربه عبر حدودها المشتركة مع ليبيا. اقتراب القاهرة من موسكو ياتى من حاجة القاهرة إلى فتح آفاق التعاون مع كافة دول العالم بعد 30 يونيو من أجل تعظيم المصلحة المصرية، وكذلك مواجهة القضايا والمشكلات التى تعترض منطقة الشرق الاوسط وتنويع خيارات السياسة الخارجية المصرية واستعادة مكانة مصر الإقليمية والدولية.

 

بالنسبة لروسيا فان تقاربها مع مصر يأتى من منطلق سياسة خارجية تسعى للتواجد والتاثير واقامة علاقات قوية مع الدول المحورية فى منطقة الشرق الاوسط وهى سياسات تاتى من اصرار روسيا على إعادة تشكيل توازن القوى العالمى ومزاحمة الولايات المتحدة فى المنطقة لاسيما وأن السياسة الامريكية تجاه المنطقة فى عهد اوباما شهدت انسحابا امريكيا فى كثير من الملفات مما منح روسيا فرصة لملء الفراغ الأمريكى وإعادة توازنات القوى الدولية فى منطقة الشرق الأوسط. انعكست بشكل واضح فى انخراطها فى الأزمة السورية وسعيها لتعميق العلاقات السياسية والعسكرية والإقتصادية مع ثلاثة محاور رئيسية فى المنطقة هى مصر وتركيا وإيران.

 

إلى جانب تحقيق مصالح اقتصادية لروسيا فى منطقة الشرق الأوسط تمثلت فى بيع صفقات اسلحة روسية إلى مختلف دول المنطقة، وايضا تصدير التكنولوجيا النووية من خلال بناء محطات للطاقة النووية كما هو الحال فى العقود المبرمة مع مصر وتركيا فى هذا الشأن.

 

تطور العلاقات بين روسيا ودول المنطقة وعلى رأسها مصر يتعلق بالعلاقات الروسية مع اوروبا وما آلت إليه فى السنوات القليلة الماضية بسبب استيلاء روسيا على شبه جزيرة القرم فى مارس 2014 ومن قبلها التدخل الروسى فى أوكرانيا والتى كانت إيذانا ببدء توتر فى العلاقات بين روسيا ودول الاتحاد الأوروبى وبداية حزمة من العقوبات على الجانب الروسي، وبطبيعة الحال انعكست العلاقات المتوترة بين الجانبين الروسى والأوروبى على اهداف وابعاد السياسة الروسية فى منطقة الشرق الأوسط وشكلت أحد الدوافع وراء التدخل الروسى فى الازمات المشتعلة فى المنطقة من أجل تحقيق عدة أهداف.

 

يأتى فى مقدمة تلك الأهداف التوغل فى شرق وجنوب مياه المتوسط لتمثل طوقاً جنوبياً لأوروبا وإعادة التموضع الروسى فى منطقة الشرق الأوسط بهدف جعل روسيا محورا تتقاطع معه المصالح الاوروبية فى المنطقة مما يمنح الجانب الروسى فرصاً اكبر للتفاوض مع اوروبا حول رفع العقوبات المفروضة عليها ولكن ليس على حساب ملف شرق اوكرانيا بل على حساب ملفات أخرى باتت تمتلكها روسيا فى منطقة الشرق الأوسط ويهتم الجانب الأوروبى بإيجاد تسويةٍ لها.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة