د. أشرف عبد الحفيظ
د. أشرف عبد الحفيظ


حوار| رئيس جامعة الفيوم: آليات متعددة لإخراج طالب مثقف مرتبط بالواقع

عبدالهادي عباس

الثلاثاء، 16 أكتوبر 2018 - 10:18 م

- تنمية الحس الوطنى مهمة قومية والانفتاح على الآخر والتوسع الأفقى أهم الخطط

 

اهتمام كبير تُقدمه القيادة السياسية لدعم محافظات الصعيد فى كل المجالات التنموية، ولأن محافظة الفيوم تُمثل المدخل الرئيسى للوجه القبلى فقد كان التركيز على تطوير جامعتها من أولويات وزارة التعليم العالي، حيث يجرى العمل على إنشاء عدة مبان جديدة لرفع كفاءة العملية التعليمية تكلفت ملايين الجنيهات، بالتزامن مع خطة أخرى لرفع مستوى الطالب الجامعى علميا وأخلاقيا استجابة لتوجيهات الرئيس السيسى فى مؤتمر الشباب الأخير بالتركيز على بناء الإنسان.


ومن هنا تأتى أهمية الحوار مع د. أشرف عبد الحفيظ رحيل، رئيس جامعة الفيوم الجديد، وأحد أهم المتخصصين فى فلسفة العلوم الزراعية:

> ما خطتك للارتقاء بجامعة الفيوم وتحسين مكانتها بين الجامعات المصرية؟
- لجامعة الفيوم خطة مستقرة، ربما يحدث تغيير ما فى رؤية بعض الموضوعات، وتكون هناك وجهات نظر جديدة فى طريقة التعامل معها، ترتبط تلك الطريقة من وجهة نظرى فى عدم التأجيل والحسم فى كل موضوع يمكن أن نتوقف عنده، وطريقنا الذى يمكن أن يؤدى إلى نتيجة فاعلة هو النظرة القائمة على التخطيط الاستراتيجى المستقر طويل المدى، ونحن لدينا الخطة الاستراتيجية للجامعة، الجديد الذى يمكن أن نقوم به هو آلية تطبيق هذه الخطة، ففى بعض الأحيان يمكن تطبيق الخطط بشكل صلب وجامد، ولكن هذا التطبيق لن يؤدى إلى نتائج إيجابية تمامًا، يجب أن تكون هناك روح العنصر البشرى الذى يغير فى آلية الاستجابة والتعامل مع هذه الخطة الممتدة.


توسع أفقي
> ماذا عن إسهام التوجهات الجديدة فى الارتقاء بالجامعة؟

- أعتقد أن لدينا طريقين لابد من الاشتغال عليهما فى آن، الأولى منهما تتمثل فى الانفتاح على الآخر المغاير للأخذ والعطاء، وأى متأمل للحظات التقدم فى العلوم العربية على مر التاريخ تثبت أن المصريين بشكل خاص والعرب بشكل عام لم يتقدموا إلا فى حالات الانفتاح على الآخر والنهل منه والعطاء فى الوقت ذاته، أما الطريق الأخرى فهى مرتبطة بالتوسع فى إنشاء المراكز العلمية المتخصصة التى أصبح وجودها حتميا، والعمل على أن يكون هناك إنجاز حقيقي، ويجب أن نضع فى اعتبارنا أن التوسع الأفقى من خلال فتح كليات جديدة له تأثيره المباشر والمهم فى استكمال عناصر المنظومة التعليمية بجامعة الفيوم.


قبول الآخر
> دعم أفكار قبول الآخر والتماسك الوطنى من أولويات المنشآت التعليمية.. ما الذى تقوم به فى هذا الشأن؟

- التركيز على قبول الآخر منطلق أساسى من منطلقات الإنسانية فى تجليها العميق، بل لن تجد باحثا حقيقيا، إلا وقد تأصلت فيه هذه الصفة، ولن تتقدم العملية التعليمية فى أى مكان دون وجود سياق عام يضع الجميع بعيدا عن الأديان والمذاهب والتوجهات الأيديولوجية المختلفة، وهذا التوجه الأساسى هو المحرك الفعال فى جامعة الفيوم، فنحن هنا نتعامل مع كفاءات بشرية وإمكانات علمية، التى يجب أن تكون الفيصل فى تقديم شخص على آخر بعيدًا عن استحضار أى مقياس آخر، والجامعة من خلال الندوات العامة والمؤتمرات العلمية تعمل على تأسيس وتجذير هذه المنطلقات، فهذا المنطلق فى الأساس منطلق إنسانى تحتمه الأخلاق والفطرة السليمة.


> تقيم الجامعة عددا من المؤتمرات السنوية.. كيف نستغل ذلك فى دعم الواقع المحيط؟
- أنا قبل أن أكون قائما بعمل رئيس الجامعة نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، وهذا المنصب يجعل عملى وثيق الصلة بالواقع المحيط وبيئة الجامعة من خلال المحافظة الحاضنة لها وهى محافظة الفيوم، والبيئة الكبرى مصرنا الحبيبة، وأقرب المؤتمرات التصاقا هو مؤتمر عقدته الجامعة فى العام الماضى عن مشكلة المياه، ولم يكن مؤتمرا عاديا يقف عند حدود تقديم أوراق علمية أكاديمية فقط، وإنما كان المؤتمر مكونا من ورش عمل على نحو كبير من الأهمية. والمؤتمرات الأخرى التى تقيمها الكليات سواء الكليات العلمية أو الكليات التى تهتم بالإنسانيات وثيقة الصلة بالبيئة المحيطة، ولها تأثير إيجابى يكشف عن ذلك حجم التأثير الكبير، والحضور اللافت للجامعة.

 

ففى مجال خدمة المجتمع لجامعة الفيوم دور واضح فى إطار ساقها المحيط فهناك الخدمات والأنشطة والفعاليات التى تسهم فى حل بعض الإشكاليات الخاصة بالمجتمع، والأنشطة العلاجية مثل القوافل الطبية لعلاج الأمراض المنتشرة، وكذلك تقدم الجامعة الدور التدريبى الذى يؤهل الطلاب لاكتساب مهارات، بالإضافة للتعاون مع المجتمع المحلي، وكذلك الدور الفكرى من خلال ندوات التثقيف فى العديد من المجالات السياحية والأثرية والزراعية، وأخيرا العمل فى مجال ذوى الإعاقة وتقديم الدعم اللازم للمرأة، وكل ما ذكرت على سبيل المثال لا الحصر.


أثر سلبي!
> ما أهم الآليات التى تحتاج إليها جامعة الفيوم لتقوم بدورها الثقافى والفكرى فى خدمة أبناء الصعيد؟

- أتمنى أن يأتى يوم وهذا أمنية كبيرة لا نفرق بين جامعة تقع حدودها فى القاهرة الكبرى والجامعات فى المحافظات المختلفة، فالمتغيرات فى العالم كبيرة وسريعة جدا وفى المجالات العلمية على نحو خاص، وكلمة إقليمية تضع ترتيبا من البداية، وهو ترتيب يمكن ألا يكون صحيحا، ويمكن أن يكون له أثر سلبى لأن التقييم على هذا النحو يمكن أن يكون فيه نوع من الجاهزية دون تمحيص حقيقى على أرض الواقع، كل ما أرجوه أن يقوم الأستاذ بدوره فى أى جامعة فى مصر حكومية أو غير حكومية دون النظر لهذا التصنيف الجغرافي.

 

والحديث السابق يمكن أن يكون مدخلا للحديث عن الجامعة بدورها الثقافى فى خدمة أبناء الصعيد أو البيئة المحيطة وهذا هدف مهم، ولكن الهدف الأرقى أن أشارك فى بناء الإنسان المصرى فى أى مكان، وأن تصل رسالتى لأى شخص فى أى مكان فى بلدنا. الجامعة جغرافية فى المكان، ولكنها عالمية فى التأثير من خلال هذا المنتج الممثل فى خريج الجامعة. أما الآليات فهى آليات عديدة، منها الندوات والمؤتمرات التى تعقد داخل الجامعة، ومنها كذلك القوافل الطبية والتوعوية التى نصر على وجودها، ومنها المهرجانات الشعرية التى تعقدها الجامعة فى الكليات المختلفة.


بناء الإنسان
> الجامعة تقوم بعدة إنشاءات جديدة.. كيف نوازن بين تلك المبانى الضرورية وبين بناء طالب جامعى مؤهل للحياة العامة؟

- إنشاء المبانى والكليات الجديدة مطلب أساسى لاستكمال الشكل النهائى للجامعة، حتى تكون كل التخصصات سواء درست بشكل منفرد أو بشكل بينى حاضرة، وحتى نقدم خدمة لأبناء الفيوم أو المحافظات القريبة منها، ولكن كل هذه المبانى على أهميتها وضروريتها وحتمية وجودها فى النهاية ليست سوى كيان، ولن يتم استكمال عطائها التلقائى إلا من خلال بناء الإنسان المصرى أو طالب الجامعة، فبناء الطالب أو تشكيله على نحو خاص فى اللحظة الآنية ليس شيئا سهلا، وإنما يحتاج كما ألمح إلى ذلك فخامة رئيس الجمهورية فى خطابه فى مؤتمر شباب الجامعات إلى عمل وجهد متواصلين لأننا لسنا أمام طالب عادي، وإنما أمام طالب له تشكيل مختلف وسياق مختلف.

 

فالجامعة لكى تشكل بناء الإنسان لديها توجهان:توجه المقررات التعليمية والأكاديمية، وتوجه الأنشطة الطلابية حتى تظهر المواهب وتتجلى على نحو خاص ليتم اكتشافها والعمل على صقلها وتنمية وجودها، ومن ثم هناك اهتمام حقيقى بالبرامج التعليمية، وكيف يمكن أن تكون فاعلة فى تشكيل إنسان سوي، واهتمام لا يقل عنه بتفعيل الأنشطة الطلابية، بالإضافة إلى تنمية الحس الوطنى لدى هؤلاء الطلاب، ففى كل مناسبة وطنية نصر على عقد ندوات أو مؤتمرات لتنمية الحس الوطنى والعمل على الإحساس المستمر بقيمة الوطن وقيمة الانتماء إليه والدفاع عنه بكل ما هو غال ونفيس.


دور حقيقي
> الفيوم من المحافظات السياحية.. ما أهم الوسائل التى ستركز عليها لدمج الطلاب فى آثار بلدهم؟

- محافظة الفيوم من المحافظات التى تحتوى على آثار مهمة وكثيرة، وترتبط بعصور مختلفة، ومن ثم كان الوجود الحيوى والفعال لكلية الآثار بالجامعة، حيث تقوم الكلية بدورها الحقيقى بوصفها بيت خبرة فى هذا المجال، وهناك تفاهمات وبروتوكولات بين الجامعة وكلية الآثار من جانب ومحافظة الفيوم من جانب آخر، وأوقن أن هذه التفاهمات ستكون محل تطبيق وتنفيذ بشكل لافت وفعال بعد تولية اللواء عصام سعد منصب محافظ الفيوم فقد أشار إلى القيمة الخاصة للجامعة، وبدأ بالفعل فى مد جسور التعاون بين الجامعة والمحافظة.

 

من خلال الجامعة والعمل الأكاديمى والميدانى لكلية الآثار نستطيع أن نكون وشيجة مهمة بين السياحة والآثار من خلال الاستناد على قيمة ما لدينا من آثار توضع فى بؤرة التركيز لتنمية السياحة الداخلية والخارجية، فنحن فى كل مؤتمر علمى نضع فى برنامج المؤتمر يوما ترفيهيا لزيارة الأماكن السياحية بالمحافظة، وهذا من شأنه أن يعرف السائح إذا كان مصريا أو أجنبيا بقيمة آثارنا وقيمة بلدنا واختلافها عن البلدان الأخرى، وسنعمل فى الفترة القادمة على وضع خطة للتعريف بقيمة آثار الفيوم.


مشاركة فعالة
> تحتاج المرأة الصعيدية إلى مزيد من الرعاية الفكرية.. ما الدعم الذى تقدمه الجامعة للمرأة؟

- المرأة فى الفيوم هى محل اهتمام الجامعة، فليس فى منطق الجامعة أو فى منطق الإنسانية بشكل عام هذا التصنيف القائم على أساس بيولوجي، فالتفاوت بين البشر ليس بيولوجيا قائما على النوع، وليس دينيا قائما على الدين، وليس مذهبيا قائما على المذهب، وإنما هو فى الأساس قائم على الكفاءة والقدرة العلمية والإدارية، وهذا منطلق أول، أما المنطلق الثانى فيأتى متسقا مع الأول من خلال مجموعة من الإجراءات والمشاركات الفعالة فى المجلس القومى للمرأة وإقامة الندوات، بل قامت الجامعة فى الفترة الأخيرة بإنشاء وحدة مكافحة التحرش بجامعة الفيوم، وهذا يكشف عن الوجود الخاص للمرأة بالجامعة وعن الاهتمام الحيوي، بل إن مراجعة المناصب القيادية على مستوى أعضاء هيئة التدريس والموظفين يدرك ان هناك حضورا لافتا للمرأة.


> متى تدخل جامعة الفيوم فى الترتيب السنوى لأهم الجامعات المصرية؟
- جامعة الفيوم فى التصنيفات الأخيرة لها تصنيف جيد على مستوى الجامعات المصرية، وعلى مستوى الجامعات الإقليمية والعالمية، فقد تم إدراج 19 جامعة مصرية لأول مرة فى تصنيف التايمز البريطانى «Times Higher Education» للجامعات، فقد جاءت جامعة الفيوم فى المرتبة من (800 إلى 1000) متقدمة على جامعات عريقة مثل عين شمس، والأزهر، وأسيوط، وحلوان، والمنوفية التى جاءت فى المرتبة من (1000- 1200). وأظن أن هذا يمثل نجاحا وسوف نعمل جاهدين على الإضافة المستمرة حتى تأخذ الجامعة مكانها الحقيقى الذى تستحقه.

 

ففى عالمنا اليوم الذى يتميز بوتيرة سريعة فى التغير والتبدل من خلال اكتشافات البحث العلمى لايمكن للجامعة أن تقف أو أن تعيش على إنجازات الماضي، وإنما يجب أن تعمل بهمة ونشاط بشكل يتناسب مع ثورة المعلومات والمعرفة، ولدينا كجامعة خطة استراتيجية فى كل المجالات، ويعتبر البحث العلمى من أهم محاور ومجالات التقدم، وذلك فى إطار من الجودة والتميز، لنكون فى مصاف الجامعات المرموقة محليا وإقليميا وعالميا، مما يعود على مصر بالخير والتقدم والازدهار.

 

وفى مجال التعليم نقوم بتقديم خدمة تعليمية مميزة، وقد تم اعتماد ثلاث كليات، وجار العمل بجد على اعتماد باقى الكليات، ونحن نولى هذا الأمر اهتماما خاصا، ونوجه إدارات الكليات لبذل المزيد من العمل والجهد فى هذا الإطار لكى يكون لدينا خريج مميز ينافس بقوة فى سوق العمل.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة