«شق الثعبان» مملكة صناعة الرخام في مصر
«شق الثعبان» مملكة صناعة الرخام في مصر


فيديو وصور| «شق الثعبان».. هنا مملكة صناعة الرخام التي تحلم بالعالمية

محمد وحيد- أسامة حمدي

الإثنين، 22 أكتوبر 2018 - 07:39 م

 

- «تقنين أوضاع المصانع».. 1300 جنيه للمتر وإدخال المرافق والخدمات وطرق ومصنع لتدوير المخلفات وبورصة للرخام


- المنطقة تضم 1858 مصنعا وتصدر لـ118 دولة ويعمل بها 50 ألف عامل بشكل مباشر و150 ألف بشكل غير مباشر


- نقاط شرطة وإسعاف ومطافئ مطالب ضرورية.. والعاملون ينتظرون حلم التطوير


- العمال يطالبوا بالتأمين من مخاطر المهنة.. وهذه هى رحلة الصناعة والأسعار


على بُعد خطوات من شرق طريق الأتوستراد وبعمق 5 كيلومترات حتى حدود محمية وادي دجلة بمنطقة طرة المعادي؛ تجد نفسك في منطقة «شق الثعبان» قلعة صناعة الرخام والجرانيت في مصر، والتي تحتل المركز الرابع عالميًا، تلك المنطقة الاقتصادية الهامة التي تصدر الرخام المصري إلى قرابة 118 دولة حول العالم، وتضم حوالي 1858 مصنعًا وورشة لتصنيع الرخام، بقيمة تصديرية للخارج حوالي 240 مليون دولار، وقيمة استثمارية حوالي 3.6 مليار جنيه، ويعمل بها نحو 50 ألف عامل بشكل مباشر و150 ألف بشكل غير مباشر.

 

 

نشأت منطقة «شق الثعبان» في السبعينات ولازالت تعاني من العشوائية والإهمال وتفتقد حتى الآن إلى المرافق المنظمة المقننة من كهرباء ومياه وصرف صحي وصناعي وطرق ممهدة، وكذا افتقادها إلى الخدمات من نقاط شرطة وإسعاف ومطافئ، إلا أن الدولة بدأت أخيرًا في الالتفات إلى تلك المنطقة الحيوية، بعدما أشار إليها الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال افتتاح عدد من المشروعات القومية، مطالبا بضرورة تقنين أوضاع المصانع والعاملين بها وتوفير التأهيل والتدريب والتأمين لهم ومحطات معالجة للمياه التي تخرج من الصناعة وإنشاء معهد لتعليم الصناعة وكذلك إنشاء طريق يربطها بالعين السخنة وتوفير البنية التحتية لها.

 

وأعلنت الحكومة أنها ستقوم بتقنين أوضاع منطقة «شق الثعبان» وفق توجيهات الرئيس السيسي بالتعاون مع محافظة القاهرة، بالإضافة إلى إنشاء طريق موصل للطريق الدائري الإقليمي لخدمة المنطقة الصناعية، إلى جانب إنشاء ميناء جاف ومنطقة خدمية تضم فروع للبنوك المختلفة والتوكيلات الملاحية وبورصة للرخام، وإنشاء منطقة لوجيستية تشمل مكاتب للشحن والتفريغ، وكذلك إنشاء مصانع لتدوير المخلفات الصناعية للاستفادة منها.

 

 

في هذا السياق قامت «بوابة أخبار اليوم» بجولة في المنطقة لمعرفة ما تم إنجازه من عملية التقنين، ورأى العاملين بـ«شق الثعبان» في إجراءات التقنين، وكم مصنع قام بتوفيق أوضاعه والمتبقي منها، علاوة على اكتشاف ما وصل إليه حال المنطقة بعد غزو الصينيون لها واستئجار مصانع بها واعتمادهم على عمالة صينية ومعدات حديثة، وكذا تأثير توقف لبنان عن استيراد الرخام المصري، وتناولنا رحلة صناعة الرخام والجرانيت، ومخاطر المهنة، وأسعار الرخام وحجم الإقبال على الشراء، وكل ما يخص صناعة الرخام.

 


مصانع «شق الثعبان»


بدأ تعامل الدولة رسميا مع «شق الثعبان» عام 1997 وكان من المفترض أن تنتهي المرافق بها في 2004 إلا أن المشروع توقف في 2003، لكن عادت محافظة القاهرة حاليا لتحدد سعر تقنين المتر 1000 جنيه و300 جنيه مرافق، إضافة إلى رسوم تميز للمكان والمناطق الواقعة على الأوتوستراد والطرق الرئيسية، على أن تقوم المصانع بتقديم طلبات للجان التقنين المختصة، وتقدم 1570 مصنعًا وورشة لتقنين أوضاعهم بالمنطقة.

 


في البداية يقول أحمد شوقي، صاحب مصنع بـ«شق الثعبان»، إن أصحاب المصانع يتعرضون للظلم جراء عملية التقنين التي تحدث، فمثلا والدي منذ الثمانينات وهو يدفع للمحاجر وهل يعقل تسويته بمن تملك أراضي من العرب بعد الثورة بـ50 جنيهًا و100 جنيهًا للمتر، والبعض متملك من زمن طويل بـ160 جنيهًا للمتر، وعندما حدث فصل لحلوان عن القاهرة وأصبحت محافظة مستقلة كانت تطالبنا بالدفع في الوقت الذي تطالبنا فيه محافظة القاهرة أيضا بالدفع وكنا لا نعرف ندفع لمن؟

 


وتابع أن المبلغ المطلوب منا 1000 جنيه للمتر و300 جنيه للمرافق رقم كبير، وكيف ندفع تلك القيمة وبعض المصانع المجاورة لنا تملكت بـ160 جنيهًا للمتر، ونطالب بتخفيض القيمة حتى 400 جنيهًا للمتر، مضيفا أنهم يدفعون للمحاجر حوالي 65 ألف جنيه في السنة ونقوم بشراء المياه على نفقتنا والعربة بـ300 جنيه، والكهرباء مرتفعة أيضا.

 


وأوضح أن الصرف الصناعي يتم التخلص منه في المقلب داخل المنطقة، وبدأت في الغلق حاليا لأن البعض سيطر عليها، مضيفا أنهم لم يروا أي تغييرات حدثت بالمنطقة سواء طرق جديدة أو توصيل مرافق كهرباء ومياه أو بناء مدرسة أو معهد لتعليم الصنعة حتى الآن، مطالبا بضرورة تخفيض سعر المتر في عملية التقنين.

 


ولفت عادل إسماعيل، صاحب مصنع، إلى أن المنطقة كانت منذ 28 عامًا مهجورة، غير مزودة بمرافق، وتمت التنمية فيها بالجهود الذاتية، إلى أن جاء محافظ القاهرة الأسبق الدكتور عبد الرحيم شحاتة، لتقنين الأوضاع فيها، حيث تم تقدير المتر وقتها منذ 30 عامًا بـ160 جنيهًا، مع إدخال المرافق، وتم إدخال جزء من المرافق، ولم تستكمل الإجراءات، وظل الوضع كما هو عليه، حتى قامت ثورة يناير 2011، وبعدها تم فصل حلوان والمعادي عن محافظة القاهرة، لتصبح حلوان محافظة مستقلة تضم أحياء جنوب القاهرة ومنها المعادي، الأمر الذي أدى لتداخل الأوراق.

 

وأضاف أن حلوان عادت مرة أخرى للقاهرة، وتوالي المحافظون، إلى أن جاء المحافظ السابق المهندس عاطف عبد الحميد، وأعاد أسعار تقييم الأراضي، والتي كان تقييمها جزافيًا إلى أن تدخلت الرئاسة، وتم تقييم سعر المتر بـ1000 جنيه، والتزم أصحاب الورش والمصانع بالسداد، كما تعهد بنك حكومي معروف بسداد قيمة الأرض من المستثمرين بفائدة تتناسب معهم.

 


رحلة صناعة الرخام

 

وذكر أحمد محمد، أن الرخام والجرانيت يأتي من الجبال والمحاجر بواسطة عربات النقل الكبيرة على هيئة حجارة ضخمة وصخور من أسوان والمنيا والعين السخنة والجلالة، وتدخل للمصنع ويقوم الونش برفعها من العربات، ونقوم بمسحها أربع مرات، ثم تدخل للماكينة وتظل بها لمدة يومين – بالنسبة للرخام أما الجرانيت تظل 3 أيام - وتقوم بتقطيعها إلى شرائح.

 

وأضاف: «ثم تنزل للأرض وتستلمها الورش التي تقوم بجليها وتلميعها ثم يدخل على الماكينات ليتم تقطيعها، ثم يتم تحميلها على عربات وبيعها للتجار لتصل للمستهلك النهائي الذي يقوم بتركيبها».

 


ولفت إبراهيم جابر، عامل، إلى أن الخامات تأتي من الجلالة ومايو وأسيوط، وتنقسم إلى رملي وحجر ورخام وحجر أحمر وأبيض و«هيص» و«رأس» وسانت كاترين، مضيفا أن الحجر الأصفر هو الأفضل على الإطلاق أما الطفلة لا أحد يفضل شرائها لأنها تتفتت تحت المنشار.
وأضاف «جابر»، أن الجرانيت أنواع: «الكريمة والهاشمة والرزاية والهيص».

 

 


وقف لبنان استيراد الرخام

 


وأوضح عثمان محمود، صاحب ورشة، أن وقف لبنان استيراد الرخام المصري من أجل تشجيع الصناعة لديها، أثر بالسلب على الرخام المصري في شق الثعبان حيث قل التصدير، لأنه كانت سوق كبير للرخام المصري، وكان يوجد مصريين تجار وموردين يعملون في لبنان، كل ذلك توقف.

 


مخاطر المهنة


ولفت علي محمد، عامل بأحد المصانع، إلى أنه شهد وقائع إصابة عمال بالمنطقة، إذ سقط بلوك ضخم يزن 10 أطنان على أحد العمال، وآخر أصيب من الونش أثناء رفع حجر ضخم وأدى إلى كسر قدمه، وآخرون يصابون بكسور أو تقطع أطرافهم أو أصابعهم من العمل على الماكينات والمعدات، وذلك في غياب نقاط إسعاف تنقل المصابين، وأقرب نقطة إسعاف تستغرق نحو ساعة وأكثر حتى تصل لعمق المنطقة، وذلك في غياب أي تأمينات على العمال من الإصابة أثناء العمل.


وأشار حسن سليم، عامل بأحد المصانع، إلى أن الأتربة المنبعثة جراء عملية الصناعة تؤثر على التنفس لدي العمال وتصاب الجيوب الأنفية والرئتين بالتهابات وحساسية، ولا توجد تأمينات عليهم في حالة الإصابة. 


وتابع أن العمال معرضون لمخاطر المعدات كـ«الصاروخ وتوصيلات الكهرباء العشوائية».  

 


 

الأسعار والإقبال


ولفت ممدوح حمزة، عامل، إلى أن حجم الإقبال على الشراء أصبح أقل مما كان عليه، وأن أسعار المنتج ارتفعت نظرا لارتفاع الأسعار بشكل عام، وارتفاع أجور العمال، والخامات، وتكاليف النقل، والبنزين، والكهرباء، وأسعار عربات المياه التي نقوم بشرائها.


واتفق معه سعيد عبد الرحمن، عامل، أن الأسعار ارتفعت فكان المتر بـ15 جنيهًا، والآن أصبح بـ30 جنيهًا، والتاجر يشتريه بـ60 جنيهًا للمتر، ثم يبيعه للمستهلك، مضيفا أن ذلك تسبب في ضعف الإقبال، وبدلا مما كانوا يشترون كميات كبيرة يشترون بكميات أقل.

 

وتابع أن كل قطعة في الرخام ولها سعر فمثلا قطعة ثمنها ألفين جنيه وقطعة ثمنها 500 جنيه وقطعة ثمنها 50 جنيه، وتختلف حسب الأحجام والأنواع.

 

وأشار إلى أن «نقلة الرخام» القادمة من الجبل يصل سعرها لـ2000 جنيه، و«النقلة الكبيرة» تباع بـ5.500 جنيه، وبعد تصنيعها تباع بـ12 ألف جنيها.

 

المشروعات القومية


وأوضح رأفت ماهر، عامل، أن بدء الدولة في المشروعات القومية الكبرى مثل العاصمة الإدارية ومشروعات الإسكان؛ ساهم في حالة الرواج وشراء الرخام من مصانع شق الثعبان.

 


توارث «الصنعة»

 

واستطرد «ماهر»، أن العامل في الأسبوع يأخذ أجر 500 جنيه أي بما يعادل 2000 جنيه، وبعض أصحاب المصانع يقومون بعمل تأمينات على العمال والبعض الآخر لا، منوها إلى أن المهنة يقومون توارثها فيما بينهم، ويعلمون بعضهم البعض أصول الصنعة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة